هيثم البوسعيدي
كم هي الكتب المنتشرة هنا وهناك التي تتحدث عن قيمة وأهمية الوقت، وكم هي المحاضرات والبرامج التي تحثنا على حسن استغلاله وترشيده؟ وقبل ذلك كله حرضنا الرسول الاكرم على حسن اغتنام الوقت حيث قال: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك).
لكن في الواقع نجد أن نسبة كبيرة من الناس يعيشون مشكلة مع الوقت من دون أن يدركون تلك المشكلة، حيث إن جلنا يستنزف وقته بدون حساب أو تنظيم بل هناك تخبط واضح لدى الجميع في كيفية إدارة الوقت.
وللاسف في الوقت الذي يلجأ الكثيرون في المجتمعات الغربية إلى مراكز استشارات خاصة بإدارة الوقت، نجد أن نسبة ليست بالقليلة من الناس في المجتمعات العربية يهدرون الوقت في التفاصيل اليومية البائسة ويهدرون اوقاتهم في ممارسة أنشطة وأفعال ليست ذات جدوى ومنفعة بل انهم يهملون عملية إيقاف نزيف الوقت المستمر في حياتهم.
والوقت هو أشبه كما يكون بالبحر، إن لم يسر فيه الفرد بسفينة مصنوعة عن علم ودقة وحسن صنعة، بالتأكيد مصيره سيكون الى الغرق والخسران وعندئذ فإن هذه النعمة تحتاج الى ادارة وتوجيه وإستغلال، كما اننا نشبه الوقت بالمال والمصروفات فكما ان اموالنا ومصاريفنا تحتاج دائما إلى ميزانية وإرشاد وحرص فأننا بحاجة ماسة الى ميزانية تساعدنا في كيفية توزيع هذه الدقائق والساعات على عدة أنشطة وممارسات حتى لا تنتحر الساعات والدقائق لأجل سبب غير مفيد وآخر تافه.
ولقد أهتم العلماء والتربيون بالوقت حيث ظهرت منذ فترة بسيطة مفاهيم جديدة مرتبطة بالوقت مثل إدارة الوقت وميزانية الوقت وجدولة الوقت. ولا يمكن أن يدركه الفرد العادي هذه المفاهيم أو يسعى إلى تطبيقها على ارض الواقع إلا إذا أصبح الوقت وإدارته جزء من عملية واسعة تسعى لتحسين حياته بكامل جوانبها الوظيفية والأسرية والاجتماعية، كما إن عملية تنظيم الوقت ترتبط بالتنظيم والتخطيط والالتزام ومكافحة كافة الأمور التي تشوش الذهن وتسعى إلى تدميره مهما كانت تلك الظروف والامور المعقدة.
أخيرا لنسأل أنفسنا هل نحن نوزع وقتنا بشكل صحيح؟ هل نشبع كافة الأنشطة على حدا سواء؟ ما سر إهمالنا لأصدقائنا ومعارفنا لهذه الدرجة؟ وما سر إهمالنا لعملية التثقيف ومصادرها المهمة؟ وما سر اهمالنا لانشطة الرياضة والمشي؟وما سر أهمالنا لحاجات كثيرة نحن في غفلة تامة عن أهميتها؟
كل ذلك ليس لأننا لا نجد وقت بل لأننا فاشلين ومهملين في التعامل مع الوقت، والعجيب أننا أصبحنا في زمن مختلف لان الوقت هو الذي يتحكم في ادارتنا والمفترض إننا نحن من ندير الوقت ونتحكم فيه وبكل تفاصيله لأنه غنيمة وثروة لا تقدر بثمن، كما إن اليوم الذي يرحل في حياتنا لا يمكن إن يعود مرة ثانية، ولنعلم في النهاية ان الوقت ثلاث انواع وقت ماضي ووقت راهن ووقت لم يأتي بعد.
السبت، أبريل 11، 2009
أوقاتنا الضائعة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق