انطوني ولسن
مصر امنا وعزنا وفخرنا ومجدنا..
كنا ننشد هذه الاناشيد بكل فخر واعتزاز.. فهل ما زلنا نشعر بهذا الفخر والاعتزاز كما كنا؟!! ام ماذا اصبحنا؟
كنا نفتخر بانتمائنا لأعرق وطن على وجه الارض، واصبحنا لا نعرف هل حقا كان هذا الوطن مصر، وطن العلم والحضارة ام وطن الكفر والكفار؟
العالم كله يتقدم ما عدانا نشعر باللذة في التقهقر الى الخلف ويا ليتنا في تقهقرنا ورجوعنا الى الخلف نرجع الى ماضينا المشرف بل اننا نرجع الىعصور وعهود الظلام والجهل والعبودية.
اسهم مصر بين الأمم انخفضت ولم تعد اسهمنا الحضارية في بورصة الشعوب لها ثمن. فهل هذا راجع الى جهل الشعوب.. ام الى تخلفنا واصرارنا بالتمسك بالجهل الذي اصبح هو السمة الغالبة بين المصريين وخاصة من يدعون انهم مثقفون.
ركب الجميع موجة الدين وارتفعت هذه الموجة واشتدت واصبحت اعصار يهدد مصر بالدمار واقتلاع كل شيء من جذوره ولن يبقى الا الحصرة والندم والبكاء على الاطلال يوم لا ينفع فيه ندم او بكاء او حصرة على الضياع القادم لا محالة، ان لم يستيقظ الغافلون من نومهم العميق، والغافلون هم من بيدهم الامر والذين فضلوا الغفلة عن اليقظة لخوفهم من ان يصيبهم سرطان التخلف فيقضي عليهم كما هو فاعل مع الباقين.
الفن الذي هو مرآة الشعوب طالته يد التخلف فانحط واصبح فنا ممسوخا مثل كل شيء في حياة المصري الذي لا حول له ولا قوة، فمثلا فيلم «حين ميسرة» واجه اعصارا من الاتهامات من اجل لقطة لم تستغرق اكثر من عشرين ثانية.. ومن لا يعرف هذه اللقطة اقولها باختصار (عندما نامت البطلة سمية الخشاب الى جوار غادة عبد الرازق التي عطفت عليها لجمالها ولإشباع شبقها الجنسي الشاذ، فبدأت وهما نائمتان بالضحك معها واستخدمت يدها التي وصلت الى الجزء الحساس مما افزع سمية التي انتفضت معترضة..الخ).
اهتم النقاد بهذا المشهد ونسوا الهدف من الفيلم الذي ركز على الاحياء العشوائية وما يحدث بداخلها من حياة عشوائية اضاعت كل ما هو انساني داخل سكان هذه الاحياء.
ونسوا ايضا ان السينما المصرية ظهر بها ما هو اكثر إثارة من المشهد في الفيلم، وعلى سبيل المثال لا الحصر فيلم «سوق المتعة» للفنان محمود عبد العزيز والفنانة الهام شاهين.
خرج محمود عبد العزيز من السجن بعد ان قضي مدة العقوبة 20 سنة وكانت المفاجأة من الذين لفقوا له التهمة ارادو تعويضه بمبلغ كبير من المال، ولبوا رغباته واحضروا له المرأة التي رسمها في مخيلته وتمنى ان يراها في الواقع.. وجاءت الهام شاهين ولكنه لم يستطع ان يعاشرها جنسيا فأكتفى بان تظهر له مفاتن جسدها وهو مختبئ ينظر اليها ويمارس العادة السرية.. فهل هناك مشهد جنسي يثير غرائز النساء والرجال مثل هذا المشهد؟!
لكن ماذا نقول للذين يحاولون دائما ابعاد الانظار عن الواقع المر الأليم بإثارة زوابع كاذبة باسم فضيلة غير موجودة عند من يدعون الفضيلة.
ولكن.. هكذا يفكرون الأن في مصر.. لانهم يريدون لمصر ان تتقوقع ويزداد التخلف الفكري فيها فيديرون البلاد الى ما يخدم مصالحهم فقط، فتعاملوا مع مشكلة او قضية الاحياء العشوائية بعد ان كشف لهم فيلم «حين ميسرة» ومسلسل «بنت من الزمن ده» أهمية هذه الاحياء وكيفية استغلالها بعد الاستيلاء عليها بحيلة يعجز الشيطان نفسه التفكير فيها.
سلطوا من سلطوا من يشعل النيران في تلك الاحياء وبعد الاطمئنان ان هذا الحي او ذاك لن تقوم له قائمة يرسلون رجال الاطفاء الذين يأتون على ما تبقى بخراطيم المياه، ويصبح الحي معدا للاصلاح والتعمير.
هذا الاصلاح والتعمير ليس للغلابة او المساكين، بل هو للحيتان الكبيرة المهيمنة على كل نواحي الحياة في مصر فيقيمون الابراج والفلل ويبيعون مصر لمن يدفع ولا حياة للغلابة والمساكين.
هذه نظرة عامة عن طرق التفكير في مصر الأن اردت من ورائها ان امهد للحدث الهام الذي يواجهه العالم كله وهو وباء الانفلونزا الجديد الذي اطلق عليه شهابذة الفكر والسياسة والاعلام في مصر اسم انفلونزا الخنازير.
وبما ان الخنازير محرمة في مصر ولكنها غير ممنوع تربيتها، وجدوا في هذه الانفلونزا الجديدة المركبة من فيروس انفلونزا الخنازير (وهذا يعني وجود انفلونزا بهذا الاسم ولكن لم تشكل ما يمكن ان يطلق عليها وباء عالميا خطيرا).. وانفلونزا الطيور وانفلونزا البشر. وليس عند العلماء المصل الواقي لفيروس هذه الانفلونزا المركبة التي اطلقوا عليها اسم H1N1 ونسبوها الى المكسيك البلد الذي اكتشفت به. ولم يطلق عليها اي عالم في العالم كله اسم Pig's Flu غير شهابذة مصر من البوم الناعق في الاعلام الذي اخذ يولول ويصوت بان الخنازير اخطر من القنبلة اليهدروجينية التي هي اقوى مئات المرات من القنبلة الذرية لذا يجب إبادتها بالاعدام حرقا او ذبحا.. ويسرع رجال السياسة نواب الشعب باعلان التضامن مع اعلام البوم الناعق والندابين ويعلن رئيس مجلس الشعب عن اهم قرار اتخذه المجلس الموقر لحماية الشعب الموافقة على اعدام خنازير مصر كلها في جميع انحاء البلاد، وبهذا يضمن المصريون سلامتهم من هذا الوباء الذي هو اقوى من وباء الكوليرا الذي اجتاح العالم 1918 إبان الحرب العالمية الاولى وقرب انتهائها. وقد عانت منه مصر (وباء الكوليرا) كثيرا وايضا بسبب التخلف العلمي والحضاري في ذلك الزمان، ومن يسمع قرار رئيس مجلس الشعب يحمد الله على ان مصر ما زالت بخير وولاده وتنجب شهابذة مثل سيادته.
كنت اتمنى من شهابذة مصر من سياسيين واعلاميين وغيرهم ممن وجدوا في هذه الانفلونزا فرصة لضرب الاقتصاد القبطي المسيحي، والذي بهذا التفكير يؤكدون فيه فصل المسيحيين المصريين عن بقية المجتمع، لان مصر للمسلمين فقط ومن هو غير مسلم عليه ان يخضع للمعاملة كذمي، ولا يهم ان كان الاقتصاد القبطي المسيحي لا يعود على المسيحي فقط بل يعود على كل المصريين، لكن الحقيقة ان مصر نفسها حولوها الى مجرد جزء من الامة الاسلامية التي يحلمون بها ويبذلون قصارى جهدهم لتحقيق ذلك بمساندة المادة الثانية من الدستور التي بكل وضوح وصراحة تلغي كل فكر غير اسلامي وتلغي كلمة المواطنة التي يطالب بها غير المسلمين.
اعود الى ما كنت اتمناه مع قناعتي بان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه خاصة امام كل هذا التخلف الذي يخيم على مصر الرائدة سابقا في الحضارة والثقافة وحاليا في التخلف والرجعية.
ما كنت اتمناه عليهم هو لو انهم حثوا الحكومة علىمساعدة العلماء والباحثين المصريين في كيفية مواجهة هذه الكارثة التي تهدد العالم بايجاد المصل الواقي ضد هذه الانفلونزا المركبة والتي لم يكن العالم مستعدا لها.
لكن مع شديد الأسف لا الحكومة عندها استعداد للريادة بالمشاركة بالبحث العلمي ولا العلماء والباحثين لديهم الاستعداد للمشاركة فيما يخدم البشرية، لانهم يؤمنون بان علماء الفقه وشيوخ الفتاوى يخدمون البشرية ومصر بفقههم وفتواهم التي تجد في شرب بول البعير الشفاء الكافي والعافي لكل اسقام البشرية المعروف منها وغير المعروف فلماذا يشغلون انفسهم بما لا نفع منه للأخرة التي هي خير وأبقي.
لان العلم والعلماء خص الله بهما الكفار ليعملوا من أجلهم.. لانهم خير امة اخرجت للناس.
عزيزي القارئ من تكون مصري اوغير مصري، مسلم او غير مسلم، من منا لا يريد الخير لوطنه الأم ويتمنى له التقدم والازدهار مثلما ما يراه في وطنه الثاني استراليا او اي وطن مثل استراليا!!
تعالوا نرى كيف تعاملت الحكومة الاسترالية والاعلام الاسترالي مع هذا الوباء الخطير جدا.. جدا.
الاعلام.. بدأ بالتوعية عن الفيروس الجديد وعن طرق الاصابة به وطرق الوقاية منه وما على المتشكك ان يفعل بالتوجه الى اقرب مستشفى. بل الاكثر من هذا ارسل برنامج 60 دقيقة الذي تبثه القناة التاسعة كل يوم احد، أحد كبار مزيعيها وهو بيتر هارفي الى القرية التي ظهرت بها اول حالة اصابة بالمرض في المكسيك تقابل مع الطفل ومع اهل القرية، ثم انتقلت الكاميرا الى سيدني ومذيع آخر لينقل للمشاهدين ما يحدث على الارض الاسترالية. بدأ بالمطارات الدولية وشاهدنا الاجهزة الحديثة وهي عبارة عن كاميرات خاصة Thermol imagining camera تلتقط صور المواطنين القادمين من الخارج بعد الانتهاء من الاجراءات الجمركية، هذه الكاميرات مجهزة باجهزة تنفيس تقيس درجة حرارة جسد القادم، فان وجد من بين القادمين ارتفاع في درجة حرارة جسمه، يؤخذ للكشف الطبي عليه بالمطار ويحال الى المستشفى اذا لزم الامر. او يطلب من القادم ان يعزل نفسه بنفسه في بيته لمدة 3 أيام يذهب بعدها الى المستشفى لاعادة فحصه، ثم عليه الحيطة لمدة اسبوع كامل بعد ذلك ومتابعة درجة حرارته.
وقد شاهدنا شقيقة المذيع العائدة من رحلة عمل والتي تم عزلها في منزلها لارتفاع في درجة حرارتها وتحدث معها شقيقها المذيع خارج المنزل بعد ان وضع كل منهما «الماسك» الواقي، بعد انتهاء المدة التقى بها مرة اخرى في الطريق العام واخبرته بانها ستراقب درجة حرارتها لمدة اسبوع.
انتقل المذيع بالكاميرا الى مركز الابحاث الخاص بمثل هذه الحالات في مدينة ملبورن والتقى بالباحث العلمي دكتور Andrew Cufirtsm الذي يعمل مع مجموعة الباحثين للتوصل الى المصل الواقي لهذا الفيروس المركب وسأله متى يمكن التوصل الى هذا المصل الواقي.. فكان رد الباحث دون ما بسلمة ولا ما يبدأ به علماءنا من كلمات التدين والورع وبكل ثقة قال للمذيع نبذل قصارى جهدنا وفي اسرع وقت.
عاد المذيع وسأله هل يمكن ان ننتج مليون مصل واق مثلا.. فجاء الرد وبكل ثقة ايضا.. سيكون لدينا 20 مليون مصل واق وأكثر.
لم نشاهد اي تشنجات لا من الاعلاميين او السياسيين هنا في استراليا تتهم الخنازير بانها ستسبب كارثة للوطن استراليا ويجب اعدامها جميعها. ومزارع الخنازير هنا على مستوى!!
ولم نسمع من الجالية اليهودية في استراليا والتي لها وزنها اي تشنجات تطالب باعدام الخنازير لان لحمها محرم اكله حسب الشريعة اليهودية.
ولكن في مصر.. ولا اعرف شيئا عن بقية الدول العربية حيال هذه الكارثة.. ولكن مصر هي مرآة الشعوب العربية وان كانت المرآة قد اصيبت بشرخ سرطاني لا اظن ان العلماء في مصر او اي وطن عربي سيكون لديهم الوقت الكافي حول طرق اصلاح الشرخ الذي شوه صورة مصر والشعب المصري تماما.
اعود الى ولكن في مصر لأكمل حديثي واقول ان ما اظهره كل من رجال الاعلام والسياسة ما هو ال اانعكاس لما في نفس يعقوب لما يضمرونه تجاه من يتعايشون من تربية الخنازير وغالبيتهم من المسيحيين.
وأخشى ما اخشاه عاقبة هذه التصرفات الحمقاء والتي تدل على عدم الحكمة والاهتمام بالوطن مصر.. لانهم لا ينتمون اليه ولا تهمهم مصلحته، وانما هم ينتمون الى الأمة.. التي يحلمون بها كما حلم من قبلهم زعيم العرب ناصر بالوطن العربي والامة العربية. وها نحن نعيش نتائج حلمه الذي لم يتحقق.
يا ليت من يحلمون هذا الحلم يتطلعون الى ما تعمله دولة الامارات التي اصبحت الرائدة دون منازع في تحقيق كل ما فشل في تحقيقه الأولون والحاضرون من تناغم مع كافة المجتمعات الدولية العالمية وعلى جميع الاصعدة والمستويات.
واخيرا هناك حالات تحرش بين رجال الامن في منطقة المقطم مع اصحاب مزارع الخنازير المملوكة للمسيحيين الرافضين تسليم ما يمتلكون من خنازير الى رجال الامن لاعدامها.
يا ترى.. ما الذي يخبئه القدر لمصر!!
استرها يا رب.
الأربعاء، مايو 06، 2009
هكذا يفكرون الأن في مصر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق