راسم عبيدات
المأثور الشعبي الذي يصف حال أهل المدينة المقدسة، والسياسات والممارسات الإسرائيلية المتبعة بحقهم هي " تفظى القرد لمعط الجلد "، وخصوصاً اليوم وبعد ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية من وضع داخلي غاية في الخطورة والتعقيد والتأزيم، وبعد أن أصبحت أولوياتنا ليس إنهاء الاحتلال، بل البحث عن أسوء الطرق واشدها قذارة لمحاربة ومهاجمة بعضنا البعض متجاوزين كل الخطوط الحمراء، فمن عبارات التخوين والتكفير إلى عبارات القدح والذم في كل شيء وطنياً ، مالياً وأخلاقياً، هذه الحالة الفلسطينية وما وصلت إلية، استغلها الاحتلال في تشديد إجراءاته وممارساته القمعية والإذلالية بحق أهل المدينة المقدسة، ولم تعد المدينة تبدو كمدينة أشباح في الليل، بل وحتى في وضح النهار، حيث أصبح المقدسيين مطاردين لشرطة الاحتلال في كل زقة وشارع مقدسي، والتي تقوم بتحرير المخالفات لكل السيارات المتوقفة في شوارع القدس، وحتى لو كان الأمر للحظات أو لقضاء حاجة بسيطة، وأي صاحب سيارة يريد ان يوقف سيارته على رصيف إحدى الشوارع، عليه شراء بطاقة وقوف وإلا فالمخالفة بانتظاره، وهذه الخطوة الاستقزازية واللاشرعية تبررها بلدية القدس بالمساوة بين شطري المدينة، ويا عيني على هيك مساوة، فبلدية القدس قبل كل شيء، تعرف تماما أنه في الشطر الغربي من المدينة، هناك بنيه تحتية كاملة، تخدم هذه العملية حيث المواقف والأرصفة والشوارع الواسعة والحدائق والمتنزهات وكذلك المواصلات العامة التي، تصل إلى قلب المدينة مما يمكن السكان من قضاء حاجاتهم، أما في الشطر الشرقي من المدينة فهذه الخدمة غير متوفرة، ناهيك عن أن الوضع الاقتصادي مختلف تماماً، ويوجد فرق شاسع بين شطري المدينة اقتصادياً وخدمانياً، والمساواة التي تتحدث عنها البلدية، ليتها تطبقها في الجوانب الخدماتية، وليس فقط في تشليح السكان العرب وتقشيطهم ضرائبياً، ودون أية خدمات تذكر، فسكان القدس الشرقية يدفعون ما نسبته 25% على الأقل من الضرائب المجباة من سكان القدس بشطريها، ويصرف منها فقط على خدمات القدس الشرقية ما لا يزيد عن 5%، والأمور ليست وقفاً على هذا الجوانب، بل أن بلدية وشرطة الاحتلال يصعدون من وتائر قمعهم للسكان بشكل هستيري، حيث تشتد حملة هدم وتغريم المباني الفلسطينية بدعوى عدم الترخيص، وهي تعرف أن المخططات الهيكلية لا تفي لعشرين في المائة من احتياجات السكان وتوسعهم وزيادتهم الطبيعية، وكذلك المخططات الهيكيلية الموضوعة للشطر الشرقي من المدينة، لا تتفق واحتياجات ورغبات السكان، وهذا يندرج في إطار الأهداف السياسية الإسرائيلية بإحكام السيطرة على الشطر الشرقي من المدينة ،وجعلها ذات أغلبية سكانية يهودية، وكذلك دوريات وشرطة الاحتلال تنتشر بشكل كثيف على طرقات وشوارع المدينة وضواحيها، بغرض تحصيل الضرائب من السكان، وبمسميات وأشكال مختلفة، ضريبة المسقفات " الأرنونا "، ضريبة تلفزيون رغم أن السكان نادراً ما يشاهدون بث التلفزيون الإسرائيلي، ضريبة دخل ورسوم تأمين وطني وغيرها، وكل من لا يدفع بشكل فوري، فهو عرضة للسجن ومصادرة سيارته، والشيء العجيب والغريب أن الاحتلال الذي دمر نسيجنا الاجتماعي وقيمنا واخلاقنا، وهو كذلك الذي ينشر كل أنواع وأشكال الأمراض الاجتماعية في مدينتنا، أخذ بشكل لافت للنظر وبعد تراجع دور القوى الوطنية والسلطة الفلسطينية، يتدخل في كل شؤون ومناحي حياتنا، في الخلافات والمشاكل العشائرية والقبلية " الطوش "، بل وحتى الخلافات الزوجية، والدخول في تفاصيل حياة الناس الشخصية، لأسباب ليست بخافية على أحد، وهذه الهجمة التي توسعت بعد تعمق الأزمة الداخلية الفلسطينية واستفحالها، تجابه وتواجه فلسطينياً بسلسلة من الشعارات من العيار الثقيل، وعدد من ورش العمل والأيام الدراسية والمؤتمرات الصحفية، وكذلك خطابات تحمل نفس الكليشهات والتي نقرأها في القدس قبل عشرين عاما، ناهيك عن البيانات الفصائلية التي تصدر في المناسبات لكي تذكر بحضورها ووجودها، ولكي تقول للسكان المقدسيين بأن القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا سلام دونها، أما لجهة ترجمة الشعارات والأقوال إلى أفعال وبرامج وأليات عمل للتطبيق والعمل على مشاركة المقدسيين همومهم الاقتصادية والاجتماعية وتعميق صمودهم وثباتهم على أرضهم ، فهو غير متوفر حتى بحدوده الدنيا، فالقوى الوطنية والإسلامية والتي تشكل رأس الحربة في التصدي للسياسات والممارسات الإسرائيلية، هي نفسها تعاني من أزمات، والتنسيق بينها موسمي ولا يراكم جهداً وفعلاً يبنى ويعول عليه، بل ووصل الأمر أنه حتى في التشكيلات الوزارية سابقاً، ومن باب رفع العتب كان يعين وزير مفوض لشؤون القدس، أما في الوضع الحالي ، فالقدس تغيب عن الأجندة الفلسطينية، ليس في الهم الوطني والسياسي، بل وحتى في الهموم المباشرة للمواطنين إقتصادياً وإجتماعياً وخدماتياً وعربياً وإسلامياً فالأمور يمكن لنا، توصيفها على تحو أكثر سوءاً، ويأتي إنعكاساً للواقع العربي والإسلامي الواصل لمرحلة الإنهيار، حيث الردود العربية والإسلامية على الممارسات الإسرائيلية، بحق المدينة وسكانها من أسرلة وتهويد، لا ترتقى إلى مستوى الحدود الدنيا من الفعل المطلوب، لا على مستوى الدعم السياسي ولا المالي ولا الإعلامي، بل تبقى في الإطار الشعاري والنظري، ومسلسل "كليشهات" الإدانة والإستنكار والتمنيات والدعاوي من طراز للبيت رب يحميه، واللهم أهلك اليهود وشتت شملهم ... إلخ .
إن هذه الهجمة الإسرائيلية الواسعة على المدينة المقدسة ، تأتي نتاجاً وإنعكاساً، لحالة الضعف الفلسطيني ، ورغم كل ذلك فإن هذه الهجمة، بحاجة لتضافر كل الجهود والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، من أجل مواجهتها والتصدي لها، ومن خلال جهد موحد ومنظم، يستنفر كل طاقات وإمكانيات المقدسيين والشعب الفلسطيني، من أجل المحافظة على هوية وعروبة المدينة المقدسة، والتي أضحت تتعرض لمخاطر جدية وحقيقية، تنذر بأن الإحتلال يسعى لحسم مسألة السيادة عليها، بكل الأشكال والوسائل والأساليب المشروعة وغير المشروعة في أية تسوية سياسية قادمة، مستفيداً من حالة الشرذمة والإنقسام في الساحة الفلسطينية، وإنهيار الوضع العربي والإسلامي ، فهل نرتقى فلسطينياً وعربياً وإسلامياً إلى مستوى المسؤولية والتحديات والمخاطر، أم تضيع المدينة المقدسة، تحت صخب شعاراتنا وخطاباتنا وبياناتنا والأقوال غير المقرونة بالأفعال .؟
القدس – فلسطين
المأثور الشعبي الذي يصف حال أهل المدينة المقدسة، والسياسات والممارسات الإسرائيلية المتبعة بحقهم هي " تفظى القرد لمعط الجلد "، وخصوصاً اليوم وبعد ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية من وضع داخلي غاية في الخطورة والتعقيد والتأزيم، وبعد أن أصبحت أولوياتنا ليس إنهاء الاحتلال، بل البحث عن أسوء الطرق واشدها قذارة لمحاربة ومهاجمة بعضنا البعض متجاوزين كل الخطوط الحمراء، فمن عبارات التخوين والتكفير إلى عبارات القدح والذم في كل شيء وطنياً ، مالياً وأخلاقياً، هذه الحالة الفلسطينية وما وصلت إلية، استغلها الاحتلال في تشديد إجراءاته وممارساته القمعية والإذلالية بحق أهل المدينة المقدسة، ولم تعد المدينة تبدو كمدينة أشباح في الليل، بل وحتى في وضح النهار، حيث أصبح المقدسيين مطاردين لشرطة الاحتلال في كل زقة وشارع مقدسي، والتي تقوم بتحرير المخالفات لكل السيارات المتوقفة في شوارع القدس، وحتى لو كان الأمر للحظات أو لقضاء حاجة بسيطة، وأي صاحب سيارة يريد ان يوقف سيارته على رصيف إحدى الشوارع، عليه شراء بطاقة وقوف وإلا فالمخالفة بانتظاره، وهذه الخطوة الاستقزازية واللاشرعية تبررها بلدية القدس بالمساوة بين شطري المدينة، ويا عيني على هيك مساوة، فبلدية القدس قبل كل شيء، تعرف تماما أنه في الشطر الغربي من المدينة، هناك بنيه تحتية كاملة، تخدم هذه العملية حيث المواقف والأرصفة والشوارع الواسعة والحدائق والمتنزهات وكذلك المواصلات العامة التي، تصل إلى قلب المدينة مما يمكن السكان من قضاء حاجاتهم، أما في الشطر الشرقي من المدينة فهذه الخدمة غير متوفرة، ناهيك عن أن الوضع الاقتصادي مختلف تماماً، ويوجد فرق شاسع بين شطري المدينة اقتصادياً وخدمانياً، والمساواة التي تتحدث عنها البلدية، ليتها تطبقها في الجوانب الخدماتية، وليس فقط في تشليح السكان العرب وتقشيطهم ضرائبياً، ودون أية خدمات تذكر، فسكان القدس الشرقية يدفعون ما نسبته 25% على الأقل من الضرائب المجباة من سكان القدس بشطريها، ويصرف منها فقط على خدمات القدس الشرقية ما لا يزيد عن 5%، والأمور ليست وقفاً على هذا الجوانب، بل أن بلدية وشرطة الاحتلال يصعدون من وتائر قمعهم للسكان بشكل هستيري، حيث تشتد حملة هدم وتغريم المباني الفلسطينية بدعوى عدم الترخيص، وهي تعرف أن المخططات الهيكلية لا تفي لعشرين في المائة من احتياجات السكان وتوسعهم وزيادتهم الطبيعية، وكذلك المخططات الهيكيلية الموضوعة للشطر الشرقي من المدينة، لا تتفق واحتياجات ورغبات السكان، وهذا يندرج في إطار الأهداف السياسية الإسرائيلية بإحكام السيطرة على الشطر الشرقي من المدينة ،وجعلها ذات أغلبية سكانية يهودية، وكذلك دوريات وشرطة الاحتلال تنتشر بشكل كثيف على طرقات وشوارع المدينة وضواحيها، بغرض تحصيل الضرائب من السكان، وبمسميات وأشكال مختلفة، ضريبة المسقفات " الأرنونا "، ضريبة تلفزيون رغم أن السكان نادراً ما يشاهدون بث التلفزيون الإسرائيلي، ضريبة دخل ورسوم تأمين وطني وغيرها، وكل من لا يدفع بشكل فوري، فهو عرضة للسجن ومصادرة سيارته، والشيء العجيب والغريب أن الاحتلال الذي دمر نسيجنا الاجتماعي وقيمنا واخلاقنا، وهو كذلك الذي ينشر كل أنواع وأشكال الأمراض الاجتماعية في مدينتنا، أخذ بشكل لافت للنظر وبعد تراجع دور القوى الوطنية والسلطة الفلسطينية، يتدخل في كل شؤون ومناحي حياتنا، في الخلافات والمشاكل العشائرية والقبلية " الطوش "، بل وحتى الخلافات الزوجية، والدخول في تفاصيل حياة الناس الشخصية، لأسباب ليست بخافية على أحد، وهذه الهجمة التي توسعت بعد تعمق الأزمة الداخلية الفلسطينية واستفحالها، تجابه وتواجه فلسطينياً بسلسلة من الشعارات من العيار الثقيل، وعدد من ورش العمل والأيام الدراسية والمؤتمرات الصحفية، وكذلك خطابات تحمل نفس الكليشهات والتي نقرأها في القدس قبل عشرين عاما، ناهيك عن البيانات الفصائلية التي تصدر في المناسبات لكي تذكر بحضورها ووجودها، ولكي تقول للسكان المقدسيين بأن القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا سلام دونها، أما لجهة ترجمة الشعارات والأقوال إلى أفعال وبرامج وأليات عمل للتطبيق والعمل على مشاركة المقدسيين همومهم الاقتصادية والاجتماعية وتعميق صمودهم وثباتهم على أرضهم ، فهو غير متوفر حتى بحدوده الدنيا، فالقوى الوطنية والإسلامية والتي تشكل رأس الحربة في التصدي للسياسات والممارسات الإسرائيلية، هي نفسها تعاني من أزمات، والتنسيق بينها موسمي ولا يراكم جهداً وفعلاً يبنى ويعول عليه، بل ووصل الأمر أنه حتى في التشكيلات الوزارية سابقاً، ومن باب رفع العتب كان يعين وزير مفوض لشؤون القدس، أما في الوضع الحالي ، فالقدس تغيب عن الأجندة الفلسطينية، ليس في الهم الوطني والسياسي، بل وحتى في الهموم المباشرة للمواطنين إقتصادياً وإجتماعياً وخدماتياً وعربياً وإسلامياً فالأمور يمكن لنا، توصيفها على تحو أكثر سوءاً، ويأتي إنعكاساً للواقع العربي والإسلامي الواصل لمرحلة الإنهيار، حيث الردود العربية والإسلامية على الممارسات الإسرائيلية، بحق المدينة وسكانها من أسرلة وتهويد، لا ترتقى إلى مستوى الحدود الدنيا من الفعل المطلوب، لا على مستوى الدعم السياسي ولا المالي ولا الإعلامي، بل تبقى في الإطار الشعاري والنظري، ومسلسل "كليشهات" الإدانة والإستنكار والتمنيات والدعاوي من طراز للبيت رب يحميه، واللهم أهلك اليهود وشتت شملهم ... إلخ .
إن هذه الهجمة الإسرائيلية الواسعة على المدينة المقدسة ، تأتي نتاجاً وإنعكاساً، لحالة الضعف الفلسطيني ، ورغم كل ذلك فإن هذه الهجمة، بحاجة لتضافر كل الجهود والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، من أجل مواجهتها والتصدي لها، ومن خلال جهد موحد ومنظم، يستنفر كل طاقات وإمكانيات المقدسيين والشعب الفلسطيني، من أجل المحافظة على هوية وعروبة المدينة المقدسة، والتي أضحت تتعرض لمخاطر جدية وحقيقية، تنذر بأن الإحتلال يسعى لحسم مسألة السيادة عليها، بكل الأشكال والوسائل والأساليب المشروعة وغير المشروعة في أية تسوية سياسية قادمة، مستفيداً من حالة الشرذمة والإنقسام في الساحة الفلسطينية، وإنهيار الوضع العربي والإسلامي ، فهل نرتقى فلسطينياً وعربياً وإسلامياً إلى مستوى المسؤولية والتحديات والمخاطر، أم تضيع المدينة المقدسة، تحت صخب شعاراتنا وخطاباتنا وبياناتنا والأقوال غير المقرونة بالأفعال .؟
القدس – فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق