محمد علي الحسيني
تراجع الدور العربي على مختلف الاصعدة بعد حرب حزيران يونيو 1967 سيما بعد ذلك التحالف المختلف الابعاد و الاوجه بين الکيان الصهيوني و الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريکية، لم يتمکن حتى ذلك النصر الکبير الذي حققته مصر عام 1973 في حرب رمضان ضد تل أبيب من أن تساهم في إيقاف ذلك التراجع و تغيير مساره نحو الافضل. وقد کان لتراجع الدور العربي"سيما على الصعيد الدولي"أثر کبير في ترجيح الموقف الدولي لصالح الدولة اللقيطة و منحها مساحة واسعة و إستثنائية للتحرك وفق ما يملي مصالحها الخاصة و تمکنت خلال تلك الفترة التي تمتد بشکل عام من عام 1967 و حتى اواخر الثمانينات، من إستغلال الرأي العام الغربي أبشع إستغلال و وظفت ذلك لصالح أجندتها السياسية.
هذا التراجع في الموقف العربي على الصعيد الدولي و الذي إستمر لما يقارب من ثلاثـة عقود حفلت خلالها العلاقات العربية ـ العربية بتموجات بالغة السلبية لم يکن هناك أي مستفيد أساسي منها کما کان الحال مع الکيان الغاصب للقدس العربية الشريفة، ومثلما کانت السلبية و الضبابية تطغي على العلاقات العربية ـ العربية، فإنه کان هنالك أيضا تفککا و تباعدا و تناحرا عربيا داخليا کان يتصاعد أحيانا ليصل الى حد الاقتتال الدموي المدمر الذي لم يکن يبق على أخضر أو يابس کما کان الحال في لبنان أبان فترة السبعينات التي أدمت قلب کل عربي غيور، کل هذا الوضع المؤسف کان يهيمن على المشهد العربي مما کان يدفع ذلك بالمواطن العربي للإحساس بحالة من الاحباط و اليأس القاتلين وهو أمر سعى الکيان الصهيوني لإستغلاله أيضا بصورة تخدم إستراتيجته البعيدة المدى في فرض وجوده غير الشرعي کأمر واقع على الامة العربية، غير أن هذه الصورة السلبية القاتمة للتراجع العربي، بدأت دول خليجية ناشطة و على رأسها الملکة العربية السعودية و دولة قطر في العمل الجاد على تغيير إتجاهاته و مضامينه بصورة أدهشت و أذهلت المراقبين و دوائر القرار السياسي في العالم، فقد قامت الدبلوماسيتين السعودية و القطرية بتحرکات سياسية مکثفة و مکوکية ساهمت في وقف نزيف الدم العربي في لبنان بشکل خاص سيما من خلال إتفاقي الطائفي و الدوحة اللذين کانا بمثابة الناقوس الذي أعلن نهاية حقبة الصراع العربي الداخلي و عملت کلتا الدبلوماسيتين أيضا و بطريقة ملفتة للنظر على المساهمة في رأب الصدع في العلاقات العربية ـ العربية و طي صفحة الخلافات العقيمة بصيغ جديدة على الواقع العربي و بعد کل هذا عملت هاتان الدبلوماسيتان على التوجه للساحة الدولية وهناك طفقتا تفرضان دورهما الکبير على صعيد إنهاء مرحلة الاستغلال البشعة للرأي العام الغربي و ساهمتا من أوجه متباينة(سياسية، ثقافية، إعلامية)في تغيير الصورة السلبية عن العرب و التي رسمها الإعلام الصهيونية في العقلية الغربية وهو دور رافقه صعود إقتصادي فذ للإستثمارات العربية في کلا البلدين و منح لدوريهما السياسي بعدا و اساسا أقوى و أکثر فعالية وبات للقرار السعودي و القطري تأثيره و إنعکاسه الکبير على صياغة القرار الدولي.
أننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، ونحن على مشارف الذکرى السنوية الاولى لإتفاق الدوحة الذي أبرم في 21/5/2008م، نثمن عاليا هذين الدورين اللذين تمکنا من أن يطويا والى الابد صفحة التناحر و الاقتال الداخلي اللبناني و يرسما في الآفاق صورة جديدة مشرقة لمستقبل آمن لکل شرائح و أطياف الشعب اللبناني و نتطلع إليهما ليصبحا قدوتين لکافة الدول العربية الاخرى وان يدفعا بقوة أکبر لکي تتحقق الاهداف العربية الکبرى واننا واثقون من أن فترة التراجع العربي قد إنتهت و ولت الى الابد وان المستقبل القريب حافل ببشائر الخير و البرکة للأمة العربية وقطعا أن الدور الفعال الذي تلعبه الان تحديدا کل من السعودية و قطر وفي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله و سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هي مبعث فخر و کرامة لکل عربي من المحيط الى الخليج.
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان
الأربعاء، مايو 13، 2009
السعودية و قطر و تفعيل الدور العربي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق