عطا مناع
قال لي علينا أن نكون واقعيين، ولا داعي للشعارات الجوفاء التي لم عفا عليها الزمن وتقادمت، كان وقع كلماته قاسيا على الحاضرين لأنة مس قضية مقدسة بالنسبة لنا، هي قضية اللاجئين وحق عودتنا إلى أراضينا التي هجرنا منها.
لم اصدم ولكنني اثر الإصغاء للوهلة الأولى، فقد لفت نظري منطق هذا السيد المعروف والذي يفترض أن يحمل هم الوطن على أكتافه نظرا لموقعة الرسمي وجذوره اللاجئة التي يفترض أن تترك بصماتها على خطابة وغيرة من النخبة اللاجئة التي ناضلت وضحت لتبقى شعلة العودة مشتعلة.
قال: لا تنجر وراء أحلامك، فانا كنت اقطن في مخيم، ومن قال لك أن المخيم محطة وانتماء، لقد خرج من استطاع الخروج، فانا مثلا بنيت فيلا فخمة كلها شبابيك وودعت المخيم، أنا لا اعرف ما الذي يعجبكم في المخيم، أهي الغرف المزدحمة والريح"قالها بالفلاح" التي تصدر طيلة الليل من البطون المنتفخة.
أنهى صاحبنا حديثة وانفضت جلسة الطرشان ، لكنني ودون أن ادري تجاوزت المكان والزمان وعادت بي الذاكرة إلى سجن الخليل عام 1983 حيث الغرف المزدحمة والريح"الكريهة" الصادرة عن اللحم الفلسطيني المتكدس لأنة لعن غرفة الوكالة والمخيم والثقافة البائسة التي تحسدنا على أحلامنا الصغيرة التي باتت جزئنا من تكويننا لأننا لا ننتمي إلى أصحاب المصالح وإننا متصالحين مع أنفسنا وجذورنا ووصايا من سبقونا.
صورة أخرى سيطرت على تفكيري كما الابلة عند دوستفسكي الذي ضجر واشمئز من الاستقراطية الكذابة والصالونات الوطنية الجوفاء التي لا تخاطب إلا نفسها، وهذا ما ينطبق على البعض الفلسطيني الذي يعتقد أن يحمل مفاتيح الوطن ويحق له أن ينشر الشعارات الهدامة والمحبطة لان مصالحة لم تعد تتقاطع مع شريحة ونسي ما سببة الحرمان والفقر والطفولة الضائعة التي لن تعوضنا عنها أموال التطبيع وثقافة تسفية المقدسات.
اللة يرحم أيام زمان كانت قامتنا عالية تناطح الشمس، وكان المخيم محطة لهولاء، لكنهم داسوا المخيم وتسلقوا علية وبات كابوسا يلاحقهم رغم أنهم كدسوا ما كدسوا على حساب فقراء المخيم، لكن هذه سنة الحياة وعلينا أن نتقبلها فنحن في المخيم نستنشق الريح الكريهة التي تزكم الأنوف، فهذا واقعنا ولن نخجل منة فهو مفروض علينا وعملنا على تحسينه قدر الامكان وقد نجحنا إلى حد ما.
في المحصلة هجرت بعض الشرائح المخيم وتخلصت من الروائح الكريهة، لكن المشكل أن المخيم مشبع برائحة الفساد الصادرة عن هؤلاء الذي لا زالوا يستغلون اسم المخيم ويغتنون على حسابة وهم وحدهم الذين حولوا لمرتع للمستجلبين مع بعض الاستثناءات، لذلك علينا أن نقبل بواقعنا ونستوعب الآخر منا ولو على مضض، فهم كالخراف الضالة التي ستعود إلى حظيرتها رغم الريح الكريهة.
الثلاثاء، مايو 05، 2009
عن ُغرفة الوكالة والزنزانة والريح الكريهة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق