د. عدنان بكريه
فلسطين ال 48
بات من المؤكد تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية بعد إعلان (تسيبي ليفني) فشلها في تشكيل ائتلاف حكومي والتوصل إلى حلول وسط مع الأحزاب حول قضايا سياسية ومادية خاصة مع حزب (شاس) اليميني الديني والذي تعود على استثمار الانتخابات لابتزاز الحكومة ماديا وسياسيا .. فهذا الحزب تعود وبشكل دائم على الابتزاز والاتكالية حتى لو غلف مطالبه بغلاف سياسي تعبر عن رؤيته اليمينية ورفضه للسلام والتنازل !!
الحقيقة الاولى : التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار انه لا يوجد خلاف سياسي جوهري بين الأحزاب الإسرائيلية وحتى لو تواجدت بعض التباينات والاجتهادات في وجهات النظر ، إلا ان هناك اجماع صهيوني تام حول رفض السلام العادل والدائم ...هناك اجماع تام حول عدم التنازل عن القدس وهذا ما صرحت به (تسيبي ليفني ) زعيمة حزب كاديما المكلفة بتشكيل الحكومة من انه لا يمكنها ان تفاوض حول القدس والمقامرة بمستقبل الدولة ! في سياق ردها على ادعاءات حزب (شاس) حول فشل المفاوضات الائتلافية معها!
من هنا تبدو الأزمة الحزبية الاسرائيلية القائمة بأنها أزمة تنظيمية مادية ليس لها أية جذور سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية .. فالقدس ليست مربط الفرس كما يحاول أن يدعي حزب شاس أو حزب ليبرمان اليميني !
الحقيقة الثانية :أن الأزمة الحزبية الإسرائيلية تمتد جذورها إلى فشل حرب لبنان وهزيمة الجيش الإسرائيلي .. فلقد كان واضحا منذ تلك الحرب أن إسرائيل مقدمة على أزمة حزبية سياسية عقيمة لن تخرج منها إلا بانتخابات مبكرة تقصر عمر حكومة (اولمرت ) واشتدت هذه الأزمة بعد صدور تقرير (فينوغراد ) والذي حمل حكومة اولمرت (كاديما – العمل) المسؤولية .. قلنا حينها من ان معظم الاحزاب ستحاول استغلال تقرير فينوغراد لتقوية اسهمها في الشارع الاسرائيلي وضرب شرعية (اولمرت ) لكن ملفات الفساد لم تسعف اولمرت بالبقاء على راس الحكومة والحزب .
الحقيقة الثالثة :ان الازمة الحزبية القائمة هي نتاج لتعقيدات على الساحة الحزبية هنا وتصفية حسابات بين الاحزاب الاسرائيلية التي عانت الانقسامات بعد اقدام رئيس الوزراء الاسبق (شارون ) على تشكيل حزب كاديما قبل ثلاثة اعوام ، حيث ان بروز هذا الحزب انذاك اضعف قوة الاحزاب الكبرى كحزبي (العمل والليكود) فكاديما يعتبر الساطور الذي قسم تلك الاحزاب .. فهو خليط من عناصر مركزية تنحدر من تلك الاحزاب .
الحقيقة الرابعة : والتي يجب ان نأخذها في أي تحليل للازمة الحزبية الاسرائيلية ان الاحزاب الكبرى معنية جدا بانتخابات مبكرة ستجري بعد ثلاثة اشهر حسب القانون الاسرائيلي .. فهي أي الاحزاب الكبرى( الليكود والعمل ) ترى بهذه الانتخابات فرصة مواتية لزيادة تمثيلها البرلماني بعد فشل حزب كاديما وانخفاض قوته في الشارع الاسرائيلي اثر الهزيمة العسكرية في لبنان والتي يتحمل مسؤوليتها وحده ونتيجة لعدم قدرته على قيادة الدولة واخراجها من ازماتها الاقتصادية والاجتماعية .
ان اكبر المستفيدين من الانتخابات المبكرة هو حزب الليكود والذي ترجح الاستطلاعات امكانية فوزه وتشكيله الحكومة القادمة ! فرئيس الحزب ( بنيامين نتنياهو ) جهد ومنذ انقسام حزبه وتشكيل كاديما .. جهد الى اسقاط الحكومة لاستعادة قوة حزبه وهيبته !
ان ما يهمنا من هذه الازمة والتي تبقى ازمة داخلية تنظيمية بنيوية مادية !!هل تغير الحكومة الاسرائيلية سيكون له تأثيره على مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي ومستقبل العملية التفاوضية ؟!
نكاد نجزم انه لن يكن هناك أي تأثير ملموس على السياسة الخارجية الاسرائيلية وعلى التعاطي الاسرائيلي مع القضايا المطروحة وخاصة القضية الفلسطينية .. فهناك توافق شبه تام بين الاحزاب الاسرائيلية حول رؤيتها لحل القضية الفلسطينية واجماع كامل على عدم منح الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة وبالتحديد مسألتي القدس وحق العودة !
من هنا فان الرهان على تغير وتبدل في وجهة النظر الاسرائيلية بعد الانتخابات هو رهان خاسر ! ويبقى الصراع الحزبي الإسرائيلي صراعا داخليا ليس له أية صلة بالسياسة الخارجية والتعاطي مع العملية التفاوضية والحقوق الفلسطينية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق