الثلاثاء، يناير 05، 2010

انتهى عهد الانبطاح الإسرائيلي

د. فايز أبو شمالة
"انتهى عهد الانبطاح، لن نقدم خدنا الآخر، سنرد على كل شيء، ولن نحتمل بعد اليوم المهانة والشتائم، ولن نبحث عن مبررات للمواجهات، هذه هي السياسة التي أريدها من سفراء إسرائيل لدى العالم" هكذا يعبئ وزير الخارجية الإسرائيلية "أفيقدور ليبرمان" مئة وخمسين سفيراً لإسرائيل في دول العالم. لقد تحدث للسفراء بلغة تنم على الاستخفاف بكل من هو غير يهودي، ويرفع مجد إسرائيل الذي ترى في نفسها الدولة العظمى الأكثر تأثراً في السياسة الدولية، إنها لغة التعالي والقوة والتشكك بالآخرين التي لا تحشو رأس وزير الخارجية الإسرائيلية فحسب، وإنما تعكس التحول الجذري في التكوين النفسي للمجتمع الإسرائيلي برمته، وهذا ما أظهره استطلاع الرأي الذي نشرت نتائجه القناة التلفزيونية العاشرة في إسرائيل نهاية العام، وقد أظهر تزايد عدد الإسرائيليين المعارضين لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، بل لقد شكك 63.7% من الإسرائيليين في فاعلية المفاوضات كآلية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولا يعتقد80% من الإسرائيليين أن الانسحاب من كافة الأراضي المحتلة بما في ذلك مرتفعات الجولان سيضمن تحقيق الأمن للأجيال القادمة.
ألا يدلنا ما سبق على أن تشدد "نتانياهو"، وفرض شروطه التفاوضية على الرئيس الأمريكي، جاءت انعكاساً للمزاج اليهودي، الذي لم يعد يخشى على مشروعه الديني، ولم يعد يتشكك في قدراته، ولم يعد يتحايل لاتقاء شر الآخرين، ليمسى أكثر تطرفاً وشراسة وعدوانية ويمينية؟ هذا ما تحكيه تركيبة الكنيست الإسرائيلي الراهنة قياساً لما كانت عليه في انتخابات سنة 1992، عندما كان لحزب العمل وحزب ميرتس معاً 66 نائباً في الكنيست، ليصير للحزبين في انتخابات سنة 2009 عدد 16 نائباً فقط، وفي تقديري؛ أن هذا مؤشر دقيق على تحول المجتمع الإسرائيلي باتجاه التطرف الديني، والتمسك بأرض إسرائيل الكبرى، حيث أظهر تقرير القناة التلفزيونية العاشرة أن نسبة 53% من الإسرائيليين يعارضون إزالة جميع المستوطنات من أراضي الضفة الغربية، ولو أدى ذلك إلى فشل جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحسب التقرير؛ فإن نسبة 6.3% فقط من الإسرائيليين يرون بإمكانية إقامة الدولة الفلسطينية خلال السنوات الخمس القادمة.
سأضيف معلومة صغيرة ذات دلالة كبيرة: لقد صوت 22 نائباً من حزب "كاديما"، ونصف أعضاء حزب العمل الذين شاركوا في التصويت، صوتوا لصالح قرار الكنيست القائل: بإجراء استفتاء على أي انسحاب إسرائيلي من القدس أو الجولان.
لن أناقش أسباب التحول في المزاج الإسرائيلي، وإنما أشفق على أي فلسطيني ما زال يحلم بدولة فلسطينية على الأرض المحتلة سنة 67 من خلال التفاوض، وألوم كل دول الاعتدال العربي التي ما زالت تُعبّدُ الطريق للمتطرفين، وتُبعّدُ فرص السلام.
fshamala@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: