كفاح محمود كريم
منذ بداية هذا العام 2008 م بدأت وسائل الإعلام المحلية والدولية تعلن تحضيرات الحكومة العراقية وتجييشها للجيوش من الشرطة والحرس الوطني والتشكيلات بدءً بالأفواج والألوية ووصولا إلى قيادة عمليات الموصل وأركانها كما وكأنهم جالسون في مؤتمر عسكري مغلق، وكل ذلك يجري أمام وسائل الإعلام بما في ذلك مواعيد الحركة والتحضيرات والتجمع ومن ثم حتى موعد الهجوم الذي تتناقله تلك الوسائل إما عن طريق تصريح لوزير الدفاع أو في إحدى جولات قائد عمليات نينوى، حتى وصل الأمر بعصابات الإرهاب والمخربين من البعثيين ورجال ما يسمى بـ دولة العراق الإسلامية أن يعرفوا حتى موعد إجازات الضباط وتوقيتاتها، بل وادعوا في وسائلهم الإعلامية الالكترونية وحلقاتهم الاجتماعية في مدينة الموصل بأن كثير من الحركات والقطع العسكرية يعرفون أمرائها وأسماء ضباطها ومكان حركتها قبل جنودها وضباطها أحيانا، بما فيها اجتماعاتهم ومؤتمراتهم التحضيرية لتطهير الموصل!؟
والغريب إن معظم قيادات وزارة الدفاع والداخلية عقدوا العديد من المؤتمرات الصحفية والإعلامية للإعلان عن خطتهم وتفاصيلها وقوة القطعات وأنواعها اقصد صنوفها طيلة أكثر من ثلاثة أشهر من ( تطويق ) الموصل والتحشدات حول المدينة وكيفية غلق منافذها بما يجعل الإرهابيين محاصرين تماما في المدينة وأطرافها بعد الغلق الجزئي للمنفذ الحدودي في منطقة ربيعة التي يسكنها البدو وعشائرهم على طرفي الحدود بين سوريا والعراق والتي تعتبر أكثر المنافذ خرقا وعبورا للقادمين من ( المجاهدين العرب ) من السعودية ومصر والمغرب العربي وسوريا وبقية الدول العربية عن طريق مهربين محليين من كلا الطرفين في نفس المنطقة التي تحولت منذ سقوط النظام السابق إلى مشيخة تشبه مشايخ الخليج بداية ظهور النفط(!)
ليس هذا فحسب بل إن كثير من المؤتمرات الصحفية والبلاغات كانت تتضمن إشارات إلى شكل الخطة ومحور التوجه ومن أين ستكون البداية والى آخر هذه التسريبات والفعاليات الطاووسية للحملة.
وأخيرا بدأت ( زئير الأسد ) بعمليات استعراضية وإعلانات مبوبة عن اعتقال عشرات المئات من الإرهابيين والكشف عن مخازن للأسلحة تكفي لتجهيز جيش دولة من دول الأشقاء في افريقيا، وقد ذكرتنا تلك البلاغات والبيانات بأيام حرب حزيران عام 1967 م حيث تم إحصاء وجمع عدد القتلى من الإسرائيليين الذين أعلنتهم بلاغات القيادة العامة في مصر وسوريا والأردن فتبين إنهم ضعف عدد الجيش الإسرائيلي بكافة صنوفه وأضعاف ما يملكه من دبابات وطائرات، رغم إن الحقيقة بانت بعد أقل من أسبوع وظهرت إسرائيل وهي تحتل الجولان والضفة وسيناء.
وبعد أيام قليلة وصل القائد العام للقوات المسلحة ووزير دفاعه وداخليته وأركان حملته إلى مركز المدينة ومبنى المحافظة في المنطقة الخضراء من الموصل، على صدى الانتصارات الباهرة لصناديد القرن الواحد والعشرين، ليتخذ قرارا تاريخيا باستبدال ( زئير الأسد ) بــ زقزقة العصافير والبلابل الربيعية تماشيا مع العصر الديمقراطي والرومانسي الذي يعيشه العراق العظيم، فأطلقوا عليها اسم ( أم الربيعين ) تيمنا بالدنيا ربيع والجو بديع والرياحين الفواحة من انتصارات البواسل في قواتنا المسلحة وشرطتنا الحنونة؟.
وخلال عدة أيام تداعى أعمدة القوم والوزراء وشيوخ العشائر المولعين باللعب على الحبال في كل الأزمان والأحوال في هكذا مواقع من الموصل وغيرها من مناطق العراق المزدحمة بالقيل والقال وقلة العقل وكثرة الحيلة والأموال وبالذات ما كان منها على أطراف الحدود في التبادل والتهريب في مواقع المنافذ والكمارك والتي تحولت إلى إمارات ومافيا لتهريب كل ما هو كفيل بتخريب العراق ابتداءً من المجاهدين العرب وانتهاءً بالأدوية الفاسدة والذي منه من أدوية تعمير وتسخين الجمجمة عبر الإخوة الأعداء في كل من سوريا وإيران؟
وبعد عمليات ( واسعة ) في المركز وأطراف المدينة امتدت في بعض الحالات إلى أقصى منطقة الجزيرة وإعلان ( الانتصار الكبير ) وعقد مؤتمرات صحفية يتبارى فيها المنتصرون ( على من لا نعرف ؟ ) في التصريحات وإعلان أن الموصل منطقة آمنة ويلعب فيها الذئب مع الغنم؟
كما يصرح هناك المسؤولين من العسكر وغيرهم من الإدارة الفيدرالية في بغداد وها هي الموصل آمنة مطمئنة فيها قوات ( المجاهدين والرفاق البعثيين ) وعلم العراق ذي النجوم الثلاثة ورابطة الجحوش من مستشاري الجحافل الخفيفة وأيتام النظام السابق ورايات عروبة الموصل التي تقود حملة انفالية جديدة ضد الكورد والشيعة ومعتنقي الديانتين المسيحية والايزيدية في أبشع عمليات التطهير العرقي بعد الأنفال سيئة الصيت التي تنال اليوم الكورد ومعتنقي المسيحية والايزيدية والمذهب الشيعي في الموصل بعد عدة أشهر من عمليات ما سمي بزئير الأسد ومن ثم بأم الربيعين.
لقد اتجهت الأمور في الموصل بعد هذه العمليات اتجاهات خطيرة تثير الشبهات بل وتؤكد خللا كبيرا ومثيرا للجدل والشبهات معا فيما حصل ويحصل في طريقة التعامل المتميع مع الأحداث ومسببيها في المدينة إلى الحد الذي يجعلنا نتساءل عن دور كثير من أعضاء مجلس النواب الذين يحرضون الرأي العام الموصلي على الأكراد والمسيحيين والشيعة والايزيديين واتهامهم بأنهم عملاء الاحتلال وأدواته في الموصل وإن الموصل إنما تعاني من وجود هؤلاء فيها، في رسالة واضحة لعمليات التطهير العرقي والديني الجارية الآن ومنذ عدة سنوات على أيدي نفس الذين شوهوا ومسخوا هوية الموصل وتاريخها ومكوناتها وعملوا ما لم يعمله علي حسن المجيد يوم أراد تدمير الساحل الأيسر بصواريخ أرض أرض في انتفاضة الربيع عام 1991م، حيث تتم العملية الآن بدون استخدام الصواريخ وباستخدام المفخخات والاغتيالات والتهديد والاختطاف وكل ممارسات مدرسة البعث وفصولها المعروفة لدى كل العرقيين.
إن الحملات الإعلامية التي يشنها مجموعة أعضاء مجلس النواب والتي تدعي تمثيلها لسكان الموصل على الكورد وغيرهم من السكان الأصليين للمدينة في كثير من الفضائيات العربية أدت إلى قتل الآلاف من المواطنين الكورد ومعتنقي المسيحية والايزيدية وقد تجلت عملية إفراغ الموصل من المسيحيين واضحة وجلية للرأي العام رغم تناسق الادعاءات بين النائب أسامة النجفي وما يسمى بهيئة علماء المسلمين ودولة العراق الإسلامية وبقايا البعث حول اتهام الكورد بتلك العمليات في محاولة مفضوحة وساذجة لتغطية واحدة من أبشع عمليات التطهير الديني للمدينة بعد عمليات الأنفال عام 1988م التي أنتجت هي وسابقتها مع الكورد والشيعة الشبك على إثر تصريحات وزيارات مجموعة نواب الحقد على الموصل وسكانها من الكورد والمسيحيين والايزيديين والشيعة، قبل وخلال حملة أم الربيعين التي تمخضت فولدت ما يجري الآن من أحداث!؟
* كشف قائد القوات البرية رئيس لجنة تقصي الحقائق بالموصل مؤخرا عن وجود خطة شاملة للسيطرة على مدينة الموصل(!)
الأحد، أكتوبر 19، 2008
في الموصل: تمخض الجمل فولد فأراً
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق