د. فايز أبو شمالة
قبل أن أُفْطَمَ عن السجائر، وقفت ليلاً في واشنطن على جسر تتدفق من تحته مياه نهر "بوتوميك"، رفعت يدي لأقذف عقب السيجارة في مياه النهر، وإذا بيدٍ من الخلف، تمسك بيدي، وتحول دون تنفيذ ذلك، وأشار إلى حاوية في مكان بعيد، وقال: هنالك يمكنك أن تقذف عقب سيجارتك، أرجوك، لا تلوث مياه النهر!.
قلت له: إنها مياه نهر متدفق، وتصب في المحيط الأطلسي، فكيف سيلوث عقب سيجارتي هذا الكم الهائل من الماء؟، ثم؛ إنه مكان عام، فلماذا أنت متحرق على النظافة إلى هذا الحد، ثم؛ نحن في آخر الليل، ولا يوجد أمريكي عندنا كي يتهمنا بعدم النظافة!.
قال محمد أبو شمالة، اللاجئ الفلسطيني المولود في قطاع غزة، والذي يعمل مع وزارة الخارجية الأمريكية: إنها عاداتنا، وأخلاقنا في أمريكا، وبغض النظر عن المكان، أو الزمان، لا يصح أن نلقي في النهر أي شيء يلوث البيئة، أو يخدش براءة الكائنات.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أراقب بحر قطاع غزة في الصيف، وأشاهد بأم عيني كيف يتحول الشاطئ النظيف إلى ساحة مطعم، أو مخلفات سوق، أو مصنع بلاستك مهجور، وقد تراكمت أطنان القمامة، التي يتركها المواطن الفلسطيني على الشاطئ عمداً دون أن يكلف نفسه عناء جمعها، أو الخجل من نفسه، وعدم إلقاء الفضلات على شاطئ البحر، وهنا أوجه التهمة إلى المرأة الفلسطينية، فهي المقصرة في تهذيب الطفل، وغرس العادات الصحيحة، وهي التي لم تؤسس أبناءها على النظافة العامة، ولم تحضهم على احترام المال العام بالقدر ذاته الذي يحرص فيه على المال الخاص، وهنا يمكن استشفاف سلبية امرأة لم تسهم في تنشئة الجيل الذي يقدر الآخرين بمقدار تقديره لنفسه، ولاسيما إذا لم يحافظ على نظافة الشارع بذات القدر الذي يحافظ فيه على نظافة غرفة نومه، ولا يحافظ على نظافة الشاطئ بقدر الحفاظ على جمال جسده، ونضارة وجهه، إنها الأمُّ، والأمُّ مدرسة شاءتْ أم أبتْ!.
أصر الدكتور سالم الكرد عميد كلية الحقوق في جامعة الأزهر أن أقف بالسيارة إلى جوار الحاوية كي يلقي فيها ما تبقى من فضلات، وقال: هذا بعض ما تعلمته من الفرنسيين الذين نلت شهادة الدكتوراه في القانون من بلادهم، إنهم يهتمون بالنظافة إلى أبعد مدى، وهي عنوان رقيهم، وتكاد لا تجد في شوارع المدن الفرنسية ما لا يروق لعينك، وكأن المرأة الفرنسية ترش العطر على الرصيف، وتنثر ياسمين الابتسامة على المارة.
إنها المرأة، وإنها المرأة أينما يممت وجهك، حتى صار الولدُ أمَّهُ!
fshamala@yahoo.com
قبل أن أُفْطَمَ عن السجائر، وقفت ليلاً في واشنطن على جسر تتدفق من تحته مياه نهر "بوتوميك"، رفعت يدي لأقذف عقب السيجارة في مياه النهر، وإذا بيدٍ من الخلف، تمسك بيدي، وتحول دون تنفيذ ذلك، وأشار إلى حاوية في مكان بعيد، وقال: هنالك يمكنك أن تقذف عقب سيجارتك، أرجوك، لا تلوث مياه النهر!.
قلت له: إنها مياه نهر متدفق، وتصب في المحيط الأطلسي، فكيف سيلوث عقب سيجارتي هذا الكم الهائل من الماء؟، ثم؛ إنه مكان عام، فلماذا أنت متحرق على النظافة إلى هذا الحد، ثم؛ نحن في آخر الليل، ولا يوجد أمريكي عندنا كي يتهمنا بعدم النظافة!.
قال محمد أبو شمالة، اللاجئ الفلسطيني المولود في قطاع غزة، والذي يعمل مع وزارة الخارجية الأمريكية: إنها عاداتنا، وأخلاقنا في أمريكا، وبغض النظر عن المكان، أو الزمان، لا يصح أن نلقي في النهر أي شيء يلوث البيئة، أو يخدش براءة الكائنات.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أراقب بحر قطاع غزة في الصيف، وأشاهد بأم عيني كيف يتحول الشاطئ النظيف إلى ساحة مطعم، أو مخلفات سوق، أو مصنع بلاستك مهجور، وقد تراكمت أطنان القمامة، التي يتركها المواطن الفلسطيني على الشاطئ عمداً دون أن يكلف نفسه عناء جمعها، أو الخجل من نفسه، وعدم إلقاء الفضلات على شاطئ البحر، وهنا أوجه التهمة إلى المرأة الفلسطينية، فهي المقصرة في تهذيب الطفل، وغرس العادات الصحيحة، وهي التي لم تؤسس أبناءها على النظافة العامة، ولم تحضهم على احترام المال العام بالقدر ذاته الذي يحرص فيه على المال الخاص، وهنا يمكن استشفاف سلبية امرأة لم تسهم في تنشئة الجيل الذي يقدر الآخرين بمقدار تقديره لنفسه، ولاسيما إذا لم يحافظ على نظافة الشارع بذات القدر الذي يحافظ فيه على نظافة غرفة نومه، ولا يحافظ على نظافة الشاطئ بقدر الحفاظ على جمال جسده، ونضارة وجهه، إنها الأمُّ، والأمُّ مدرسة شاءتْ أم أبتْ!.
أصر الدكتور سالم الكرد عميد كلية الحقوق في جامعة الأزهر أن أقف بالسيارة إلى جوار الحاوية كي يلقي فيها ما تبقى من فضلات، وقال: هذا بعض ما تعلمته من الفرنسيين الذين نلت شهادة الدكتوراه في القانون من بلادهم، إنهم يهتمون بالنظافة إلى أبعد مدى، وهي عنوان رقيهم، وتكاد لا تجد في شوارع المدن الفرنسية ما لا يروق لعينك، وكأن المرأة الفرنسية ترش العطر على الرصيف، وتنثر ياسمين الابتسامة على المارة.
إنها المرأة، وإنها المرأة أينما يممت وجهك، حتى صار الولدُ أمَّهُ!
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق