مجدي نجيب وهبه
كالعادة تواصل جريدة صوت الأمة عروضها بنجاح منقطع النظير فى إثارة إحتقان ومشاعر الشارع المصرى وزرع الفتن الطائفية ...
ففى العدد الصادر فى 26 مارس 2010 عنوان بالبنط الكبير " مفاجأة .. نواب الإخوان المسلمين يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية وقطع يد السارق وأن يدفع القاتل دية 100 بعير لأهل القتيل " .
فى خطوة مفاجئة قد تثير جدلاً سياسياً وطائفياً طالب النائب الإخوانى أكرم الشاعر عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين بتطبيق الحدود الشرعية الإسلامية مثل قطع يد السارق وجلد الزانى ، وتقدم بمشروع قانون لمجلس الشعب الأسبوع المنقضى ... الأمر الذى أثار مخاوف الأقباط من تطبيق الحدود الإسلامية عليهم خاصة أن تشريعاتهم لا تنص على ذلك ، كما تقدم نائب إخوانى أخر هو على لبن بمشروع قانون لتعديل قوانين جرائم القتل يحدد فيه قيمة الدية وفق الشريعة الإسلامية بـ 100 بعير ومطالب بإلغاء عقوبة الإعدام فى حالة قبول أهل الضحية للدية ، وقال النائب إن دار الأفتاء رفضته وأنه ينتظر الوقت المناسب لتجديد عرضه داخل مجلس الشعب .
وأفاد الشاعر أنه لن يطبق قطع يد السارق إلا بشرط أن يكون السارق من "الحرامية" الكبار وطبقاً هذا لا ينطبق على الفقير الذى يسرق ليأكل أو ليطعم أولاده ... أما على لبن فقد حدد قيمة الدية بمائة بعير أى ما يساوى " مليون جنيه " ونفى لبن أن يؤدى التعديل الذى تقدم به إلى مخاوف الأقباط أو حتى اليهود .
وبالعودة للخبر المفاجأة الذى نشرته صوت الأمة لم يقل لنا نائب الإخوان أكرم الشاعر كيف ستحدد الشريعة أن هذا يستحق قطع اليد أم أن الحاجة والفقر هو الذى دفعه للسرقة ، وهل فى هذه الحالة يتم العفو عنه .. ثم يتحدث عن مخاوف الأقباط وما أصابهم من رعب خشية تطبيق الحدود الإسلامية عليهم ، ويبدو أنه كتب علينا أن نتورط مع أصحاب بعض الفتاوى فكلما حاولنا الخروج من دائرتهم الجهنمية نجد شيوخ وجماعات التطرف والتكفير تجبرنا على الدخول فى دائرتهم " المكفراتية " للرد عليهم .
فهناك من لا يعترف بهم فماذا يقول أحد رموز الإخوان عنهم ، فى الوقت الذى هم يكرهون خصومهم ولا يقدرون من يختلف معهم فى الرأى ولم يقل لنا الإخوانى أكرم الشاعر كيف يكون حال الأقباط والذين وصفوهم بالكفر تارة والنفاق تارة أخرى وقد أصابهم الرعب حينما علموا أن هناك إجتماع لكوادر الإخوان المسلمين يطالبون فيه بتطبيق الشريعة الإسلامية ، ونسأل النائب الإخوانى أى شريعة تحكمون بها وأنتم خاوون تحرضون على الأخر ، وتأمرون إخوانكم أن يحبوا بعضهم البعض وهذا جميل ، ولكنكم فى المقابل تأمرون هؤلاء الأتباع بكراهية الأخرين .. بل ويطلقون على هذا " الحب فى الله .. والكره فى الله " .... أى شريعة تحكمون بها وأنتم ترون فى الجمال قبح وفى الديمقراطية فجوراً وتطاولاً وفى الحرية تسيباً وإنفلاتاً ... تكرهون الفكر وتعادون الإستنارة وتدعون إلى ردة حضارية وإنسانية وعلمية ، تتحدثون عن الأخلاق وأنتم أبعد الناس عنها ، تكذبون بلا خجل مع أن الكذب رذيلة ... تتأمرون فى دهاء وتخطيط محكم لا يقدر عليه إلا الشياطين ومع هذا تتحدثون عن الفضائل والأصالة والنبل ... تسرقون وترتشون وتزورون وتختلسون وتتحدثون عن الشرف والأمانة وتطالبون بقطع يد السارق .. أى سارق تقصدون ؟! ... أى شريعة تحكمون بها والدين عند البعض منكم تحول إلى شئ واحد فقط هو " الجنس " ....
خربت الدنيا .. ضاعت الأخلاق .. أهدرت القيم .. هناك ساق عارية .. إمرأة سافرة لا ترتدى النقاب أو الخمار أو الشادور ... إمرأة تعمل وسط بعض الرجال فأصدرتم فتوى إرضاع الكبير حتى لا يحل لها ويعتبر أخ لها وليس زميلها فى العمل تجنباً للفتنة والإفتنان ... إنهم فئة ضالة تخطط وترتب وتنفق الأموال لا تهدف إلى إصلاح حال المجتمع ولا حال الدين ... والأخلاق عندهم خارج كل الحسابات ولكنهم يسعون إلى خلق حالة من التمزق والإختلاف بين الأقباط والمسلمين حتى يتمزق ويتفتت المجتمع ، فهم لا يقدرون مدى تأثير العبث والإثارة والتحريض والخراب الذى يمكن أن يحدث بسبب تلك التصريحات والفتاوى .
فها هو وكيل وزارة الأوقاف شيخ أزهرى يؤلف كتاب عنوانه " التدين الظاهرى " ، وهذا الخبر هو ما تم نشره بنفس العدد بجريدة صوت الأمة وإن لم نكن نسمع عن هذا الشيخ الذى يدعى الشيخ " قرشى " إلا أن صوت الفتنة إختارت وقت أسبوع الألام وإقتراب عيد القيامة وأعياد شم النسيم لتفجر قنبلة الفتنة والتطرف والتحريض .
كتاب لشيخ أزهرى متطرف جعل عنوانه التدين الظاهرى لم يكن له مصير سوى سلة القمامة ، حيث يقول هذا الشيخ أن الإحتفال بشم النسيم بدعة وثنية وهى الفكرة التى تقلدها النصارى وإحتفلوا بعيد القيامة بعد موت المسيح ودفنه بزعمهم الكاذب فسبحان الله الذى يقول " وما من إله إلا إله واحد " ، ومن ثم لا يجوز للمسلم أن يشارك فى هذه البدعة وتقليد أهل الكفر والضلال ، كما أن الإحتفال بعيد الأم وأعياد الميلاد لا يجوز ، وكلها مأخوذة من النصارى واليهود وإستشهد بقول الرسول " لا تتشبهوا باليهود ولا بالنصارى " وتمتلئ الصفحة بمهاترات " القرشى " فالدش والفضائيات تشكك المسلم فى دينه .. والتعرض لعقائد اليهود والنصارى والوثنيين والتليفزيون يقدم الفوازير الراقصة والأحلام الداعرة والجرائد تقدم سموم العلمانيين للقراء ، كما لا يجوز عرض التماثيل فى محال الملابس إلا بعد قطع رأسها ... ولم يقل لنا صاحب الفتوى رأيه فى تمثال سعد زغلول أو أحمد عرابى أو عبد الناصر أو السادات أو حسنى مبارك أو تماثيل أجدادنا الفراعنة .. قطعاً إذا سألته سيكون رأيه هو تدمير هذه التماثيل كما حدث مع بداية حركة " طالبان " .
وللأسف يصدر الكتاب عن أحد شيوخ الأزهر بل هو وكيل وزارة الأوقاف فهل مازال فى منصبه ليلقن الأخرين الحقد والكراهية لدى الأخر ، وماذا ينتظر المجتمع المصرى من أفكار هؤلاء المخرفين والتى يتم نشرها على صفحات صحف الفتنة والتطرف وإذا سألتهم ماذا تبغون من هذا النشر لهؤلاء المخرفين سيقولون لنا إنها حرية الصحافة وإننا نحذر المجتمع من تلك الأفات المتطرفة ولكن الحقيقة أنهم يحرضون على الكراهية ونبذ الأخر وزرع الفتن بين عنصرى الأمة بنشر تلك الهرطقات فليس من أخلاقيات مهنة الإعلام والصحافة أن كل ما يكتب يتم نشره ، ثم بعد ذلك هل مازالت الدولة تبحث عن دورها فى المجتمع المصرى وعن الزحف المقدس نحو الإقتصاد والصحة والتعليم والتطور ومواكبة العالم المتحضر وإقامة المحطات النووية للأغراض السلمية ..
أما عن الحكم بدفع 100 بعير دية لأهل القتيل فيبدو أننا سوف نبحث عن شيبوب وعنتر بن شداد وعبلة وأين تقع جزيرة داختستان حتى يتم الحصول على البعير منها ، ثم ماذا لو كان ملك داختستان رفض أن يعطى البعير لأهل القاتل ، وأصر أهل القتيل على الحصول على الدية من البعير ، ثم ماذا سيكون الأمر لو أن أهل القتيل يسكنون إحدى الشقق الفاخرة فى أحد العقارات بالزمالك ، فهل يتم ربط البعير وإطعامهم أمام العقار ، وماذا لو تم رفض هذه الظاهرة من بعض سكان العقار هل يتم اللجوء لشيخ القبيلة لفرض البعير عليهم ؟!!!
أيها السادة متى نفيق من غفلتنا ، ومتى نستيقظ من الغيبوبة التى أصابتنا ، وهل هؤلاء المخرفون يدعون أنهم يدافعون عن الإسلام ويحسّنون صورته فى الغرب وهى الصورة التى إرتبطت بالإرهاب فى العالم الغربى ... بالقطع أنهم فئة ضالة فاسقة يدججون الصفحات ويعقدون المؤتمرات ويهددون بعودة الإرهاب بل وراحوا يتهمون الناس بالكفر ، لا لشئ إلا لأنهم يريدون تفجير قنبلة من الدخان يغطون بها على فسادهم وجهلهم وتخلفهم .. فهل ما يسعى إليه هؤلاء المتنطعون هو توصيل رسالة لشيخ الأزهر الجديد حتى يسير على دربهم ، أم يقومون بالهجوم عليه بإضعافه وإسقاط هيبته وإسكات صوته .
إنهم ليسوا سوى طيوراً للظلام .. خفافيش تطير فى البرك والخرابات والمستنقعات وأسفل الكبارى ولا تظهر فى النور ... لقد صارت رائحتهم عفنة .. شاركوا شيوخ الخليج والبيزنس .. حرموا وأباحوا حسب أهوائهم الشخصية والحديث المفضل لهم هو حجم النار ونزول البلاء والكرب العظيم .
ونتساءل هل ستظل الدولة تداعب هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بل ويتم تخصيص صفحات كاملة لما تسمى بصحف المعارضة أو الصحف الخاصة ، وهل ستظل الدولة فى غيبوبة وتظل تمارس معهم لعبة القط والفار ولمصلحة من يتحول الوطن إلى تكتلات كل يتربص بالأخر فهل من حل ؟!! ، وما هو موقف فضيلة الإمام شيخ الأزهر د. أحمد الطيب من هذه الهرطقات التى يطلقها وكيل وزارة الأوقاف ويصدر بها كتاب يحمل إسم الداعية " قرشى سيد سلامة " ، ومتى نكف عن التدخل فى العقائد وأديان الأخرين .. ومتى يحترم كلا منا عقائد الأخر ، هل نجد إجابة لدى الدستور والقانون ورئيس الدولة حتى يكف الجميع عن هذه الهرطقات ؟... أفيدونا يرحمكم الله .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email:elnahr_elkhaled2009@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق