الثلاثاء، ديسمبر 08، 2009

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانطلاقتها

سامي الأخرس
تستعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لإحياء ذكرى إنطلاقتها الثانية والأربعين دون أي جديد على وضع الجبهة الشعبية التنظيمي والداخلي الذي توقفت عنده منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث فقدت الجبهة الشعبية معظم كادرها الوسطي الذي يعتبر حلقة الوصل ما بين الجماهير والتنظيم، وهو الكادر المؤهل نضالياً وثقافياً وتربوياً أفضل من أي تنظيمات أخرى على الساحة الفلسطينية، وهذا الأمر ملموس في تراجع الجبهة الشعبية جماهيرياً، ومحاولة القوى الأخرى استقطاب هذا الكادر في ظل إدارة الظهر من قيادة الجبهة الشعبية التي افتقدت في فترة قصيرة أهم ركائزها من أمينها العام الدكتور "جورج حبش" الذي إستقال طواعية في سابقة غير مألوفة في الوسط العربي عامة، والفلسطيني خاصة، ومن ثم إستشهاد أمينها العام "أبو علي مصطفى"، واعتقال أمينها العام الحالي " أحمد سعدات" لتشكل الجبهة ظاهرة لم تحدث سابقاً ومستقبلاً، حيث أنها التنظيم الوحيد الذي استقال أمينه ومؤسسه، واستشهد أمينه، وأعتقل أمينه العام.
هذه الظروف ترافقت مع العديد من المظاهر الأخرى التي كانت سبباً مباشراً في ترهل الجبهة الشعبية وتراجع جماهيريتها رغم رصيدها النضالي والكفاحي المميز في الثورة الفلسطينية، هذا الرصيد الذي لم يحققه أو يتجاوزه أي فصيل فلسطيني، خاصة الفصائل المالية والإعلامية التي تعتمد على المال والإعلام في شراء الذمم وقيادة الجماهير، والترويج لنضالاتها بالزفات الإعلامية، وهي نفس الفصائل التي أدركت أن أحداً لا يستطيع مزاحمتها نضالياً ووطنياً سوى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي منذ إنطلاقتها تؤمن بمبادئها وتحرير أرضها، فلم تساوم او يسيل لعابها لسلطة او كراسي الحكم، ولم تسمح لنفسها يوماً ان ترفع بندقيتها في وجه أبناء شعبها، بل آمنت مطلقاً أن التناقض الفلسطيني تناقض على قاعدة وحدة – صراع – وحدة ولازالت تؤمن بشعار حكيمها أن الدم الفلسطيني خط أحمر لايمكن تجاوزه، وهو ما أثبتته فعلياً في موقفها من إعتقال أمينها العام " أحمد سعدات" والرفاق قتلة زئيفي، حيث تجرعت الجريمة ولم ترفع بنادقها بوجه الإخوة وشركاء النضال، ورغم خطأ الموقف هذا، حيث كان على الجبهة الشعبية الإستماته مقابل إعتقال أمينها العام وقتلة زئيفي لأنهم الأشرف بهذا الشعب، ولكن بشكل عام الموقف سجل بقائمة الشرف والوطنية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
مع هذه الظروف العامة التي تم من خلالها تشكيل لجان سرية لتصفية الجبهة الشعبية، وتصفية وجودها لتحويلها لتنظيم مجرد رقم كالأرقام الموجودة، وشرعت عصا الجوع والإغراءات في عملية التصفية للذين إحتكروا السلطة ومقدرات الوطن كإرث لهم يقسموا الأرزاق حسب مصالحهم، وحسب الطاعة..الخ.
واستمراراً لنفس النهج منعت الجبهة الشعبية من الإحتفال بإنطلاقتها بساحة الكتيبة وهو ما يدخل في نفس السياق من تقزيم الجبهة الشعبية، وعقابها على مواقفها ومبادئها، ومحاولة إحتوائها وفرض الوصاية عليها.
كل ذلك لا يعني أن قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بريئة من أحوالها الحالية، ففي خضم هذه الأزمات الفكرية والسياسية والتنظيمية التي واجهتها الجبهة الشعبية في العقدين الآخيرين، واكبه صعود العديد من المتسلقين الى مركز القرار الجبهاوي، وتفشي ظاهرة البرجزة في الصفوف الأمامية للجبهة الشعبية، وهي التي قادت الجبهة الشعبية لمزيد من الإنزلاق للهاوية،والإنحدار لمصاف القوى الصغيرة، حيث دفعت هذه القيادات خط الجبهة للتهاوي والإنهيار رويداً رويداً، سواء بتجاهل الرفاق وكوادر الجبهة الشعبية وعدم الدفاع عنهم أو رعايتهم، ولو بأدنى حد وهو الجانب المعنوي، بل عاملتهم كغرباء وتركتهم للمجهول، وتنكرت لهم، حتى وقعوا فريسة بين أنياب المتربصين، وبذلك فقدت الجبهة الشعبية جيشاً من جماهيرها، حيث فقدت الرفيق وعائلته وأصبحت الجبهة الشعبية تبحث عن أفراد من النوع الذي لا يعرف عن العمل الحزبي شيئاً وذلك لتحقيق رغبات بعض القيادات المتربصه على عرش المكتب السياسي واللجنة المركزية، في الوقت الذي فقدت ركائزها الأساسية، وفقدت عائلات بأكملها كانت محسوبه للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وسؤالي للمكتب السياسي وللجنة المركزية:كم رفيق فقدت الجبهة الشعبية خلال العقدين الأخيرين، وكم عائلة فقدت نتجية التجاهل من الجبهة الشعبية، والتجاهل هنا بصفة معنوية لا مادية؟
ورغم ذلك لازال يحسب للجبهة الشعبية رغم كل ماسبق تمسكها بثوابتها ومبادئها، رغم الهجمة الصارخة من طرفي المعادلة الفلسطينية، اللذين يكيلا الإتهامات للجبهة الشعبية بأنها تمسك العصا من الوسط كمحاولة لحسم مواقف الجبهة الشعبية كلاً لصفه ومواقفه، ورغم ذلك لازالت جبهة جورج حبش، وأبو علي مصطفى وأحمد سعدات صامدة على مواقفها وعلى ثوابتها رغم محاولات الإحتواء والوصاية.
ولذلك على الجبهة الشعبية أن تبحث عن مستقبلها من خلال مواجهة الذات أولاً، والبحث عن سبل لتجديد دماء الجبهة الشعبية على كافة المستويات التنظيمية والشعبية، والعمل بإخلاص لإعادة كادرها وجيشها المعطل المفترس من التجاهل. وكفى قسوة على هذا الجيش، فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي التنظيم الوحيد فلسطينياً الذي يقسو على أبنائه ورفاقه أكثر من قسوته على خصومه السياسيين الذي يفضل الرد عليهم ديمقراطياً حسب تصريح الرفيق"رباح مهنا" رداً على منع حماس إقامة المهرجان في ساحة الكتيبة، وفرض عليها إقامته في مكان آخر وكان على الرفيق "رباح مهنا" التوجه لدائرة الطابو بغزة لمعرفة منذ متى إشترت حماس غزة وساحة الكتيبة وسجلتها بإسمها؟! كما الأفضل إتباع هذه الديمقراطية مع رفاق الجبهة الشعبية داخلياً لتنهض الجبهة الشعبية من جديد.
وآخر كلماتي حزب أسسه جورج حبش، وقاده أبو علي مصطفى، ويقوده أحمد سعدات لاينكسر، يمرض نعم لكن لا يموت.
عاشت إنطلاقة الجبهة الشعبية..... وكل الأماني لهم بالتوفيق.. وللوطن النصر

ليست هناك تعليقات: