حسام الدجني
الدور الإقليمي, الاكتفاء الذاتي, أن تكون أحد أركان النظام العالمي, التصنيع, القوة, الأمن القومي, الاقتصاد, المجال الفضائي, البرنامج النووي السلمي, غير ذلك.
ما سبق مصطلحات تمثل طموح أي دولة في العالم, هناك دول استطاعت تحقيق ذلك وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل), وهناك دول تحاول تحقيق ذلك, وتمتلك من الطموح والإرادة ما قد يساعدها, وأبرزها إيران, وهناك دول تعيش في سبات عميق, وأبرزهم الدول العربية.
كيفية تحقيق ما سبق يتمثل في مدى اهتمام الدول في البحث العلمي, وكم من الموازنات تخصص له.
على صعيد فلسطين, حالها كحال العالم العربي, حيث عززت المؤسسات السياسية الفلسطينية ثقافة الاستهلاك, فالهم الأكبر عند الحكومات المتعاقبة هو توفير فاتورة الرواتب للموظفين المدنيين والعسكريين والتي تقدر بــ 120 مليون دولار شهريا, وتغطية نفقات الوزارات والوزراء والشخصيات الاعتبارية, والمظاهر البرتوكولية, ونفقات بدل السفر, وتغطية سياحة المؤتمرات, وكأننا أصبحنا كيانا مستقلا نبحث فيه عن مظاهر الترف والرخاء, ونسينا أن النظام السياسي الفلسطيني هو نظام أنشئ دون استقلال كامل, حيث الاحتلال الإسرائيلي يحيط بنا من الجو والبحر والبر, ولا نمتلك أي مظهر من مظاهر السيادة, والتي يتطلب منا العمل الدؤوب والمتواصل في التفكير عن أقصر الطرق لإزالة الاحتلال من أرضنا وصولا إلى تحقيق طموحات شعبنا في بناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف, مع ضمان حق عودة اللاجئين لأراضيهم, والإفراج عن أسرانا ومعتقلينا في سجون الاحتلال الصهيوني.
جرت الانتخابات التشريعية في عام 2006, وفازت بها كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس", فاستبشر الناس خيرا, وتحديدا فئة المثقفين والأكاديميين والنخب, حيث كان من المتوقع أن تهتم الحركة الإسلامية في قضايا بالغة الأهمية, حيث تشكل عنوان ومفتاح النصر والتحرير, ألا وهي البحث العلمي, لدرجة أننا توقعنا إنشاء هيئة أو وزارة للبحث العلمي, ينفق عليها ملايين الدولارات, حتى ترسم الطريق الصحيح والمسار الملائم لقضيتنا ومسيرتنا الوطنية, ولا عيب في أن نتعلم من أعدائنا الإسرائيليين, حيث تهتم إسرائيل بالبحث العلمي, وهنا أتطرق إلى ما نشر في موقع مؤسسة تنمية بتاريخ 5/8/2005, " الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل (ما عدا العسكري) حوالي 9.8 مليارات «شيكل»، أي ما يوازي 2.6٪ من حجم إجمالي الناتج الوطني في عام 1999م، أما في عام 2004م فقد وصلت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل إلى 4.7٪ من ناتجها القومي الإجمالي(3). علمًا بأن معدل ما تصرفه حكومة إسرائيل على البحث والتطوير المدني في مؤسسات التعليم العالي ما يوازي 30.6٪ من الموازنة الحكومية المخصصة للتعليم العالي بكامله، ويصرف الباقي على التمويل الخاص بالرواتب، والمنشآت، والصيانة، والتجهيزات... على العكس تمامًا ما يحدث في البلدان العربية، إذ أغلب الموازنة المخصصة للبحث العلمي تصرف على الرواتب والمكافآت والبدلات وغيرها. والجدير بالذكر أن المؤسسات التجارية والصناعية في إسرائيل تنفق ضعفي ما تنفقه الحكومية الإسرائيلية على التعليم العالي".
صحيح أن واقع الحكومة العاشرة والحادية عشر والتي شكلتها حركة حماس, قد تعرضت لضغوط وحصار شديد, إلا أن كان من الضروري تشكيل هيئة البحث العلمي حتى تدرس في أول أبحاثها كيفية التعامل مع الحصار وطرق كسره على أساس علمي مهني, وهنا استذكر بعض التقارير الصادرة من حكومة الوحدة الوطنية حول انجازات بعض الوزراء في توزيع ملايين الدولارات كمساعدات عاجلة لعمالنا البواسل, وللفقراء والمحتاجين, وعلى الرغم من أهمية تعزيز صمود أبناء شعبنا, إلا انه ينبغي على الحكومة في قطاع غزة, المسارعة في دراسة تأسيس هيئة للبحث العلمي تتكون من مجموعة من النخب والباحثين والأكاديميين, وتعمل في أجواء وطنية مهنية بعيدة عن المصالح الحزبية, تدرس القرارات السياسية وتعطي التوصيات والتحليلات والرؤى والتقييمات الإستراتيجية للقادة والوزراء والنخب السياسية, حتى لا يخضع قرارنا الفلسطيني للارتجالية والتي يترتب عليها استحقاقات سياسية مكلفة ومؤلمة في بعض الأحيان.
أعتقد إذا أردنا تحقيق النصر على الاحتلال فإن أقصر الطرق هي في دعم البحث العلمي في كافة تصنيفات المعرفة البشرية, فيجب أن تخضع المقاومة والمفاوضات إلى بحث علمي معمق, يستنير به المفاوض في مفاوضاته والمقاوم في مقاومته, وكذلك جميع شرائح المجتمع.
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق