الياس الزغبي
بماذا يتّصف الرجل السياسي أو الزعيم السياسي بأهم من صفة المدرك وصاحب الرؤية؟
وبماذا يتميّز رئيس أو قائد عن مرؤوسيه أو جنوده، إذا لم يكن بحسن الدراية والإدارة ودقّة التبصّر؟
سؤالان برسم العماد ميشال عون الذي حباه الله ميزة القيادة ومحضته الصدف والظروف السياسية والأمنية (وطيبة الناس) شعبية وزعامة استثنائيتين.
لم يبلغ زعيم سياسي لبناني ما بلغه عون من عزّ شعبي بلغ أوجه سنة 2005 (لم تكن لديه أي وسيلة إعلامية انذاك، وتراجع العز حين أصبح يملك كل أنواع الإعلام، أليس في ذلك مفارقة صاعقة تستدعي التوقّف والمساءلة ؟).
هذا الانحدار القياسي (لم يستغرق أكثر من ثلاث سنوات وهي مدّة سريعة جدّا في تحوّلات الأجسام السياسية الحيّة) سلك بوتيرة منتظمة خطّ الانحسار والانكماش من حالة وطنية إلى عالة حكومية تحت شعار خاو خادع: حقوق المسيحيين، وكأنّ منافع زعيم هي الخير العميم، أو كأنّ حقيبة تختصر حقبة من تاريخ الموارنة.
ثلاث صدمات كانت كافية لأحداث صدمة وعي واحدة عند العماد عون فأغفلها وتجاهلها وكابر عليها، وفضّل الدوران حول نفسه ونوازعه:
الصدمة الأولى تمثّلت بصدود متنام لدى المسيحيين لخياره السياسي في التزام مشروع "حزب الله" بوظيفتيه الإيرانية والسورية، فدفع ثمنا سياسيا وشعبيا باهظا في انتخابات 7 حزيران 2009 التي واجهته فيها مفارقة مدوّية: حين كان يمثّل أكثر من 70% من المسيحيين سنة 2005 حصل على 21 نائبا، وحين هبط تمثيله المسيحي إلى 50% والماروني إلى ما دون 40% سنة 2009 ارتفع عدد نوابه إلى 27 ! مفارقة تفضح حالة ورم سياسي آيلة حكما إلى الضمور.
الصدمة الثانية هي انكشاف رهانه على "الحلف الأبدي" (الإلهي المقدّس!) السوري الإيراني، فانزلق إليه بكل عتاده الشعبي والسياسي، وبدون حساب، أو بحساب بلدي، ولم يستشرف إمكان اهتزاز هذا الحلف ذات لحظة إقليمية ودولية، وخطر مأزق التمزّق بين فكّي الحلف، تماما كما بدأ يعانيه مرجعه المحلّي "حزب الله" . وهل ما يكابده عون من تجاذب بين الحليفين
"المتمايزين" حول حصّته في الحكومة دليل بسيط على خطر الانفلاق بين الطرفين؟!
أمّا الصدمة الثالثة فهي المتراكمة والمتمادية منذ 4 سنوات، وتتجسّد في الانكفاء المتنامي لجيل الشباب عن تيّاره، وعلامات الشيخوخة المبكرة، ونفور أجيال الجامعات والمعاهد من حالة الانغلاق الثقافي والسياسي والاجتماعي التي يفرضها "حزب الله" على "صهره" المسيحي كأحد أثمان "التفاهم" السرمدي.
ألا يقف ميشال عون في لحظة صدق ويسائل نفسه وأصفياءه عن سبب تبدّد الحيوية الشبابية من حوله وانهيار مؤيديه في الجامعات، الواحدة تلو الأخرى، أمام ناظريه، وهل أن هتاف مجموعة صغيرة بحياته أمام دارته ليلا يكفي للحكّ على "أناه" ودغدغة أحلامه وطمأنته إلى "الحقوق" المضمونة؟!
قد تكون حساباته غير هذه الحسابات، وقد يهزأ صاحب العقل "الاستراتيجي"، مع حاشيته، من هذه الأسئلة "الساذجة"، ومن هذه الصدمات "الوهمية".
وقد تكون ثنائية السلطة والمال، لدى بعض الزعماء، أبلغ أثرا من ثنائية التاريخ والرجال... والرحمة على المبادىء والثوابت، ومصير الأوطان والشعوب.
*الكاتب إعلامي معروف ومعلق ومحلل سياسي وعضو في تجمع 14 آذار، وكان قيادياً بارزاً له موقعه الإعلامي المميز في التيار الوطني الحر قبل أن ينحرف هذا التيار عن شعاراته ويُلحِقه رئيسه العماد ميشال عون بالمحور السوري – الإيراني ويتخلى عن كل الثوابت الوطنية ويخرج عن مواقف مرجعية طائفته التاريخية
بماذا يتّصف الرجل السياسي أو الزعيم السياسي بأهم من صفة المدرك وصاحب الرؤية؟
وبماذا يتميّز رئيس أو قائد عن مرؤوسيه أو جنوده، إذا لم يكن بحسن الدراية والإدارة ودقّة التبصّر؟
سؤالان برسم العماد ميشال عون الذي حباه الله ميزة القيادة ومحضته الصدف والظروف السياسية والأمنية (وطيبة الناس) شعبية وزعامة استثنائيتين.
لم يبلغ زعيم سياسي لبناني ما بلغه عون من عزّ شعبي بلغ أوجه سنة 2005 (لم تكن لديه أي وسيلة إعلامية انذاك، وتراجع العز حين أصبح يملك كل أنواع الإعلام، أليس في ذلك مفارقة صاعقة تستدعي التوقّف والمساءلة ؟).
هذا الانحدار القياسي (لم يستغرق أكثر من ثلاث سنوات وهي مدّة سريعة جدّا في تحوّلات الأجسام السياسية الحيّة) سلك بوتيرة منتظمة خطّ الانحسار والانكماش من حالة وطنية إلى عالة حكومية تحت شعار خاو خادع: حقوق المسيحيين، وكأنّ منافع زعيم هي الخير العميم، أو كأنّ حقيبة تختصر حقبة من تاريخ الموارنة.
ثلاث صدمات كانت كافية لأحداث صدمة وعي واحدة عند العماد عون فأغفلها وتجاهلها وكابر عليها، وفضّل الدوران حول نفسه ونوازعه:
الصدمة الأولى تمثّلت بصدود متنام لدى المسيحيين لخياره السياسي في التزام مشروع "حزب الله" بوظيفتيه الإيرانية والسورية، فدفع ثمنا سياسيا وشعبيا باهظا في انتخابات 7 حزيران 2009 التي واجهته فيها مفارقة مدوّية: حين كان يمثّل أكثر من 70% من المسيحيين سنة 2005 حصل على 21 نائبا، وحين هبط تمثيله المسيحي إلى 50% والماروني إلى ما دون 40% سنة 2009 ارتفع عدد نوابه إلى 27 ! مفارقة تفضح حالة ورم سياسي آيلة حكما إلى الضمور.
الصدمة الثانية هي انكشاف رهانه على "الحلف الأبدي" (الإلهي المقدّس!) السوري الإيراني، فانزلق إليه بكل عتاده الشعبي والسياسي، وبدون حساب، أو بحساب بلدي، ولم يستشرف إمكان اهتزاز هذا الحلف ذات لحظة إقليمية ودولية، وخطر مأزق التمزّق بين فكّي الحلف، تماما كما بدأ يعانيه مرجعه المحلّي "حزب الله" . وهل ما يكابده عون من تجاذب بين الحليفين
"المتمايزين" حول حصّته في الحكومة دليل بسيط على خطر الانفلاق بين الطرفين؟!
أمّا الصدمة الثالثة فهي المتراكمة والمتمادية منذ 4 سنوات، وتتجسّد في الانكفاء المتنامي لجيل الشباب عن تيّاره، وعلامات الشيخوخة المبكرة، ونفور أجيال الجامعات والمعاهد من حالة الانغلاق الثقافي والسياسي والاجتماعي التي يفرضها "حزب الله" على "صهره" المسيحي كأحد أثمان "التفاهم" السرمدي.
ألا يقف ميشال عون في لحظة صدق ويسائل نفسه وأصفياءه عن سبب تبدّد الحيوية الشبابية من حوله وانهيار مؤيديه في الجامعات، الواحدة تلو الأخرى، أمام ناظريه، وهل أن هتاف مجموعة صغيرة بحياته أمام دارته ليلا يكفي للحكّ على "أناه" ودغدغة أحلامه وطمأنته إلى "الحقوق" المضمونة؟!
قد تكون حساباته غير هذه الحسابات، وقد يهزأ صاحب العقل "الاستراتيجي"، مع حاشيته، من هذه الأسئلة "الساذجة"، ومن هذه الصدمات "الوهمية".
وقد تكون ثنائية السلطة والمال، لدى بعض الزعماء، أبلغ أثرا من ثنائية التاريخ والرجال... والرحمة على المبادىء والثوابت، ومصير الأوطان والشعوب.
*الكاتب إعلامي معروف ومعلق ومحلل سياسي وعضو في تجمع 14 آذار، وكان قيادياً بارزاً له موقعه الإعلامي المميز في التيار الوطني الحر قبل أن ينحرف هذا التيار عن شعاراته ويُلحِقه رئيسه العماد ميشال عون بالمحور السوري – الإيراني ويتخلى عن كل الثوابت الوطنية ويخرج عن مواقف مرجعية طائفته التاريخية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق