الأربعاء، نوفمبر 04، 2009

هل تتكحل عيون عائلات أسرانا برؤيتهم قريباً؟

راسم عبيدات

......التطورات المتسارعة والمتلاحقة في قضية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس،بوساطة مصرية وألمانية،تشير إلى أن الصفقة في مراحلها النهائية،وذكرت معلومات على لسان قيادة حماس في دمشق،بأن المرحلة الثانية من صفقة التبادل ستنفذ قبيل عيد الأضحى المبارك،وأن إسرائيل وافقت على دفع ثمن باهظ مقابل جنديها المأسور،وهي في هذا الإطار وافقت على إطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي،وفي المقابل واضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي"نتنياهو" معني بإتمام الصفقة وهو يحشد لذلك أغلبية من الوزراء والنواب في البرلمان "الكنيست" الإسرائيلي،لتمرير الصفقة إذا ما جرى التصويت عليها،ويبدو أن تقسيم الصفقة الى مراحل يندرج في هذا الإطار والسياق،وكذلك فإن الضغط الشعبي الذي يتعرض له سيدفعه للموافقة على شروط حركة حماس.

وفي انتظار إتمام الصفقة التي طال إنتظارها،والتي كل المعلومات تشير إلى أنها ستكون صفقة نوعية ليس لجهة عدد الأسرى الذين سيفرج عنهم،بل لجهة نوعية وجغرافية هؤلاء الأسرى،والذي أثبتت التجارب أن هذا الخيار والنهج هو الوحيد القادر على كسر المعايير الإسرائيلية وتصنيفاتها،فعلى سبيل المثال لا الحصر قادة بحجم الأمين العام للجبهة الشعبية الرفيق أحمد سعدات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي والقادة القساميين من أمثال ابراهيم حامد وعبد الله البرغوثي وعباس السيد،ليس أمامهم فرصة للتحرر من الأسر إلا عبر هذه البوابة وهذا الخيار.

مما لا شك فيه أن عيون ليس أسرى شعبنا وعائلاتهم شاخصة ومتتبعة لكل شاردة وواردة في هذه الصفقة،بل هي تحظى باهتمام ومتابعة كل أبناء شعبنا في الداخل والخارج،وأنا متأكد ومن مشاهداتي ومتابعتي ومعرفتي في الأسر لردود أفعال الأسرى ومتابعتهم لأخبار الصفقة،كيف أنهم يتابعون كل صغيرة وكبيرة،ولا يتركون خبراً من قريب أو بعيد له علاقة بالصفقة،إلا ويقوموا بدراسته وتحليله،فهذا أسير يتابع هذه المحطة الفضائية وآخرين يتابعون الإذاعات المحلية،ناهيك عن متابعة النشرات العبرية المرئية والمسموعة وما ينشر ويكتب في الصحافة الإسرائيلية،وهناك من يوصلون الليل بالنهار في تلك المتابعات،وأنا أعرف أنهم يقولون لا نريد المزيد من الصدمات،فقد خابت توقعاتنا وكانت صدمتنا كبيرة أكثر من مرة،فقد بنينا الكثير من الآمال على عمليات أسر الجنود التي قام بها حزب الله أكثر من مرة،ولكن كانت الظروف مجافية لنا وللشيخ حسن نصر الله،فالجنود المأسورين في كل مرة لم يكونوا على قيد الحياة،ولكن يسجل للشيخ حسن وحزب الله،عدا عن أنهم حرروا كل الأسرى اللبنانيين من سجون الاحتلال،بأن موضوع الأسرى لم يكن حاضراً في أقوالهم وشعاراتهم فقط،بل أنهم كانوا يقرنون القول بالفعل،وأنهم لم يتركوا فرصة أو وسيلة أو شكلاً من أشكال النضال،من أجل تحرير الأسرى،وكان المهم هنا ترجمة القول والشعار الى فعل وعمل،فهذه الترجمة تعني الكثير الكثير من الأمل والثقة ليس عند الأسرى فقط،بل عند أسرهم وعائلاتهم,

إن إتمام الصفقة بحجمها وشكلها النوعي،يرجع بالأساس إلى ثبات وتمسك الآسرين بشروطهم،وكذلك قدرتهم العالية في المحافظة على السرية والاحتفاظ بالجندي للإسرائيلي لمدة زادت عن ثلاث سنوات،وكذلك تيقن إسرائيل من أنها استنفذت كل السبل والوسائل والطرق،من أجل استرجاع جنديها المأسور،دون أن تضطر لدفع ثمن باهظ لقاء تحرره من الأسر،بل أنا لا أشك في أن الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية،كانت مستعدة أثناء الحرب العدوانية على قطاع غزة في كانون أول/2008،للتضحية بجنديها المأسور،من خلال قصف المكان الذي يحتجز فيه وقتله،لو توفر لديها أية معلومات أكيدة عن مكان احتجازه.

صحيح أن كل أهالي أسرانا وعائلاتهم قلقين على مصير أبنائهم في سجون الاحتلال،ويمنون النفس أن يكونوا ضمن الصفقة،ولكن ما هو أصح ومعروف لكل أبناء شعبنا الفلسطيني،أن الصفقة لن تبيض السجون،بل هي ستحرر أسرى خارج المعايير والتصنيفات الإسرائيلية،لجهة النوعية والجغرافيا،وصراحة هنا الأسرى الأكثر قلقاً هم أسرى القدس والداخل،حيث أن الاحتلال يرفض شمولهم بالصفقة،على اعتبار أنهم من حملة الهوية والجنسية الإسرائيلية،وبالتالي هم يخشون أن تتخلى حماس عن شروطها لجهة إطلاق سراحهم،لصالح إطلاق سراح أسرى آخرين من الوزن الثقيل،وهنا الطامة الكبرى،والتي قد تلحق ضرراً بالغاً ليس في وحدة الحركة الأسيرة الفلسطينية،بل وفي وحدة شعبنا الفلسطيني.

وهنا لن تكون أية حجج أو ذرائع مقبولة لعدم شمول الصفقة لأسرى من الداخل والقدس،وخصوصاً أن هؤلاء الأسرى بالتحديد،خيارات تحررهم من خلال ما يسمى بصفقات الإفراج أحادية الجانب غير واردة أو معدومة،والبوابة والخيار الوحيد أمامهم للتحرر من الأسر واستنشاق طعم الحرية،هي من خلال صفقة التبادل،ولعل الجميع يذكر أن عملية النورس التي قادتها الجبهة الشعبية- القيادة العامة- في أيار/1985 كان لها الفضل الكبير في تحرر الكثير من أسرى الداخل والقدس من المؤبدات والأحكام العالية.

إن كل ما نتمناه لهذه الصفقة أن تستكمل بنجاح وبالشروط التي حددتها الفصائل الآسرة للجندي الإسرائيلي"شاليط"،وأن تتكحل عيون أمهات وزوجات وأطفال وعائلات أسرانا برؤية أبنائهم،قبيل عيد الأضحى المبارك،فهناك الكثير من الأسر التي طال انتظارها لتحرر أبنائها،وهناك الكثيرين من الأطفال،الذين لم تتح لهم فرصة إحتضان أبائهم وحرموا العطف والحنان،وهناك من الأطفال من كبروا وتزوجوا وأنجبوا،وأصبح أطفالهم يزورون أجدادهم في المعتقلات،وهناك الكثير من الزوجات الصابرات اللواتي ينتظرن أزواجهن منذ عقود من الزمن،وهناك الكثير من الآباء والأمهات،من يمنون أن تكتحل عيونهم برؤية هؤلاء الآباء قبل الرحيل عن هذه الدنيا،وكم من أب وأم رحلوا عن هذه الدنيا،دون أن تكتحل عيونهم برؤية أبنائهم الأسرى،وهناك الكثير من الأسرى والأهالي من تتزاحم في رؤوسهم الكثير من الأفكار والأسئلة،لماذا تركتهم قيادتهم وحيدين وتخلت عنهم لصالح أوهام ومشاريع لم تجلب سوى الدمار والانقسام لشعبنا شعباً وأرضاً.

وبانتظار تحقيق حلم شعبنا وأسرنا في إنعتاق الكثيرين منهم من سجون الاحتلال،فعلينا أن نعمل ونعمل وبالعمل فقط،وبكل الطرق والأساليب،تتكحل عيون أمهات وزوجات وأطفال وعائلات أسرانا،برؤيتهم أحراراً من قيود وأغلال سجون الاحتلال.

ليست هناك تعليقات: