سعيد علم الدين
لماذا الخوف من الحرية وصم الآذان امام حقائق التاريخ المدوية وتطور المجتمعات والأمم والمعارف والازمان؟
ولماذا الاختباء خلف ستائر مظلمة وجدران سميكة من الرياء، ستعصف بها رياح العصر الحديث وتعريكم على حقيقتكم، اذ لم يكن الآن فغدا.
وغدا لناظره قريب واقرب اليكم يا اعداء الحرية وكارهي ثقافة الحياة من حبل الوريد!
كيف لا، وقطار الحرية قد علا صفيره في ارجاء الارض قاطبة، وارتفع بخاره الابيض النقي في عنان السماء، وانطلق بمحركاته العملاقة هادرا قادرا يشق طريقه رغم العوائق والحواجز وصحاري الفكر القاحلة، ولن يقف عاجزا على ابواب انظمة الاستبداد السياسي والديني واجهزة المخابرات والجلد والحقد والاعدام وسفك الدماء، ورفض حقوق الانسان بمبررات من صنع ثقافة الموت والفساد والغباء والجهل والتخلف والظلم والطغيان.
انتم بمحاولاتكم اليائسة في والوقوف في وجه الحرية يا آل ابي جهلٍ، انما تريدون وعن سابق تصور وتصميم حجب شعاع الشمس بالغربال.
انتم ستفشلون حتما وستتخبطون في مستنقع الضعة والفقر والفاقة والوبال خبط عشواء ومن اضمحلال الى زوال!
فالحياة للاقوياء في حريتهم والضعفاء يندثرون في استبدادهم.
هذا قانون طبيعي لا غبار عليه تؤكده وقائع هذا الزمان.
وفقط المجتمعات المبنية على اسس الحرية والديمقراطية هي المجتمعات المتينة المتماسكة الموحدة المزدهرة المنطلقة والقوية.
فقطار الحرية قد انطلق ولن يقف في طريقه عائق:
ليهد اصنامكم العالية فتذروها الرياح، ويصلح معتقداتكم الظلامية الواهية فتستنير بنور الصباح، ويهز ثوابتكم المتهاوية عليكم، ويغربل مجتمعاتكم من عادات وتقاليد بالية، ويقضي على انظمتكم الاستبدادية الدكتاتورية المستكبرة المتعالية على حضارة العصر.
فقطار الحرية هو قطار الحياة وازهار الربيع وزقزقة العصافير على الاشجار الخضراء.
وقطار الاستبداد هو قطار الموت واوراق الخريف المتساقطة ونعيق الغراب على يُبوس اشجار الزقوم.
وقطار الحرية انطلق في هذا العصر الالكتروني وبسرعة ثورة الانترنيت والعلوم والمعرفة والمعلومات التي اخترقت غرفكم والآفاق واسرع بكثير من البرق والبراق.
فدابة البراق ذات الجناحين احتاجت في طيرانها العادي الى وقت عادي لقطع المسافات والبوادي، اما البريد الالكتروني محملا بالصور والملفات، فانه يقطع عشرات، بل مئات الالاف من الكيلومترات وببرهةٍ وثوان ومن دون جناحان.
وان توقف قطار الحرية ففقط للحظات هي سنوات مما تعدون، وسيتابع سيره منتصرا على الطغاة بقوة الكلمة الحق، وصلابة الفكر الحر، وتقدم العلم وسرعة ثورة الانترنيت وتسارع انتقال الافكار النيرة والمعلومات.
فإحدى السمات التاريخية المتأصلة في المجتمعات العربية وباقي الشعوب والدول الاسلامية هو الاستبداد معطوفا على الخوف من الحرية.
وكانها البعبع الأكبر الذي سيفكك مجتمعاتهم المفككة اصلا بسبب التسابق ومنذ سقيفة بني ساعدة على السلطة الدنيوية: مذاهب وشيع وفرق ونحل وجماعات، والريح التي ستعصف بمعتقداتهم الدينية التي تهلعون خوفا عليها من حق الانتقاد، والحوت الذي سيبتلعهم الى غير رجعة ويتركهم فتاتا على موائد الامم المتقدمة والمزدهرة والقوية. والغريب في الامر ان احدي اهم الاسباب التي ادت بالامم الاخرى لكي تصبح متقدمة ومزدهرة وقوية هي الحرية والتزام مبادئ وقيم الديمقراطية.
فالى اين انتم هاربون من نور الحرية؟
والاجيال القادمة لن تسامحكم على جبنكم يا آل ابي جهل!
واعلانكم الحرب الضروس على الحرية لن ولن ينفعكم فهي لن تنفك تغزوكم في عقر دياركم وتهز اسس مجتمعاتكم بسلاسة الضوء العنيد، يبدد ظلام الليل الشديد ليبزغ فجر نهار جديد.
محاربة الحرية وفرض نظام استبدادي بالعنف والارهاب والقمع وخنق المجتمع بدين او مذهب او عقيدة او فكر واحد هو الارض الخصبة لولادة التطرف والجهل والتعصب، وايضا الارض الخصبة للثورة على واقع ميئوس لن يدوم ومهما استعملت للحفاظ عليه من مبررات وعمليات لف ودوران.
ومن الاستبداد يولد الفساد الذي يقود الدول والمجتمعات الى الأفول والفناء.
ومن الحرية تولد الديمقراطية التي تقود المجتمعات الى الحضارة والرخاء.
ومن هنا فقدر الأحرار ان يكونوا مشاعلها، والا كيف سيستطيع عالمنا العربي الخروج معافيا من الكابوس.
والا كيف ستنتصر الحرية على العبودية والبسمة على العبوس، الديمقراطية على الشمولية والعدل على الظلم، القانون على شريعة الغابة والنور على الظلام، التسامح على الحقد وثقافة الحياة والامل على ثقافة الموت والانتحار!
مع انه وبكل بساطة محاربة مسيرة الحرية والديمقراطية هو الدليل القاطع على الخوف والضعف والتقهقر والهزيمة وعدم الثقة بالنفس. وفقط ضعيف الشخصية، وفاقد الارادة، وضيق الصدر والخائف والمرتعب والمتكبر والمغرور والمتردد والموتور هو العديم الثقة بنفسه.
وما يقال عن الانسان يقال عن المجتمع. فالمجتمع هو اصلا انسان تكاثر مع الزمن ليتحول الى قبائل ومجتمع ودول.
فقدر الأحرار ان يكونوا مشاعل مضيئة لتزهو الحرية وتشرق شمسها في شرقنا الغارق في مستنقع القمع والاستبدادات بالجملة:
من الاستبداد الديني الى السياسي الى الفكري الى العقائدي الى الأبوي الى الأخوي الى العائلي الى القبلي الى العشائري الى الاجتماعي .... الخ.
انه مستنقع من الاستبدادات لا يبرره الا الخوف من الحرية.
والى اين أوصلت الحرية دول الغرب؟
الى ان تنعم بالسلام والأمان والوحدة وتقود العالم في جميع الميادين وتغزو الفضاء وتركب برق السماء وتصل الى القمر.
وماذا ادى الاستبداد بدول الشرق؟
الى ان تكون دول مفككة هجينة متقهقرة وغير قادرة على مواجهة تحديات العصر لافتقارها الى الحرية.
وبالتالى ان تتخلف عن باقي الامم والشعوب، وتغرق في متاهات الفتن والتشرذم والحروب، وتبقى رغم مواردها الهائلة عالة على الاخرين .
ليس هذا فحسب، بل وشعوب الشرق تنقل آفات التخلف ومرض الاستبداد يله يله وبكل جرأة ووقاحة الى المجتمعات الديمقراطية الحرة.
ولا عجب ان يكزدر النقاب مغرورا في الشانزليزيه الباريسي وان يتغندر الحجاب ذهابا وايابا في شارع الكودام البرليني.
ولا عجب ان يدك المرتعب من نور الحرية اسامة ابن لادن وباقي شلة العميان من بني طالبان ابراج نيويورك بالطيران.
ولا عجب ان يسكنوا المغاور والكهوف والسراديب والملاجئ والحفر والانفاق والثقوب فهذا مأوى آل ابي جهل وبئس المصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق