فـــــادي الحــــــــاج
عزيزي المواطن اللبناني, انا اعرف جيداً ان الكثير منكم عانوا بشكل او بآخر من هذه المشكله, لقد فقدنا الامل من محاولة ايصال هذه المشاكل للمسؤوليين المعنيين ولوضع حد لها, ولكن لا يمكننا التوقف عن التذمر والشكوى لغير الله مذللة. اذا جربت ان تساوي أى معاملة مهما كانت بسيطة او اوراق ثبوتية من اى نوع كانت؟, او اى اجراء قانوني في معظم واغلب الدوائر الحكومية في لبنان, حتى وللأسف في عصرنا هذا, زمن التكنولوجيا والانترنت والتحديث الالكتروني, سوف تجد ملخص عن طريقة معاملتك من قبل الاداريين في هذا السيناريو.
يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الاشراف على الأباريق لحمام عمومي في القديم الزمان في احدى الدول العربيه، والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته. ثم يرجع الابريق الى صاحبنا، الذي يقوم باعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.
في إحدى المرات جاء شخص وكان مستعجلا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق, نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة اليه فرجع الرجل على مضض، وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق
سأل مسؤول الأباريق لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق، فقال مسؤول الأباريق بتعجب إذن ما عملي هنا؟!, إن مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى. مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج الى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح زعيم الأباريق!!
إن زعيم الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في الوزارات أو في المؤسسات أو في الجامعات أو المدارس أو في المطارات، بل لعلك تجده في كل مكان تحتك فيه مع الناس! وفي اى موضوع كان!
ألم يحدث معك، وأنت تقوم بانهاء معاملة تخصك، أن تتعطل معاملتك لا لسبب الا لأنك واجهت زعيم الأباريق الذي يقول لك اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين، ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج الا لمراجعة سريعة منه. ثم يحيلك الى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته الا اذا تكدست عنده المعاملات وتجمع حوله المراجعون او اذا رشوته انه زعيم الأباريق يبعث من جديد!
إنها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله!, إن ثقافة زعيم الأباريق تنسحب أيضا على المدراء والوكلاء والوزراء, تجدها في مبادئهم حيث إنهم يؤمنون بالتجهم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتها, لكي يوهموك بأنهم مهمون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم!! وهذا المواطن المسكين يدفع الثمن النفسي و المادي وهل من مسؤول؟ يعمل في مبدء ضع نفسك مكان الآخر, والعمل على تطبيق النظام ومكافحة الفساد الاداري ومعالجة قضايه الناس وتسهيل وتوضيح سبل التعامل مع الدوائر. الانسانية والصدق في العمل لا علاقة لهم بالميزانية او الأنتمائية والتواضع والبساطة هما الاساس في المعاملة مع الناس.
ولقد جاء في الحديث الشريف
(اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فشق عليه) ، ولكنك تستغرب من ميل الناس الى الشدة والى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة، ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء! إنها دعوة لتبسيط الأمور لا تعقيدها ولتسهيل الاجراءات لا تشديدها وللرفق بالناس لا أن نشق عليهم، ولكم نحن بحاجة للتخلص من عقلية زعيم الأباريق. (وما أكثرهم في هذا الزمان).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق