سعيد علم الدين
ولكي نوضح، فالشمولية هي عكس الديمقراطية.
فالديمقراطية تستوعب بوعائها الواسع بكل ترحاب كل الأحزاب والتيارات والأديان والمذاهب والأقليات والفلسفات والأفكار والعقائد والأجناس والأعراق وتترك لهم جميعا من خلال حرية الإرادة الشعبية والانتخابية حرية الاختيار والمشاركة في صنع قرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ... الخ،
الشمولية على العكس لا تستطيع ان تستوعب الا حزب واحد كحزب البعث الحاكم في سوريا، او دين او مذهب واحد كالمذهب الشيعي الاسلامي الحاكم في ايران، او جنس او عرقية واحدة كالعرق الآري الذي حكم المانيا النازية، او عقيدة واحدة كالعقيدة الشيوعية التي حكمت الاتحاد السوفياتي، وترفض بالتالي كل من يشاركها او يعارضها على اعتباره عدوا يجب محاربته والتخلص منه بأي طريقة.
وكما ان الديمقراطي يتقبل الآخر ويحترم فكره ويحافظ على حقوقه، فإن الشمولي على العكس يرفض الآخر ويعتقل فكره ويهيمن عليه ويعمل على الغائه.
ومن هنا فقد وقع خبر ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة نفسه لمقعد انتخابي في مدينته صيدا على قوى 8 اذار السورية الايرانية وقوع الصاعقة.
والا كيف سيثبتون للشعب اللبناني والعالم انهم شموليون يرفضون الآخر والمنافسة الشريفة بين المرشحين والاحزاب ويحترمون ارادة الشعب في الاختيار؟
وهكذا فقناة المنار الناطقة بلسان دويلة حزب الله عبرت عن "مفاجأتها وأسفها لهذا السلوك". وكأن السنيورة ارتكب عملا فظيعا شائنا او جنحة يعاقب عليها قانون نظام ولاية الفقيه!
وسألت: "هل إن من يطالب بالتنوع يطبق هذه القاعدة في الجنوب والبقاع، أم أنه يمارس الاحتكار ويطالب الغير بإلغاء نفسه؟"
نذكِّرُ المنار أنه في الديمقراطية لا يوجد إلغاء وتصفيات وسفك دماء واغتيالات، وإنما منافسة حرة شريفة ونزيهة بين الافرقاء تتجدد كل اربع سنوات!
وترشُّحِ السنيورة في مدينته صيدا هو لمنافسة الآخرين وليس لإلغاء أحد.
المنار بتفكيرها الشمولي الإلغائي تعتبر شططا أن ترشيح السنيورة هو إلغاء للآخرين.
القرار هنا في الفشل والنجاح في مقعد انتخابي هو بيد الناخب الصيداوي فقط؟
كلام المنار برفضهم ترشيح السنيورة، كأي لبناني أخر يحق له ان يترشح لمقعد نيابي، يدل اولا على شموليتهم، وثانيا عدم ترك حرية الاختيار للناخب الذي سيقرر في النهاية بصوته من سيمثله في البرلمان.
أي انهم يريدون مسبقا الهيمنة على قرار صيدا، بأن يرفضوا ترشيح فلان ويفرضوا ترشيح علان.
أي انهم يشوهون العملية الديمقراطية ويريدون انتخابات على قد مقاس مرشحيهم.
أما منافس السنيورة النائب اسامة سعد فقد أثبت شموليته ورفضه للآخر في اتصال اجرته معه "النهار" باعتبار "اقدام السنيورة على الترشح في خانة المطالب الاميركية والسعودية"، مهددا على عادة الدكتاتوريون الصغار "وستكون لها ابعاد وتداعيات عدة". .
اما رئيس الحكومة السابق عمر كرامي فلقد اثبت انه هو ايضا ذنب شمولي صغير لحزب ولاية الفقيه قائلا لصحيفة "السفير:
"أسفت لهذا الترشيح، لأننا نعتبر أن صيدا هي بوابة الجنوب وموقع الجنوب في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي".
كلام فارغ من المحتوى لا علاقة له لا بانتخابات ولا بديمقراطية ولا بقرار شعب حر في اختيار من يمثله، عندما يهرطق عمر افندي مرضاة لأسياده فقط وكان نجاح السنيورة سيسلم صيدا للعدو الاسرائيلي. كلام يدعو الى السخرية على سخافات الافندي!
نفس الاتهامات ترددها جوقة سوريا وايران في لبنان بحق ابناء لبنان الأحرار لإلغائهم سياسيا او جسديا ومنذ محاولة اغتيال النائب مروان حمادة عام 2004.
الوحيد الذي كان منصفا وقال قولا ديمقراطيا سليما هو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال وفق مصادر صحيفة "النهار": "في النهاية من حق الرجل ان يترشح وهذه هي مدينته ويدخل اهلها في لعبة ديموقراطية انتخابية (...) من حقه ان يترشح".
مشكلة تفتح زهرة الديمقراطية في لبنان وانتشار عبيرها في المنطقة العربية هي وجود قوى شمولية مسلحة ارهابية قمعية ايرانية سورية قادرة على خنقها في أي لحظة.
وهكذا نسمع يوميا عن عمليات حرق لسيارات مناصري الانتماء اللبناني المنافس لحزب ولاية الفقيه.
أملنا ان تستطيع القوى الأمنية اللبنانية تأمين انتخابات حرة ومنافسة شريفة ديمقراطية، لكي يستطيع الشعب ان يقرر ممثليه دون ارهاب وتهديدات لمدة اربع سنوات قادمة وليس الى الابد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق