الياس الزغبي
اذا كان الطعن في الميت حرام، فان الطعن في الشهيد جرم فظيع، ويصبح اشد ايلاما حين يستخدم مرتكبه "فن" الاغتياب ويستغل عجز الغائب عن الجواب وردّ الافتراء .
"موسمي"، كلمة واحدة أطلقها ميشال عون في غياب جبران تويني كانت كافية لتختصر مخزون" الوفاء" من "الحي" (!) للميت، ولتفيض بكل المشاعر السلبية التي تختلج في صدور الراقصين على القبور.
وليس في استطاعة أي مستكتب، مهما أوغل في الاسخريوطية وأتقن التماس فضة المخابرات، أن يطمس هذه الحقيقة.
لا يستطيع أحد انكار المسار السيادي لجبران تويني منذ بداياته السياسية الفعلية مع "الجبهة اللبنانية "وبشير الجميل، مرورا بعون في اليرزة وقصر بعبدا والمنفى، وصولا الى "قرنة شهوان" وثورة الارز.
خط مستقيم من الولادة الى الشهادة كان يغيظ أصحاب الالتواءات ويثير حقدهم المكبوت، الى أن انفجر فيهم هذا الحقد وتناثرت شظاياه على ألسنتهم "الدافئة "
كل من كان قريبا من سريرة عون، خلال فترة "عهده" في القصر الرئاسي وما بعده، يدرك عمق "الحساسية" التي كان يعانيها تجاه جبران: يريد حيويته واندفاعه والتزامه وقدرته على التعبئة، و يتحسس "في الوقت نفسه من" نجوميته "وثقة شعب" بيت الشعب " به، وخصوصا الشباب، ويتوجّس من أن يؤدي صدقه الى افتضاح زيف الحروب والارتباطات. أليست هذه هي "ميزة" عون تجاه كل من أعطى وضحّى؟
هذه العقدة "العونية" استمرت في مرحلة المنفى، وكان عون يتبرم كثيرا من ميل شباب تياره الى جبران والهتاف له في قاعات الجامعات، ولم يكن يكتم "غيرته" أمام كوادره فيطلب منهم لجم اندفاع الناشطين في تأييد نموذجهم الشاب من خلال بث الشكوك فيه وتشويه صورته.
وفي بدايات العام 2005 كان هم عون مع بطانته في باريس ضرب الحالة الشبابية والشعبية التي قادها جبران فحاول ثنيه عن الحركة الاستقلالية المتنامية وابعاده عن مكوناتها الثلاثة الفاعلة (قرنة شهوان، الحريري، جنبلاط).
ولما خابت محاولته عمد الى الابتزاز الاعلامي وهوّل بترشيح اللواء أبو جمرا في الاشرفية في وجه جبران الذي قصده في باريس ظنا منه أن عون مرجع سيادي واستقلالي فصدمه الوجه الاخر (بل الحقيقي ) لذاك الرجل، وكانت انذاك لحظة استشهاده الاول!
وبعد ثلاث سنوات ونصف على استشهاده الأخير، يفتح جبران عينيه على العابثين بدمه ويراقب هازئا كيف يعيدون لعبتهم المقيتة مع فلذة كبده .
الخميس، أبريل 02، 2009
بين عون وجبران
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق