راسم عبيدات
.....اختارت القناة الثانية التجارية في التلفزيون الإسرائيلي رئيس الموساد ( الاستخبارات الخارجية) الجنرال في الاحتياط مئير داغان رجل العام 2009 في الدولة العبرية،وفي التقديم عن هذا الرجل،قبل إعلان اسمه قالوا أنه لم يفعل سوى الأمور "الطيبة" في إطار وصفهم لما ارتكبه من فظائع وجرائم،حيث اشتهر بقطع رؤوس الفلسطينيين وفصلها عن أجسادهم بسكين ياباني،وأضافوا أن من مآثره وانجازاته الكثير من الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين،وكذلك تصفية قائد العمليات العسكرية في حزب الله عماد مغنية،وتقديم المعلومات الإستخبارية التي أتاحت لسلاح الجو الإسرائيلي قصف المنشأة البحثية في شمال سوريا،وعن هذه البطولات"الجرائم،يقول صديقه الجنرال المتقاعد يوسي بن حنان أن داغان كان يصر على قتل الفلسطينيين بعد استسلامهم،ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شارون اختاره لملاحقة المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة في مطلع السبعينات،كونه يصر على فصل رؤوس الفلسطينيين عن أجسادهم بعد القتل، وهذا ليس بغريب أو مستغرب على أناس تربوا على القتل ،بل ورضعوه رضاعة،فتاريخ هذا الجهاز وجهاز الأمن الداخلي"الشاباك" حافلين بالجرائم والقتل،فقتل المدنيين وفصل رؤوسهم عن أجسادهم في عرف هؤلاء المشبعين بالحقد والكراهية بطولات وينالون عليها أوسمة شرف ونياشين وترقيات،وليس جرائم حرب،ولكم تتصورا عهر ونفاق أمريكا وأوروبا الغربية وازدواجية معايرهما،ومعهما كل ما يسمى بدعاة حقوق الإنسان وحماة الديمقراطية من مؤسسات حقوقية دولية وغيرها،لو أن أي قائد فلسطيني أو عربي أو حتى جندي جاهر بارتكاب هذه الفظائع والجرائم،فهم لن يصروا فقط على اعتقاله،بل سيساق إلى المحاكم الدولية كمجرم حرب،وإذا ما رفضت قيادته أو دولته اعتقاله وتسليمه،ستفرض عليها كل أشكال وأنواع العقوبات،اقتصادية ومالية وتجارية ودبلوماسية وغيرها،وسيدعى مجلس الأمن الدولي للانعقاد تحت الفصل السابع،إذا ما لم تجدي العقوبات السابقة نفعا.
والمأساة والطامة الكبرى ليس فقط،في أن يجاهر مثل هؤلاء القتلة والمجرمين بجرائمهم ويتم امتداحهم والتفاخر بإنجازاتهم،بل بما كشف عنه داغان نفسه عن الكثير من علاقات الإستنماء السرية والعلنية مع الكثير من الزعامات العربية،والتي امتدحت دوره وخدماته في حماية عروشها،وضرب قوى المقاومة الفلسطينية والعربية وتصفيتها،وتقديراً لهذا الدور قدمت له السيوف العربية المرصعة بالذهب والأحجار الكريمة.
أليس هذا عصر ما بعد الانحطاط ؟،أو حسب رأي الشرع والدين والقيم والأخلاق،إذا لم تستحي فافعل ما شئت،أو ليس بعد الكفر ذنب،فالكثير من القيادات العربية اليوم تجاهر بعمالتها واصطفافها خلف القوى المعادية ضد أبناء جلدتها وقوميتها،بل وصلنا الى مرحلة غير مسبوقة من الخسة والنذالة كعرب،بحيث أضحت الخيانة وجهة نظر،فها هم يفاخرون بقياداتهم وجنرلاتهم وما قدموه من خدمات وانجازات لدولتهم،حتى لو كانت على شكل مجازر وجرائم،أما نحن كعرب فبماذا نفاخر،أو من هو الزعيم الذي سنختاره كرجل عام 2009 للعالم العربي،هل هم حكام العراق وعلى رأسهم المالكي أو اللص الكبير الجلبي،والذين استقدموا القوات الأمريكية والغربية من اجل احتلال العراق وقتل وتشريد أبناءه ونهب خيراته وثرواته،وإعاقة تطوره إلى مئات السنين للوراء؟،أم الذين يشاركون في فرض الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة؟،ويطالبونه ليل نهار بالاستسلام ورفع الراية البيضاء،بل وذهبوا أبعد من ذلك،حيث يقومون ببناء جدران وأسوار فولاذية على حدودهم مع القطاع بعمق عشرات الأمتار من أجل سد كل المنافذ وشريان الحياة عن شعبنا هناك،تحت حجج وذرائع حماية أمنهم،وكأن الشعب الفلسطيني المحاصر هو من يهدد أمنهم وحدودهم!!،وهم يعرفون جيداً،أن من يهدد أمنهم وحدودهم وأمن كل المنطقة العربية،هو دولة من يقدمون له الهدايا الثمينة،ويقيمون معه علاقات الإستنماء سراً وعلانية،فهذه الدولة هي من تحتل الأرض وتستبيح العرض،وأكثر من ذلك تجاهر بجرائمها علناً وجهراً،وهناك من العرب من يصفق لها ويشجعها،أليس الكثير من العرب من حرضوها على تصفية حزب الله وأمينه العام سماحة الشيخ حسن نصر الله،أثناء الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على الحزب ولبنان في تموز/2006؟،ونفس السيناريو تكرر أثناء الحرب العدوانية،التي شنتها إسرائيل على شعبنا الفلسطيني،في قطاع غزة في كانون أول/2008،فوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة "تسيفي ليفني" هددت بتصفية المقاومة من قلب القاهرة،وأكثر من ذلك هناك الكثير من العرب سرا وعلناً دعموا وباركوا عدوانها على شعبنا.
أعطوني أو دلوني على زعيم عربي،قدم خدمات جليلة لشعبه أو لأمتنا العربية، لكي يكون رجل العام 2009 في العالم العربي؟،فكل زعاماتنا العربية مخصية،ولا هم لها سوى الحفاظ على عروشها،وتحويل دولها إلى إقطاعيات وممالك خاصة تورثها الى أبناءها،فالتوريث في مصر وليبيا واليمن وغيرها يجري على قدم وساق،بل ربما نجد أنفسنا في مرحلة قادمة،مطالبين بإستنساخ الرئيس أو الملك أو الأمير وكل أفراد عائلته،لأنهم "ثروة قومية للبلد"،وبدونهم سيحل الخراب والدمار بشعوبنا وأمتنا،وليت شعوبنا تسلم من طغيانهم وديكتاتوريتهم وفسقهم وفجورهم.
يحق لداغان وليبرمان ونتنياهو والحاخام عوفاديا يوسف وغيرهم،أن يفاخروا ويتبجحوا بكل ما حققوه من انجازات ومكاسب لدولتهم،تلك الإنجازات والمكاسب التي تحققت على حساب دماء شعبنا الفلسطيني،طرده وتهجيره واحتلال أرضه،والتنكر لكل حقوقه،فما دامت إسرائيل دولة فوق القانون الدولي،وتجد من يشكل لها حاضنة ومظلة سياسية وإعلامية،تحميها وتحمي جيشها وقادتها من أية عقوبات على جرائمها،وما دام الكثيرون من قياداتنا وزعاماتنا العربية يمتدحون قادة إسرائيل،ويرسلون لهم الهدايا الكثيرة والثمينة لقاء خدمات حماية كراسيهم وعروشهم.
وفكرت كثيراً فيما يمكن أن يكون رجل العام 2009 في العالم العربي على المستوى الرسمي،فاحترت بين"أوباما" الذي ألقى في حزيران الماضي خطابه الشهير من جامعة القاهرة،وصفقت له الأمة العربية من محيطها الى خليجها،على اعتبار أنه "المنقذ"،والذي "سيعيد الحق العربي الى نصابه"،وبين الجنرال الأمريكي"دايتون" والذي يعمل على بناء أجهزة الأمن الفلسطينية،وبما يخلق الإنسان الفلسطيني الجديد،هذا الإنسان الذي يسقط كلمة المقاومة من قاموسه،بل ويتبرأ منها علناً وجهراً.
أما على المستوى الشعبي فرجال العام 2009 في العالم العربي،هم سادة المقاومة في العراق وعلى رأسهم المجاهد الكبير الرفيق عزت الدوري،وفي لبنان سماحة الشيخ حسن نصر الله،وفي فلسطين كل الفصائل الممسكة بخيار الكفاح والمقاومة،وفي المقدمة منهم النواب الأسرى الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأخ مروان البرغوثي وعضو اللجنة القيادية العليا لحركة حماس الشيخ حسن يوسف وغيرهم من قادة المقاومة.
الجمعة، يناير 01، 2010
رجل العام 2009 في الدولة العبرية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق