انطوني ولسن
عقد مؤتمر التعليم والمواطنة في مصر بالمقر الرئيسي لحزب التجمع بالقاهرة يوم الجمعة 24 ابريل/نيسان 2009 وختم الاجتماع يوم السبت 25 ابريل/نيسان2009. وكان الغرض من المؤتمر مناقشة الجوانب المختلفة للتميز الديني في التعليم.
لا اعرف لماذا يصر شيطان النكتة ان ابدأ حديثي عن المؤتمر بنكتة كنت سمعتها ولا اعرف ان كانت تناسب هذا الموضوع أم لا.. والأمر متروك لكم اعزائي القراء.
تقول النكتة ان رجلا ذهب الى حديقة الحيوانات وجمع حوله جميع الحيوانات بالحديقة وحكي لهم نكتة اضحكتهم جميعا ما عدا الحمار.
تضايق الرجل ومع ذلك لم يسأل الحمار ولكنه فضل ان يذهب في اليوم التالي الى الحديقة ليرى الحمار.
كانت المفاجأة للرجل انه رأى الحمار يضحك وبصوت عال ويكاد ان يستلقى على ظهره من شدة الضحك، فلما سأل الرجل الحمار عن سبب ضحكه، رد عليه الحمار النكتة التي حكيتها لنا بالأمس.
منذ سنوات عديدة تعدت العقود ونحن نكتب عن التعليم في مصر واحيانا نستشهد بتحقيقات تلفزيونية قام بها التلفزيون الاسترالي القناة الحكومية اي بي سي الذي صور المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية وما يدرس بها وما ينشدون في الصباح من نشيد لا يمت بصلة لمصر ويحيون علما ليس العلم المصري.
التعليم في مصر مثله مثل اي شيء قد اعتلاه التغير بعد عام 1956، ومع الأسف ليس للأفضل لمصر ولا للشعب المصري.
واذا سأل احدكم، لماذا بعد عام 1956 بالذات علما انه عام النصر.. عام تأميم قناة السويس، وعام ردع العدوان الثلاثي (انغلترا وفرنسا واسرائيل) على مصر؟!
الاجابة على السؤال نقول انه بالطبع عام 1956 هو نقطة تحول كبيرة في تاريخ مصر والمنطقة العربية. لأن تأميم قناة السويس كان وما يزال عملا استقبلناه نحن المنتقلون من الملكية التي لم نمارس بها اية حياة عملية او سياسية وعن نفسي حتى التعليمية التي كنت قد وصلت الى العام الثاني الثانوي 1952، عام قيام العسكر بانقلابهم المعروف.
لذا كان عام 1956 بالنسبة لنا عام فرح وابتهاج فقد اممنا القناة التي حفرها اجدادنا باظافرهم وجرت دمائهم فيها قبل المياه. وأضيف الى هذا العمل العظيم عملا اعظم منه انتصارنا على جيوش اكبر دول غربية ومعهم اسرائيل التي كنا نردد دائما وبكل ثقة اننا سنلقي بها في البحر، واستقال مستر ايدن رئيس وزراء انجلترا وخرج علينا الزعيم ناصر يخبرنا بذلك النبأ الهام ويطمئننا انه قوي وجيش مصر قوي واننا انتصرنا.
صدقنا كما صدق العالم العربي المغلوب على امره ذلك النصر العظيم وبدأت ردات فعل الحدث تنعكس على شخصية الزعيم حتى ان بعضا من الدول العربية بدأت تفكر في الوحدة العربية بينها وبين مصر تحت زعامة ناصر.
وتمت الوحدة بين مصر وسوريا ورفض العراق الوحدة بعد ان غير العلم ووضع عليه نجوم ثلاث، مصر وسوريا والعراق والذي ما زال حتى الأن.
أحقر ما تم في تلك الوحدة بين سوريا ومصر هو حذف اسم مصر نهائيا.. وها هي سوريا الأن احد الاقطاب الثلاث في محور التكتل ضد مصر.. سوريا وقطر وايران.
وهكذا ترون ان عام 1956 هو عام بداية النهاية التي اصابت مصر في مقتل.. لقد ضحكت كل الحيوانات على النكتة ما عدا الحمار. لكنه عاد في اليوم التالي وضحك حتى كاد ان يستلقي على ظهره.
ساعرض عليكم بعضا مما تناوله المؤتمر وايضا بعضا من توصياته ولكني مؤمن بان مصر في اشد الحاجة ليس لمؤتمر التعليم والمواطنة، بل لمؤتمر المصري والمواطنة. لان المصري اصبحت صورته باهته ممسوخة لا تعرف لها لونا معينا حتى تصفه بها.
لكن قبل ان نتحدث عن المؤتمر سأنقل لكم بعضا من حوار اجرته الزميلة جريدة الطريق والحق الغراء التي تصدر في مصر وعدد شهر ابريل 2009 ويمكن الاطلاع عليها عبر الموقع الالكتروني www.eltareeq.com مع الاستاذ منتصر الزيات المحامي، تحت عنوان» هل سينتصر منتصر؟ والذي حاوره كل من الاساتذة وديع وسيم وسميح مكرم، واليكم بعضا من ردوده:
- افضل طريق للمواطنة انتخاب رئيس جمهورية مسيحي، ولو حصل هذا لمجتمع مكروب زي ده سوف يتعدل الحال، ومن يعارض هذا يعارض نصوصا غير قرأنية او أحاديث.
تعليقي على ذلك.. استاذ منتصر في عرضك هذا.. ان افضل طريق هو انتخاب رئيس جمهورية مسيحي.. اليس فيه سخرية من المسيحيين لانك وبكل صراحة تقول لهم.. ابقوا قابلوني في المشمش.
وأضفت سيادتك ومن يعارض هذا يعرض نصوصا غير قرأنية أو أحاديث.
سامحني سيادتك وخدني على قدر فهمي هل حقيقة لا توجد نصوص قرأنية واحاديث تعارض اختيار مسيحي قيادي مثل منصب رئيس الجمهورية؟.. وعلى مدى ما يقرب من 1400 سنة هل حقا وتاريخيا بالادلة والاسماء حدث ان تولى مسيحي او غير مسلم اي منصب قيادي في التاريخ الاسلامي؟!! انتقل الى نقطة اخرى من الحديث.
- الاستاذ منتصر الزيات: في المسيحية لا يوجد نص يمنع المسيحي ان يكون مسلما، وأنا عندي نص من بدل دينه فأقتلوه.
تعليقي: من لسانك ادينك يا اسرائيل.. هكذا يقول الرب.. في المسيحية لا يوجد نص يمنع المسيحي ان يكون مسلما.. هل يعرف سيادتكم لماذا؟.. اسمح لي ان اقول لكم لماذا؟! لان الله في المسيحية إله محبة.. وبكامل حريته قبل ان يتجسد من الطاهرة مريم العذراء ويصير جسدا ويحل بيننا.
اذن كما ان الله عز وجل حر.. ترك الحرية للانسان منذ خلقه.. حذره وحذر معينته من عدم الأكل من ثمار شجرة المعرفة ولم يحذره من اكل ثمار شجرة الحياة . واختار الانسان بكامل حريته الاكل من ثمار شجرة المعرفة.
اما في الاسلام كما قلت.. وانا عندي نص من بدل دينه فأقتلوه.. فأين حرية الانسان المسلم في اختيار ما يؤمن به والسيف مسلط على رقبته ورقبة عائلته؟! هل هذه هي سماحة الاسلام؟!.. لا اعرف!!.
وقلت سيادتكم تكملة لنفس الموضوع..
.. هذه المشكلة تحتاج حلا.. وانا ليس لدي حل، وبصفتي محامي لو حرم هذا المواطن من وجود من يدافع عنه سأدافع عنه.
تعليقي: سامحني يا اخا الوطن لم افهم من تقصد بالدفاع عنه، هل هو المسلم اذا غير دينه؟ ام المسيحي اذا غير دينه؟!
هناك عدم الرؤيا في الكلام والوضوح.
او لربما خانني الفهم؟
انتقل الى النقطة الاخيرة التي اخترتها من الحوار مع الاستاذ منتصر الزيات حيث يقول:
ويجب ان ندرك ان بالمجتمع مشاكل واصل حل المشاكل دي ان نتكلم فيها بصراحة. والحل ليس في لقاء الشيوخ والقساوسة ويحضنوا بعض وبذلك تنتهي الازمة، أزمة المجتمع تحل عندما نناقشها.. الى متى السكوت! هل يستطيع المسيحي ان يقول بان ثقافته ليست اسلامية؟.. هو يعيش وسطنا فماذا يفعل؟. المسيحيون اسلموا فكريا، وهذا غصبا عنهم، ورد فعل طبيعي للثقافة الاسلامية الموجودة في كل مكان.
تعليقي: صدقت استاذ منتصر الزيات.. المسيحيون اسلموا فكريا، وهذا غصبا عنهم.
وهذا هو الفكر الاسلامي العربي الذي اضيف اليه الفكر الوهابي الغير معترف بالغير.. فأين الحل في خلق مواطن مصري يؤمن بمصر وطنا يفتديه ويعبد إلها هو فيه حر في اختيار الطريق الذي يوصله الى هذا الاله الذي في السموات.
كل الطرق مغلقة في وجه المصري ليكون حرا.. لكن عند المسيحيين آية تقول.. الغير مستطاع عند الانسان.. مستطاع عند الله.
فهل هناك قوة اقوى من قوة الله الحق؟!! عموما لقد استمتعت بالحوار واشكرك استاذ منتصر الزيات والف مبروك مقدما لزواج ابنتكم.
اعود بكم اعزائي القراء الى الموضوع الرئيسي، الذي هو مؤتمر التعليم والمواطنة في مصر وأنقل لكم بعضا من المواضيع التي ناقشها المؤتمر وايضا بعضا من توصيات المؤتمر نقلا عن الموقع الالكتروني «الاقباط متحدون Copts United بتاريخ الاثنين 27 ابريل/نيسان 2009 وتغطية الاستاذ عماد توماس.
- ناقش المؤتمر الجوانب المختلفة للتميز الديني في التعليم.
- لا يصح بيع كتب الكفر والتنجيم والشعوذة والفلسفة.
- لعن الله اليهود والنصاري.
- هيمنة الاسلام السياسي على النشاط الطلابي في الجامعة.
الدكتوره شيماء الشريف عن «التعليم من اجل الابداع» اكدت فيها علي ان مصر لم تكن عبر تاريخها المديد في حاجة الى ثورة في التعليم، واعتبرت الباحثة قضية التعليم هي المعركة الاخيرة اذا كسبناها نكسب بعدها كل شيء واذا خسرناها فلن تقوم لنا قائمة بعدها.
اما عن توصيات المؤتمر فأنقل التوصية الثانية
- ان يتم دمج المعاهد الازهرية ضمن منظومة التعليم المدني تحت اشراف وزارة التربية والتعليم، وإن تعود جامعة الازهر لتصبح جامعة دراسات دينية اسلامية يلتحق بها الراغبون بعد انتهائهم من التعليم الجامعي مع تطوير الدراسات الدينية بحيث تعالج مشاكل وقضايا الحاضر والمستقبل بدلا من حبسها في اطار الماضي السحيق.
واقول مصر تحتاج ليس فقط مؤتمرا للتعليم والمواطنة بل لكل نواحي الحياة التي اصبح المواطن فيها لا يعرف ان هو حقا مواطنا مصريا ام لا للمعاملات المختلفة التي يلقاها المواطنون.
ادخلت في هذا المقال اللقاء الذي اجرى مع الاستاذ منتصر الزيات عن عمد، لانه يخص المواطنة ايضا وان دار الحديث حول حق الاقباط والمواطنة.
والمؤتمر الذي عقد، الخاص بالتعليم والمواطنة اشكر الله واحمد فضله على انني عشت وقرأت اهم التوصيات التي منذ عقود تناولتها والمقالات محفوظة في سلسلة كتب «المغترب» والتي اصدرت منها 6 كتب، بل انني كتبت بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 بجريدة «المستقبل» التي تصدر في سدني مقالا يحمل هذا العنوان «هل حقا يستجيب الازهر لطلب فصل الكليات العملية عن جامعة الازهر؟!!» وكان المقال تعبيرا عن ما قرأته على موقع جريدة المصري اليوم بتاريخ 4/11/2008.
وسبق ايضا وكتبت مقالا يحمل هذا العنوان «يااااه»
اخيرا يا دكتور العوا..!! والذي نشر على صفحات جريدة المستقبل بتاريخ 3/3/2007 وعلى موقع جريدة المصري التي تصدر في استراليا بتاريخ 14/3/2007 www.elmassrynewspaperonline.com
وسأكتفي بنقل فقرة من المقال خاص بموقف الدكتور رفعت السعيد مني في هذا الشأن وما دار بيننا والذي نشر كما سبق وكتبت في 22/11/2008 بجريدة المستقبل.
«وان نسيت لن انسى تلك النظرة التي حدجني بها الصديق الحميم الدكتور رفعت السعيد عندما كنت اتحدث عن هذا الموضوع. وعندما استفسرت منه عن سبب تلك النظرة، كان رده انني اطلب المستحيل. ودخلت معه في سجال انتهى باصراري على الاستمرار في مطالبة اعادة الجامعة الازهرية الى ما كانت عليه من تخصص في كل ما يتعلق بالدين الاسلامي من فقه وشريعة وعلوم دينية كثيرة تحتاج الى هذه الجامعة بالفعل لتخريج علماء وفقهاء ومشايخ واساتذة تخصصهم في مجالهم الديني».
قبل ان اختم مقالي اعود الى فقرة التوصية الثانية للمؤتمر والتي ذكرتها هنا في هذا المقال.. «ان يتم دمج المعاهد الازهرية ضمن منظومة التعليم المدني تحت اشراف وزارة التربية والتعليم، وان تعود جامعة الازهر لتصبح جامعة دراسات دينية اسلامية يلتحق بها الراغبون بعد انتهائهم من التعليم الجامعي...»
وهذا ما ناديت به دائما.. وبهذا كان ردي على من كتبوا إلي معترضين وشبهوا ما تقوم به جامعة الازهر بما تقوم به جامعات اللاهوت المسيحية التي يتخرج منها قساوسة ورهبان. وكان ردي عليهم ان هذه الجامعات او الكليات التي تدرس اللاهوت هي كليات خاصة غير حكومية ويلتحق بها كل من انهى دراسته الجامعية في الجامعات المصرية الحكومية منها والخاصة.
وهذا بالحرف الواحد الذي تضمنته التوصية الثانية والخاصة بجامعة الأزهر.
والسؤال هنا.. لماذا الأن بدأ الاهتمام بالتعليم وبالجامعة الازهرية على الرغم من رد الدكتور الصديق رفعت السعيد علي.. انني اطلب المستحيل؟!
أم كل مايدور في مصر الأن يندرج تحت ما حدث بعد عام 1956 لاختيار زعيم جديد لمصر يختاره الشعب المصري في الداخل والخارج!!
وأضيف هنا حلما الى احلامي وهو حق المصريون في الخارج من المشاركة الفعلية في كل ما يحدث في داخل مصر.
ارجو ان لا يضحك الناس على احلامي ويعتبرونها نكتة احكيها لهم.. لانني لن انتظر اليوم التالي لمعرفة لماذا لم يضحك.. مع الضاحكين؟!!
الأربعاء، أبريل 29، 2009
مؤتمر.. التعليم والمواطنة في مصر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق