راسم عبيدات
.....جرت مؤخراً عملية الانتخابات السنوية لمجالس طلبة جامعات الضفة الغربية،وهذه الانتخابات تشكل إلى حد كبير وتعكس حجوم القوى السياسية في الضفة الغربية،مع مراعاة أن حالة الانقسام السياسي،والاستهداف لهذه الكتلة أو تلك من السلطة أو الاحتلال أو الاثنتين معاً،بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار عند التقييم، فعلى سبيل المثال لا الحصر الكتلة الإسلامية المحسوبة على حماس قاطعت الانتخابات في أكثر من جامعة،وهي لم تخض هذه الانتخابات سوى في جامعة بير زيت .
وعند النقد والتقييم والتحليل للواقع الملموس والخلوص إلى النتائج والاستخلاصات، يجب أن نقيس مدى تأثير مجموعة من هذه العوامل على نتائج هذه الانتخابات،فعلى سبيل المثال لا الحصر،الانقسام السياسي والانفصال الجغرافي،فرغم أن فتح وحماس مسؤولتان بشكل أساسي ومباشر عن حالة الانقسام والانفصال تلك،وكذلك ما تشهده أوضاع فتح الداخلية من تكتلات وانقسامات غير معلنة، فلماذا لم تنفض عنها الجماهير هي أو حماس؟،ولماذا لم تنجح القوى اليسارية والديمقراطية في أن تشكل حالة من الاستقطاب للجماهير؟ وكذلك علينا أن نرى دور المال السياسي والسلطة في تلك النتائج،ولماذا تراجع اهتمام الحركة الطلابية وعزفت عن الاهتمام بالشكل الأساس بالقضايا الوطنية والسياسية لصالح قضايا طلابية ومهنية وأكاديمية؟.
كل هذه الأسئلة المثارة وغيرها،يجب أن نطرقها بموضوعية وحيادية دون إقحام أو إسقاط للذات أو الموقف الشخصي،لكي نضفي على المقالة حالة من المصداقية العالية .
فالحركة الطلابية هي الفئة الأكثر وعياً،وهي الأكثر حيوية وحضورا وفعلاً في المجتمع،وبالتالي خياراتها تكون واعية إلى حد كبير،بعكس فئات اجتماعية أخرى ارتباطاتها وانتماءاتها تكون جهوية وعشائرية ومصلحية ووظيفية،ومن هنا نقول بأن ما تحصده القوى من أصوات ومقاعد انتخابية في المجالس الطلابية،يشكل الحد الأعلى لما يمكن أن تحصده تلك القوى من أصوات ومقاعد،في حالة حدوث انتخابات عامة في الوطن.
علينا أن نقر هنا بأن الهموم الاقتصادية والمال السياسي والسلطة وما تفرزه من توظيفات وعلاقات وشراء ذمم،هي من العوامل الهامة لمثل تلك النتائج،فالطالب على سبيل المثال في السابق،كان القسط الجامعي معفى منه نتيجة لمنح تتلقاها الجامعات من الخارج،أما الآن فلم يعد الأمر كما كان وبالتالي الأقدر على الدفع عن هؤلاء الطلبة وتأمين احتياجاتهم من أقساط وسكن وكتب وغيرها،هو من يملك المال والقرار والسلطة،فهناك الكثير من الأموال توظف من قبل السلطة وأجهزتها من أجل شراء ذمم طلبة أو تفريغهم على هذا الجهاز أو ذاك أو العمل لهذه الجهة أو تلك،وكذلك الجهة المالكة للسلطة والمال،هي الأكثر تأثيراً ورسماً للعلاقات مع الإدارات والهيئات التدريسية للجامعات،وهي تؤثر علها بقدر معين لصالح هذه الجهة او تلك،ومن هنا رأينا كيف عملت حماس، على أن تكون بديل لفتح في كل منحي وشؤون الحياة وعلى كل المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً،وبنت شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية،كانت بمثابة الحاضنة والمفرخ لكل أنشطتها،وبذلك استطاعت أن تشكل منافس وبديل لفتح في السياسة والمجتمع.
أما قوى الحالة اليسارية الفلسطينية،ورغم كل أرثها وتراثها وتاريخيها النضالي والكفاحي،وما تقدمه من معانيات وتضحيات،فوجدنا أنها لم تستطع أن تحدث نقلة نوعية في أوضاعها،وأنها لم تنجح في قطف ثمار نضالاتها وتضحياتها،ولم تنجح في استثمار تضحياتها ونضالاتها وتحويلها الى مكتسبات لا سياسية ولا جماهيرية،وبقيت أحزاب في الإطار النخبوي والتضحوي والذي يعطي ولا يأخذ،وهل الخلل يعود هنا إلى أن هذه الأحزاب لم تغير وتبدل طرائق وأساليب العمل التي تتبعها،أو أنها تفتقد إلى الرؤى الجماهيرية والسياسية؟،أم أنها لم تستطع أن تنتج نظرية وهوية فكرية مستقلة؟،أم أن هيمنة الدين وعمق الروحانية في المجتمع،تجعل من الصعوبة تمدد وانتشار الفكر اليساري في المجتمع؟،أم أنها حاولت أن تقحم النظرية الاشتراكية كما هي على الواقع الفلسطيني قسراً ؟،أم أن حالة من الجمود والتكلس والوهن أصابت الكثير من قياداتها وجعلتها غير قادرة على مواكبة التطورات والتغيرات في المجتمع؟،أم أنها كانت تستثمر مالياً بطريقة اشتراكية في مجتمع استهلاكي تهيمن عليه أساليب إنتاج رأسمالية؟،أم أن ضعف الإنتاج النظري والفكري لم يجعلها تراكم وتبني وتخلق كادرات وقيادات مجتمعية وسياسية وحزبية وغيرها؟،أم أن شدة قمع الاحتلال ومطاردة لها لم يمكنها من التقاط أنفاسها وبالتالي بناء أوضاعها ؟،أم أن تبعثر قوى اليسار وعدم توحد تعبيراتها السياسية والتنظيمية،والنظرة الفئوية والنفعية الضيقة وعدم الوضوح في الموقف واستقلاليته والتذيل لهذا الطرف أو ذاك من العوامل الهامة في تراجعها وانفضاض الجماهير عنها؟،أم أن البحث عن العضوية "السوبر" أو على الفرازة،وكذلك عدم القدرة على توظيف واستيعاب الطاقات،كانت من العوامل الطاردة والانفضاض عن هذه الأحزاب؟.
علينا أن نقر بأن الاعتماد على النظرية وحده لا يكفي،وكذلك لا الإرث والتراث النضالي يشفع،بل ما يشفع هو مراجعة شاملة وجدية والوقوف على مكامن الخلل والقصور بشكل جدي وحقيقي،بعيداً عن لغة التشكي والتذمر والندب،واجترار نفس المقولات والشعارات حول الظروف المجافية،فمتى كانت الظروف غير مجافية،ففي ظل هذه الظروف غير المجافية صمد وانتصر حزب الله،وكذلك حققت الاشتراكية الكثير من الانتصارات في أمريكا اللاتينية،وأيضاً في ظل العولمة تعاظم دور المال في العمل السياسي،وأيضاً مع مجيء السلطة الفلسطينية ومع حدث في المجتمع الفلسطيني من ذبح للمشروع الوطني الفلسطيني وتعميم لسياسة الفساد والإفساد وشراء الذمم،كل ذلك ساهم إلى حد كبير في تراجع العمل الوطني والسياسي في المؤسسات التعليمية وغيرها،ولكن ما أصاب اليسار والقوى الديمقراطية هنا كان أعمق وأشمل،فالسلطة تحكمت بالمال والقرار وحتى الوظيفة العمومية،واليسار منقسم على نفسه،بل وحتى التنظيم الواحد على ذاته،ومن هنا وجدنا انه بدون أرضية صلبة تقف عليها هذه القوى،جذرها وأساسها الهوية الفكرية،وشق الطريق المستقل في السياسة والمجتمع،فحالة النزف سوف تستمر،ولعل ما حدث من إرهاصات على هذا الصعيد من تشكيل ائتلاف القوى النقابية العمالية اليسارية في الضفة،والموقف المشترك للجبهة الشعبية وحزب الشعب بعدم المشاركة في حكومة سلام فياض،وكموقف رافض لتعميق حالة الانقسام والانفصال فلسطينياً،تشكل بدايات جدية نحو إعادة الهيبة والاعتبار لقوى الحالة الديمقراطية ودورها في إعادة التوازن للسياسة والمجتمع فلسطينياً،وكل ذلك رهن أيضاً بابتداع كل أشكال وطرائق العمل التي تمكن هذه القوى من حل مشاكلها المادية،وبما يمكنها من تقديم خدمات ملموسة للجماهير في جوانب العمل المجتمعي بكافة تجلياته وأنواعه،والمهم هنا دوران العجلة على أسس راسخة وصلبة ،تجعل هذا التيار يفرض نفسه في عمق وجدان وذاكرة شعبنا الفلسطيني،بتقديم مقومات المعارضة الديمقراطية الحازمة الواضحة كل الوضوح السياسي والاجتماعي والكفاح الوطني الجسور والمقاومة التي تستجيب للواقع ومستجدياته .
.....جرت مؤخراً عملية الانتخابات السنوية لمجالس طلبة جامعات الضفة الغربية،وهذه الانتخابات تشكل إلى حد كبير وتعكس حجوم القوى السياسية في الضفة الغربية،مع مراعاة أن حالة الانقسام السياسي،والاستهداف لهذه الكتلة أو تلك من السلطة أو الاحتلال أو الاثنتين معاً،بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار عند التقييم، فعلى سبيل المثال لا الحصر الكتلة الإسلامية المحسوبة على حماس قاطعت الانتخابات في أكثر من جامعة،وهي لم تخض هذه الانتخابات سوى في جامعة بير زيت .
وعند النقد والتقييم والتحليل للواقع الملموس والخلوص إلى النتائج والاستخلاصات، يجب أن نقيس مدى تأثير مجموعة من هذه العوامل على نتائج هذه الانتخابات،فعلى سبيل المثال لا الحصر،الانقسام السياسي والانفصال الجغرافي،فرغم أن فتح وحماس مسؤولتان بشكل أساسي ومباشر عن حالة الانقسام والانفصال تلك،وكذلك ما تشهده أوضاع فتح الداخلية من تكتلات وانقسامات غير معلنة، فلماذا لم تنفض عنها الجماهير هي أو حماس؟،ولماذا لم تنجح القوى اليسارية والديمقراطية في أن تشكل حالة من الاستقطاب للجماهير؟ وكذلك علينا أن نرى دور المال السياسي والسلطة في تلك النتائج،ولماذا تراجع اهتمام الحركة الطلابية وعزفت عن الاهتمام بالشكل الأساس بالقضايا الوطنية والسياسية لصالح قضايا طلابية ومهنية وأكاديمية؟.
كل هذه الأسئلة المثارة وغيرها،يجب أن نطرقها بموضوعية وحيادية دون إقحام أو إسقاط للذات أو الموقف الشخصي،لكي نضفي على المقالة حالة من المصداقية العالية .
فالحركة الطلابية هي الفئة الأكثر وعياً،وهي الأكثر حيوية وحضورا وفعلاً في المجتمع،وبالتالي خياراتها تكون واعية إلى حد كبير،بعكس فئات اجتماعية أخرى ارتباطاتها وانتماءاتها تكون جهوية وعشائرية ومصلحية ووظيفية،ومن هنا نقول بأن ما تحصده القوى من أصوات ومقاعد انتخابية في المجالس الطلابية،يشكل الحد الأعلى لما يمكن أن تحصده تلك القوى من أصوات ومقاعد،في حالة حدوث انتخابات عامة في الوطن.
علينا أن نقر هنا بأن الهموم الاقتصادية والمال السياسي والسلطة وما تفرزه من توظيفات وعلاقات وشراء ذمم،هي من العوامل الهامة لمثل تلك النتائج،فالطالب على سبيل المثال في السابق،كان القسط الجامعي معفى منه نتيجة لمنح تتلقاها الجامعات من الخارج،أما الآن فلم يعد الأمر كما كان وبالتالي الأقدر على الدفع عن هؤلاء الطلبة وتأمين احتياجاتهم من أقساط وسكن وكتب وغيرها،هو من يملك المال والقرار والسلطة،فهناك الكثير من الأموال توظف من قبل السلطة وأجهزتها من أجل شراء ذمم طلبة أو تفريغهم على هذا الجهاز أو ذاك أو العمل لهذه الجهة أو تلك،وكذلك الجهة المالكة للسلطة والمال،هي الأكثر تأثيراً ورسماً للعلاقات مع الإدارات والهيئات التدريسية للجامعات،وهي تؤثر علها بقدر معين لصالح هذه الجهة او تلك،ومن هنا رأينا كيف عملت حماس، على أن تكون بديل لفتح في كل منحي وشؤون الحياة وعلى كل المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً،وبنت شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية،كانت بمثابة الحاضنة والمفرخ لكل أنشطتها،وبذلك استطاعت أن تشكل منافس وبديل لفتح في السياسة والمجتمع.
أما قوى الحالة اليسارية الفلسطينية،ورغم كل أرثها وتراثها وتاريخيها النضالي والكفاحي،وما تقدمه من معانيات وتضحيات،فوجدنا أنها لم تستطع أن تحدث نقلة نوعية في أوضاعها،وأنها لم تنجح في قطف ثمار نضالاتها وتضحياتها،ولم تنجح في استثمار تضحياتها ونضالاتها وتحويلها الى مكتسبات لا سياسية ولا جماهيرية،وبقيت أحزاب في الإطار النخبوي والتضحوي والذي يعطي ولا يأخذ،وهل الخلل يعود هنا إلى أن هذه الأحزاب لم تغير وتبدل طرائق وأساليب العمل التي تتبعها،أو أنها تفتقد إلى الرؤى الجماهيرية والسياسية؟،أم أنها لم تستطع أن تنتج نظرية وهوية فكرية مستقلة؟،أم أن هيمنة الدين وعمق الروحانية في المجتمع،تجعل من الصعوبة تمدد وانتشار الفكر اليساري في المجتمع؟،أم أنها حاولت أن تقحم النظرية الاشتراكية كما هي على الواقع الفلسطيني قسراً ؟،أم أن حالة من الجمود والتكلس والوهن أصابت الكثير من قياداتها وجعلتها غير قادرة على مواكبة التطورات والتغيرات في المجتمع؟،أم أنها كانت تستثمر مالياً بطريقة اشتراكية في مجتمع استهلاكي تهيمن عليه أساليب إنتاج رأسمالية؟،أم أن ضعف الإنتاج النظري والفكري لم يجعلها تراكم وتبني وتخلق كادرات وقيادات مجتمعية وسياسية وحزبية وغيرها؟،أم أن شدة قمع الاحتلال ومطاردة لها لم يمكنها من التقاط أنفاسها وبالتالي بناء أوضاعها ؟،أم أن تبعثر قوى اليسار وعدم توحد تعبيراتها السياسية والتنظيمية،والنظرة الفئوية والنفعية الضيقة وعدم الوضوح في الموقف واستقلاليته والتذيل لهذا الطرف أو ذاك من العوامل الهامة في تراجعها وانفضاض الجماهير عنها؟،أم أن البحث عن العضوية "السوبر" أو على الفرازة،وكذلك عدم القدرة على توظيف واستيعاب الطاقات،كانت من العوامل الطاردة والانفضاض عن هذه الأحزاب؟.
علينا أن نقر بأن الاعتماد على النظرية وحده لا يكفي،وكذلك لا الإرث والتراث النضالي يشفع،بل ما يشفع هو مراجعة شاملة وجدية والوقوف على مكامن الخلل والقصور بشكل جدي وحقيقي،بعيداً عن لغة التشكي والتذمر والندب،واجترار نفس المقولات والشعارات حول الظروف المجافية،فمتى كانت الظروف غير مجافية،ففي ظل هذه الظروف غير المجافية صمد وانتصر حزب الله،وكذلك حققت الاشتراكية الكثير من الانتصارات في أمريكا اللاتينية،وأيضاً في ظل العولمة تعاظم دور المال في العمل السياسي،وأيضاً مع مجيء السلطة الفلسطينية ومع حدث في المجتمع الفلسطيني من ذبح للمشروع الوطني الفلسطيني وتعميم لسياسة الفساد والإفساد وشراء الذمم،كل ذلك ساهم إلى حد كبير في تراجع العمل الوطني والسياسي في المؤسسات التعليمية وغيرها،ولكن ما أصاب اليسار والقوى الديمقراطية هنا كان أعمق وأشمل،فالسلطة تحكمت بالمال والقرار وحتى الوظيفة العمومية،واليسار منقسم على نفسه،بل وحتى التنظيم الواحد على ذاته،ومن هنا وجدنا انه بدون أرضية صلبة تقف عليها هذه القوى،جذرها وأساسها الهوية الفكرية،وشق الطريق المستقل في السياسة والمجتمع،فحالة النزف سوف تستمر،ولعل ما حدث من إرهاصات على هذا الصعيد من تشكيل ائتلاف القوى النقابية العمالية اليسارية في الضفة،والموقف المشترك للجبهة الشعبية وحزب الشعب بعدم المشاركة في حكومة سلام فياض،وكموقف رافض لتعميق حالة الانقسام والانفصال فلسطينياً،تشكل بدايات جدية نحو إعادة الهيبة والاعتبار لقوى الحالة الديمقراطية ودورها في إعادة التوازن للسياسة والمجتمع فلسطينياً،وكل ذلك رهن أيضاً بابتداع كل أشكال وطرائق العمل التي تمكن هذه القوى من حل مشاكلها المادية،وبما يمكنها من تقديم خدمات ملموسة للجماهير في جوانب العمل المجتمعي بكافة تجلياته وأنواعه،والمهم هنا دوران العجلة على أسس راسخة وصلبة ،تجعل هذا التيار يفرض نفسه في عمق وجدان وذاكرة شعبنا الفلسطيني،بتقديم مقومات المعارضة الديمقراطية الحازمة الواضحة كل الوضوح السياسي والاجتماعي والكفاح الوطني الجسور والمقاومة التي تستجيب للواقع ومستجدياته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق