مهى عون
غداة إنسحاب الجيش السوري من لبنان ، دعى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اللبنانين المحتشدين في ساحة رياض الصلح إلى وقفة عرفان جميل تجاه كل ما قامت به سوريا في لبنان، وإلى الترداد من بعده: "شكراً لسوريا".
قد لا يكون هذا الموقف مستغرباً من قبل نصرالله، نظراً لعمق تحالفه مع النظام السوري، ولمدى إلتزامه معه باسترتيجية مشتركة. لكن المستغرب والمستهجن، هو صدور موقف يحاكيه من قبل الجنرال عون، وهذه المرة في سياق مؤتمر صحافي عقده في برلين، غداة محادثات أجراها مع وزير خارجية ألمانيا ،فرانك فالتر شتاينماير،تزامنت مع حملته الانتخابية في المتن الشمالي.
والأمر الذي يثير التعجب ويطرح أكثر من علامة استفهام هو نشر تفاصيل مجريات هذا المؤتمر بتاريخ 26/7/2007 ومن قبل وكالة "سانا" بالذات، وهي الناطقة باسم الحكومة السورية، وعبر صفحة "شام برس" الالكترونية أيضاً. وهو أمر لا بد من التوقف حياله للتمعن في الاسباب والدوافع التي حملت دوائر القرار في سوريا للذهاب بعيداً في "فضح" مواقف لعون عشية حملته الانتخابية، بدل أن تسانده من منطلق الصداقة عن طريق حجب هكذا معلومات قد تكون شديدة الاحراج له قبيل خوضه بما سمي معركة "كسر العضم"، فلا تعطي أوراق إضافية لخصومه ،خاصة وأن شعار معركتهم الانتخابية في المتن كانت قائمة بالأساس على اتهام عون بالتعامل والتنسيق مع النظام السوري على حساب لبنان، وسيادته واسقلاله.
وللتذكير نورد فيما يلي أبرز ما ورد في وكالة سانا حول محتويات هذا المؤتمر الصحفي:
يؤكد عون على" أهمية العلاقة السورية اللبنانية منتقداً الذين يحاولون تشويهها ويقول:
"أخواننا السورييون ساعدونا في الماضي وسيساعدونا في المستقبل ... إننا تفاهمنا وسنتفاهم معهم في المستقبل أيضاً سياسياً وأقتصادياً واجتماعياً".
ويعتبر أن المشكلة حالياً بين البلدين هي مشكلة إعلامية بحتة، وليست مشكلة سياسية.
فالبعض يريد توجيه الإتهامات إلى سوريا لتشويه صورتها وقد فرضت هذه المشكلة الإعلامية على العالم لتنفيذ مآرب لدى نفوس البعض داخلياً وخارجياً.
إن الاغتيالات التي جرت في لبنان هي من صنع أياد ومجرمين لم يعرفوا بعد لأن هناك من لا يريد أن تعرف، والمهم لدى هذا البعض هو جر الأزمة ألى أروقة الأمم المتحدة لتشويه سمعة سوريا".
وسابقاً لهذه التصاريح كان يبرر عون دفاعه عن سوريا فيما خص الأحداث ولا سيما جرائم الاغتيالات، بشعار مبهم وغير واضح المعالم مفاده "أن سوريا أصبحت في سوريا وبالتالي لم يعد هناك من مبرر لمعاداتها بعد الآن".
وكون هذه التصاريح تغيب حقيقة أن"الشمس طالعة والناس قاشعة"، لا بد من وضعها في خانة الخطاب الموجه للمحيط المباشر والأقارب والأصهرة والأحباب، ناهيك عن ما تبقى من مناصرين، كونهم يأخذون عادة كل ما يقوله الجنرال "دكما"، أي هكذا على عماها، فلا يكلفوا أنفسهم جهد البحث، أوالتحقق، للتأكد إذا كانت "فعلا" خرجت سوريا من لبنان، أو فقط "شكلاً". ولكن قوله بأن سوريا أصبحت في سوريا، شيء، ودفاعه المستميت عن صورة سوريا بالمحافل الدولية، والتلميح حول إمكانية براءتها من كل الجرائم التي ارتكبت في لبنان، وذلك قبل أن يقدم المحقق برامرتس قراره الظني النهائي، وتلميحه حول ترفعها عن أي مطامع في لبنان، لهو أمر آخر. وقد يكون من باب الصدف، أو ومن سؤ حظ عون ربما، صدور موقف سوري في هذه المرحلة بالذات، تطالب بموجبه سوريا "بثمن ما"،و في لبنان بالذات، مقابل "التعاون" الذي تنتظره منها دائما وأبداً الولايات المتحدة.
يبقى أن الأخطر على سمعة عون يكمن في تداعيات هكذا تصاريح، بسبب نفور المواطن اللبناني بشكل عام من هذه المواقف، مما قد ينعكس سلباً على مستقبله السياسي بشكل عام. لذا رأيناه وتداركاً لهكذا تداعيات ، يسارع لنفي ما ورد في وكالة "سانا" السورية "جملة وتفصيلاً" عبر الوكالات والصحف المحلية، وعبر محطة "ال وتي في" التي تخصه.
وليس دفاعاً عن وكالة "سانا" السورية ولكن أغلب الظن أن يكون عون هو الذي يراوغ ، مخافة الانعكاس السلبي لهذه المواقف على حملته الانتخابية. في كل الاحوال مبادراة النفي لم تكن مستهجنة من قبل عون، كونها تندرج ضمن نهجه في التعاطي الاعلامي، نسبة لتصاريحه الإرتجالية والمتسرعة. فهو يأتي بموقف أو تصريح اليوم، لا يلبث أن يدرك تداعياته السلبية، فيهرول أو يهرول من حوله لنفيه بالسرعة القصوى.وهي ممارسة سياسية بدائية إلى حد ما،ولا يمكن أن تبررها مقولة "العودة عن الخطأ فضيلة".
لأنه مبدأ إن جاز تطبيقه على الانسان العادي، لا يمكن أن يبيض أخطاء القادة وساسة الشعب، كون غلطتهم بألف غلطة، وهفواتهم وتجاوزاتهم لا تقتصر تداعياتها على شخصهم فقط، بل تنعكس وترخي بظلها على كل الناس. ومما يؤكد فرضية "ارتكاب" عون للتلفيق ،انتفاء أي مصلحة لوكالة "سانا" بالمقابل. فلماذا تختلق "سانا " أخباراً كاذبة وما مصلحتها من ورائها؟ خاصة إذا كانت هذه الأخبار قد تزعج عون ، أو تربكه في خضم معركته الانتخابية، وهو الصديق والمدافع أبداً عن المواقف السورية؟ من هذا المنطلق يمكن تأكيد احتمال ما ورد في الوكالة السورية الرسمية للاخبار،فيما خص محتوى مؤتمر عون الصحافي في ألمانيا.
إن المطلوب اليوم من الجنرال عون ومن أجل تقويم مصداقيته على المستوى الشعبي ، جدية أكثر وتروي في التصاريح. فإما أن يقول الكلام ويلتزم به، مهما كان غريباً وخارجاً عن المألوف، أو لا يقوله فلا يضطر لنفيه.
وإلى أن يمون عون على الوكالة السورية للاخبار، فتعترف "بذنبها" في اختلاق وتلفيق الاخبار، وإلى أن تقر بذلك علناً،وتعتذر من الجنرال، سوف تظل تصاريحه في ألمانيا ملاصقة لصورته ، ومسجلة في ذاكرة الناس . إن الشعب اللبناني الذي عانى الأمرين من فترة الوصاية السورية، ليس مستعداً للنسيان السريع الذي يروج له عون، ومن دون أن تبادر سوريا أولاً للاعتذار المطلوب والضروري للشعب اللبناني، حتى تتحلحل الضغائن والأحقاد الميتة تدريجاً، فاسحة المجال أمام نشوء علاقات طبيعية وسوية، من جديد، بين بلدين جارين وشقيقين .
غداة إنسحاب الجيش السوري من لبنان ، دعى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اللبنانين المحتشدين في ساحة رياض الصلح إلى وقفة عرفان جميل تجاه كل ما قامت به سوريا في لبنان، وإلى الترداد من بعده: "شكراً لسوريا".
قد لا يكون هذا الموقف مستغرباً من قبل نصرالله، نظراً لعمق تحالفه مع النظام السوري، ولمدى إلتزامه معه باسترتيجية مشتركة. لكن المستغرب والمستهجن، هو صدور موقف يحاكيه من قبل الجنرال عون، وهذه المرة في سياق مؤتمر صحافي عقده في برلين، غداة محادثات أجراها مع وزير خارجية ألمانيا ،فرانك فالتر شتاينماير،تزامنت مع حملته الانتخابية في المتن الشمالي.
والأمر الذي يثير التعجب ويطرح أكثر من علامة استفهام هو نشر تفاصيل مجريات هذا المؤتمر بتاريخ 26/7/2007 ومن قبل وكالة "سانا" بالذات، وهي الناطقة باسم الحكومة السورية، وعبر صفحة "شام برس" الالكترونية أيضاً. وهو أمر لا بد من التوقف حياله للتمعن في الاسباب والدوافع التي حملت دوائر القرار في سوريا للذهاب بعيداً في "فضح" مواقف لعون عشية حملته الانتخابية، بدل أن تسانده من منطلق الصداقة عن طريق حجب هكذا معلومات قد تكون شديدة الاحراج له قبيل خوضه بما سمي معركة "كسر العضم"، فلا تعطي أوراق إضافية لخصومه ،خاصة وأن شعار معركتهم الانتخابية في المتن كانت قائمة بالأساس على اتهام عون بالتعامل والتنسيق مع النظام السوري على حساب لبنان، وسيادته واسقلاله.
وللتذكير نورد فيما يلي أبرز ما ورد في وكالة سانا حول محتويات هذا المؤتمر الصحفي:
يؤكد عون على" أهمية العلاقة السورية اللبنانية منتقداً الذين يحاولون تشويهها ويقول:
"أخواننا السورييون ساعدونا في الماضي وسيساعدونا في المستقبل ... إننا تفاهمنا وسنتفاهم معهم في المستقبل أيضاً سياسياً وأقتصادياً واجتماعياً".
ويعتبر أن المشكلة حالياً بين البلدين هي مشكلة إعلامية بحتة، وليست مشكلة سياسية.
فالبعض يريد توجيه الإتهامات إلى سوريا لتشويه صورتها وقد فرضت هذه المشكلة الإعلامية على العالم لتنفيذ مآرب لدى نفوس البعض داخلياً وخارجياً.
إن الاغتيالات التي جرت في لبنان هي من صنع أياد ومجرمين لم يعرفوا بعد لأن هناك من لا يريد أن تعرف، والمهم لدى هذا البعض هو جر الأزمة ألى أروقة الأمم المتحدة لتشويه سمعة سوريا".
وسابقاً لهذه التصاريح كان يبرر عون دفاعه عن سوريا فيما خص الأحداث ولا سيما جرائم الاغتيالات، بشعار مبهم وغير واضح المعالم مفاده "أن سوريا أصبحت في سوريا وبالتالي لم يعد هناك من مبرر لمعاداتها بعد الآن".
وكون هذه التصاريح تغيب حقيقة أن"الشمس طالعة والناس قاشعة"، لا بد من وضعها في خانة الخطاب الموجه للمحيط المباشر والأقارب والأصهرة والأحباب، ناهيك عن ما تبقى من مناصرين، كونهم يأخذون عادة كل ما يقوله الجنرال "دكما"، أي هكذا على عماها، فلا يكلفوا أنفسهم جهد البحث، أوالتحقق، للتأكد إذا كانت "فعلا" خرجت سوريا من لبنان، أو فقط "شكلاً". ولكن قوله بأن سوريا أصبحت في سوريا، شيء، ودفاعه المستميت عن صورة سوريا بالمحافل الدولية، والتلميح حول إمكانية براءتها من كل الجرائم التي ارتكبت في لبنان، وذلك قبل أن يقدم المحقق برامرتس قراره الظني النهائي، وتلميحه حول ترفعها عن أي مطامع في لبنان، لهو أمر آخر. وقد يكون من باب الصدف، أو ومن سؤ حظ عون ربما، صدور موقف سوري في هذه المرحلة بالذات، تطالب بموجبه سوريا "بثمن ما"،و في لبنان بالذات، مقابل "التعاون" الذي تنتظره منها دائما وأبداً الولايات المتحدة.
يبقى أن الأخطر على سمعة عون يكمن في تداعيات هكذا تصاريح، بسبب نفور المواطن اللبناني بشكل عام من هذه المواقف، مما قد ينعكس سلباً على مستقبله السياسي بشكل عام. لذا رأيناه وتداركاً لهكذا تداعيات ، يسارع لنفي ما ورد في وكالة "سانا" السورية "جملة وتفصيلاً" عبر الوكالات والصحف المحلية، وعبر محطة "ال وتي في" التي تخصه.
وليس دفاعاً عن وكالة "سانا" السورية ولكن أغلب الظن أن يكون عون هو الذي يراوغ ، مخافة الانعكاس السلبي لهذه المواقف على حملته الانتخابية. في كل الاحوال مبادراة النفي لم تكن مستهجنة من قبل عون، كونها تندرج ضمن نهجه في التعاطي الاعلامي، نسبة لتصاريحه الإرتجالية والمتسرعة. فهو يأتي بموقف أو تصريح اليوم، لا يلبث أن يدرك تداعياته السلبية، فيهرول أو يهرول من حوله لنفيه بالسرعة القصوى.وهي ممارسة سياسية بدائية إلى حد ما،ولا يمكن أن تبررها مقولة "العودة عن الخطأ فضيلة".
لأنه مبدأ إن جاز تطبيقه على الانسان العادي، لا يمكن أن يبيض أخطاء القادة وساسة الشعب، كون غلطتهم بألف غلطة، وهفواتهم وتجاوزاتهم لا تقتصر تداعياتها على شخصهم فقط، بل تنعكس وترخي بظلها على كل الناس. ومما يؤكد فرضية "ارتكاب" عون للتلفيق ،انتفاء أي مصلحة لوكالة "سانا" بالمقابل. فلماذا تختلق "سانا " أخباراً كاذبة وما مصلحتها من ورائها؟ خاصة إذا كانت هذه الأخبار قد تزعج عون ، أو تربكه في خضم معركته الانتخابية، وهو الصديق والمدافع أبداً عن المواقف السورية؟ من هذا المنطلق يمكن تأكيد احتمال ما ورد في الوكالة السورية الرسمية للاخبار،فيما خص محتوى مؤتمر عون الصحافي في ألمانيا.
إن المطلوب اليوم من الجنرال عون ومن أجل تقويم مصداقيته على المستوى الشعبي ، جدية أكثر وتروي في التصاريح. فإما أن يقول الكلام ويلتزم به، مهما كان غريباً وخارجاً عن المألوف، أو لا يقوله فلا يضطر لنفيه.
وإلى أن يمون عون على الوكالة السورية للاخبار، فتعترف "بذنبها" في اختلاق وتلفيق الاخبار، وإلى أن تقر بذلك علناً،وتعتذر من الجنرال، سوف تظل تصاريحه في ألمانيا ملاصقة لصورته ، ومسجلة في ذاكرة الناس . إن الشعب اللبناني الذي عانى الأمرين من فترة الوصاية السورية، ليس مستعداً للنسيان السريع الذي يروج له عون، ومن دون أن تبادر سوريا أولاً للاعتذار المطلوب والضروري للشعب اللبناني، حتى تتحلحل الضغائن والأحقاد الميتة تدريجاً، فاسحة المجال أمام نشوء علاقات طبيعية وسوية، من جديد، بين بلدين جارين وشقيقين .
(*) كاتبة وباحثة سياسية لبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق