الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
عادت الأبواق السورية والإيرانية مع صبيانها من أصوليين ومرتدين وطرواديين في وطننا الأم وبلاد الانتشار، عادت بغباء إلى النفخ في أبواق الرياء "الكوبلتزي" والتسويق الوقح لـ "لا.زمة الصفقة" بين سوريا وأميركا على حساب لبنان. إنهم يحاولون اللعب بأعصاب أهلنا وبث سموم الخوف والانهزامية والتشكيك بينهم.
فات عقول هؤلاء الكفرة أن هذه البضاعة الشيطانية البالية لم يعد لها، أسواق، ولا مشترين، بعد انتصار ثورة الأرز، واندحار الجيش السوري وخروجه المذل من لبنان. تناسوا أن زمن الصفقات على حساب لبنان قد ولى إلى غير رجعة، وأن والولايات المتحدة ملتزمة الحفاظ على لبنان السيد الحر والمستقل، كما أكد ويؤكد مراراً وتكراراً الرئيس جورج بوش ووزيرة خارجيته وكبار الرسميين الأميركيين.
إن رد الأحرار والسياديين اللبنانيين الصارخ على كل هذه الخزعبلات، وعلى المروجين لها من أبواق وصنوج وطرواديين وحاملي مباخر هو التشبث أكثر وأكثر بالإيمان والرجاء والعنفوان.
فليس بإمكان أي قوة مهما عظمت أن تُشعر الإنسان اللبناني بالهزيمة إن كان سلاحه الإيمان والثقة بالنفس، كما أنه لا يمكن لأحد أن يشعر بالنصر مهما ربح من معارك ونفوذ إن كان قليل الإيمان وتعيش روح الهزيمة بداخله.
يا حكام سوريا وإيران، ويا أيها المرتزقة من الأتباع المغرر بهم والحاقدين من ناسنا: إن اللبناني الحر والسيادي سلاحه الإيمان والرجاء، وهو لا يقهر، ولا تقلل من عزائمه شدائد أو صعاب أو أكاذيب، لأن نعم الرب تملأ روحه، وعقله وتنيره بومضات الأمل ولمعات الرجاء.
يا أهلنا: لقد شدد المعلم على أن من له ذرة إيمان كحبة خردل يمكنه نقل الجبال، ووبخ تلاميذه لضآلة إيمانهم يوم خافوا مرتبكين من هبوب رياح عاصفة على المراكب، قائلا لهم: "ما بالكم مضطربين يا قليلي الإيمان، ثم زجر الريح فسكن البحر وحدث هدوءُ تام" (متى 9-19-20)
يا أهلنا، أما تُعلم شريعة الناصري أن الإنسان العاري من الإيمان، هو إنسان فارغ من الحسّ الكمالي، لا يُؤتمن له جانب، لا رجاء منه، ولا خير فيه على هذه الأرض الفانية، ولا في الفضاء السرمدي؟ هذا وتعلمنا شهادات الرسل إن المؤمن بالله والمتشبث بشرائعه يسلك طرق الحياة ومفارقها والتعرجات بشجاعة وثبات، وهو شامخ الجبين دون تردد أو فزع، أما المجرّد من نعمة الإيمان وأضواء الرجاء فهو بالعار يرضى، والهوان دون مشاكسة أو عناد، ويتحول مطية مطواعة تتحرك غب إرادة شياطين الأرض ورغبات الأبالسة الصارخة في قادة أقزام، وسياسيين أوباش، وأحزاب وتجمعات هي أوكار للفساد والإفساد.
علمنا أبطالنا الذين تقدموا قرابين على مذابح وطن الأرز، أن المؤمن بوطن وحرية وحقوق مواطنيه يذود عنهم ببسالة ولا أشرس، وتفان ولا اشرف، غير آبه بتهديد ظالم، ووعيد مستبد، أو بفقدان مركز وخسارة مُلك، أو زوال ثروة.
ليعلم السوري والإيراني ومن لف لفهما في وطننا أن لا وجود للأنانية في قاموس الإيمان بمقتضى الشرع والناموس والوجدان. إن من يحب يبذل ذاته في سبيل الآخرين، ومن يحب وطنه يصونه ويحميه ويرد عنه كل شر.
يا أهلنا، اليوم ونحن نحتفل بذكرى ميلاد المخلص دعونا لا ننسى أن سير الأبرار والأحرار تعلمنا أن المؤمن منا لا يمكن أن تهزمه شدائد ولا تسحقه تجارب: "فالشدة تلد الصبر، والصبر يلد الاختبار، والاختبار يلد الرجاء، والرجاء لا يخيب صاحبه، لأن محبة الله أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا" (رومة 5 - 4 و5).
يا أهلنا: قولوا لا بصوت صارخ لكل ما يُشاع عن "لازمة الصفقة" وتشبثوا بإيمانكم، ففاقد الإيمان يجعل من نفسه عبداً لشهواته والأطماع، والقديس بولس جسّد هذا الأمر بقوله: " ألا تعلمون أنكم إذا جعلتم أنفسكم عبيداً في خدمة أحدٍ لتخضعوا له صرتم عبيداً لمن تخضعون؟ إما للخطيئة التي تقود إلى الموت، وإما إلى الطاعة التي تقود إلى البر" (رومة 6-15)
يغيب عن بال قليلي الإيمان وفاقدي الرجاء أن شعبنا اللبناني ما رضخ يوماً من الأيام لمشيئة الشيطان، وأنه والإيمان صنوان، وصخور نهر الكلب تشهد على هذا الواقع التاريخي المجيد.
نُذكِّر القادة والسياسيين والمواطنين الذين شح زيت إيمانهم وخاب رجاؤهم، ونخص بالتحديد من انقلب على كرامة وطنهم وثوابته وأعلن العصيان الفج والوقح على مرجعية بكركي التي أعطي لها مجد لبنان، نذكرهم أن سكان مدينة صيدا سنة 350 ق.م وبعد أن قاوموا ببسالة الغازي الفارسي ارتحششتا، قاموا بحرق مدينتهم بمن فيها مفضلين الموت بكرامة على الذل والاستسلام.
ونذكرهم أن مدينة صور التي قاومت اسكندر المقدوني سبعة شهور (سنة 332)، لم تستسلم ولم تركع، مما حدى به بعد الاستيلاء عليها إلى صلب العديد من سكانها وبيع ألفين منهم كعبيد.
نسأل الجنرال الذي كفر بكل ما هو لبناني وتمرد على بكركي، كيف يمكنه أن يُغفل بطولات وشهادات بطاركتنا الأوائل؟ ودليلنا الناطق هنا هو البطريرك الماروني جبرائيل حجولا الذي إيماناً منه بالرسالة التي لها نذر اختار الموت حرقاً سنة 1367 في مدينة طرابلس أمام الجامع العمري رافضاً التخلي عن خلاص بني قومه المعذبين المهانين في قبضة المماليك الظلمة المجرمين. كما اختار قبله البطريرك دانيال الحدشيتي نفس المصير إلا انه مات شهيدا في مكان مجهول سنة 1282.
نداء إلى الذي قتلته الأنانية وغرق في أوهام كرسي الرئاسة الأولي، إلى من يدعي زوراً الدفاع عن حقوق المسيحيين، وإلى من يخبطون مهزومين في دواخلهم لقلة إيمانهم ونفاد رجائهم، أن يتعظوا بكلام السيد المسيح: "إن ثبتّم في كلامي، كنتم حقاً تلاميذي تعرفون الحقّ والحق يحرركم (يوحنا 8-32)
وبمناسبة ذكرى ميلاد المخلص نتقدم من الجميع بأحر التهاني والتبريكات طالبين من المولود الإلهي الفرج للبناننا الحبيب، والرحمة لأهلنا الصامدين بوجه الأبالسة، والهداية للمرتدين والشاردين، والبصيرة للمغرر بهم، والتوبة لحاملي مباخر التبجيل والنفاق.
ميلاد مجيد وعام سعيد
عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق