الخميس، يناير 01، 2009

الرئيس رئيس



محمد محمود عوض الله

ما زال الرئيس محمود عباس مصراً على دعوته للحوار الوطني، والوحدة الوطنية، وهو أمر ليس ضرورياً فحسب، بل إنه إلزامي في مثل هذه الأزمة التي نعاني منها، وهو بدعوته هذه يكون قد ترفع عن كل أذى أصابه من أفواه متصابيي السياسة، الذين لو خاطب أحدهم مذيعاً في اقل الفضائيات قدراً، لكان بالتأكيد أكثر أدباً، نعم تسامى الرئيس محمود عباس عن هذه الترهات لأن نصب عينيه قضية واحدة، هي الدولة الفلسطينية ذات كين وسيادة، واعتراف دولي، وتكفل لأبنائها عيشة كريمة، ولأن العدوان الغاشم على قطاع غزة يجعل من الانجرار وراء تبادل الاتهامات، ملهاة عن الواقع المرير الذي يعيشه أبناء القطاع شيبهم وشبابهم أطفالهم ونساؤهم.

إن الشرع الحنيف لا يحكم على الناس بما يخفون في صدورهم، لأن الذي يعلم ما في الصدور هو الله سبحانه وتعالى، وقصة خالد ابن الوليد حين قتل المشرك بعد أن قال كلمة التوحيد مشهورة، حيث سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنى لك بلا إله إلا الله، هلا شققت عن قلبه؟

وبناء على ذلك لا يجوز أن تؤل دعوة الرئيس محمود عباس للحوار الوطني والوحدة الوطنية على أنها مناورة سياسية، بل هي رجوع للأصل الذي لم نكن في حاجة للخروج عنه، ولا يجب علينا بأي حال من الأحوال أن نحمل دعوته ما لا تحتمل من تأويلات سياسية حزبية تزكي نار الفرقة، والسؤال الذي يطرح نفسه مع من نقف؟ مع من يطالب باستمرار الحوار والعودة للوحدة الوطنية، أم من يرفض الحوار، ويرى أن الوحدة الوطنية لا تتحقق إلا بالانصياع لبرنامجه الذي ليس له ملامح؟!

ترفع الرئيس عباس عما أصابه من أذى، وقدم اعتذاراً باسم كل الفلسطينيين عن جريمة لم يقترفها، فقد أصدر الرئيس قراراً باعتماد الشهيد المصري المقدم ياسر فريج العيسوي شهيداً من أجل القضية الفلسطينية‏,‏ وأن تتمتع أسرته بجميع الحقوق والامتيازات المقدمة لأسر الشهداء الفلسطينيين‏، كما أوردت صحيفة الأهرام المصرية.

وهي لفتة كريمة تتلاقى مع ما ذكرته أسرته من أنها تريد ابنها شهيداً برصاص اليهود وليس برصاص عربي، وهي اعتذار عن ذنب لم يقترفه، ولكن اقترفته يد لا يمكن إلا أن توصف بيد غدر وعدوان، وبندقية مأجورة تحاول أن توقع بين الشعبين المصري والفلسطيني قبل أن توقع بين الحكومات.

الرئيس أبو مازن يتعرض في هذه الأثناء لحملة سوء أدب، ومع ذلك يرمي كل ذلك وراء ظهره، وعينه على الهدف، ومهما قال المغرضون، فلن يستطيع أحد أن يسلبه فلسطينيته، ووطنيته، وجهاده طوال سني عمره في خدمة قضيته وبلاده، وليس أدل على ذلك من خطابه اليوم وإعلانه صراحة عن أن العدوان على غزة هو عدوان على كل الشعب الفلسطيني.

نعم الرئيس رئيس، أب لكل الشعب مؤيده ومعارضه، ووقت المحن تظهر معادن الرجال، والأمر يحتاج لعين على الهدف.

ليست هناك تعليقات: