محمد داود
يعاني سكان قطاع غزة من ظروف اقتصادية سيئة وخانقة، وتفشي الفقر نتيجة الحصار والإغلاق المفروض على هذا الشعب المكلوم؛ خلال العامين المنصرمين، وقد أصاب مناحي مختلفة، لاسيما قطاع الصناعة والزراعة والتجارة و... وفي مرحلة ما أصاب قطاع الموظفين؛ في ظل تكدس ألآف الخريجين وارتفاع معدل البطالة وانعدام فرص العمل، مما أثر سلباً على العديد من مناحي الحياة الأساسية، فأصيبت بالشلل التام والفناء.
عدد من الشباب تحدث عن بعض العقبات التي يواجهونها، وتحتّم عليهم الهروب أو العزوف عن الزواج، فلمسنا بعض الآراء المتبادلة والمتفقة على مبدأ واحد، فأحدهم وصف الزواج بالمشكلة لما يحتاجه من مسكن، الذي أصبح توفره مستحيلاً في هذه الأثناء، نتيجة منع دخول مواد الخام والأسمنت اللازم لإتمام بناء المنزل أو شراء شقة ومستلزمات الزواج والأثاث من "أطقم النوم" وغيرها نظراً لتكلفتها الباهظة، والتي تحتاج إلى معابر مفتوحة واقتصاد مستقر وحياة آمنة، لاسيما والحاجة تتطلب الآن إعادة إعمار ما تم تشييده طوال عشرات السنوات، هدمته إسرائيل خلال ساعات الاجتياح.
بينما علل أخر ذلك بالقول أن الزواج يحتاج إلى مصاريف، والظروف المعيشية صعبة ولا تسمح بذلك، خاصة وأن والده فقد عمله منذ عامين، بعد أن استغنى عنه صاحب المصنع الذي أصبح مهجوراً ينتظر إلى حين السماح بدخول مواد الخام "كالاسمنت والحديد ومواد خام عديدة تدخل في صلب الصناعة" وما يتركب عليها من أعمال أخرى، وفي رد ثالث عن عزوفه عن الزواج؛ أجاب بدون تردد، أنه قرر الهجرة، عن قطاع غزة، ولكن سرعان وأكمل حديثه، قائلاً حتى تلك أصبحت مستحيلة، فالمشكلة أن المعبر مغلق.
بهذه الصورة يتضح لنا أن توجه أنظار حملة الشهادات يذهب نحو المجتمعات الغربية لعلهم يجدون حلمهم وفرصتهم بالعمل هناك. بعد أن انتابهم الخوف والقلق من الحروب والدمار بالإضافة إلى المستقبل المجهول الذي انكشف حاله في الآونة الأخيرة.
حال الشباب الفلسطيني في قطاع غزة ينذر بخطورة قد تنفجر، وعزوفهم عن الزواج هي حالة جديدة تكاد تتفشى في المجتمع الغزي، ولها تداعياتها، وانعكاساتها الاجتماعية، السلبية التي قد نلمسها على المدى القريب، خاصة وأن شعبنا يعرف بأنه مجتمع فتي، وتأثير هذه الظاهرة سيزيد من نسبة العنوسة في مجتمعنا الفلسطيني، وكما أسلفنا العوامل والمسببات عديدة، أبرزها حالة الإحباط التي أصابت الشباب والغموض الذي يكتنف سير الحياة ومستقبلهم المجهول، نتيجة الصراع السياسي والحزبي الدائر بين الأقطاب، الاستهتار من قبل الحكومات المتعاقبة تاركة هموم الشباب والعمال دون اهتمام ودون أن تضع خطط لإنعاش الاقتصاد والنهوض به، والحاجة الملحة تبقى نحو تعزيز الروابط والتكافل الأسري والاجتماعي والتنظيمي والوطني، وتقديم يد العون للشباب؛ حتى يقدروا على العطاء والتضحية؛ من أجل فلسطين الوطن والقضية.
كاتب وباحث
الخميس، أبريل 23، 2009
الشباب في غزة عزوف عن الزواج وسط مستقبل مجهول
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق