سعيد علم الدين
تمهيدا للجواب على هذا السؤال المعقد، لا بد من القول ان الذي يحدث في لبنان الكبير منذ أربع سنوات ليس بالأمر الصغير:
إنه ثورةُ شعبٍ من أجل التغيير، ورفضه للواقع الغوغائي الأمني الفاسد الذي كان قائما عبر النظام السوري وجيشه ومخابراته، ومثبتا على رقاب اللبنانيين عبر أدواته وأزلامه ومعسكراته ومخيماته وأنفاقه وأعوانه من ميليشيات 7 ايار الشمولية المنظمة والمسلحة، والتي غرزت مخالبها بعمق في جسد الدولة والمجتمع اللبناني مدعومة بالمال والسلاح الإيراني.
ومن هنا تأتي الخطورة المستمرة على ثورة الأرز من هؤلاء بتكالبهم على المكتسبات التي حققوها بلا حق وعدم تنازلهم عنها بسهولة للشرعية، أي للدولة. فالجموع الثائرة التي هدرت في الرابع عشر من اذار 05 مطالبة بكشف الحقيقة ومعاقبة القتلة، هتفت ايضا للبنان الغريق ومحاولة انتشال دولته الشرعية من مستنقع هؤلاء العفن، والأخذ بيدها لتنهض من كبوتها وتعود كسابق عهدها الذهبي في الستينيات وتقوم بدورها على أكمل وجه كدولة سيدة ديمقراطية عربية حرة مستقلة لشعبٍ منتفضٍ حر شجاعٍ يستأهلها.
ومن هنا تأتي محاولات هؤلاء الدؤوبة وبشتى الوسائل اللاديمقراطية لاعادة عقارب الساعة الى الوراء، وحديثهم وحديث النظام السوري حاليا عن اكتساح المقاعد النيابية في الانتخابات المقبلة. وكأن المعركة الانتخابية في لبنان قد حسمت قبل ان تبدأ، وكأنها هي معركة النظام السوري المصيريه، لكي يبقى على قيد الحياة، وإلا فإنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة، اذا انتصرت قوى 14 اذار مجددا!
لماذا؟ لقلب المعادلة التي فرضتها ثورة الأرز رأسا على عقب، أي إفشالها، أي انتصار الثورة المضادة، ولكي يتنفس النظام السوري الصعداء، خاصة بعد فشلهم الذريع في غزوتهم البربرية الحمقاء على بيروت والجبل في السابع من أيار، والتي نتج عنها اتفاق الدوحة.
فاتفاق الدوحة كانت من أهم نتائجه ردع سلاح الثورة المضادة الميليشاوية الشمولية عن الفتك بثورة الأرز الحضارية الديمقراطية، خاصة وان ثورة الأرز ومنذ اللحظة الأولى لانطلاقها رفعت العلم اللبناني وبسمة الصبية ولم تحمل مدفعا ولا بندقية وترفض حملهما، حفاظا على منجزاتها من الضياع في متاهات المؤامرات الإرهابية، وتعمل بالتالي جاهدة بحرص على تفويت الفرص للمصطادين في المياه العكرة، وعدم الانجرار الى مخططاتهم المدمرة، مقدمة الشهداء في سبيل ذلك.
الهدف: امتصاص عربدة الثورة المضادة ورد سهمها الى نحرها بالتي هي احسن.
ومن أهم نتائج اتفاق الدوحة ايضا تثبيت اتفاق الطائف وبالتالي تقوية سلطة الدولة ومركزيتها ومرجعيتها على جميع القوى المتخاصمة والاطراف المتصادمة، ظهر ذلك جليا في البيان الوزاري لحكومة السنيورة، الذي كان محوره مرجعية الدولة صاحبة الكلمة الأولى في قرارات الحرب والسلم.
ثورة الأرز لم تفشل ولن تفشل، لأنها لم تقم من فراغ، بل من معاناة شعب، مبنية على أرضية وطنية لبنانية صلبة وعابرة عبر كل الطوائف، ردا على تعسف واضطهاد وقمع النظام السوري المخابراتي وأدواته كالنظام الأمني اللبناني بقيادة الدمية اميل لحود.
وثورة الارز لم تأت بالصدفة ولم تكن حمراء اللون ولم تتسبب بإراقة نقط دم واحدة ولم يتم التحضير لها عبر مؤامرة في الظلام، بل اتت عفوية، ردا على مظاهرة 8 اذار الاستفزازية، وبعد عملية اغتيال بشعة نكراء زلزلت بيروت في 14 شباط وهزت لبنان والعالم العربي والعالم وما زالت تداعياتها ماثلة للعيان.
والمحكمة الدولية اكبر برهان، التي أصبحت جاهزة للانطلاق في عملها، والتي ستخلط الاوراق جيدا وستبعثر محاكماتها قوى الثورة المضادة في لبنان.
ثورة الأرز ومنذ انطلاقها 14 اذار 05 وحتى اليوم هي العين الدامعة التي تقاوم المخرز الحاقد.
ثورة الأرز هي القلب النابض الهادر بحب لبنان والذي يحنو على باقي الأطراف ويضخ لها التضحيات ودماء الشهداء.
ولهذا فالصراع ما زال مستمرا وثورة الأرز لم تنجح ولم تفشل حتى الآن، خاصة عندما يصرح احد قادتها الزعيم وليد جنبلاط مضطرا حفاظا على منجزاتها بالقول: "لنذهب جميعا الى الانتخابات النيابية بهدوء وديمقراطية وسيفوز من هو قادر على اقناع الناس بحجته السياسية". والأهم انه أكد تأييده لحكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات مهما كانت النتائج لكنه سجل تحفظاً على الثلث المعطل واصفاً إياه بالبدعة والعملية غير الدستورية.
موقف جنبلاط عن حكومة وحدة وطنية يؤكد محاولته تحصين لبنان في وجه العواصف الهوجاء بسبب قيام المحكمة، والاهم الحفاظ على منجزات ثورة الارز من حماقات الثورة المضادة المسلحة.
ولهذا فهي ستنتصر في النهاية رغم هذا المخاض العسير،
كيف لا وقوة ثورة الارز بديمقراطية فرسانها
وضعف قوى الثورة المضادة باسلحة زعرانها
هناك تعليق واحد:
ال الكاتب سعيد علم الدين: اود ان اطرح سؤلا مقابل سؤالك. هل باعت امريكا ثورة الارز؟ فاختلط الحابل بالنابل على ثوارها........ سؤال والاجابة لي وللقراء. وشكرا ابوسامي
إرسال تعليق