راسم عبيدات
........الاتحاد الأوروبي ورغم كل الخدمات التي يقدمها ومازال يقدمها لحكومة الاحتلال الإسرائيلي،فهو لم يسلم من الانتقادات والتهديدات الإسرائيلية بعدم إشراكه بما يسمى بالعملية السلمية في الشرق الأوسط،هذا الاتحاد الذي لديه علاقات مميزه مع إسرائيل في المجالات الاقتصادية والتجارية،وفي العديد من الحالات تقدم تسهيلات لإسرائيل في تلك الجوانب تفوق التسهيلات المقدمة لبعض دول الاتحاد نفسه،والاتحاد الأوروبي هذا والذي يشكل أحد المظلات السياسية الهامة والداعمة لإسرائيل في تبرير وإيجاد الذرائع لكل ممارساتها القمعية بحق الشعب الفلسطيني،ولعل من المفيد ذكر العديد من المواقف الأوروبية الغربية الداعمة لإسرائيل بلا حدود،ففي خضم حصار وعدوان إسرائيل على شعبنا الفلسطيني،طرح الاتحاد الأوروبي تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل،ومع بداية العدوان الإسرائيلي الوحشي على شعبنا في القطاع في كانون أول/ 2008 ،كان موقف الاتحاد الأوروبي من هذه الحرب بأنها حرب دفاعية،ولم يكتفي بذلك بل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،ورغم استخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دوليا ،ًفقد رفض وامتنع الاتحاد الأوروبي عن إدانة إسرائيل،وهو لم يساوي بين الضحية والجلاد فقط،بل وتنكر لكل ما يسمى بقيم الديمقراطية والحرية والعدالة التي يتشدق بها ليل نهار،والتي تثبت الأحداث والتطورات،أن هذه القيم والمعايير تكون فقط حاضرة إذا ما خدمت المصالح والأهداف الأوروبية والأمريكية والإسرائيلية وليس كقيم إنسانية واجب احترامها،وبلغ الاتحاد الأوروبي من الوقاحة و"التعهير" للمعايير والقيم الإنسانية وازدواجية استخدمها بشكل سافر في العدوان الإسرائيلي الأخير على شعبنا الفلسطيني في القطاع،حيث استنفر الاتحاد الأوروبي وأعلن عن تشكيل قوة بحرية مهمتها مراقبة كافة البحار والممرات المائية المؤدية لقطاع غزة،من أجل منع تدفق ووصول الأسلحة إلى قطاع غزة المحاصر،ولم ينبت قادة الاتحاد الأوروبي ببنت شفة عن الاحتلال والدمار الواسع الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني،حتى بعض الدول الأوروبية كأسبانيا أجرت تعديلاً على قوانينها كي تحمي قادة إسرائيل من المحاكمة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني،ورئيس الوزراء الفرنسي"ساركوزي" كان همه الأول والأخير هو إطلاق سراح "الحمل الوديع" الجندي المأسور"جلعاد شاليت" والذي أسر أثناء قيامه برحلة صيد على حدود غزة،ولم"يكن لا في مهمة عسكرية" ولا ذاهب "للقيام بعملية عسكرية ضد شعب أعزل"،وهو لم يترك أي مناسبة أو محفل دولي أو لقاء إلا ويتحدث فيه عن مأساة الجندي الإسرائيلي وضرورة إطلاق سراحه وعودته إلى أحضان عائلته الثكلى ،ويبرر"ساركوزي" بكل وقاحة وصلف الغربيين هذا الموقف كون الجندي الإسرائيلي يحمل الجنسية الفرنسية،أما المناضل الفلسطيني صلاح الحموري والمحكوم لمدة سبع سنوات في السجون الإسرائيلية لمقاومته الاحتلال وحامل الجنسية الفرنسية،لم يأتي على ذكره"ساركوزي" ولم يزر لا عائلته ولم يتحدث عن معانياته هو ولا معانيات الأحد عشر ألف أسير فلسطيني،والذين العشرات منهم دخلوا موسوعة"دنيس"للأرقام القياسية،أما"توني بلير" ما يسمى بمبعوث الرعاية للسلام،والذي كان قد أوغل كثيراً في دم الشعب العراقي،فكان همه الأساس ليس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني،بل التضامن مع سكان مغتصبة سديروت في"محنتهم" التي يعيشونها بسبب تساقط الصواريخ البدائية الفلسطينية عليهم،وما ينسحب على مواقف"ساركوزي وبلير" ينسحب على مواقف باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي،والذين جميعهم أعلنوا موقف أوروبي موحد بمقاطعة مؤتمر"ديربان" في جنيف،لأن المؤتمر حسب زعمهم وقولهم سيتحول إلى منبر لمهاجمة إسرائيل بسبب ممارساتها العنصرية بحق الشعب الفلسطيني،ومن لم يقاطع انسحب احتجاجاً على كلمة الرئيس الإيراني أحمد نجاد لوصفة إسرائيل بالنظام العنصري والمحتل.
هذه هي حقيقة المواقف الأوروبية من قضيتنا الفلسطينية وقضايانا العربية،والتي يحاول الكثير من جهابذه السياسة والفكر والصحفيين العرب والفلسطينيين،تصوير مواقفها على أنها بعيدة عن الموقف الأمريكي لجهة التضامن والتعاطف مع قضية شعبنا الفلسطيني والاعتراف بحقوقه المشروعة،رغم عناد الوقائع والحقائق والتي تثبت أن ذلك ليس أكثر من خلاف في الجزئيات والتفاصيل وتوزيع الأدوار،وأعيد وأكرر من زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي،لا ولن يكون في يوم من الأيام في موقف مضاد أو متصادم معها،فدول الاتحاد الأوروبي وعلى لسان مسؤوليها يقولون بأن إسرائيل تخرق القانون الدولي منذ عشرات السنيين وتقوم بأنشطة وممارسات غير شرعية وقانونية في القدس والضفة الغربية،وأقصى ما فعلته أوروبا إزاء ذلك تقرير سري يبقى في الأدراج والملفات خوفاً على غضب إسرائيل وطرد موظفيها المسؤولين عن هذه التقارير.
واليوم وبعدما تشكلت في إسرائيل حكومة مغرقة في اليمينية والتطرف،لم نسمع أي موقف أوروبي غربي بعدم التعامل أو التعاطي معها ما لم تلتزم بشروط الرباعية والاتفاقيات السابقة،كما هو الحال في مطالبة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية،شرط الاعتراف والتعامل مع حكومة وحدة فلسطينية هو التزامها بشروط الرباعية والاتفاقيات السابقة،بل وصل الأمر أنه عندما طالبت الوزيرة المفوضة للاتحاد الأوروبي"بانيتا فريرو" فقط بتجميد تطوير العلاقات مع إسرائيل بسبب تصريحات قادتها الجدد بعدم التزام بالعملية السلمية والاعتراف والالتزام بالاتفاقيات السابقة،شن قادة إسرائيل حملة مسعورة عليها وعلى الاتحاد الأوروبي،وهددوا باستبعاد الاتحاد الأوروبي سياسياً من ما يسمى بعملية السلام في الشرق الأوسط،والجميع يعرف أن دور الاتحاد الأوروبي فيما يسمى بالعملية السلمية،ليس أكثر من دور اقتصادي،وهو يقوم بتمويل بقاء الاحتلال فكم مشروع أقامه الاتحاد الأوروبي في الضفة والقطاع دمرته إسرائيل،دون أن يحرك الاتحاد الأوروبي ساكناً في هذا الجانب ولم يتخذ أبسط العقوبات بحق إسرائيل عقاباً لها على تلك الجرائم والأعمال.
وأنا أقول أن أي تغير جدي في المواقف الأوروبية والأمريكية من قضيتنا الفلسطينية والقضايا العربية،هو رهن بالتغير في الوطن العربي،تغير يتعامل مع أمريكا وأوروبا بلغة المصالح واستثمار كل الطاقات والإمكانيات العربية اقتصادياً ومالياً وتجارياً،وحتى خيار المقاومة وتفعيل موضوعة الأمن القومي العربي في المعركة.
فقط من خلال ذلك سنلمس تغير جدي في المواقف الأمريكية والأوروبية،وبدون ذلك سنبقى نستجدي على أبواب المؤسسات الدولية وعلى عتبات البيت الأبيض وقصر الأليزية وغيرها.
الجمعة، مايو 01، 2009
حكومة "نتنياهو" والاتحاد الأوروبي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق