.محمد داود
كان مشهد اليوم عجيب ويضاف إلى سجل الغرابة العالمية ويستحق أن يتوج ضمن عجائب وطرائف الدنيا لأننا أصبحنا نعيش زمن العجائب والغرائب بمعناها الصحيح.
فمنذ أن سيطرت حركة حماس على المقار الأمنية وانقلبت على شريكتها في حكومة الوحدة الوطنية " أي على حركة فتح"، وهي للعم تعد سابقة جديدة في التاريخ الدولي ...
وفي اللحظة التي كان يؤدي الأخوة المتناحرين القسم واليمين من أجل صون الدم الفلسطيني والحفاظ على وحدته ومقدساته، حيث وضعت الأسس لترتيب البيت الفلسطيني، كان المشهد بالنسبة للشعب الفلسطيني يوم النصر والسعادة وبالفعل لا يقل عن تلك الفرحة التي شهدها قطاع غزة يوم أن أندحر الاحتلال الصهيوني عن أراضي قطاع غزة بفعل المقاومة النظيفة الطاهرة قبل عامين على ألأقل.
نعم كانت مراسيم التوقيع مميزة في ظاهرها ولكن خافيه أعظم بكثير، حيث تعهد الطرفين فتح وحماس بأن يلتزموا بأمن شعبهم وتم أداء القسم اليميني على أطهر بقعة في الكون وتم تزكية هذا ألاتفاق بأداء مناسك العمرة اليد باليد والكتف بالكتف، وبرعاية من الملك السعودي ودول شقيقة أخرى، كان المشهد نصر لنا وصعقة بالنسبة لأعدائنا الذين سعوا جاهدين من أجل إفشال هذا الاتفاق، لكن الفاجعة كشفت عن باطنها وخفاياها المشينة والحاقدة، و هذه النوايا لم تكن نابعة بصدق وإخلاص لا مع الله ولا مع شعبنا المناضل الذي الغدر به، حيث تكرس الانقلاب الذي أعد له مسبقاً، أي قبل حوالي ستة أشهر من عقد الاتفاق وتم الاعتراف صراحة من مدبري الانقلاب، مع العلم بأنه جرت محاولات تجريبية قبل أن يتم الحسم الأخير في الرابع عشر من يونيو من هذا العام، الأمر الذي أدى بالاتفاق في مهب الريح.
اليوم كان المشهد مختلف أيضاً عندما جاء جموع المصلين من كل حدب وصوب لأداء صلاة الجمعة المباركة استجابة لقول الله تعالي في محكم تنزيله .
قال الله تعالى((يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذرو البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) "" سورة الجمعة الآية 9""
وقال صلى الله عليه وسلم((من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه )) "" صحيح رواه احمد.
كان المصلين يستلون بيمينهم المصحف وبالأخرى السجادة للصلاة عليها، بعد أن فقدوا الثقة في خطباء المساجد الذين باتوا منظرين للغة التحريض والإساءة، أرادوا أن يعيشوا لحظات بين يدي الله بصدق وإخلاص .....
في المقابل كانت الحشود التي تم تجهيزها بما أوتيت من أسلحة وعدة وعتاد لقمع أي تمرد إسلامي من هؤلاء المصلين العزل الذين لا يمتلكون سواء سلاحهم الرباني ألا وهو المصحف الشريف، ....
مشهد تكرر إبان فترة الاحتلال عندما أراد الاحتلال أن يقمع جموع المصلين الذين رفعوا شعار "الله أكبر الموت لإسرائيل" رافعين كتاب الله إلى عنان السماء، داعين ربهم بالنصر والتمكين.
كان من المفترض على العسكر أن يئودوا صلاة الجمعة في بيوت الله أو على الأقل أن يتركوا العباد بأن تسبح لله دون إزعاج أو تعكير لصفوهم ...
في هذا اليوم الفضيل ونحن مقبلين على شهر رمضان المبارك، لأنه من العيب أن يتبنوا الفكر الإسلامي ويدعون له ولا يستجيبون لنداء الله سبحانه ولا لرسوله الكريم.
هذا الطرح وغيره وضع علامات استفهام كبيرة لدى المواطن وأصبح يتساءل الكثير والكثير عن منهج الحركة وحتى برنامجها الانتخابي الذي يستمد العزم من الدين كمرجع في التشريع والحكم. وهو ما يطرح التساؤل هل حركة حماس ستنحدر نحو العلمنة، وهل فتح تهرول نحو الإسلام السياسي رافعة راية الإسلام هو الحل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق