محمد داود
مع كل ذكرى وطنية وتاريخية فلسطينية نقف ونتحسس ونتساءل هل ستمضي القافلة بسلام دون سقوط ضحايا أو أبرياء أم أنها كما تعودنا ستكون كغيرها من الذكريات الأليمة محفوفة بسيل رهيب من الدماء الفلسطينية الزكية لأن تغدو فلسطين فيها دمعة أسيرة على خدود الزمن، ندفع فاتورتها مع كل ذكرى وطنية فلسطينية غالية على نفوسنا،هي ذكرى إحياء انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي رسم حروفها الأولى الشهيد القائد 'ياسر عرفات' وكل شهداء الثورة الفلسطينية، عبر صيرورة تاريخية من العطاء والتضحية رسموا من خلالها علامات النصر والتحرير وصولاً إلى أهدافنا الوطنية وقرارنا الوطني المستقل لتذكرنا بالأرضية التي وقف عليها هؤلاء العظماء من أبنا فلسطين.
فمنذ أن بدأت حركة 'فتح' أول هجومها الفدائي، قبل ثلاثة وأربعين عاماً، ذلك في الأول من كانون الثاني – يناير 1965م حتى أصبح لقب 'الفدائي الفلسطيني' يتداوله البشر في كل بقعة على هذه البسيطة، فكان عنوان الثوار الأحرار 'العاصفة' الجناح العسكري، بإرادة لا تنكسر، وإن جاز لهم التقديس فأحيت الكوفية رمز الثورة ورفعت العلم الفلسطيني خفاقاً عاليا فوق كل الرايات.
هذه الانطلاقة التي أخذت على عاتقها تعميم ثقافة الثورة والمقاومة وإنجاح العمل المسلح المقاوم وضمان ديمومته، إذ سرعان ما بدأت شراراتها الأولى عندما قال الشهيد 'ياسر عرفات' مقولته الشهيرة 'حتى لا يغيب القمر'، وأصر على أن يقرأ أول بيان لها 'أول الرصاص' متبنياً فيه العملية الفدائية معلناً أن تحرير الأوطان يحتاج لعزيمة ومثابرة، من خلال المقاومة الباسلة والانتفاضة العقلانية، بأتباع أسلوب الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد كخيار استراتيجي لتحرير فلسطين، بعد أن انكشفت الحرب 'الكلاسيكية' و أثبتت الهزائم العربية المتتالية ضعف قدرة جيوشها في كل معركة فأفقدتها الثقة بنفسها لا سيما عقب هزيمة عام 1967م والتي عرفت 'بالنكسة'، فخرجت الجيوش محطمة العزيمة والنفس منهارة معنوياً وعسكرياً. وأطلقوها مدوية عالية ،،، لتعش ثورة العاصفة.
كانت تجربة المقاتل الفلسطيني درباً من الفخر والعزة أعادت للأمة أمجادها عبر عملياتهِ الفدائية على كل جنب وسفح من هذا الوطن، منذ مشاركته في عملية إيلات الفدائية مروراً بمعركة الكرامة وما شهدته المرحلة من عمليات أوشكت في العام الواحد على ما يقارب ألفين عملية فدائية نوعية لا كمية، نفذتها فصائل 'منظمة التحرير الفلسطينية' ضد الاحتلال الصهيوني، لينتقل المسرح الفدائي الذي أنطلق مشروعه التحريري انطلاقاً من أرض لبنان والتي هي الأخرى كان للفدائي الفلسطيني النصيب الأكبر ودور بارز في معارك اشد من معركة الكرامة انتهت بنصر منظمة التحرير الفلسطينية رغم محاولات سلب القرار الفلسطيني وما تبعها من طعنات كانت أشد فتكاً من جرائم الاحتلال الصهيوني، عندما باعت بعض القوى الإقليمية نفسها بثمن بخس لها فارتكبت مجازراً بشعة بحق أبناء شعبنا من أيلول الأسود مروراً بصبره وشاتيلا وصولاً لجرائم العدو الصهيوني وجرائم أبناء جلدتنا التي لن تقل تأثيراً عن غيرها بل فاقتها قهراً في المعاناة والعذاب، لتغطي كل رقعة من مساحة خارطة الوطن والعرب والعروبة حسرة الظلام والويلات والأزمات التي تحتل السواد الأعظم من مساحة حياتنا اليومية.
لقد مضى شهر ونصف على تلك المجزرة البشعة التي لن تغيب عن أذهاننا الفلسطينية، مادام التاريخ سجلها بأحرف من نار ولعنةُ على مرتكبيها عندما هبت جماهير شعبنا الفلسطيني تلبية للزحف المليوني لإحياء الذكرى الثالثة لرحيل القائد 'أبو عمار' الذي دعت إليه قوى ائتلاف منظمة التحرير، فراح ضحيتها العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني على أرض الكتيبة الطاهرة المجبولة بدماء الفتحاويين والشرفاء، ونحن نتذكر في هذه اللحظات التي يمنع فيها القيام بالاحتفالات و الأنشطة الإعلامية المختلفة التي تعبر عن قضايانا التاريخية التي نفتخر لها ولرموزها الوطنية والفصائلية التي لن تنجلي بالبساطة التي يعتقدونها، لتبقى إرث حضاري وثقافي وأصالة تاريخية وتاج على رأس فلسطين لننقلها لأجيالنا المناضلة والمقاومة لتبقى شجرة مضيئة ومغروسة في عقول الأحفاد، بل وصل الحد بهم إلى الملاحقة والمطاردة والاختطاف والتعذيب، وكل ما يأتي في سياق الأمراض والآفات المستشرية المتأصلة في ثقافة الحزب الضيقة والمنغلقة من تزييف للوقائع وتحجر فكري وثقافي منوط بالأنانية المطلقة الرعناء والمخادعة والتضليل والنفاق الاجتماعي والسياسي ومخادعة الرأي العام بالكذب وبث الشائعات المغرضة التي سادت شريعة الغاب بطرق الأسافين الفكرية وإقصاء الرأي الآخر وسط انحدار وانقسام في الأزمات السياسية والاجتماعية والجغرافية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والفكرية والنضالية وتخريب مجتمعاتنا باستهداف قيمنا وكينونتنا وهويتنا التراثية والتشكيك بثوابتنا وحقوقنا الوطنية.
وأخيراً أتمنى أن
تمضي هذه الذكرى الغالية دون سقوط الشهداء والأبرياء..!
و كل عام و شعب فتح والثورة و العاصفة بخير ولتبقى أم الجماهير ديمومة الثورة وشعلة الكفاح الوطني الحر حتى التحرير وصولاً للدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، 'ولِي ما يعجبه يشرب من بحر غزة'.
كاتب وباحث
مع كل ذكرى وطنية وتاريخية فلسطينية نقف ونتحسس ونتساءل هل ستمضي القافلة بسلام دون سقوط ضحايا أو أبرياء أم أنها كما تعودنا ستكون كغيرها من الذكريات الأليمة محفوفة بسيل رهيب من الدماء الفلسطينية الزكية لأن تغدو فلسطين فيها دمعة أسيرة على خدود الزمن، ندفع فاتورتها مع كل ذكرى وطنية فلسطينية غالية على نفوسنا،هي ذكرى إحياء انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي رسم حروفها الأولى الشهيد القائد 'ياسر عرفات' وكل شهداء الثورة الفلسطينية، عبر صيرورة تاريخية من العطاء والتضحية رسموا من خلالها علامات النصر والتحرير وصولاً إلى أهدافنا الوطنية وقرارنا الوطني المستقل لتذكرنا بالأرضية التي وقف عليها هؤلاء العظماء من أبنا فلسطين.
فمنذ أن بدأت حركة 'فتح' أول هجومها الفدائي، قبل ثلاثة وأربعين عاماً، ذلك في الأول من كانون الثاني – يناير 1965م حتى أصبح لقب 'الفدائي الفلسطيني' يتداوله البشر في كل بقعة على هذه البسيطة، فكان عنوان الثوار الأحرار 'العاصفة' الجناح العسكري، بإرادة لا تنكسر، وإن جاز لهم التقديس فأحيت الكوفية رمز الثورة ورفعت العلم الفلسطيني خفاقاً عاليا فوق كل الرايات.
هذه الانطلاقة التي أخذت على عاتقها تعميم ثقافة الثورة والمقاومة وإنجاح العمل المسلح المقاوم وضمان ديمومته، إذ سرعان ما بدأت شراراتها الأولى عندما قال الشهيد 'ياسر عرفات' مقولته الشهيرة 'حتى لا يغيب القمر'، وأصر على أن يقرأ أول بيان لها 'أول الرصاص' متبنياً فيه العملية الفدائية معلناً أن تحرير الأوطان يحتاج لعزيمة ومثابرة، من خلال المقاومة الباسلة والانتفاضة العقلانية، بأتباع أسلوب الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد كخيار استراتيجي لتحرير فلسطين، بعد أن انكشفت الحرب 'الكلاسيكية' و أثبتت الهزائم العربية المتتالية ضعف قدرة جيوشها في كل معركة فأفقدتها الثقة بنفسها لا سيما عقب هزيمة عام 1967م والتي عرفت 'بالنكسة'، فخرجت الجيوش محطمة العزيمة والنفس منهارة معنوياً وعسكرياً. وأطلقوها مدوية عالية ،،، لتعش ثورة العاصفة.
كانت تجربة المقاتل الفلسطيني درباً من الفخر والعزة أعادت للأمة أمجادها عبر عملياتهِ الفدائية على كل جنب وسفح من هذا الوطن، منذ مشاركته في عملية إيلات الفدائية مروراً بمعركة الكرامة وما شهدته المرحلة من عمليات أوشكت في العام الواحد على ما يقارب ألفين عملية فدائية نوعية لا كمية، نفذتها فصائل 'منظمة التحرير الفلسطينية' ضد الاحتلال الصهيوني، لينتقل المسرح الفدائي الذي أنطلق مشروعه التحريري انطلاقاً من أرض لبنان والتي هي الأخرى كان للفدائي الفلسطيني النصيب الأكبر ودور بارز في معارك اشد من معركة الكرامة انتهت بنصر منظمة التحرير الفلسطينية رغم محاولات سلب القرار الفلسطيني وما تبعها من طعنات كانت أشد فتكاً من جرائم الاحتلال الصهيوني، عندما باعت بعض القوى الإقليمية نفسها بثمن بخس لها فارتكبت مجازراً بشعة بحق أبناء شعبنا من أيلول الأسود مروراً بصبره وشاتيلا وصولاً لجرائم العدو الصهيوني وجرائم أبناء جلدتنا التي لن تقل تأثيراً عن غيرها بل فاقتها قهراً في المعاناة والعذاب، لتغطي كل رقعة من مساحة خارطة الوطن والعرب والعروبة حسرة الظلام والويلات والأزمات التي تحتل السواد الأعظم من مساحة حياتنا اليومية.
لقد مضى شهر ونصف على تلك المجزرة البشعة التي لن تغيب عن أذهاننا الفلسطينية، مادام التاريخ سجلها بأحرف من نار ولعنةُ على مرتكبيها عندما هبت جماهير شعبنا الفلسطيني تلبية للزحف المليوني لإحياء الذكرى الثالثة لرحيل القائد 'أبو عمار' الذي دعت إليه قوى ائتلاف منظمة التحرير، فراح ضحيتها العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني على أرض الكتيبة الطاهرة المجبولة بدماء الفتحاويين والشرفاء، ونحن نتذكر في هذه اللحظات التي يمنع فيها القيام بالاحتفالات و الأنشطة الإعلامية المختلفة التي تعبر عن قضايانا التاريخية التي نفتخر لها ولرموزها الوطنية والفصائلية التي لن تنجلي بالبساطة التي يعتقدونها، لتبقى إرث حضاري وثقافي وأصالة تاريخية وتاج على رأس فلسطين لننقلها لأجيالنا المناضلة والمقاومة لتبقى شجرة مضيئة ومغروسة في عقول الأحفاد، بل وصل الحد بهم إلى الملاحقة والمطاردة والاختطاف والتعذيب، وكل ما يأتي في سياق الأمراض والآفات المستشرية المتأصلة في ثقافة الحزب الضيقة والمنغلقة من تزييف للوقائع وتحجر فكري وثقافي منوط بالأنانية المطلقة الرعناء والمخادعة والتضليل والنفاق الاجتماعي والسياسي ومخادعة الرأي العام بالكذب وبث الشائعات المغرضة التي سادت شريعة الغاب بطرق الأسافين الفكرية وإقصاء الرأي الآخر وسط انحدار وانقسام في الأزمات السياسية والاجتماعية والجغرافية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والفكرية والنضالية وتخريب مجتمعاتنا باستهداف قيمنا وكينونتنا وهويتنا التراثية والتشكيك بثوابتنا وحقوقنا الوطنية.
وأخيراً أتمنى أن
تمضي هذه الذكرى الغالية دون سقوط الشهداء والأبرياء..!
و كل عام و شعب فتح والثورة و العاصفة بخير ولتبقى أم الجماهير ديمومة الثورة وشعلة الكفاح الوطني الحر حتى التحرير وصولاً للدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، 'ولِي ما يعجبه يشرب من بحر غزة'.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق