سعيد علم الدين
اذا كنا بالكلام والطباشير والمحايات وأدوات الغسيل نريد ازالة اسرائيل عن الخارطة فابُشِّرُ قوم المزايدين والممانعين بانها باقية على قلوبنا وقلوبهم وبهمة ثرثراتهم وعنترياتهم الى امد طويل.
واذا كنا ببيانات التضامن مع الشعب الفلسطيني، والتنبير على المنابر بتحرير القدس واستعادة كامل حبات تراب فلسطين، حبة حبة حسب ادبيات الشيخ نعيم قاسم، وايضا تغير وجه المنطقة ايرانيا، ورسمها باقلامنا ورقيا، كما يدَّعي السيد نصر الله بين الحين والحين. فالافضل لنا ان نسكت ونحترم انفسنا اذا لم نكن حقا فاعلين. فكفى ثرثرة وضحكا على ذقون الملايين.
فشعب فلسطين وبعد طول هذه المعاناة الاليمة والمدمرة والمستمرة منذ 80 عاما والنازفة المستعرة، لا يحتاج الى بيانات التضامن من افواه المزايدين والممانعين والمزمرين والمطبلين وثوار الشاشات المقعدين والمعرقلين فقط لمسيرة السلام للمتاجرة الى الأبد بقضية فلسطين، وانما يحتاج الى العاقلين والمعتدلين القادرين على مساعدته للخلاص من محنته الكبرى دون ضجيج وصراخ وتمنين.
وهذا نتنياهو اللعين يقول حتى لحليفته الاكبر امريكا طز فيكي وبسياستك. ويعلن رغم انف اوباما وكلينتون وباقي العالمين استمرار سياسة الاستيطان في كل فلسطين.
نحن نحصد اليوم بهذا التطرف الاسرائيلي الصارخ ما زرعه تطرف حماس وحزب الله ومن ورائهما ايران وسوريا، والذي بضجيجه عقد القضية عن الحل، وقدم الاعذار لصقور اسرائيل، وعسكر المجتمع الاسرائيلي الذي اوصل ردا على متطرفينا الفاشلين متطرفيه الفاعلين الى سدة الحكم.
والفرق هنا شاسع جدا. فبينما محور ممانعتنا وحماسنا وخالد مشعلنا وحزب الاهنا ونعيم قاسمنا وبعث بشارنا واحمدي نجادنا وناصر قنديلنا وميشال عوننا وحسن نصرنا واسعد حرداننا ووئام وهابنا وسليم حصنا ونجاح واكيمنا ونبيه برلماننا وعاصم قناصنا ومحمد رعدنا يرعدون ويهددون ويتوعدون بالكلام فان المتطرفين الاسرائيليين يفعلون فعلهم الإجرامي على الارض ويهودونها كما يريدون ويرسمون الخرائط بالفعل وليس بكلام العاجزين.
وبما ان الكلام ليس عليه جمرك فقد دعا حزب الله بدل ان يفعل وكفى الله المؤمنين شر القتال الى:
" أوسع حملة تضامن حقيقية مع الشعب الفلسطيني ولقيام الشعوب العربية والإسلامية بواجبها الديني والأخلاقي تجاه هذا الشعب"
هذه الكلام اذا صدر عن مصر او تركيا او المغرب او السعودية او الاردن او ماليزيا او جزر القمر او عادل امام او تيار المستقبل، فانا لا اعتب عليهم لانهم جميعا يعملون ضمن الممكن على مساعدة الشعب الفلسطيني. حتى ان حزبا الكتائب والقوات اللبنانية يعلنان في كل مناسبة تضامنهما الكامل مع الشعب الفلسطيني. والدكتور سمير جعجع في مؤتمر 14 اذار في البريستول انتقد سياسة العدو الاسرائيلي وممارساته بحق القدس والشعب الفلسطيني انتقادا لاذعا مطالبا باستراتيجية عربية يكون لبنان من ضمنها.
اما ان يصدر هذا الكلام عن حزب الله الذي يهدد ويتوعد ويرعد ويزبد يوميا على السنة مشايخه الثوار الكبار وبالجملة والمفرق من قاووق الى قاسم الى نصر الله الى يزبك الى صفي الدين بالتحرير واستعادة كامل تراب فلسطين، ليس هذا فحسب بل هم يملكون عشرات الالاف من المقاتلين الأشداء المدربين والذين احتلوا بيروت بطرفة عين، و عشرات الالاف من الصورايخ القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى، وقالها نصر الله في رده على التهديدات الاسرائيلية بان صواريخه قادرة على الوصول الى أي مكان في اسرائيل. واذا ضربتم مطار بيروت فسنضرب مطار بن غوريون.
فها اسرائيل تضرب اسس المسجد الاقصى وتذل شعب الاقصى فلماذا لا تضربها يا حسن نصر الله؟
الحقيقة المرة هي ان كلام حزب الله في واد والشعوب العربية والاسلامية في واد اخر!
والدليل أين المظاهرات الجماهيرية المليونية للشعوب العربية والإسلامية تضامنا مع الشعب الفلسطيني وما يحدث في القدس؟
ويا للمفارقات العجيبة الغريبة في عصر حزب الله والثورة المذهبية الايرانية الخمينية الاكبر في التاريخ الكوني على الاطلاق.
ففي الوقت الذي ينتفض فيه الشعب الفلسطيني وحيدا بالحجارة ويخوض مواجهات بطولية وشجاعة شرسة بجسده العاري مع جيش الاحتلال الاسرائيلي المدجج بالسلاح، ينتفض الشعب الايراني البطل بجسده العاري، ليس لنصرة الشعب الفلسطيني وللتعبير عن غضبه لما يحدث في القدس، وانما ضد جلاديه الملالي ويحرق صور خميني وخامنئي ابطال تحرير القدس ويوم القدس وفيلق القدس وصاروخ القدس والمتاجرة بآلام القدس وشعب القدس.
ولن يفيد القدس والشعب الفلسطيني الا سياسة الاعتدال العربي ضمن استراتيجية عملية واضحة المعالم، كاملة متكاملة، في وجه اسرائيل، تعتمد كل الوسائل الممكنة، وتسخر كل الطاقات والامكانات والقدرات العربية والاسلامية والدولية الصديقة من اجل قيام الدولة الفلسطينية السيدة المستقلة وعاصمتها القدس الى جانب دولة اسرائيل.
ما اسلفناه يؤكد الحقيقة المرة بان كلام حزب الله في واد والشعوب العربية والاسلامية في واد اخر. ويؤكد بالتالي فشل نظام ولاية الفقيه التثويري الذي تحول الى نظام استبدادي قمعي شعبوي لا قضية له سوى الاستيلاء على السلطة بسفك الدماء. مثله مثل غيره من انظمة الشعارات الثورية الجوفاء !
وهذا ما يريده نصر الله ايضا، الا وهو الاستيلاء على السلطة في لبنان وقمع باقي الطوائف والاحزاب.
الا يخشى نصر الله من انتفاضة شيعية حرة ضد سياسته الحمقاء في عرقلة قيام الدولة اللبنانية، وممارساته الاستكبارية بحق اللبنانيين من الطوائف الاخرى، كما يحدث الان ضد سياسة خامنئي الاستكبارية الفوقية على شعب ايران الحر؟
ومن المفارقات العجيبة الغريبة في عصر حزب الله والثورة المذهبية الايرانية الخمينية الاكبر في التاريخ الكوني على الاطلاق، ان يتعرض شرفاء اللبنانيين كالمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي الى الهجوم من قبل حزب الله وجماعة شكرا سوريا، لما حققه من انجازات مميزة في كشف شبكات التجسس الاسرائيلية، ولما حققه من انتصارات على الارهاب في معارك نهر البارد، ومن سهره على امن اللبنانيين وبسط سلطة القانون والدولة في الوقت الذي يعبث حزب الله بامن اللبنانيين ويعمل على بسط سلطة دويلة ولاية الفقيه الشمولية القمعية.
لا بد من القول ان سياسات العرب الغوغائية الخاطئة في الستينيات ومنها اليوم سياسة حزب الله وحماس وسوريا زائد ايران هي التي اوصلت اسرائيل الى هذه الغطرسة والتحدي الصارخ لكل الشعوب العربية والاسلامية والشرعية الدولية.
حتى انني اقولها وبضمير مرتاح بان حروب حزب الله وحماس المدمرة والكارثية علينا قدمت اجل الخدمات للمتطرفين نتنياهو وليبرمان ولنشطاء الحركة الصهيونية في تهويد كامل فلسطين وساعدتهم على تحقيق مشاريعهم في منع قيام الدولة الفلسطينية.
ان من يريد ان يختزل تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بحرب تموز وصمود المقاتلين اللبنانيين في وجه الجيش الاسرائيلي كما يفعل حزب الله، فلا عجب ان يقع في المهالك القاتلة ويرتكب الحماقات الفاشلة.
الأربعاء، مارس 17، 2010
حزب الله يدعو بدل ان يفعل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق