محمود الزهيري
إذا قلت أن الرجل يسعي لتحقيق حلم المدينة الفاضلة علي أرض وطن أراد المفسدون والطغاة أن يكون جهنم علي الأرض , فهذا ليس من قبيل المبالغة أو الشكران , لأن الرجل لايسعي لأن يشكره أحد , ولا تعطل مسيرته مذمة أحد , فالمدح والذم عنده يكادان يتساويان , والذي عنده لايتساوي , هوالصحة والمرض , والعلم والجهل , وصفرة الصحراء , واخضرارها , فهذان نقيضان عنده , أحدهما مذمة , ويتحمل مكافحتها وكأنها مذمة شخصية , وثانيتهما محمدة , لايترقب ولا ينتظر في دنيا الناس من أحد ثوابها ونتائجها .
في الوقت الذي تدهورت فيه الزراعة المصرية , ووصلت لمنحدر خطر , وفي ذات الوقت الذي لوثت المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية , والهرمونات والهندسة الوراثية , حياة المصريين ودمرت صحتهم , في هذا الوقت كان إبراهيم أبو العيش العالم المصري الذي إختار بين بديلين , بين الوطن البديل أوروبا , وبين الوطن الأصل مصر, بين الراحة والرفاهية والدعة وسعة العيش , وبدائل الحرية والتقدير العلمي والحضاري , إلا أنه كان هو بذاته المتوثبة تجاه مصر الإنسان , وليس مصر السلطة والفخفخة وأساليب السلب والنهب والخراب العام , فقد كان طريقه للإعمار وتحويل رمال الصحراء , وصفرتها إلي جنة آنية , وصولاً لجنة مؤجلة يبتغيها ويعمل لها بمفهومه هو , وهو فقط .
لم يسعي الرجل لإعمار الصحراء وزراعتها وصولاً لأعلي إنتاجيات متاحة بإستخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية والهرمونات والهندسة الوراثية , ولكن كان موعده مع الإنسان وصحته , موعده مع العقل والروح والنفس وسلامة وحيوية الجسد, موعده مع الطاقة الحيوية , فكانت سيكم هي مشروعه الإنساني الرائد المتحدي بالطاقة الحيوية لطرائق الإفساد وأساليب الخراب.
لقد واجهت الرجل العديد من الصعاب , بداية من اختياره لأصعب المواقع الصحراوية الغير ممهدة , وصولاً لتحدي الروتين والبيروقراطية المصرية الشهيرة , وتحدي اللصوصية الصحراوية , واللصوصية الأمنية , التي أرادت أن تقتل الزرع وتهلك الضرع , وتدمر حلم الإنسان , ذلك الحلم النبي , الذي حلم به إبراهيم أبو العيش , فتحدي المفاهيم الدينية الموروثة والتي حاولت التشكيك في المشروع الطموح , وتحدي إرادة البدو , وإرادة الصحراء وتم توظيف جموح الموروث الديني وجموح مفاهيم البدو والصحراء ليتحولوا جميعاً إلي طموح لتكون جنة سيكم بمحرك حيوي يعمل بالطاقة الحيوية لسعادة الإنسان وصحته ورفاهيته .
من المتاح أن تتحول مصر بمساحتها الشاسعة إلي سيكم إبراهيم أبو العيش , ولكن ليس في مصر من إبراهيم أبو العيش إلا إبراهيم أبو العيش , وثلة من المخلصين للإنسان أياً كان هذا الإنسان من غير إعتبار لمعتقده أو جنسه أو لونه أو نوعه .
إبراهيم أبو العيش حول صفرة الصحراء إلي خضرة دائمة , وحول كذلك النفوس المظلمة إلي نفوس مضيئة مشرقة , فلا تمييز بين مسيحي ومسلم , ولا مصري و غير مصري , الجميع هناك في جنة سيكم المصرية يمثلوا إنموذج رائع وفريد لمجتمع الشغيلة .
إبراهيم أبو العيش , وكأنه في حالة من حالات التمثل الطوعي لإبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام , كما وضفه الدكتور محمد عبده إلا أن الفارق بينهما , أن إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام كان يأتيه المدد من السماء , وكانت المعجزة حليفته من رب الأرض وإله السماء , لأن أبو الأنبياء أسكن ذريته بواد غير ذي زرع بجوار بيت الله المحرم , وكان أن حول إبراهيم أبو العيش أرض الصحراء الصفراء إلي جنة , فاستصلحها ومهدها وشق لها الطرق والمواصلات وأستنبت المياه , واستحضر أهله من المصريين بمسلميهم ومسيحييهم عند البيت الدائري بجنة سيكم المصرية , فكان إبراهيم أبو العيش يستحق بجدارة وهو العالم أن يكون نبي من أنبياء الزراعة الحيوية التي هدفها الإنسان والطبيعة والكون , والسمو بالنفس والروح , والإعتلاء بمرتبة العقل داخل جنة سيكم المصرية .
واستكمل الرجل مسيرته و أنشأ أكاديمية سيكم , إستكمالاً لمشاريع جنات متعددة لسيكم المصرية علي الأراضي المصرية , ونحن علي موعد مع بداية عمل تلك المؤسسة العلمية لتنتج علماء مصريين إستكمالاً لمسيرة سيكم وخلق تعليم وتكنولوجيا حيوية تستكمل روح المشروع الإنساني العلمي والحضاري.
شكراً لإبراهيم أبو العيش صاحب إرادة التحدي من أجل الإنسان , وشكراً لمن ساهم في صناعة جنة سيكم المصرية , التي نتمني أن تكون جنات متعددة علي أرض مصر والعرب والعالم .
محمود الزهيري
Mahmoudelzohery@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق