علي مسعاد
الدار البيضاء
"وهران " رحتي خسارة ..
هجروا منك ناس شطارة ...
افرحي – أسعدي
دنيا الغدارة ..."
على إيقاع هذه الأغنية ، تعود بي ذاكرتي ، إلى الماضي البعيد ..إلى زمن كنت أعتقد أن لا وجود إلا للحب والعطاء ، بدون مقابل ...كنت واهما لحظتها ..غض التجربة ..حالما أشياء لا وجود لها على الإطلاق ...تتوالى الوجوه والذكريات أمام عيني ...زهور، مونية ،نادية ، لكبيرة ، محفوظ ،كلهم هاجروا إلى أوروبا ...لكل واقعه الشخصي ، لكنهم في آخر المطاف ،هاجروا وتركوني وحيدا ..رحلوا بهدف تحقيق أحلام تموت بدواخلنا ، في مجتمع الكبت والقمع ..صديقي ميلود ، يتساءل ، ببراءة وإلحاح ، عن سر إهتمامي بهذه الأغنية بالذات ، دون غيرها من أغاني فن الراي ...أجبته ابتسامة يتيمة قد تحمل عدة معاني ..لا يدركها عقله البسيط .. هو يعرف أن الأغنية توقض بداخلي أحاسيس ومشاعر دفينة ،بذات نفسي ...ميلود ركز كل إهتمامه في معرفة سر عشقي وطلبي للاستماع إليها ...في كل أمسية غنائية بالبار ..ميلود ...ثق بي ، أن كلمات الأغنية توقظ بداخلي جرحا عميقا ..تحيي بذات نفسي مشاعر دفينة ...الذي كنته في الماضي ..الشخص الذي أمامك شبح خلف ورائه ذكريات مؤلمة ..قلت في نفسي ..هذه الأغنية تعيدني إلى زمن العلاقات المثالية ..إلى الحب والعطاء والبدل بدون مقابل مادي ...هاجروا كلهم لأنهم في مجتمع يقمع فيهم التطلع والطموح ..وحدي بقيت ...أجري وراء وهم كبير ...إثبات الذات بالقوة .في غياب الإمكانيات المادية ..لكنني فشلت ...عديدة هي العراقيل ..الذاتية والموضوعية منها ...تختلف من فضاء لآخر ...لكنها في آخر المطاف ...تقزم فيك التطلع إلى الرقي الاجتماعي ، بجانبي ..نجاة ..عبد العزيز ..آمال ..نادية ..الشابة نجوى ..تغني " وهران " ...صوتها يهزني من الأعماق ...رغم أن محمد قال لي : " إنها فنانة فاشلة ..وأن لا موهبة لها في الغناء ...وأن لها بذلة وحيدة تكاد لا تغيرها إلا لحين " ...حكى لي عن ظروفها الأسرية ..عن والدتها ..عن واقعها ..بين الدخان والجعة ...لكن كل هذه المعطيات لاتهمني بقدر ما تزيدني تشبتا بهذا الصوت النسوي – والجهوري ..أعرف جيدا أن البارات تضم إلى جدرانها العديد من الفنانين أنصاف المواهب والفاشلين ، لكن ، ماهمني ، أن غنت " وهران " بالشكل الذي يريحني ..يعديني إلى الوراء ...هو بدوره فشل في أن يكون فنانا ، رحلته إلى أمريكا ..الكل يعرف ظروفها ..لكن ...في النهاية ..بدوره يبحث عن لقمة عيش في زمن أصبحت فيه الحياة صعبة للغاية .
عبد العزيز ...تربطني به علاقة فنية ...كانت السبب في التعرف إلى حسناء ..ميلود ..غزلان ..خديجة ...نجاة ..أمال ..نادية ...لكل حكايته ...تختلف بإختلاف الظروف العائلية ، لكنها تلتقي في أن لكل واحد منا ..يبحث عن السعادة ..الإحساس بعنفوان الحياة ..نجاة ..جرح في الذاكرة ..الكل يعرف ..ظروفها العائلية القاسية ...أخواتها اللواتي تعاطين للدعارة بلا خجل ..
تكتب الشعر وتبحث عن فنان يقدر موهبتها المتواضعة ..وعن إنسان يحس بها ..كإنسانة لها مشاعر وأحاسيس إنسانية ..وأفكار تريد تحقيقها على أرض الواقع ..لكن الكل لا يرى فيها إلا الجسد ..فرحت حين رأتني بالبار جالسا قرب عبد العزيز ..قالت لي بعفوية وتلقائية .."أنا جد مطمئنة على نفسي ، حين وجدتك هنا ، بالقرب مني ، بعد فراق دام سنوات " ..الإحساس بالملل وبالرغبة في الإنعتاق من الروتين ...وليس بحثا عن السعادة ..هي تبتسم لانتصارها للحظة من الزمن ..تقرأ لي آخر قصيدة شعرية أوحت بها اللحظة ..القصيدة تافهة وركيكة في صورها الشعرية وبلا عمق فكري ..أخفت عنها الحقيقة ..وقلت لها :" إستمري ..في مشوارك " ...ودعوتها إلى الرقص ..كنا نرقص على إيقاع موسيقى الراي ..ابتسامة عريضة كالعادة ...جسد تفجرت تضاريسه ..أعرف تضاريسه ..أعرف جيدا ...أنها شقية في حياتها العاطفية ..وتحاول أن تظهر لي الجانب المشرق منها ...هيهات فالنظرات تفضح السرائر ..كانت تصحبها أختها آمال ...فتاة لم تبلغ بعد العشرين ..ترقص بجنون واحترافية ...على الإيقاع الخليجي ، الشعبي ، الشرقي ...الأمازيغي والراي ..جسدها يفضح أنوثتها ..كل الزبائن المتواجدين بالبار ..التفوا حولنا ..لمشاهدة هذه الراقصة الصغيرة ..في كل أمسية غنائية ...كنت أدعوها إلى الرقص ..جسدها ينطق بأشياء كثيرة ...قد تستحيي من قولها جهرا ...هي رمز لجيل بأكمله ..إرتمي في حضن الرقص الجنوني ...المخدرات ...الجنس ...ترغب بشكل غريب في التعبير عن رغبتها في الإنعتاق من أسر التقاليد والأعراف المكبلة لأحاسيسه ومشاعره ...رافضا كل المعايير المؤسسة لبنية مجتمع متخلف في تحقيق التواصل بين أجياله ..للبوح بمكنوناتهم الداخلية وحاجتهم إلى التحرر والإنعتاق ...البار بين جدرانه فتيات في عمر الزهور ...يبحثن عن زبون قادر على العطاء ...يبعن شرفهن برخص التراب ..هي شبكة من العلاقات الماجنة ...تستبيح شرف فتياتنا ..ليبعه لحظة عابرة ..للذي يدفع أكثر ..تتوالى الوجوه الفنية على المنصة ..دون أن تترك في نفسي بصمة ...أو تأثيرا نفسيا ...أدخن سيجارة من النوع الرفيع ..لترسم دخانا متناثرا في الهواء ..تماما كهذه الحياة التي تشدنا إليها كالوهم ..كالسحر ..وهي لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
* أوراق من حياتي
ّ لا أريد أن أموت "
"وهران " رحتي خسارة ..
هجروا منك ناس شطارة ...
افرحي – أسعدي
دنيا الغدارة ..."
على إيقاع هذه الأغنية ، تعود بي ذاكرتي ، إلى الماضي البعيد ..إلى زمن كنت أعتقد أن لا وجود إلا للحب والعطاء ، بدون مقابل ...كنت واهما لحظتها ..غض التجربة ..حالما أشياء لا وجود لها على الإطلاق ...تتوالى الوجوه والذكريات أمام عيني ...زهور، مونية ،نادية ، لكبيرة ، محفوظ ،كلهم هاجروا إلى أوروبا ...لكل واقعه الشخصي ، لكنهم في آخر المطاف ،هاجروا وتركوني وحيدا ..رحلوا بهدف تحقيق أحلام تموت بدواخلنا ، في مجتمع الكبت والقمع ..صديقي ميلود ، يتساءل ، ببراءة وإلحاح ، عن سر إهتمامي بهذه الأغنية بالذات ، دون غيرها من أغاني فن الراي ...أجبته ابتسامة يتيمة قد تحمل عدة معاني ..لا يدركها عقله البسيط .. هو يعرف أن الأغنية توقض بداخلي أحاسيس ومشاعر دفينة ،بذات نفسي ...ميلود ركز كل إهتمامه في معرفة سر عشقي وطلبي للاستماع إليها ...في كل أمسية غنائية بالبار ..ميلود ...ثق بي ، أن كلمات الأغنية توقظ بداخلي جرحا عميقا ..تحيي بذات نفسي مشاعر دفينة ...الذي كنته في الماضي ..الشخص الذي أمامك شبح خلف ورائه ذكريات مؤلمة ..قلت في نفسي ..هذه الأغنية تعيدني إلى زمن العلاقات المثالية ..إلى الحب والعطاء والبدل بدون مقابل مادي ...هاجروا كلهم لأنهم في مجتمع يقمع فيهم التطلع والطموح ..وحدي بقيت ...أجري وراء وهم كبير ...إثبات الذات بالقوة .في غياب الإمكانيات المادية ..لكنني فشلت ...عديدة هي العراقيل ..الذاتية والموضوعية منها ...تختلف من فضاء لآخر ...لكنها في آخر المطاف ...تقزم فيك التطلع إلى الرقي الاجتماعي ، بجانبي ..نجاة ..عبد العزيز ..آمال ..نادية ..الشابة نجوى ..تغني " وهران " ...صوتها يهزني من الأعماق ...رغم أن محمد قال لي : " إنها فنانة فاشلة ..وأن لا موهبة لها في الغناء ...وأن لها بذلة وحيدة تكاد لا تغيرها إلا لحين " ...حكى لي عن ظروفها الأسرية ..عن والدتها ..عن واقعها ..بين الدخان والجعة ...لكن كل هذه المعطيات لاتهمني بقدر ما تزيدني تشبتا بهذا الصوت النسوي – والجهوري ..أعرف جيدا أن البارات تضم إلى جدرانها العديد من الفنانين أنصاف المواهب والفاشلين ، لكن ، ماهمني ، أن غنت " وهران " بالشكل الذي يريحني ..يعديني إلى الوراء ...هو بدوره فشل في أن يكون فنانا ، رحلته إلى أمريكا ..الكل يعرف ظروفها ..لكن ...في النهاية ..بدوره يبحث عن لقمة عيش في زمن أصبحت فيه الحياة صعبة للغاية .
عبد العزيز ...تربطني به علاقة فنية ...كانت السبب في التعرف إلى حسناء ..ميلود ..غزلان ..خديجة ...نجاة ..أمال ..نادية ...لكل حكايته ...تختلف بإختلاف الظروف العائلية ، لكنها تلتقي في أن لكل واحد منا ..يبحث عن السعادة ..الإحساس بعنفوان الحياة ..نجاة ..جرح في الذاكرة ..الكل يعرف ..ظروفها العائلية القاسية ...أخواتها اللواتي تعاطين للدعارة بلا خجل ..
تكتب الشعر وتبحث عن فنان يقدر موهبتها المتواضعة ..وعن إنسان يحس بها ..كإنسانة لها مشاعر وأحاسيس إنسانية ..وأفكار تريد تحقيقها على أرض الواقع ..لكن الكل لا يرى فيها إلا الجسد ..فرحت حين رأتني بالبار جالسا قرب عبد العزيز ..قالت لي بعفوية وتلقائية .."أنا جد مطمئنة على نفسي ، حين وجدتك هنا ، بالقرب مني ، بعد فراق دام سنوات " ..الإحساس بالملل وبالرغبة في الإنعتاق من الروتين ...وليس بحثا عن السعادة ..هي تبتسم لانتصارها للحظة من الزمن ..تقرأ لي آخر قصيدة شعرية أوحت بها اللحظة ..القصيدة تافهة وركيكة في صورها الشعرية وبلا عمق فكري ..أخفت عنها الحقيقة ..وقلت لها :" إستمري ..في مشوارك " ...ودعوتها إلى الرقص ..كنا نرقص على إيقاع موسيقى الراي ..ابتسامة عريضة كالعادة ...جسد تفجرت تضاريسه ..أعرف تضاريسه ..أعرف جيدا ...أنها شقية في حياتها العاطفية ..وتحاول أن تظهر لي الجانب المشرق منها ...هيهات فالنظرات تفضح السرائر ..كانت تصحبها أختها آمال ...فتاة لم تبلغ بعد العشرين ..ترقص بجنون واحترافية ...على الإيقاع الخليجي ، الشعبي ، الشرقي ...الأمازيغي والراي ..جسدها يفضح أنوثتها ..كل الزبائن المتواجدين بالبار ..التفوا حولنا ..لمشاهدة هذه الراقصة الصغيرة ..في كل أمسية غنائية ...كنت أدعوها إلى الرقص ..جسدها ينطق بأشياء كثيرة ...قد تستحيي من قولها جهرا ...هي رمز لجيل بأكمله ..إرتمي في حضن الرقص الجنوني ...المخدرات ...الجنس ...ترغب بشكل غريب في التعبير عن رغبتها في الإنعتاق من أسر التقاليد والأعراف المكبلة لأحاسيسه ومشاعره ...رافضا كل المعايير المؤسسة لبنية مجتمع متخلف في تحقيق التواصل بين أجياله ..للبوح بمكنوناتهم الداخلية وحاجتهم إلى التحرر والإنعتاق ...البار بين جدرانه فتيات في عمر الزهور ...يبحثن عن زبون قادر على العطاء ...يبعن شرفهن برخص التراب ..هي شبكة من العلاقات الماجنة ...تستبيح شرف فتياتنا ..ليبعه لحظة عابرة ..للذي يدفع أكثر ..تتوالى الوجوه الفنية على المنصة ..دون أن تترك في نفسي بصمة ...أو تأثيرا نفسيا ...أدخن سيجارة من النوع الرفيع ..لترسم دخانا متناثرا في الهواء ..تماما كهذه الحياة التي تشدنا إليها كالوهم ..كالسحر ..وهي لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
* أوراق من حياتي
ّ لا أريد أن أموت "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق