سعيد علم الدين
لبنان بتضاريسه الطبيعية خرج من رحم الارض أو سقط من السماء كتلات صخرية صلبة، وسلاسل جبال متينة، وقمم شاهقة بالعنفوان، وانهار تتمايل كالصبايا الجمال بين الوديان، وسهول طيبة وتربة خصبة معطاء، وبحر واسع الأرجاء لا يخشى من ركوب امواجه الا الكسالى، والقاعدين والضعفاء.
وهكذا ولا عجب ان تفرز هذه التضاريس شعبا حرا صلبا شديد المراس، عنيدا بالحق لا يخاف، ابيا طيبا لينا معطاء طموحا جدا والى ابعد حدود الطموح. لا يخاف الصعاب!
ركب فرس البحر منذ فجر التاريخ فكان خيَّالَهُ، وعانق الموج العاتي فكان كاسرَه، وواجه العواصف ببأس فلم تكسره، وتحطمت كل الغزاة والمحتلين على صخور نهر كلبه.
فيا حصى لبنان اين انتم من صخوره!
كبَّر المجد في العلى، وهلل التاريخ لشهداء العلى في 14 اذار، رووا بدمائهم الزكية ارزاته فتجللت أغصانها باكاليل النصر والغار.
اغتالتهم يد الحقد الاسود في ذاك النهار فانتفض الشعب الحر انتفاضة الاستقلال، مطالبا بالحقيقة والحرية والسيادة والمحكمة الدولية واستعادة القرار، رافضا القمع والقهر والاستبداد والخنوع واجهزة مخابرات شريعة الغابة والإذلال، طاردا وبهمة الابطال نظام الوصاية والهيمنة والاحتلال.
والبارحة ترددت اجمل الاخبار من فم رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي، الذي قال بحذر القضاة ودقة تعابيرهم القانونية عن "وجود تقدم ملموس نحو بناء قضية يمكن أن تجلب الفاعلين للعدالة، بالرغم من مستوى الانضباط والدهاء الذي يتمتع به الفاعلون".
مؤكدا جهوزية المحكمة بقوله ان "المحكمة باتت جاهزة لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري ورفاقه"
وزبدة كلامه قوله ان "قرائن قاطعة توفرت للمحكمة"
هذا يعني وببساطة ان الحقيقة، التي طالب بها احرار الشعب اللبناني ومعهم احرار العرب والعالم من اعلى منابره، قد انكشفت، والمحكمة قد جهزت، والزنازين تنتظر القتلة المجرمين لتسْوَدَّ وجوههم الى ابد الآبدين.
وهكذا تكون ثورة الأرز قد حققت انجازها الخامس بكشف الحقيقة بنجاح، بعد أن طردت جيش الاحتلال السوري أولا، وفرضت المحكمة الدولية رغم استعار الثورة المضادة باغلاق البرلمان، ومهزلة الاعتصام، واحتلال بيروت في 7 أيار العار ثانيا، وحققت الانجاز التاريخي بفتح سفارات بين لبنان وسوريا ثالثا، وانتصرت في انتخابات حزيران 2009 انتصارا ساحقا تم الهيمنة عليه وتهميش ارادة الشعب اللبناني بسلاح حزب الله الميليشياوي الغير شرعي، الذي فرض معادلة الثلث المعطل الدوحوية في تهميش واضح للعبة الديمقراطية في التبادل السلمي للسلطة.
وهل ممكن ان يتم تبادل سلمي للسلطة في وجود سلطة ميليشياوية استبدادية تتحكم بالسلطة الشرعية وتابعة لأوامر ولاية الفقيه الشمولية الدكتاتورية؟
الا ان الشرعية ممثلة بالدولة اللبنانية الديمقراطية وارادة الشعب الحر ستنتصر حتما ومهما طال المطال على عبيد ثقافة قدس الاقداس والارهاب والخراب والدمار.
فاين انتم يا حصى لبنان من صخوره؟
فالصخورُ ثابتةٌ كصخرة الروشة لا تهزها الامواج ومهما تصاعدت وهاجت وأرغدت وأزبدت وارعدت وعتت وعلت وصرخت وولولت وقفزت على المنابر وهددت الشرفاء، والأحرار توعدت!
فانتم يا حصى لبنان سيأخذكم الموج كما يشاء ، ويلهوا بكم ككرة هواء في مهب الرياح، ويستغلكم كما يريد الى حد الفناء، ويرميكم عند الانتهاء حصى متناثرة على شواطئه، وربما سيطحنكم طحن الرحى في كسارته ويلفظكم مع رغوته.
بتستاهلوا الله لا يقيمكم! واذا لم تتعلموا من دروس حرب تموز فلا امل فيكم وستتزحلقون من جديد بقشرة موز يدبرها لكم العدو الاسرائيلي يدا بيد مع حلفائه المخلصين السريين والعملاء المزدوجين في المحور الايراني السوري.
ويا صغار لبنان اين انتم من كباره.
فالوطن تبنيه الكبار وتعبث باستقلاله الصغار!
ويا حمقاء لبنان اين انتم من حكمائه!
فالحمقاء يدمرون الاوطان بطيش وبلا اعتذار، والحكماء يحافظون عليها من الخراب والدمار وهم القابضين بايديهم على الجمر والنار.
واين انتم يا شموليي لبنان وعبيد الدينار من ديمقراطييه الاحرار!
واين انتم يا ميليشيا لبنان من قواه النظامية الشرعية وجيشه الباسل الملتزم بالدفاع عن حدوده، والمحافظة على سيادته، وحماية استقلاله ونظامه الديمقراطي الفذ!
واين انتم يا زؤان لبنان من حنطته!
فالزؤان شوائب مرة لا تؤكل تفرزها الطبيعة وترمى الى البعيد والحنطة تؤكل وتبني وتعمر الابدان والاوطان وتفيد.
الأحد، مارس 07، 2010
اين انتم يا حصى لبنان من صخوره
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق