الأحد، يناير 04، 2009

رسالة مهمة وسريعة لمجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة


عبـد الكـريم عليـــان

عضو صالون القلم الفلسطيني

Elkarim76@hotmail.com

في الوقت الذي تستعد فيه معظم دول العالم للاحتفال بالعام الجديد، كانت إسرائيل بساديتها (اللدراكولية) تستعد لارتكاب مجازر جديدة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وبعد أن فرضت عليه حصارا جائرا لأكثر من عامين عانى فيها أهل غزة الكثير.. أية فاشية هذه التي تكره الإنسان؟ وأية سادية هذه التي فاقت كل حدود، وضربت بعرض الحائط مشاعر وأحاسيس شعوب الأرض قاطبة..؟ كيف يقبل هذا العالم أن يحتفل بالعيد المجيد الذي يرمز إلى ولادة الخير والتسامح بين البشر؟ كيف يقبل هذا العالم وبينهم عصابة وليست (دولة) تنغص عليهم فرحتهم الإنسانية وهم يرون الدمار والدم يملأ الشوارع ؟ إن هذه العصابة التي تحكم إسرائيل توغل في الجريمة والشراسة والإرهاب؟ أية احتفالات هذه التي تقيمونها وهم يتبجحون ولا يقيمون لكم وزنا عندما يذبحون الإنسان..؟! إذا كنتم لا تبالون بما تفعله إسرائيل بحق الإنسانية فالتاريخ لن يرحمكم ولن يغفر لكم صمتكم المهيب!

إن إسرائيل تكذب عليكم وتكذب على شعبها حين تريد تنفيذ سياستها السادية على العالم وليس على الشعب الفلسطيني فقط ! لأن من لا يهمه مشاعر الأنام فهو لا ينتمي لهم.. أنظروا كيف يمارسون الكذب تبريرا لجرائمهم الكبيرة؛ فلحظة بدء الهجوم العسكري البري على غزة قامت طائراتهم بقصف مسجدا يكتظ بالمصلين في أثناء صلاة المغرب وعلى الفور أعلنت وسائل إعلامهم الكاذبة والناطق العسكري لهم بالقضاء على عشرين مسلحا من حماس.. وهذه ليست المرة الأولى للكذب فكل الأهداف التي تم قصفها وتدميرها بأضخم الطائرات، حيث ذكرت وسائل إعلامهم أن طائراتهم استهدفت أكثر من سبعمائة وخمسين هدفا لحماس منذ بدء الهجوم وحتى مساء الأحد 4 /1/2009 كانت في معظمها كذب وافتراء؛ لأن جل ما تم قصفه وتدميره كانت مؤسسات مدنية ليس لحماس أي علاقة بها ولا تستخدمها لأغراض عسكرية فالوزارات التابعة للسلطة الفلسطينية جميعها مؤسسات اجتماعية تقدم خدمات مدنية للمواطنين والمساجد التي دمرت لم تستخدم لأغراض عسكرية بالمطلق وهذا واضح للعيان، وإن كانت حماس تستخدمها لتنظيم المؤيدين والمناصرين وكذلك منابرا إعلامية لها.. أي هراء وكذب هذا الذي تمارسه من تدعي الحضارة فتدمير بيوت المواطنين في أثناء نومهم والمؤشرات كثيرة على ذلك فعائلة بعلوشة التي فقدت خمسة من أبنائها الأطفال في جباليا، وكذلك عائلة العبسي في رفح التي فقدت ثلاثة من أبنائها وأصيب الأب والأم وابنتين ودمر منزلهما بالكامل، وكذلك فقدت عائلة السيلاوي بجباليا أربعة من أبنائها في أثناء صلاتهم، والسجل يطول ويطول كثيرا، كل ذلك كانت أهدافا لحماس؟! حتى كتابة هذا المقال لن تخسر حماس أي شيء يذكر من قوتها حتى القائد الذي استشهد في بيته مع جميع أفراد عائلته الكبيرة لم يكن له أي نشاط عسكري، أو غير ذلك يخص حماس، وهذا دليل على غباء وهراء القادة الإسرائيليين لأن الرجل وهو دكتور جامعة ـ رحمه الله ـ كان متوقفا عن نشاطه في حماس قبل أكثر من سنة ونصف؛ لأنه كان متفرغا لأبحاث علمية في الحديث الشريف، ولو كان له نشاطا مهما لحركة حماس لاختفى واختبأ مثل الآخرين.. ما نريد أن نؤكده أن غالبية الضحايا الشهداء كانوا من المواطنين وليس لهم أي علاقة بحماس..

يا سادة العالم! إن المشكلة الفلسطينية لم تخلق لأنه كان هنا في فلسطين مشكلة بين اليهود والعرب الفلسطينيين قبل عام 1948، بل خلقت نتيجة الحرب العالمية الثانية واتفاقيات الدول المنتصرة في الحرب والوثائق والتاريخ يؤكد ذلك .. ومع كل ما جرى تحمل الفلسطينيون الكثير من المعاناة والتشرد، وحين قبلوا بنتائج مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو الذي لم يلبي طموح طفل فلسطيني راحت إسرائيل تعرقل هذا الاتفاق وتتنصل منه بفرض وقائع جديدة على الأرض، ورفضت التوصل لحلول مقبولة في كامب ديفيد مع الرئيس ياسر عرفات حيث قوضت بعدها اتفاقية أوسلو وخانت من اتفقت معه! فحدثت الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني وقتلت شريكها في السلام وأضعفته وراحت تدمر كل ما يمكن أن يكون أرضية لسلام شامل، وحين تدخلت الرباعية الدولية وطرحت خارطة الطريق، التفت عليها إسرائيل وطوتها بطرق مختلفة وملتوية حتى لا يتم تطبيقها ورسمت حدودا جديدة بما يسمى الجدار الفاصل الذي التهم الأرض الفلسطينية.. ماذا تريد بعدها؟ أليس بديلا لشركائها في السلام؟! أجل هي من دفعت بالشعب الفلسطيني لاختيار حماس بديلا للسلام الذي أضعفته، وكل ما تفعله إسرائيل حاليا هو تملصها من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وما تقوم به حاليا في غزة يصب في ذلك لإلهاء العالم عن جوهر الحقيقة في كل مرة يقترب العالم منها..

القضية لا تحتاج إلى كثير من التفكير والتدابير يا مجلس الأمن؛ لأن المشكلة الحقيقية هي مشكلة الشعب الفلسطيني وليست مشكلة حماس.. ألم تحافظ حماس على تهدئة مع إسرائيل استمرت ما يقارب الستة شهور واعترف الإسرائيليون والأمريكان بأن حماس قوية وتستطيع الالتزام بالتهدئة؟ جوهر المشكلة هي الشعب الفلسطيني الذي يريد تقرير مصيره ويعيش بحرية وأمان مثل باقي شعوب الأرض، وهو مؤهل أن يشارك هذه الشعوب انجازاتها الحضارية والحفاظ عليها والرقي بها، ولديه الاستعداد الكامل بقبول الحلول التي تصب في ذلك.. الشعب الفلسطيني شعب طيب ومتسامح إن وجد من يتسامح معه.. لكنه لن يقبل بالمهانة والذل خاصة ممن لا ينتمون إلى البشر الذين احتفلوا بعيد الميلاد المجيد! والشعب الفلسطيني لن يرحم من يصمت عن الحق ويصمت على ارتكاب الجرائم البشعة ضد الإنسانية.. وما هو مطلوب من سادة العالم أولا أن يوقفوا استمرار الجرائم المتلاحقة بحق العزل والمدنيين وإرسال قوات دولية لحمايتهم، وكذلك معاقبة إسرائيل على جرائمها وافتراءاتها، ومن ثم تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي القديمة والجديدة التي تعطي الفلسطينيين بعض من حقوقهم وأولها الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ومنح الشعب الفلسطيني حريته في إقامة دولته المستقلة على هذه الأراضي، بعدها لن يقبل الشعب الفلسطيني لحماس وغير حماس بزعزعة كيانه.. لكن تحويل الأنظار على أن الحرب موجهة ضد حماس فهذا هو الخطأ بعينه، وذلك لن يحل المشكلة مهما فرضتم من طرق ووسائل لحصار حماس ـ غزة، كما تريدها إسرائيل كمراقبة الحدود فهذه لن تكون حلولا مقبولة للشعب الفلسطيني مادام مشكلته الجوهرية لن تحل، ومثلما ابتكر الوسائل التي عرفتموها لكسر الحصار؛ فسوف يبتكر أشكالا أخرى لتحقيق أهدافه المشروعة.!

ليست هناك تعليقات: