نبيل عودة
لن ينفع الناصرة كل التطوير اذا انقسمت على نفسها طائفيا واجتماعيا وحضاريا
أشكر كل الذين اتصلوا معي مؤيدين موقفي الذي طرحته في مقالي السابق :" انتخابات بلدية الناصرة : المجتمع المدني هو المطروح للتصويت " ، ويؤسفني ان بعض عناصر الجبهة كان لهم موقفا سلبيا من الكاتب . ويؤسفني أكثر ، أن ظاهرة الانغلاق في الاعلام الجبهوي عظيمة للغاية ، اذ يبدو لي ان جليد القطبين آيل للذوبان ، أما جليد العقلية الجبهوية ، فهو دائم ومستقر بأمان الله .
أقول هذا ليس من وجهة نظر نقدية ، بل باقرار حقيقة واقعة مؤذية لهذا الجسم السياسي ، الذي رغم نقدي له ، لا أجد بديلا سياسيا عنه في المعارك الحاسمة.
ماذا كان يعيب موقع الجبهة لو نشرت مقالي عن انتخابات البلدية في الناصرة ، الذي وصلها كما وصل كل المواقع المحلية وبعض المواقع العربية ونشر بشكل بارز ؟ لا أقول هذا حبا في رؤية أسمي في موقع آخر على الشبكة العنكبوتية ، فأنا ، والحمد لله ... لم أعد أعرف عدد المواقع التي تتسابق لتنشر لي مقالاتي. انما ما يغضبني اني أحاول تقديم دعم انتخابي لقائمة الجبهة في الناصرة ومرشحها للرئاسة المهندس رامز جرايسي ، بهدف وطني وأخلاقي أولا ، وفكري وضميري ثانيا ، لصيانة الناصرة من الانزلاق الى وضع قبلي طائفي مدمر ، سيحولها الى مدينة متخلفة في جميع المجالات...
الخلاف ليس حول قدرات المهندس أحمد الزعبي .. انما حول العقلية الاجتماعية التي ستطرحها مجموعته . حول مفاهيمهم للمجتمع المدني الذي نسعى لبنائه ورفع شأنه . حول اقصاء الطائفية من أجواء الناصرة . حول تطوير السياحة ، التي يشكل الجو الطائفي المغلق تدميرا كاملا لها ، ولا أعني السياحة المسيحية فقط ، انما الى جانبها أيضا السياحة الداخلية .
لا يمكن تشكيل قائمة في مدينة مختلطة مثل الناصرة ، على طهارة العنصر الطائفي. والادعاء انها قائمة لكل أهل الناصرة . الأخوة ابناء الناصرة الذين يشكلون تركيبة القائمة الموحدة ، هم أصحاب حق في خوض المنافسة الانتخابية ... ولكن مسالة انضوائهم في قائمة ذات لون طائفي واحد ، تجعل أبناء الناصرة من الطوائف المسيحية خارج حسابات هذه التركيبة الانتخابية ، ليس لموقف طائفي اطلاقا ، انما هناك منطق في الحياة لمدينة مختلطة ، ان تحافظ الأطراف التي تشكل سكان المدينة على تواصل اجتماعي وانساني ثقافي ووطني ، وأن لا تسمح لاتجاه طائفي مهما كانت نواياه طيبة ، ان يخلخل التواصل الاجتماعي والثقافي والوطني بين ابناء مدينة مختلطة .
سيقولون لسنا طائفيين .. حسنا . لستم كذلك . لكن من يقنع الناخب المسيحي ان قائمتكم تمثله بتركيبتها التي استبعدت المرشحين المسيحيين ، وما كان من الممكن ان تجد أحدا في ظل سيطرة الخطاب الديني الطائفي في الموحدة . كذلك لم تجر أي محاولة جادة أو غير جادة لتحويل القائمة الموحدة ( موحدة كيف .. طائفيا ؟) بتحويلها الى قائمة توحد حقا المجتمع النصراوي بتركيبته الفسيفسائية ، وان يشارك الجميع باختيار مرشح الرئاسة وليس مرشحا يفرضه رجال دين من طائفة واحدة وضد رغبات قوى من نفس الاتجاه الطائفي أيضا ؟ الى جانب ان كل شعاراتها دينية ، واستعمالها في دعايتها لألوان دينية محضة يزيد عزلتها الطائفية ؟ ولا نقول ذلك لموقف ،لا سمح الله .. من الدين ، أي دين كان ... ولكن يجب ان نتذكر دائما انه في الحديث عن مدينة مختلطة ، المنطق والعقل يقول ان كل قائمة جادة حقا في خدمة المواطنين بلديا ، عليها ان لا تطرح قائمة طائفية ، لأنها بذلك تنسف ولا تبني ، وخاصة نسف النسيج الاجتماعي والطائفي للمدينة ، وعندها لن ينفع الناصرة كل التطوير المادي الذي تتحدثون عنه ، لأنه سيكون لمدينة منقسمة على نفسها ، ليس طائفيا فقط ، انما اجتماعيا وحضاريا وثقافيا .
الويل لمدينة هذا هو مستقبلها .
ان دعوتي لانتخاب الجبهة ومرشحها رامز جرايسي للرئاسة ، ليس من منطلق تماثل سياسي ، وليس من منطلق تماثل مع اسلوب الادارة .
موقفي يفرضه التفكير المنطقي والمسؤول بمستقبل مدينة مشتركة . كنت أتمنى لو أن الجبهة في الناصرة كسرت حواجز فكرية وسياسية وتنظيمية كثيرة تعيق اتساع صفوفها واستعادة عافيتها كحركة مدنية تمثل أوسع شريحة سكانية في المدينة .
حقا وراء الجبهة في البلدية منجزات كبيرة لا يمكن الاستهتار بها ولا يمكن تصور المدينة اليوم بدون هذه الانجازات . بلا شك ان لرئيس البلدية الحصة الأعظم في التخطيط والتنفيذ ومنذ كان نائبا للرئيس . وهو سجل شرف شخصي له على الأقل.
مع مثل هذا الرئيس سأكون على ثقة ان الناصرة ستواصل التقدم في كل المجالات وعلى الأخص في عزل الآفات الاجتماعية الطائفية ، واعادة اللحمة الوطنية والاجتماعية لأبنائها.
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق