عطا مناع
يقولون لكل مقام مقال، وأمام الذكرى الرابعة والثلاثون لذكرى يوم الأرض الخالد لا بد من وقفة مراجعة ومكاشفة واستخلاص عبر بهدف الحفاظ على المحطات التاريخية الجليلة التي عمدها الشعب الفلسطيني بالدم، ومن أهم هذه المحطات يوم الأرض الذي كان بمثابة صرخة في وجه الاحتلال الإسرائيلي وخاصة في فلسطين التاريخية التي هبت عام 1976 للدفاع عن الأرض والهوية والتاريخ الفلسطيني بعد اعتقاد دولة الاحتلال الإسرائيلي واهمة أنها سلخت أبناء الشعب الفلسطيني عن محيطهم الوطني والقومي وباتت تتعامل معهم كأقلية مستباحة الحقوق.
تكمن أهمية يوم الأرض أنة وحد الشعب كل الشعب على هدف واحد، وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي تستعد جيداً لمواجهة الهبة السنوية التي تنخرط فيها كافة شرائح الشعب في مواجهة جيش الاحتلال بكل الوسائل النضالية المتاحة ما حافظ على ديمومة الصراع الوطني والثقافي وأبقى على جذوة المقاومة مشتعلة لأنها كانت تستمد إمكانية بقائها من إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد.
ببساطة وبعيداً عن التعقيدات والشعارات التي تفتقر للتجربة والمشاهدة الميدانية التي لا يمكن تزويرها بنشر ايدولوجيا التضليل فان يوم الأرض كان يرعب دولة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تجهز نفسها لمواجهة الجماهير الفلسطينية في عموم فلسطين قبل حلول الذكرى الخالدة بأسابيع، لأنها كانت مدركة ان الشعب الفلسطيني سيسطر في ذكرى يوم الأرض الملاحم البطولية المعمدة بدماء الشهداء الذين سقطوا ملتحقين بشهداء يوم الأرض الذي روت دماءهم الطاهرة التراب الفلسطيني المغتصب عام 1948 .
لم تكن ذكرى يوم الأرض مجرد نزهة أو خطاب يلقيه هذا المسئول الفلسطيني او ذاك، ولم يكن هذا اليوم الخالد ليمر بمعزل عن فرض حظر التجول على العديد من المخيمات والقرى الفلسطينية في الضفة المحتلة وغزة، ولم يتعامل الفلسطيني مع يوم الأرض كباقي الأيام، إن يوم الأرض الفلسطينية المنتهكة المغتصبة التي تعرض أصحابها الأصليين للمذابح والتشريد في محاولة صهيونية لمصادرة الذاكرة وتشويه التاريخ ببعث ما قالته رئيسة وزرائهم غولد مائير في بدايات احتلالهم لأرضنا"إنها ارض بلا شعب وشعب بلا ارض" ، مقولة عنصرية نسفها يوم الأرض واقتلعها من جذورها.
كان القمع والاعتقال والقتل والإطارات المشتعلة وانتشار المتاريس في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية المشهد الطبيعي ليوم الأرض الخالد، لم يكن الاحتلال الإسرائيلي خمس نجوم كما هذه الأيام، ولم يكن احتلالاً مجانياً، كانوا يحسبون ألف حساب لغضب الشعب الذي كان ينزل للشارع للرد على أية انتهاكات تصدر بحقه من قبل دولة الاحتلال، كان لحياة الفلسطيني قيمة فلسطينية يحترمها الشعب الذي يهب غاضباً عن التعرض لحياة أي فلسطيني وتجسد ذلك في العديد من القضايا ومنها قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي للطالبة لينا النابلسي التي لم تتجاوز أل 15 عاماً وهي عائدة من المدرسة، لينا التي أحدثت هبة طلابية وشبيهة عام 1976 قبل مجزرة يوم الأرض بأسبوعين، لينا النابلسي التي كتب لها درويش وغنى لها مرسيل خليفة وخلدها الرسام سلمان منصور في لوحة فلسطينية نقية لاحقتها دولة الاحتلال من بيت إلى بيت.
ما بين المأساة والملهاة يتحول المشهد وتتغير الأولويات، ويوم الأرض عام 1976 يختلف عن يوم الأرض سنة 2010 وأخواتها، هي الأولويات والاتفاقيات والمسموح والممنوع والمفاوضات الغير مباشرة واللجنة الرباعية والتنسيق الأمني، هي منظومة من التفاهمات ترجمت نفسها على الشارع وبالتالي فان ليوم الأرض 2010 أبجدياته الخاصة، فهو يوم عادي خالي من كل شيء سوى بيان هنا وخطاب هنا وزرع شجرة مقابل ألاف الأشجار التي يقلعونها، هو يوم عادي خالي من الفعاليات المعتادة ، وقد يمر يوم الأرض دون انتباه لولا العرب الفلسطينيين الصامدين في الأراضي المحتلة، وحتى أكون منصفاً هنا بيانات تصدر عن بعض القوى الفلسطينية فرادى أو مجتمعة وكفي اللة المؤمنين....
في زمن الملهاة لا يمكن أن يكون يوما الأرض إلا عادياً، لأننا نعيش ثقافة الانقسام الرديئة والتي باتت مشبوهة بانعكاساتها الخطيرة على القضية والشعب، ولا يمكن أن يكون يوم الأرض إلا عادياً لأننا نغرق في الفساد والإفساد والقمة البوليسي الذي استأنس له المنقسمون الذين يريدون شعباً مناضلاً على المقاس بحيث لا تتضرر مصالحهم، هذه الثقافة ليست لها علاقة بيوم الأرض ولا بالأرض التي تشهد اعتي واخطر هجمة من الحكومة اليمينية الإسرائيلية وغلاة مستوطنيها ونحن لا نحرك ساكنا الهم باللهاث وراء المفاوضات التي تعترف بعظة لساننا أنها غير مجدية.
في يوم الأرض 2010 سيضربون مقاومة غزة بيد من حديد، لأنها تطلق الصواريخ "المشبوهة" شقيقة الصواريخ"العبثية"، وننادي بمقاومة الاحتلال والنزول إلى الشارع دفاعاً عن أرضنا ومقدساتنا المستباحة وسيطرة دولة الاحتلال على أرضنا.
في يوم الأرض 2010 دخلنا في النفق المظلم الذي لا يعلم إلا اللة متى نخرج منة ، نفقُ أتى على الأخضر واليابس وعزز ثقافة المشي على الرؤوس، ثقافة الضياع والإحباط والدوران في الحلقة المفرغة.
الأربعاء، مارس 31، 2010
يوم الارض 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق