د. فايز أبو شمالة
"حليبي ساخن في ثدي أمّي، والسرير تهزّه عصفورتان صغيرتان، ووالدي يبني غدي بيديه"، ترى؛ هل قرأ أعضاء مؤتمر حركة فتح هذه البلاغة الوطنية الصادرة عن محمود درويش، ووصيته إلى كل فلسطيني، وهو يقول: "حليبي ساخن في ثدي أمي"، لم يبرد بعد، ولما يزل ينتظر العائد كي يلقم الثدي، ويرضع حليب فلسطين، ويشبع، وبعد أن يقنع، يكف عن المقاومة؟ فكيف تقبلون على أنفسكم يا أعضاء المؤتمر السادس لحركة فتح عبور الحواجز الإسرائيلية بالحافلات المكيّفة تحت حسرة المواطن الفلسطيني المحاصر؟ ألم تسألوا أنفسكم لماذا تدللكم إسرائيل؟ لماذا تفتح لكم الحواجز للتجوال، والانتقال إلى القدس؟ وأي صلاة استثنائية هذه في رحاب الأقصى، يأذن لكم فيها اليهودي؟ وما أفق قراراتكم التي تحض على عودة القدس؟ وأنتم تستأذنون دخول الحمام؟ ألم يَجُلْ في خاطركم يا أعضاء المؤتمر أن غرف الفندق التي سكنتموها، قد دفع ثمنها تنسيقاً أمنياً، وقطعة أرض صارت يهودية؟
لقد رفض محمود درويش أن يرى المصانع الإسرائيلية القائمة، ورفض أن يرى المدن الإسرائيلية القائمة، ورفض أن يعبر فوق الطرق الالتفافية القائمة، ورفض أن ينتظر اليمامة ريثما تُنهي الهديل؛ حين أجاب: تعرفني وأعرفها، ولا أرى إلا الغزالة في الشباك. ولا أرى إلا الحديقة تحتها، وأرى خيوط العنكبوت، أتدرون ما هي خيوط العنكبوت؟ إنها الطرق الالتفافية، ولم يدر في خلد الشاعر أن أعضاء المؤتمر السادس سيتنقلون بالسلامة على أكف العنكبوت، بل ويتجولون سعداء فوق تراب أجدادهم الذي صار اسمه: إسرائيل.
عندما عجزت والدة السجين محمود أبو سمرة عن زيارته في سجن نفحة، وكان والدي غير قادر على زيارتي، تحدثنا مع الأخ هشام عبد الرازق ممثل المعتقل في سجن نفحة أن يحقق لوالدينا زيارة خاصة، نودعهما، فقال هشام: إن مدير السجن الجنرال "تشاشا" يحترمك شخصياً، تحدث معه أنت، ولن يرفض طلبك. وهذا ما حدث فعلاً، لقد وافق مدير السجن على الزيارة بشكل استثنائي، وتم تحديد اليوم المناسب لذلك، ولكن بعد التشاور مع بعض السجناء المقربين، عزفنا عن الفكرة، ورفضنا الزيارة الخصوصية.
بعد أقل من عام توفى والدي وأنا في السجن دون أن أراه، ودون أن يودعني، يومها أدركت أن أبي يبني غدي بيديه، لأنني لم أرتض لنفسي زيارة خاصة! فكيف تقبلون على أنفسكم يا أعضاء مؤتمر حركة فتح أن تفتح لكم الحواجز الإسرائيلية بشكل خاص، ثم تغلق في وجه الشعب الصامد فوق ترابه، وهو يحتسب عند الله صبره، وعذابه!.
fshamala@yahoo.com
"حليبي ساخن في ثدي أمّي، والسرير تهزّه عصفورتان صغيرتان، ووالدي يبني غدي بيديه"، ترى؛ هل قرأ أعضاء مؤتمر حركة فتح هذه البلاغة الوطنية الصادرة عن محمود درويش، ووصيته إلى كل فلسطيني، وهو يقول: "حليبي ساخن في ثدي أمي"، لم يبرد بعد، ولما يزل ينتظر العائد كي يلقم الثدي، ويرضع حليب فلسطين، ويشبع، وبعد أن يقنع، يكف عن المقاومة؟ فكيف تقبلون على أنفسكم يا أعضاء المؤتمر السادس لحركة فتح عبور الحواجز الإسرائيلية بالحافلات المكيّفة تحت حسرة المواطن الفلسطيني المحاصر؟ ألم تسألوا أنفسكم لماذا تدللكم إسرائيل؟ لماذا تفتح لكم الحواجز للتجوال، والانتقال إلى القدس؟ وأي صلاة استثنائية هذه في رحاب الأقصى، يأذن لكم فيها اليهودي؟ وما أفق قراراتكم التي تحض على عودة القدس؟ وأنتم تستأذنون دخول الحمام؟ ألم يَجُلْ في خاطركم يا أعضاء المؤتمر أن غرف الفندق التي سكنتموها، قد دفع ثمنها تنسيقاً أمنياً، وقطعة أرض صارت يهودية؟
لقد رفض محمود درويش أن يرى المصانع الإسرائيلية القائمة، ورفض أن يرى المدن الإسرائيلية القائمة، ورفض أن يعبر فوق الطرق الالتفافية القائمة، ورفض أن ينتظر اليمامة ريثما تُنهي الهديل؛ حين أجاب: تعرفني وأعرفها، ولا أرى إلا الغزالة في الشباك. ولا أرى إلا الحديقة تحتها، وأرى خيوط العنكبوت، أتدرون ما هي خيوط العنكبوت؟ إنها الطرق الالتفافية، ولم يدر في خلد الشاعر أن أعضاء المؤتمر السادس سيتنقلون بالسلامة على أكف العنكبوت، بل ويتجولون سعداء فوق تراب أجدادهم الذي صار اسمه: إسرائيل.
عندما عجزت والدة السجين محمود أبو سمرة عن زيارته في سجن نفحة، وكان والدي غير قادر على زيارتي، تحدثنا مع الأخ هشام عبد الرازق ممثل المعتقل في سجن نفحة أن يحقق لوالدينا زيارة خاصة، نودعهما، فقال هشام: إن مدير السجن الجنرال "تشاشا" يحترمك شخصياً، تحدث معه أنت، ولن يرفض طلبك. وهذا ما حدث فعلاً، لقد وافق مدير السجن على الزيارة بشكل استثنائي، وتم تحديد اليوم المناسب لذلك، ولكن بعد التشاور مع بعض السجناء المقربين، عزفنا عن الفكرة، ورفضنا الزيارة الخصوصية.
بعد أقل من عام توفى والدي وأنا في السجن دون أن أراه، ودون أن يودعني، يومها أدركت أن أبي يبني غدي بيديه، لأنني لم أرتض لنفسي زيارة خاصة! فكيف تقبلون على أنفسكم يا أعضاء مؤتمر حركة فتح أن تفتح لكم الحواجز الإسرائيلية بشكل خاص، ثم تغلق في وجه الشعب الصامد فوق ترابه، وهو يحتسب عند الله صبره، وعذابه!.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق