الياس بجاني
لا يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه، في حين أن الوثوق بالمتلون والانتهازي والجاحد هو ضرب من السذاجة والغباء. كما أنه لا يعقل أن يؤخذ على محمل من الجد حزن من يناصر القاتل ويتستر على جريمته إن هو مشى في جنازة القتيل وزرّف الدموع على نعشه وشارك في الصلاة على جثمانه. ويقال في أمثالنا "المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين"، ونحن لا نعتقد ولو للحظة أن أهلنا اللاجئين في إسرائيل سيأخذون بجدية ومصداقية كلام العماد عون الذي قاله عن قضيتهم بتاريخ 16 آذار/2010
(ميشال عون في 16 آذار 2010 :"نرفض أن يتحدث أحد بعد اليوم عن المقاومة في لبنان " الشعب الذي لا يرفع التحدي هو شعب ميت، لا يحق له أن يعيش. وهذا تحدٍ لنا مدى العمر ومدى عمر أولادنا، إذا بقينا هكذا. وهناك أيضاً ما ورد في البيان الوزاري عن قضية الذين لجأوا إلى إسرائيل، يريدون أن يعالجوا لهم واقعهم الأليم الذي بلغ حتى اليوم 10 سنوات. في هذه السنين العشر قمنا نحن بواجبنا بعد خمس سنوات مع قسم من الشعب اللبناني كان معنياً مباشرة بالصدام مع الشريط الحدودي، وكل الناس قبلت بعضها وقطعنا إلى مرحلة سلام حقيقي ضمن المجتمع اللبناني. ولكن، لماذا هذا الإهمال من قبل الحكومة؟ عندما طالبنا من الأجهزة المختصة أن ترى الملفات وأن ترى على الأقل من عليه ذنب ومن لا ذنب عليه إذ أن اللجوء بسبب الخوف هو عذر محل، قام البعض واعترض، وتحدثوا عن الانتقال إلى إسرائيل، لا. لم ينتقل أحد إلى إسرائيل، لجأوا إلى إسرائيل. هذه الحقيقة. الانتقال يشكّل جرماً. ولم ينتقل أحد برضاه، ذهبوا "هريبة" دون سياراتهم وتركوا أبوابهم مفتوحة، سياراتهم ظلت عند الشريط، دخلوا سيرًا. من يذهب هكذا؟ لم ينقل فرش بيته وسكن هناك، وضعوهم بما يشبه المعسكرات وأسكنوهم جميعًا. نريد أن ننتهي من هذه المشكلة. أصبح هناك جيل كبير لا يتحدث اللغة العربية، جيد، ونريدهم أن يعودوا إلى لبنان. ولا يحق لأحد أن يتحدث عن اللاجئين قبل أن يتحدثوا عن لاجئينا. إذ لن يصدقهم أحد إذا تحدثوا عن لاجئين آخرين وأهملوا أبناء وطنهم اللاجئين إلى إسرائيل، لأنه عند الإنسان، المحبة تبدأ بالذات. لنفتّش عن لاجئينا أولاً ونرجعهم)
قد يؤخذ بجدية ولو بنسب معينة كلام أي سياسي في لبنان عن تعاطفه مع قضية أهلنا اللاجئين في إسرائيل باستثناء العماد ميشال عون لأنه فقد مصداقيته بعد أن انقلب على كل مواقفه السيادية التي كان يسوّق لها بين 1988 و2005 وتبنى بوقاحة الأبالسة نقيضها بالكامل بعد عودته إلى لبنان والتحق بمحور الشر السوري - الإيراني. ومن يراجع خطابه ومواقفه ما قبل ورقة تفاهمه مع حزب الله في محطات معينة من بينها انسحاب إسرائيل من جزين سنة 1999 ومن الشريط الحدودي سنة 2000� سيجد أن هذا السياسي الشعوبي والدونكشوتي قد نكر أهلنا المعتقلين في السجون السورية اعتباطاً وغض الطرف عن ملف أهلنا اللاجئين في إسرائيل وهو يتباهى بالعباءة السورية ويتبنى "على عماها" كل انتهاكات وهرطقات وغزوات حزب الله ويعادي العالم الحر ويهزأ من القرارات الدولية.
كيف يعقل أن يكون كلام عون عن قضية أهلنا اللاجئين في إسرائيل صادقاً وهو يعمل بوظيفة غطاء ماروني لحزب الله ولكل مشاريع رعاته السوريين والإيرانيين وهم من هجر أهلنا إلى إسرائيل وهم من يمنعون عودتهم بالإرهاب والبلطجة وعن طريق الأحكام المفبركة والباطلة؟
نسأل لماذا أعطى عون ضميره وغيرته ووطنيته إجازة منذ سنة 2006 ولم يتذكر اللاجئين في إسرائيل إلا الآن؟ ولماذا لم يضغط على حزب الله لتأمين عودة مشرفة لأهلنا، ولماذا وافق على بيان الحكومة الذي يقول بعودتهم من خلال "لقوانين المرعية الشأن" وهو يعلم أن هذه القوانين التي فرضها حزب الله بالقوة تعتبرهم خونة وعملاء؟ ونسأله لماذا لاذ بالصمت المطبق باستمرار وهو يرى المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن نزار خليل تصدر رزم الأحكام الجائرة والمفبركة بحق المئات من الجنوبيين الموجودين ليس فقط في إسرائيل بل في دول العالم؟
لا، لن يصدق أي عاقل "غيرة" عون المستجدة وهو الذي يبدل ويغير مسميات وعناوين العمالة والخيانة والوطنية كما يبدل ملابسه، ولنا خير إثبات على هذا التلون الشيطاني في ما كتبه بتاريخ 11 حزيران سنة 1999 في النشرة اللبنانية عقب انسحاب إسرائيل وجيش لبنان الجنوبي من جزين تحت عنوان "من منكم بلا عمالة فليرجمهم بحجر، وهو هنا يتكلم عن حزب الله وسوريا وعن كل جماعة تجار المقاومة وليس بالطبع عن القوات اللبنانية أو الكتائب.
كتب عون يقول: ("أكثر العملاء عمالة، يشكلون اليوم أغلبية المطالبين بمحاكمة عادلة للّذين تطوعوا في جيش لبنان الجنوبي دفاعاً عن قراهم بعد أن تركتها الدولة اللبنانية فارغة من كل سلطةٍ قادرة على تحمُل مسؤولية أمن القرى. والأشد غرابة، أنّ هناك اليوم من يتاجر بهؤلاء الشبّان كما الرقيق في عهود العبودية، ويبادر إلى تسليمهم للمحاكمة بدلاً من أن يتحمّل مسؤولية الدفاع عنهم كما دافعوا عنه وعن وجوده". "إن جريمة التعامل لا تنطبق على هؤلاء، فهم في حالة الدفاع المشروع عن النفس، إنّما تنطبق على عناصر الحكم الذين يتعاملون مع أكثر من طرف خارجي، ويضطهدون مواطنيهم للاحتفاظ بالسلطة الفارغة من كل مضمون. إن ملفاتهم مليئة بالعمالة والعمولة والدم. وهل هناك جريمة تعامُلٍ وعمالة أكبر من التنازل عن السيادة والاستقلال ورهن الأرض وإرتهان الإنسان؟"). اضغط هنا لقراءة المقالة
�http://www.10452lccc.com/aoun.arabic.editorials/n98.11.6.99.pdf
هؤلاء الذين يصفهم عون في كلامه سنة 1999 في مقالته هو يعمل اليوم غطاءً ومتراساً لممارساتهم ومشاريعهم وغزواتهم ودويلتهم وسلاحهم وهم الذين يمنعون عودة أهلنا من إسرائيل ويقوضون السيادة ويمنعون استعادة الاستقلال ويرهنون المواطن والوطن والدولة لإيران وسوريا وحزب الله.
إن سياسياً يناقض مواقفه لهذا الحد الفاضح لا يمكن الوثوق به لا اليوم ولا غداً ولا في أي يوم، ولا في أي قضية أو موقف، وكلام عون عن قضية أهلنا اللاجئين في إسرائيل لا قيمة له ولا صدق فيه خصوصاً وأنه جاء مع منع وتحريم عون "الإلهي" الحديث عن المقاومة بقوله: "نرفض أن يتحدث أحد بعد اليوم عن المقاومة في لبنان"، ونقطة على السطر كما يقول صديقنا دولة الرئيس عصام أبو جمرة لأن عون الفاقد ذاته ووجدانه والضمير لا يقدر أن يعطي ما هو ليس عنده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق