د. فايز أبو شمالة
يقولون: غزة الجوع والحصار، وانقطاع الكهرباء بشكل متعمد، ويقولون: غزة الخراب، والدمار، وامتناع الأسمنت، ومواد البناء من الاقتراب، ويقولون عن غزة كلاماً لن أعيده، لأن الهدف منه إثارة الخوف من تجربة تحرر غزة، وانفصالها عن دولة إسرائيل العظمى بالقوة المسلحة، ولكثرة ما يقال عن غزة، تخيلتها امرأة معلقة من شعرها، تقطر رذيلة، شاحبة الملمس، ترفع رياح البحر أسمالها، وتكشف عن ساقيها الفاجرين، وهي تختطف نظرات ازدراء من كل سياسي غربي يمر في المنطقة، وبعد أن يصافح من يدعي أنه ولي أمرها، يرجم المسكينة بحجر، حتى أن عباس، تخيلوا؛ حتى أن السيد محمود عباس يحاول أن يوحي للناس أن غزة عاصية، متمردة، ترفضه إن دعاها إلى فراش الزوجية، وترفس وجهه إن اقترب منها، وهو يسعى لجلبها إلى بيت الطاعة، ويحض على كتابة التقارير، والمقالات، والنشرات، واستطلاعات الرأي التي تظهر عوز غزة، وحاجتها إليه، ويقارن ما بين شظف عيشتها، ورغد العيش في رام الله، ويظهر دموع غزة، وفي نفس اللحظة حالة الطرب، والرقص التي تعيشها رام الله، ويوحي بفوضى غزة، وأمن واستقرار رام الله، ويؤكد على فشل حكومة غزة بالمقارنة مع حكومة رام الله، دون أن يتنبه السيد عباس أنه يجاري الإعلام الإسرائيلي الذي يتعمد أن يخذلنا، ويخترقنا من خلال تجاربنا، ويقول لنا: انظروا الفرق بين رام الله وغزة، إنه الفرق بين معاند، ومطاوع، وبين مكابر ومتذلل، بين مقاوم ومسالم، وكل هذا السلوك الفلسطيني الداخلي يأتي من باب المكايدة، وليس من منطلق المقاربة!
وأزعم أنني لا أكايد، وأنا أرصد قيمة أسعار بعض الحاجيات للمستهلك في غزة، وأقارنها بقيمتها للمستهلك في رام الله، وعلى سبيل المثال: فقد بلغ قيمة كيلو اللحم في رام الله ثمانين شيكلاً، بينما قيمة كيلو اللحمة في غزة بلغ أربعين شيكلاً فقط، وبلغ قيمة لتر السولار في رام الله خمسة شواكل، بينما هو في غزة بسعر شيكل ونصف فقط، وبلغ قيمة لتر البنزين في رام الله ستة شواكل، فإذا به في غزة بسعر 2 شيكل فقط، وبلغت قيمة شوال الطحين في رام الله أكثر من مئة شيكل، فإذا به في غزة لا يتعدي السبعين شيكلاً، وهذا الفارق الكبير في الأسعار ينسحب على معظم المأكولات، والمشروبات، حتى على السجائر التي بلغت دولار واحد قيمة أفضل علية سجائر.
ضمن ما سبق من أسعار، كلي وأشربي يا غزة، وقرّي عيناً، ولمن أراد المقارنة بأمور أخرى، فإننا سنجد عدد الزيجات في محافظة خان يونس على سبيل المثال قد بلغت في شهر يوليو 450 حالة زواج، ولا أحسب أن رام الله، وقراها، وجيرانها، وأجهزتها الأمنية قد اقتربوا من هذه النسبة، أما نسبة الطلاق في غزة فقد بلغت 11% فقط، وهي أقل نسبة طلاق قياساً للعشر سنوات السابقة.
شيء مهم يدركه من يعيش أيام غزة، وهو: أن غزة تتدرب عسكرياً ليل نهار، وتحفر بأظافرها الأنفاق، وهي تعد نفسها للمواجهة القادمة، بينما تلبس رام الله أساور من ذهب، وتذهب إلى "الكوافير" وتطلي أظافرها ب"المناكير" استعداداً للمفاوضات القادمة..
ألم أقل لكم: أنها مكايدة، اللفظة مشتقة من الفعل كايد، يكايد، فصار اسم غزة كائدة.
fshamala@yahoo.com
يقولون: غزة الجوع والحصار، وانقطاع الكهرباء بشكل متعمد، ويقولون: غزة الخراب، والدمار، وامتناع الأسمنت، ومواد البناء من الاقتراب، ويقولون عن غزة كلاماً لن أعيده، لأن الهدف منه إثارة الخوف من تجربة تحرر غزة، وانفصالها عن دولة إسرائيل العظمى بالقوة المسلحة، ولكثرة ما يقال عن غزة، تخيلتها امرأة معلقة من شعرها، تقطر رذيلة، شاحبة الملمس، ترفع رياح البحر أسمالها، وتكشف عن ساقيها الفاجرين، وهي تختطف نظرات ازدراء من كل سياسي غربي يمر في المنطقة، وبعد أن يصافح من يدعي أنه ولي أمرها، يرجم المسكينة بحجر، حتى أن عباس، تخيلوا؛ حتى أن السيد محمود عباس يحاول أن يوحي للناس أن غزة عاصية، متمردة، ترفضه إن دعاها إلى فراش الزوجية، وترفس وجهه إن اقترب منها، وهو يسعى لجلبها إلى بيت الطاعة، ويحض على كتابة التقارير، والمقالات، والنشرات، واستطلاعات الرأي التي تظهر عوز غزة، وحاجتها إليه، ويقارن ما بين شظف عيشتها، ورغد العيش في رام الله، ويظهر دموع غزة، وفي نفس اللحظة حالة الطرب، والرقص التي تعيشها رام الله، ويوحي بفوضى غزة، وأمن واستقرار رام الله، ويؤكد على فشل حكومة غزة بالمقارنة مع حكومة رام الله، دون أن يتنبه السيد عباس أنه يجاري الإعلام الإسرائيلي الذي يتعمد أن يخذلنا، ويخترقنا من خلال تجاربنا، ويقول لنا: انظروا الفرق بين رام الله وغزة، إنه الفرق بين معاند، ومطاوع، وبين مكابر ومتذلل، بين مقاوم ومسالم، وكل هذا السلوك الفلسطيني الداخلي يأتي من باب المكايدة، وليس من منطلق المقاربة!
وأزعم أنني لا أكايد، وأنا أرصد قيمة أسعار بعض الحاجيات للمستهلك في غزة، وأقارنها بقيمتها للمستهلك في رام الله، وعلى سبيل المثال: فقد بلغ قيمة كيلو اللحم في رام الله ثمانين شيكلاً، بينما قيمة كيلو اللحمة في غزة بلغ أربعين شيكلاً فقط، وبلغ قيمة لتر السولار في رام الله خمسة شواكل، بينما هو في غزة بسعر شيكل ونصف فقط، وبلغ قيمة لتر البنزين في رام الله ستة شواكل، فإذا به في غزة بسعر 2 شيكل فقط، وبلغت قيمة شوال الطحين في رام الله أكثر من مئة شيكل، فإذا به في غزة لا يتعدي السبعين شيكلاً، وهذا الفارق الكبير في الأسعار ينسحب على معظم المأكولات، والمشروبات، حتى على السجائر التي بلغت دولار واحد قيمة أفضل علية سجائر.
ضمن ما سبق من أسعار، كلي وأشربي يا غزة، وقرّي عيناً، ولمن أراد المقارنة بأمور أخرى، فإننا سنجد عدد الزيجات في محافظة خان يونس على سبيل المثال قد بلغت في شهر يوليو 450 حالة زواج، ولا أحسب أن رام الله، وقراها، وجيرانها، وأجهزتها الأمنية قد اقتربوا من هذه النسبة، أما نسبة الطلاق في غزة فقد بلغت 11% فقط، وهي أقل نسبة طلاق قياساً للعشر سنوات السابقة.
شيء مهم يدركه من يعيش أيام غزة، وهو: أن غزة تتدرب عسكرياً ليل نهار، وتحفر بأظافرها الأنفاق، وهي تعد نفسها للمواجهة القادمة، بينما تلبس رام الله أساور من ذهب، وتذهب إلى "الكوافير" وتطلي أظافرها ب"المناكير" استعداداً للمفاوضات القادمة..
ألم أقل لكم: أنها مكايدة، اللفظة مشتقة من الفعل كايد، يكايد، فصار اسم غزة كائدة.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق