راسم عبيدات
.... هناك العديد من العائلات والأسر الفلسطينية،تحملت الكثير من الأعباء والهموم النضالية والوطنية،ودفعت ثمن مواقفها ونضالاتها دماً وسجوناً،ولم تنتظر مقابل ذلك ثمناً لا مادياً ولا مصالح ولا امتيازات، وعائلة الراعي واحدة من هذه العائلات،والتي أضحت في سفر النضال الوطني الفلسطيني،واحدة من العناوين البارزة لهذا النضال،فالشهيد ابراهيم الراعي والذي تمت تصفيته في سجون الاحتلال،في 11/4/1988،بعد أن سجل نصراً حاسماً على كل أجهزة مخابرات العدو الصهيوني،والتي حاولت على مدى أشهر وعشرات جلسات التحقيق،والتي استخدمت فيها كل أشكال وأنواع التعذيب الجسدي والنفسي، أن تنتزع منه اعترافاً،ولكن الشهيد القائد ابراهيم الراعي المتسلح بالوعي والإرادة والصلابة وصدقية الموقف وعمق الانتماء،هزم جلاديه في كل جولات التحقيق،وأسس لمدرسة جديدة في النضال عنوانها الصمود في أقبية التحقيق،هذه المدرسة صار على هديها الكثير من مناضلي الثورة الفلسطينية،وتحديداً رفاقه في الجبهة الشعبية.
والرفيق الشهيد الراعي ذلك المناضل الأسطورة،نستذكر بعض الكلمات التي قيلت بحقه من قبل رفاقه" في العتمة نحتاج النور...وفي زمن الارتباك حيث توهن عزيمة البعض....وتصبح قوة المثل مرجلاً يغلي الدماء وتشيع فينا القوة...والراعي نور وقوة مثال لأنه واحد من القلائل الذين انتزعوا من العدو قبل الصديق لقب البطل...تعمد بالنار،بالوعي،من رحم الشعب انبثق والية انتمى،كان الكلمة الصادقة الشجاعة".
والمناضلة سونيا الراعي شقيقة الشهيد ابراهيم الراعي،رضعت من نفس حليب الثورة والحزب الذي انتمى إليه شقيقها ابراهيم،وأقسمت على أن تسير على نهجة ودربه وتكون وريثة لدمه ونضالاته،وعاهدت أخيها وحزبها على الثأر لدماءه ولدماء شهداء شعبنا الفلسطيني،ومن هنا كانت عمليتها ضد جنود الاحتلال وإصابة عدد منهم على جسر الأردن ثأراً وانتقاماً لدماء شقيقها الشهيد،ومن بعدها بدأت رحلتها مع زنازين ومعتقلات العدو الإسرائيلي،وبنفس الصلابة والمبدئية والعنفوان والتجربة التي مثلها شقيقها القائد الشهيد كانت سونيا في المعتقل،فقد تعرضت في سنوات اعتقالها والبالغة اثنا عشر عاماً للكثير من القمع والعزل والعقاب،نتيجة لمواقفها ودفاعها عن حقوق ومنجزات أخواتها ورفيقاتها الأسيرات،وبحكم خبرتها وتجربتها الطويلة،فقد لعبت دور القائد والموجهة للأسيرات،كما أنها كانت تعمل بدون كلل وتحرض دائماً وباستمرار،ضد ممارسات وإجراءات إدارة السجون القمعية بحق الأسيرات الفلسطينيات،واللواتي خضن أكثر من خطوة ومعركة نضالية تمثلت في اضرابات مفتوحة وجزئية عن الطعام وغيرها،دفاعاً عن حقوقهن والمنجزات والمكتسبات التي تعمدت بالدم والمعانيات الطويلة،وفي الكثير من المرات قامت سلطات الاحتلال وادارات السجون الاسرائيلية بعزل العديد منهن،ووضعهن في أقسام السجينات الجنائيات اليهوديات،وذلك من أجل ليس اذلالهن فقط،بل وتحريض السجينات اليهوديات للاعتداء عليهن،وكم من أسيرة فلسطينية وضعت مولدها في السجن،وهي محرومة من أبسط الحقوق الانسانية،حيث يتم تكبيلها بالقيود الى سرير الولادة،في وضع يستفز كل المشاعر الانسانية والبشرية،وكم سمع ما يسمى بالعالم الحر والمتشدقين بحقوق الانسان عن أطفال فلسطينيين ،سجنوا مع أمهاتهم منذ الولادة،ولم يحركوا ساكناً،حتى ولو مجرد ادانة لفظية،ولو حصل الأمر مع أم يهودية،لقامت الدنيا ولم تقعد ولتدخل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي حكومات وبرلمانيين،ولتصدر ذلك كل وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية،مرئية ومقروءة ومسموعة،أما اذا كان المر يتعلق بأسيرة فلسطينية أو عربية،فالجميع يصمت صمت القبور،من مؤسسات حقوقية وانسانية ونسوية ورسمية أمريكية وأوروبية،والأمر لم يكن وقفاً على هذا الأمر،بل أن هناك أطفالاً لم يتجاوزا أعوامهم الأربعة الأولى،اعتقلت سلطات الاحتلال الاسرائيلي أبائهم وأمهاتهم،وتركتهم دون رعاية وعناية،فيما يؤشر ذلك الى مدى الحقد والكراهية والتجرد من كل المشاعر البشرية والانسانية.
ان أوضاع الأسيرات الفلسطينيات في غاية من الخطورة،حيث عمليات القمع والاهانة والاذلال والاقتحامات اليومية التي تقوم بها،ادارات السجون لغرفهن ليلاً ونهاراً،وكذلك ما يمارس بحقهن من تفتيشات جسدية مذلة ومهينة،تستدعي أن تكون الأسيرات الفلسطينيات في رأس سلم أولويات كل فصائلنا وشعبنا ومؤسساته،والجميع بات يدرك ويعرف تماماً،أن ما يسمى ببوادر حسن النية وصفقات الافراج آحادية الجانب،لم تنجح في تحرير أي أسيرة فلسطينية،وبالتالي فإن اغلاق ملف الأسيرات الفلسطينيات كاملاً،غير ممكن عبر مفاوضات مذلة ومهينة،وعلى شعبنا وفصائلنا الفلسطينية،أن تنتهج كافة أشكال النضال وبما يضمن تحرير أسيراتنا من سجون الاختلال بعزة وكرامة،بعيداً عن لغة الاستجداء وفرض الاشتراطات والاملاءات الاسرائيلية،ونحن نرى أن هناك فرصة،يجب ولا يجوز لنا أن نضيعها،وهي ورقة الجندي الاسرائيلي المأسور"شاليط"،بحيث يجب أن تشتمل صفقة"شاليط"، على تحرير كافة الأسيرات الفلسطينيات من سجون الاحتلال،وخاصة أن العديد منهن من الداخل/48 والقدس،والاحتلال يرفض اطلاق سراحهن بالمطلق ضمن ما يسمى ببوادر حسن النية والافراجات آحادية الجانب،وهؤلاء الأسيرات يجب أن يكن في مقدمة المطلوب تحريرهن بصفقة الجندي الاسرائيلي"شاليط".
إن أسيراتنا الفلسطينيات يستحقن منا،بذل الكثير الكثير من الجهود والعمل المضني على كل الصعد والمستويات لضمان تحريرهن من السجون والمعتقلات الاسرائيلية،والرفيقة المناضلة سونيا الراعي المتحررة من الأسر،قالت أن أسيراتنا يعشن في ظروف وأوضاع مأساوية،وخصوصاً المتزوجات منهن.
ونحن اذا نجدد التحية للرفيقة المناضلة سونيا الراعي،والتي ضحت ودفعت من عمرها وشبابها إثنا عشر عاماً،وكذلك لكل أسيراتنا في سجون الاحتلال،واللواتي يسجلن ويخضن الكثير من المعارك النضالية مع ادارات سجون،ليس دفاعاً عن حقوقهن ومنجزاتهن ومكتسباتهن،بل دفاعاً عن حقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية،فالمجد ينخني لسونيا الراعي ولكل أسيرات شعبنا العظيم في سحون الاحتلال ومعتقلاته.
الجمعة، أكتوبر 31، 2008
كل التحية للمناضلة سونيا الراعي وكل أسيرات شعبنا الفلسطين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق