الياس بجاني
لا شيء في لبنان يجمع ويوحد ألسنة وحناجر وصراخ وعنتريات قبائل وعشائر السياسيين والزعامات وربع متعهدي المقاومة وتجار العروبة وغلاة الأصوليين وجماعات اليمين واليسار وباقي متفرعاتهم ووكلائهم والنافخين بأبواقهم سوي الببغائية العكاظية عندما يكون الأمر متعلقاً بإسرائيل.
واللازمات والحواشي التي تكرر زجلياً وصنجياً هي: "سلاح حزب الله باق باق طالما بقيت إسرائيل وهو مرتبط بالحياة نفسها وسوف نبقر بطون ونقطع أيدي وننحر أعناق كل من يقترب منه، وهو باق طالما بقي القرآن والإنجيل". "وأبداً ما حدا يزايد علينا، إسرائيل هي العدوة والأمر حسم وانتهينا"!!
الربع، كل الربع عندنا المختلف والمتناحر والمتقاتل على كل شيء، عندما يكون الأمر متعلقاً بتصاريح تدين وتهاجم "الصهاينة"، يستنفر ويرتدي بزات القتال المزركشة على عجل معلناً على رؤوس الأشهاد حالة الحرب القصوى، يا قاتل يا مقتول"، بدءًا بالمقاومين المغوارين المارونيين وديع الخازن واميل رحمة، مروراً بجنرال الرابية ومداح وقداح بلاطه النائب عباس الهاشم، وانتهاءً في ساحات وغى وكلاء الشقيقة الشقية السيدين الفصيحين القنديل والوهاب.
يتسابقون جميعاً على تقوية عيار "التصاريح الكلامية" الرنانة والجهادية، ويزايدون على بعضهم البعض في انتقاء المفردات العكاظية العسكرية والحماسية.
يمتشقون سيوف ورماح الكومبيوترات على عجل، ويلقمون صواريخ حناجرهم، ويطلقون العنان لقذائف ألسنتهم الماكرة والناكرة لكل ما هو مصداقية وحقيقة واحترام لذكاء الآخرين.
كالطواويس ينفشون ريشهم ويتقمصون أدوار الأبطال والمقاومين والمحررين والممانعين، دون إغفال حواشي التهديد والوعيد و"رمي هؤلاء الصهاينة في البحر" الذين اندحروا دحراً وهزموا شر هزيمة في حرب أيار سنة 2006 المجيدة بعد أن لقنهم حزب الله درساً، بل دروساً لن ينسوها وها هو لبنان بفضل مقاومة هذا الحزب ينعم بتوازن الرعب مع "الكيان� الغاصب والمغتصب".
لا يكلفون أنفسهم جهد قراءة ما يقوله أو يصرح به حكام وساسة إسرائيل، فبمجرد أن يذاع أو ينشر أي تصريح لأي مسؤول إسرائيلي، يقرأ الربع منه ما يناسبهم ويفسرونه على هواهم وطبقاً لمصالحهم ومصالح أسيادهم وأولياء نعمهم "وهات يا ردود".� يلهثون للحاق بمن أدلى بالردود الأولى ويجهدون في المزايدة والمبالغة.
في هذا السياق الببغائي والعكاظي جاءت مئات الردود على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي أدلى به يوم الاثنين في العاشر من آب الجاري.
حرفية الخبر كما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية في 10 آب/09: "قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للصحافيين اليوم خلال جولة له في جنوب إسرائيل: "ليكن واضحا أن الحكومة اللبنانية ستتحمل مسؤولية أي هجوم يأتي من أراضيها إذا أصبح حزب الله رسميا جزءا منها". هذا وكان المسؤولون الإسرائيليون قد حذروا الحكومة اللبنانية من أنه في أي حرب مقبلة مع حزب الله سوف تستهدف إسرائيل البنى التحتية للدولة اللبنانية بعكس ما كان عليه الحال في حرب 2006 حيث استجابت إسرائيل للضغوط الأميركية في حينه ولم تقصف المواقع الحكومية في لبنان.
بداية لقد نشرت وسائل الإعلام اللبنانية الخبر على هواها وفبركته على طريقتها حيث قال معظمها إن نتانياهو هدد وحذر لبنان من مغبة إشراك حزب الله في الحكومة، في حين انبرت الألسنة المؤجرة إلى تحريف التصريح واعتباره تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية وتهديداً لا يمكن السكوت عليه، ومن ثم اشتعلت جبهة التصريحات العنترية وقد شارك فيها كل المسؤوليين مستنكرين ومؤكدين أن "التهديدات الإسرائيلية تدعونا إلى تمتين الصف الداخلي والإسراع بتشكيل الحكومة". لقد أطلقت عشرات التصريحات من قبل رجال دين وسياسيين ومسؤولين وحتى عسكريين جميعها مستنسخة عن بعضها البعض ومستعملة نفس المفردات الرتيبة ونفس المنطق الأعوج ونفس الأسلوب الببغائي.
فلو خرج أصحاب التصاريح من جحور الجهل والعصبية والحقد وكلفوا أنفسهم عناء قراءة كلام نتانياهو لما كانوا شنوا هذه الحرب الضروس ولما كانوا قالوا لعنترة بن شداد "قم لنجلس مكانك"، لأن نتانياهو لم يقل لا تُشركوا حزب الله في الحكومة، ولم يقل في حال أشركتموه سوف نشن عليكم حرباً وندمر بلدكم بكل الأسلحة. الرجل وبكل بساطة حذر ونبه وقال وهو المسؤول الأول في بلاده عليكم أن تتحملوا مسؤولية أعمال حزب الله إن هو شارك في الحكومة والأمر متروك لكم انتم وحدكم.
أليس هذا ما يريده ويطالب به السواد الأعظم من اللبنانيين المنضوين تحت راية ثورة الأرز وعلى أساسه خاضوا الانتخابات النيابية الأخيرة وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط؟، ألا وهو أن يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة؟
أليست الحكومة قانونياً مسؤولة عن ممارسات وأقوال أعضائها؟ إذاً لم يهدد نتانياهو، ولم يتدخل في الشأن اللبناني، ولا هو اعترض على مشاركة حزب الله في الحكومة، بل لفت حكام وقادة لبنان إلى إنهم يتحملون مسؤولية تصرفاتهم وقراراتهم والحكومة التي يشارك فيها حزب الله �تصبح هي مسؤولة عن ممارساته وبالتالي القانون والمنطق يقولان أنها من الضروري أن تتحمل عواقب هذه الممارسات ونقطة على السطر.
فإذا كان حزب الله يريد الانضمام إلى الحكومة وتريد الحكومة أن تمنع دمار البلد عليه أن يتخلى عن مشاريعه العنترية حتى ولو تلقى الأمر من طهران وغيرها، وفي حال لم يقبل أو لم يكن قادراً على التخلي عن إمكانية المغامرة فعليه عدم الدخول بالحكومة لعدم تحميلها ومن ثم كل الشعب اللبناني نتائج قراراته الخاطئة
يا أيها السادة القادة والحكام والسياسيين ورجال الدين في لبنان، بالله عليكم كفى تعامياً وزندقة وبهلوانية وتشاطراً وفذلكة فأنتهم تهتمون بأمور كثيرة، فيما المطلوب واحد وهو الدولة التي لا شريك لها لا في الأمن ولا في السلاح ولا في القرار، دولة تَحكُم ولا تُحكم، واعلموا أن لا قيام لهذه الدولة بوجود الدويلة وكل ما عدا هذا نفاق وخداع ولحس للمبرد وجلد للذات.
ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع.
لا شيء في لبنان يجمع ويوحد ألسنة وحناجر وصراخ وعنتريات قبائل وعشائر السياسيين والزعامات وربع متعهدي المقاومة وتجار العروبة وغلاة الأصوليين وجماعات اليمين واليسار وباقي متفرعاتهم ووكلائهم والنافخين بأبواقهم سوي الببغائية العكاظية عندما يكون الأمر متعلقاً بإسرائيل.
واللازمات والحواشي التي تكرر زجلياً وصنجياً هي: "سلاح حزب الله باق باق طالما بقيت إسرائيل وهو مرتبط بالحياة نفسها وسوف نبقر بطون ونقطع أيدي وننحر أعناق كل من يقترب منه، وهو باق طالما بقي القرآن والإنجيل". "وأبداً ما حدا يزايد علينا، إسرائيل هي العدوة والأمر حسم وانتهينا"!!
الربع، كل الربع عندنا المختلف والمتناحر والمتقاتل على كل شيء، عندما يكون الأمر متعلقاً بتصاريح تدين وتهاجم "الصهاينة"، يستنفر ويرتدي بزات القتال المزركشة على عجل معلناً على رؤوس الأشهاد حالة الحرب القصوى، يا قاتل يا مقتول"، بدءًا بالمقاومين المغوارين المارونيين وديع الخازن واميل رحمة، مروراً بجنرال الرابية ومداح وقداح بلاطه النائب عباس الهاشم، وانتهاءً في ساحات وغى وكلاء الشقيقة الشقية السيدين الفصيحين القنديل والوهاب.
يتسابقون جميعاً على تقوية عيار "التصاريح الكلامية" الرنانة والجهادية، ويزايدون على بعضهم البعض في انتقاء المفردات العكاظية العسكرية والحماسية.
يمتشقون سيوف ورماح الكومبيوترات على عجل، ويلقمون صواريخ حناجرهم، ويطلقون العنان لقذائف ألسنتهم الماكرة والناكرة لكل ما هو مصداقية وحقيقة واحترام لذكاء الآخرين.
كالطواويس ينفشون ريشهم ويتقمصون أدوار الأبطال والمقاومين والمحررين والممانعين، دون إغفال حواشي التهديد والوعيد و"رمي هؤلاء الصهاينة في البحر" الذين اندحروا دحراً وهزموا شر هزيمة في حرب أيار سنة 2006 المجيدة بعد أن لقنهم حزب الله درساً، بل دروساً لن ينسوها وها هو لبنان بفضل مقاومة هذا الحزب ينعم بتوازن الرعب مع "الكيان� الغاصب والمغتصب".
لا يكلفون أنفسهم جهد قراءة ما يقوله أو يصرح به حكام وساسة إسرائيل، فبمجرد أن يذاع أو ينشر أي تصريح لأي مسؤول إسرائيلي، يقرأ الربع منه ما يناسبهم ويفسرونه على هواهم وطبقاً لمصالحهم ومصالح أسيادهم وأولياء نعمهم "وهات يا ردود".� يلهثون للحاق بمن أدلى بالردود الأولى ويجهدون في المزايدة والمبالغة.
في هذا السياق الببغائي والعكاظي جاءت مئات الردود على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي أدلى به يوم الاثنين في العاشر من آب الجاري.
حرفية الخبر كما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية في 10 آب/09: "قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للصحافيين اليوم خلال جولة له في جنوب إسرائيل: "ليكن واضحا أن الحكومة اللبنانية ستتحمل مسؤولية أي هجوم يأتي من أراضيها إذا أصبح حزب الله رسميا جزءا منها". هذا وكان المسؤولون الإسرائيليون قد حذروا الحكومة اللبنانية من أنه في أي حرب مقبلة مع حزب الله سوف تستهدف إسرائيل البنى التحتية للدولة اللبنانية بعكس ما كان عليه الحال في حرب 2006 حيث استجابت إسرائيل للضغوط الأميركية في حينه ولم تقصف المواقع الحكومية في لبنان.
بداية لقد نشرت وسائل الإعلام اللبنانية الخبر على هواها وفبركته على طريقتها حيث قال معظمها إن نتانياهو هدد وحذر لبنان من مغبة إشراك حزب الله في الحكومة، في حين انبرت الألسنة المؤجرة إلى تحريف التصريح واعتباره تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية وتهديداً لا يمكن السكوت عليه، ومن ثم اشتعلت جبهة التصريحات العنترية وقد شارك فيها كل المسؤوليين مستنكرين ومؤكدين أن "التهديدات الإسرائيلية تدعونا إلى تمتين الصف الداخلي والإسراع بتشكيل الحكومة". لقد أطلقت عشرات التصريحات من قبل رجال دين وسياسيين ومسؤولين وحتى عسكريين جميعها مستنسخة عن بعضها البعض ومستعملة نفس المفردات الرتيبة ونفس المنطق الأعوج ونفس الأسلوب الببغائي.
فلو خرج أصحاب التصاريح من جحور الجهل والعصبية والحقد وكلفوا أنفسهم عناء قراءة كلام نتانياهو لما كانوا شنوا هذه الحرب الضروس ولما كانوا قالوا لعنترة بن شداد "قم لنجلس مكانك"، لأن نتانياهو لم يقل لا تُشركوا حزب الله في الحكومة، ولم يقل في حال أشركتموه سوف نشن عليكم حرباً وندمر بلدكم بكل الأسلحة. الرجل وبكل بساطة حذر ونبه وقال وهو المسؤول الأول في بلاده عليكم أن تتحملوا مسؤولية أعمال حزب الله إن هو شارك في الحكومة والأمر متروك لكم انتم وحدكم.
أليس هذا ما يريده ويطالب به السواد الأعظم من اللبنانيين المنضوين تحت راية ثورة الأرز وعلى أساسه خاضوا الانتخابات النيابية الأخيرة وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط؟، ألا وهو أن يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة؟
أليست الحكومة قانونياً مسؤولة عن ممارسات وأقوال أعضائها؟ إذاً لم يهدد نتانياهو، ولم يتدخل في الشأن اللبناني، ولا هو اعترض على مشاركة حزب الله في الحكومة، بل لفت حكام وقادة لبنان إلى إنهم يتحملون مسؤولية تصرفاتهم وقراراتهم والحكومة التي يشارك فيها حزب الله �تصبح هي مسؤولة عن ممارساته وبالتالي القانون والمنطق يقولان أنها من الضروري أن تتحمل عواقب هذه الممارسات ونقطة على السطر.
فإذا كان حزب الله يريد الانضمام إلى الحكومة وتريد الحكومة أن تمنع دمار البلد عليه أن يتخلى عن مشاريعه العنترية حتى ولو تلقى الأمر من طهران وغيرها، وفي حال لم يقبل أو لم يكن قادراً على التخلي عن إمكانية المغامرة فعليه عدم الدخول بالحكومة لعدم تحميلها ومن ثم كل الشعب اللبناني نتائج قراراته الخاطئة
يا أيها السادة القادة والحكام والسياسيين ورجال الدين في لبنان، بالله عليكم كفى تعامياً وزندقة وبهلوانية وتشاطراً وفذلكة فأنتهم تهتمون بأمور كثيرة، فيما المطلوب واحد وهو الدولة التي لا شريك لها لا في الأمن ولا في السلاح ولا في القرار، دولة تَحكُم ولا تُحكم، واعلموا أن لا قيام لهذه الدولة بوجود الدويلة وكل ما عدا هذا نفاق وخداع ولحس للمبرد وجلد للذات.
ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق