صالح النعامي
في مذكراته يعرب الجنرال ماتي هود قائد سلاح الجو الإسرائيلي أبان حرب العام 1967 عن هول المفاجأة التي صدم بها هو وزملاؤه في هيئة أركان الجيش عندما اكتشفوا أنهم قد بالغوا في الإعداد لهذه الحرب. ويقول إيهود " لقد وضعنا في حساباتنا أن تستمر عملية قصف المطارات المصرية أسبوعاً على الأقل على افتراض أن سلاح الجو الإسرائيلي سيلقى مقاومة ما من الدفاعات الجوية المصرية، أو أن تتسبب هجمات الطائرات المصرية المضادة في التشويش على الخطة الإسرائيلية، لكن ما حدث أن تدمير الجيش المصري بالكامل وطائراته ومطاراته لم يستغرق أكثر من ست ساعات.....". لم يبد إيهود ندماً على الاحتياطات التي اتخذتها إسرائيل عشية الحرب، ومع ذلك يمكن القول أنه بالغ بالفعل كثيراً في الاستعدادات للحرب، حيث كانت مصر عبد الناصر أبعد ما تكون عن الاستعداد للحرب. ولعل الذي يشير إليه الكاتب المصري صالح مرسي الذي كان شاهد عيان على الحقبة المصرية يدلل على مبالغة إيهود. ويشير مرسي أنه في الفترة الممتدة من العام 1961 و1966 تفجر خلال عميق ومتشعب بين جمال عبد الناصر ووزير حربه عبد الحكيم عامر، ومحور هذا الصراع كان الخلاف بين الإثنين على الحق في اختيار " مطرب الثورة ".
وكما يقول مرسي فإن عبد الناصر كان ذا تركيبة نفسية تأبى أن تسلم بوجود من ينافسه على حب الجماهير، ولما كانت أم كلثوم " قد تربعت على قلوب المصريين كصاحبة للصوت الساحر ، فإن عبد الناصر أراد أن يحطمها ويرفع للصدارة عبد الحليم حافظ الذي كان في ذلك الوقت مطرباً ناشئاً. توجه ناصر هذا أثار حفيظة عبد الحكيم عامر، الذي لم يغفر لعبد الحليم حافظ أن كان السبب في إهانة الجماهير الجزائرية له، حيث تصادف أن قام كل من عامر وعبد الحليم حافظ بزيارتين منفصلتين للجزائر، وقد جن جنون عامر الذي رأى آلاف ، الجزائريين الذين يحملون المطرب الغض على الأعناق، في الوقت الذي لا يعيرون الجنرال الكبير أي اعتبار، من هنا جاء دفاع عامر المستميت عن " أم كلثوم "، وإصراره أن تكون " مطربة الثورة ".
الدكتورة رتيبة الحفني التي تتبعت موقف الحكم الناصري من المطربين في تلك الحقبة أكدت أن الحكومة المصرية أولت هذه القضية اهتماماً بالغاً، حيث تحولت جلسات الحكومة المصرية في كثير من الأحيان إلى مناسبة للإنشغال في المقارنة بين " كوكب الشرق " و " العندليب الأسمر ".
لكن الباحثة المصرية نادية فؤاد سراج الدين تؤكد أيضاً أن عبد الناصر حاول توظيف المطربين في مغازلة الإسرائيليين، فأشاد بالمطربة ليلى مراد ودورها في دعم الثورة، مع العلم أنها يهودية وكانت قد تبرعت بأكثر من خمسين ألف جنيه لصالح الوكالة اليهودية، لكي يؤكد لرئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت دفيد بن غوريون أن الحكم الناصري لا يكن عداءً لليهود.
من هنا يتضح أن جدية إسرائيل في الاستعداد لحرب 67 لم تكن في مكانها.......!!!
Saleh1000@hotmail.com
الأربعاء، مارس 17، 2010
حرب الأيام الستة... بين مطربين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق