محمد داود
كثيرة هي المبادرات والحلول من أجل القضية الفلسطينية وصراعهم الطويل الشائك مع الاحتلال الصهيوني، والتي ترتكز غالبيتها وفق قرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، أيضاً في المقابل طرحت العديد من المبادرات والتسويات بين الأطراف الفلسطينية المتناحرة من أجل إحداث توافق في النظام السياسي الفلسطيني ووحدة قراره الذي يفترض أن يقوم على التعددية والشراكة واحترام القانون الأساسي، وصون دماء أبناءه الذكية لا سيما وأن القضية الفلسطينية تمر بمأزق سياسي خطير قد تعصف بمستقبلنا الوجودي، ما لم نكُن متكاتفين ومتوحدين في ظل الاستنزاف القائم بفعل التهديدات المتواصلة وتوسيع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومواصلة الحصار وتكريس الانقسام فيما تبقى القضية ألأم في مبعد عن سُلّم أولوياتنا وأولويات المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، لتبقى مسألة استعادة زخم القضية الوطنية الفلسطينية من جديد مرهون بمدى توافقنا الداخلي.
وهذه المبادرات التي أتسمت بحسن نواياها الوطنية والتضامنية لدى أصحابها الذين هم أكثر حرصاً على وحدتنا التي ما أحوجنا إليها الآن بدءاً من المبادرة السعودية التي رسمت الخطوط العريضة لحكومة الوحدة الوطنية، والتي كانت بحاجة فقط إلى نيّة صادقة وثقة من قبل الأطراف، مروراً بالمبادرة المصرية، ووصولاً للمبادرات من أجل رأب الصدع الفلسطيني والتي تقدم بها الأخوة في الفصائل الفلسطينية ورجال الأعمال حفظهم الله، وأخرى تقدم بها أعضاء في المجلس الثوري وقيادات في حركة حماس وأخرى دولة النرويج وهي رؤية لأطراف مصرية، وبمبادرة السودان، بالإضافة إلى بعض الاقتراحات والجهود الفردية والشخصية تقدم بها ألأخوة مشكورين داخل الوطن وخارجه، وصولاً لما تطرحه اليوم بعض الدول الشقيقة 'مصر والسعودية' من أجل إحراز توافق لدى طرفي الأزمة ودعواتهما إلى طاولة الحوار المفتوح لوضع حد للمأساة الفلسطينية، التي أدت في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى الحسم العسكري الدموي والتفسخ في النسيج الاجتماعي، وتكريس حالة من الفصل السياسي والجغرافي والإداري وحتى الثقافي والنفسي، بين دولة في الضفة وإمارة في غزة، والانكفاء على الشريك السياسي في نظام الحاكم، وتعزيز مبدأ الفصل الذي يخدم الاحتلال الإسرائيلي في تكريس عدوانه، وقطع الطريق أمام أي حلول سياسية ترمي إلى قيام دولة فلسطينية تكون متصلة بين أبناء المجتمع الواحد، يناضل من أجلها لإقامة دولته ذات السيادة الواحدة.
لقد وصلنا لمرحلة القطيعة التامة التي من شأنها تعميق الخلاف وتكريس الفصل والانقسام، وأصبح الكل يسير بعكس الأخر بل وبإرادة شعبية فلسطينية من أنصاره، التي يفترض لها أن تحث الأطراف المتخاصمة وتصرخ في وجهها، الآن قبل أي وقت مضى، ودفعهم نحو ترك تلك الأوراق التي يراهن كل طرف عليها في صموده على إسقاط الأخر، وذلك لإجبارهم على التنازل أو الانصياع للإرادة الوطنية، التي تحتاج إلى جهود عملية تبدأ بوقف حملات التحريض والإساءة والتخوين والتكفير التي تنتهجها وسائل الإعلام والمنابر والأبواق المختلفة، وإتاحة الفرصة للجهود المبذولة وإتباعها بإعلان رسمي من حركة حماس يتضمن التلفظ الصريح بأن هناك حسم عسكري جرى على الأرض ويجب الاعتراف به وبما نتج عنه من خلال الاستعداد لتسليم مؤسسات السلطة الوطنية ومقراتها، وإعادة ممتلكاتها التي كانت عليه قبل14 حزيران 2007، للرئيس 'أبو مازن' بصفته رئيساً للسلطة وللمنظمة، ويمثل سيادة الكينونة الفلسطينية وحاميها، وأعلى شرعية في الوطن، أو من خلال تشكيل من ينوب عنه كخطوة استباقية للمضي قدماً في الحوار، يرافقها دلالة ملموسة على أرض الواقع، بإخفاء المظاهر المسلحة والممارسات القمعية من ملاحقة واستدعاء، واستبدالها بمظاهر حسن نوايا 'بتصريح إعلامي صادق' يعيد الثقة لدى القاعدة الشعبية وللأطراف بجدية الحوار ونبذ الفرقة والخلافات ووحدة الدم الفلسطيني الغالي، على طريق الوحدة والتوافق الوطني الشامل، ومن ثم متابعة القضايا الأخرى وصولاً إلى اتفاق عام بإشراف لجنة عمل تراقب ميدانياً حيثيات التطبيق ومدى التزام الأطراف بها .
ونحن هنا لا نبرئ حركة فتح من المسئولية، إذ هي الأخرى مطالبة بمسؤوليات وفروض يجب أن تؤديها على سبيل الحصر : الترحيب العلني لحركة حماس عن استعدادها للتراجع وتسليم المؤسسات والمقرات والممتلكات وفق الآلية المطروحة سابقاً بما يرتضيها الأطراف في لجنة الحوار، والالتزام بالخطاب الوحدوي ووقف التحريضي وإعطاء تصريحات تعزز لغة الحوار، وتُعرض بوادر حسن نوايا من الرئيس 'أبو مازن' خاصة 'المراسيم' التي أصدرها، والسماح لمؤسسات حماس بمتابعة دورها من جديد، ورفض سياسة الاعتقال، والمسامحة من الخطيئة إذا تمكن من تحقيقها، تمهيداً لمناقشة القضايا الأكثر جدلية منها : أزمة النظام السياسي الفلسطيني ودخول حماس في 'م.ت.ف' وبحث هيكلتها بما يتناسب مع المعايير المطلوبة للتوافق، وطرح مسألة الانتخابات والرجوع إلى الشعب باعتباره الخيار الأيسر والفاصل لمعالجة الإشكاليات الكبرى.
إن الحاجة الفلسطينية ملحة أكثر من ذي وقت مضى لمتابعة الحوار الفلسطيني فجميعنا نستجدي الحوار والمصالحة، ونطالب به وليس عيباً أو خجلاً أن يكون هناك حوار أو تشاور أو توافق أخوي فلسطيني يقوم على مبدأ احترام الإنسان الفلسطيني، وشطب ثقافة وقيم العنف والقتل والتعذيب التي تولدت وانتهكت الحقوق الوطنية وحقوق المواطن الفلسطيني وأساءت لتاريخه النضالي وحتى الوجودي، الذي أصبح أسيراً في قبضة بعض العسكر المنفلتة والولاءات العصبية والحزبية الضيقة، بالتالي ما طرح يجب أن يحظى برعاية أوسع واشمل مع احترامنا للأطراف العربية وللشخصيات الوطنية، والدعوة مفتوحة للجميع لينخرط فيها الكل الوطني وبرعاية محلية وإقليمية ودولية ومؤسساتية وعلى أعلى المستويات وفرز لجنة مراقبة ومتابعة لحيثيات الاتفاق ليكون متيناً وجذرياً لمجمل القضايا الحساسة وفي صلب المسار، انطلاقاً من مبدأ التراضي والقبول بما تمليه اللجنة المتابعة للحوار حتى لا نخسر الكل الفلسطيني ولتبقى المقاومة الفلسطينية الطاهرة عنواناً وذخراً للقرار الفلسطيني الموحد وصولاً إلى التحرير الكامل للتراب الفلسطيني.
نستطيع أن نقول أن هناك ضغوط خارجية وعربية تمارس على إسرائيل لإعطاء أولوية للحوار بين الفلسطينيين أنفسهم قبل المغامرة باجتياح كامل لقطاع غزة، باعتبارها إحدى الخيارات المطروحة إسرائيلياً، لمعالجة ألأزمة، تفضي إلى وقف الهجمات الصاروخية، وإطلاق سراح الجندي الأسير 'شاليط'....، ونحن نتمنى هذا التوافق الفلسطيني حفاظاً على المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وليس عيباً أو إكراهاً أن نبحث عن صيغة لتوافق.
صحفي : كاتب وباحث
كثيرة هي المبادرات والحلول من أجل القضية الفلسطينية وصراعهم الطويل الشائك مع الاحتلال الصهيوني، والتي ترتكز غالبيتها وفق قرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، أيضاً في المقابل طرحت العديد من المبادرات والتسويات بين الأطراف الفلسطينية المتناحرة من أجل إحداث توافق في النظام السياسي الفلسطيني ووحدة قراره الذي يفترض أن يقوم على التعددية والشراكة واحترام القانون الأساسي، وصون دماء أبناءه الذكية لا سيما وأن القضية الفلسطينية تمر بمأزق سياسي خطير قد تعصف بمستقبلنا الوجودي، ما لم نكُن متكاتفين ومتوحدين في ظل الاستنزاف القائم بفعل التهديدات المتواصلة وتوسيع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومواصلة الحصار وتكريس الانقسام فيما تبقى القضية ألأم في مبعد عن سُلّم أولوياتنا وأولويات المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، لتبقى مسألة استعادة زخم القضية الوطنية الفلسطينية من جديد مرهون بمدى توافقنا الداخلي.
وهذه المبادرات التي أتسمت بحسن نواياها الوطنية والتضامنية لدى أصحابها الذين هم أكثر حرصاً على وحدتنا التي ما أحوجنا إليها الآن بدءاً من المبادرة السعودية التي رسمت الخطوط العريضة لحكومة الوحدة الوطنية، والتي كانت بحاجة فقط إلى نيّة صادقة وثقة من قبل الأطراف، مروراً بالمبادرة المصرية، ووصولاً للمبادرات من أجل رأب الصدع الفلسطيني والتي تقدم بها الأخوة في الفصائل الفلسطينية ورجال الأعمال حفظهم الله، وأخرى تقدم بها أعضاء في المجلس الثوري وقيادات في حركة حماس وأخرى دولة النرويج وهي رؤية لأطراف مصرية، وبمبادرة السودان، بالإضافة إلى بعض الاقتراحات والجهود الفردية والشخصية تقدم بها ألأخوة مشكورين داخل الوطن وخارجه، وصولاً لما تطرحه اليوم بعض الدول الشقيقة 'مصر والسعودية' من أجل إحراز توافق لدى طرفي الأزمة ودعواتهما إلى طاولة الحوار المفتوح لوضع حد للمأساة الفلسطينية، التي أدت في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى الحسم العسكري الدموي والتفسخ في النسيج الاجتماعي، وتكريس حالة من الفصل السياسي والجغرافي والإداري وحتى الثقافي والنفسي، بين دولة في الضفة وإمارة في غزة، والانكفاء على الشريك السياسي في نظام الحاكم، وتعزيز مبدأ الفصل الذي يخدم الاحتلال الإسرائيلي في تكريس عدوانه، وقطع الطريق أمام أي حلول سياسية ترمي إلى قيام دولة فلسطينية تكون متصلة بين أبناء المجتمع الواحد، يناضل من أجلها لإقامة دولته ذات السيادة الواحدة.
لقد وصلنا لمرحلة القطيعة التامة التي من شأنها تعميق الخلاف وتكريس الفصل والانقسام، وأصبح الكل يسير بعكس الأخر بل وبإرادة شعبية فلسطينية من أنصاره، التي يفترض لها أن تحث الأطراف المتخاصمة وتصرخ في وجهها، الآن قبل أي وقت مضى، ودفعهم نحو ترك تلك الأوراق التي يراهن كل طرف عليها في صموده على إسقاط الأخر، وذلك لإجبارهم على التنازل أو الانصياع للإرادة الوطنية، التي تحتاج إلى جهود عملية تبدأ بوقف حملات التحريض والإساءة والتخوين والتكفير التي تنتهجها وسائل الإعلام والمنابر والأبواق المختلفة، وإتاحة الفرصة للجهود المبذولة وإتباعها بإعلان رسمي من حركة حماس يتضمن التلفظ الصريح بأن هناك حسم عسكري جرى على الأرض ويجب الاعتراف به وبما نتج عنه من خلال الاستعداد لتسليم مؤسسات السلطة الوطنية ومقراتها، وإعادة ممتلكاتها التي كانت عليه قبل14 حزيران 2007، للرئيس 'أبو مازن' بصفته رئيساً للسلطة وللمنظمة، ويمثل سيادة الكينونة الفلسطينية وحاميها، وأعلى شرعية في الوطن، أو من خلال تشكيل من ينوب عنه كخطوة استباقية للمضي قدماً في الحوار، يرافقها دلالة ملموسة على أرض الواقع، بإخفاء المظاهر المسلحة والممارسات القمعية من ملاحقة واستدعاء، واستبدالها بمظاهر حسن نوايا 'بتصريح إعلامي صادق' يعيد الثقة لدى القاعدة الشعبية وللأطراف بجدية الحوار ونبذ الفرقة والخلافات ووحدة الدم الفلسطيني الغالي، على طريق الوحدة والتوافق الوطني الشامل، ومن ثم متابعة القضايا الأخرى وصولاً إلى اتفاق عام بإشراف لجنة عمل تراقب ميدانياً حيثيات التطبيق ومدى التزام الأطراف بها .
ونحن هنا لا نبرئ حركة فتح من المسئولية، إذ هي الأخرى مطالبة بمسؤوليات وفروض يجب أن تؤديها على سبيل الحصر : الترحيب العلني لحركة حماس عن استعدادها للتراجع وتسليم المؤسسات والمقرات والممتلكات وفق الآلية المطروحة سابقاً بما يرتضيها الأطراف في لجنة الحوار، والالتزام بالخطاب الوحدوي ووقف التحريضي وإعطاء تصريحات تعزز لغة الحوار، وتُعرض بوادر حسن نوايا من الرئيس 'أبو مازن' خاصة 'المراسيم' التي أصدرها، والسماح لمؤسسات حماس بمتابعة دورها من جديد، ورفض سياسة الاعتقال، والمسامحة من الخطيئة إذا تمكن من تحقيقها، تمهيداً لمناقشة القضايا الأكثر جدلية منها : أزمة النظام السياسي الفلسطيني ودخول حماس في 'م.ت.ف' وبحث هيكلتها بما يتناسب مع المعايير المطلوبة للتوافق، وطرح مسألة الانتخابات والرجوع إلى الشعب باعتباره الخيار الأيسر والفاصل لمعالجة الإشكاليات الكبرى.
إن الحاجة الفلسطينية ملحة أكثر من ذي وقت مضى لمتابعة الحوار الفلسطيني فجميعنا نستجدي الحوار والمصالحة، ونطالب به وليس عيباً أو خجلاً أن يكون هناك حوار أو تشاور أو توافق أخوي فلسطيني يقوم على مبدأ احترام الإنسان الفلسطيني، وشطب ثقافة وقيم العنف والقتل والتعذيب التي تولدت وانتهكت الحقوق الوطنية وحقوق المواطن الفلسطيني وأساءت لتاريخه النضالي وحتى الوجودي، الذي أصبح أسيراً في قبضة بعض العسكر المنفلتة والولاءات العصبية والحزبية الضيقة، بالتالي ما طرح يجب أن يحظى برعاية أوسع واشمل مع احترامنا للأطراف العربية وللشخصيات الوطنية، والدعوة مفتوحة للجميع لينخرط فيها الكل الوطني وبرعاية محلية وإقليمية ودولية ومؤسساتية وعلى أعلى المستويات وفرز لجنة مراقبة ومتابعة لحيثيات الاتفاق ليكون متيناً وجذرياً لمجمل القضايا الحساسة وفي صلب المسار، انطلاقاً من مبدأ التراضي والقبول بما تمليه اللجنة المتابعة للحوار حتى لا نخسر الكل الفلسطيني ولتبقى المقاومة الفلسطينية الطاهرة عنواناً وذخراً للقرار الفلسطيني الموحد وصولاً إلى التحرير الكامل للتراب الفلسطيني.
نستطيع أن نقول أن هناك ضغوط خارجية وعربية تمارس على إسرائيل لإعطاء أولوية للحوار بين الفلسطينيين أنفسهم قبل المغامرة باجتياح كامل لقطاع غزة، باعتبارها إحدى الخيارات المطروحة إسرائيلياً، لمعالجة ألأزمة، تفضي إلى وقف الهجمات الصاروخية، وإطلاق سراح الجندي الأسير 'شاليط'....، ونحن نتمنى هذا التوافق الفلسطيني حفاظاً على المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وليس عيباً أو إكراهاً أن نبحث عن صيغة لتوافق.
صحفي : كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق