الثلاثاء، أكتوبر 28، 2008

ماذا يعني التمسُّك بالطائف في لقاء الحريري- نصر الله؟

سعيد علم الدين

اثر لقاء المصارحة او المعاتبة الذي تم مساء الاحد 08.10.26، بين رئيس كتلة »المستقبل« النيابية الزعيم الوطني سعد الحريري والأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصرالله، وزِّعَ بيان مقتضب عن المجتمعين جاءت فيه هذه الجملة المدروسة الكلمات:
» تم الاتفاق على ضرورة تعزيز العمل الحكومي والتمسك باتفاق الطائف وتطبيق اتفاق الدوحة«.
ولا بد هنا من طرح السؤال:
لماذا التمسك باتفاق الطائف فقط، وليس تطبيقه كاتفاق الدوحة ايضا؟
هل هذا هو اكثر ما استطاع الحريري قطفه من اللقاء مع نصرالله لمحو صفحة 7 ايار السوداء؟
وما الفرق بين كلمتي تمسك وتطبيق؟
التمسك باتفاق الطائف، لا يعني تنفيذه، بل وضعه على الرف وابقاء غبار السنوات عليه. أي بالعربي المشبرح، عدم المس بسلاح ودويلة ومربعات حزب الله وميليشيات 8 اذار وغيرها من المعسكرات السورية- الفلسطينية في لبنان.
أي إبقاء لبنان مريضا بمرض السرطان. وبمعنى آخر إبقاء الوضع الحالي الشاذ والغير طبيعي على حاله:
دويلة او دويلات في قلب الدولة. هذا أيضا ما قطفه نصرالله من الحريري مع ان هذا الامر هو تحصيل حاصل.
أي ان نصرالله لم يقطف شيئاً!
كيف لا وكل الشجرة اللبنانية وثمارها الحلوة والمرة، بسبب طغيان سلاحه على اللبنانيين، هي بين يديه.
تطبيق اتفاق الدوحة، يعني تنفيذه أي عدم استعمال السلاح لفرض أمر واقع على اللبنانيين، أي تحييد السلاح عن الخلافات السياسية. أي تعهد نصرالله للحريري بعدم تكرار 7 ايار المشؤوم الذكر وترك القرار في موضوع تطبيق الطائف للناخب اللبناني.
ومن هنا فالانتخابات القادمة هي مصيرية بكل المعاني في تقرير مصير لبنان كدولة سيدة حرة عربية ديمقراطية مستقلة واستعادة مزارع شبعا بالطرق السلمية، والعودة الى اتفاقية الهدنة الموقعة مع اسرائيل عام 49،
أو دولة مسلوبة القرار شمولية هجينة ذليلة مريضة فارسية تابعة للمحور الإيراني السوري تخترقها الدويلات والعصابات والقبضايات والعنتريات وتهيمن عليها الميليشيات، ورفض استعادة مزارع شبعا بالطرق السلمية، بل من خلال الاعمال العسكرية الخطيرة جدا، بسبب الرد والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بتدمير لبنان بالكامل، وكل ذلك لكي يبرر حزب الله احتفاظه بسلاحه.
للتذكير! أهمية اتفاق الطائف الذي اتفق عليه الافرقاء وأمراء الحرب عام 89، انه انهى الحرب الفوضوية الطويلة والمريرة بين اللبنانيين، وأصبح جزءاً من الدستور اللبناني. وتم اثر ذلك حل الميليشيات المتصارعة وتسليم اسلحتها الى الدولة، متحولة إلى أحزاب وقوى سياسية.
النظام السوري الضامن الرئيسي لتطبيق الطائف بحكم احتلاله العسكري للبنان آنذاك لم يكن في هذا الوارد، بل على العكس تماما فإثر اتفاق الطائف انتخب النواب الرئيس رينيه معوض رئيسا للجمهورية. في خطاب القسم تعهد الرئيس الجديد بتطبيق الطائف فتحول في اليوم الثاني شهيداً بعملية اغتيال بشعة.
قال الوزير السابق والنائب مروان حمادة في مجلس النواب اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التالي: طرحت على رئيس الحكومة فكرة ان يدرج في البيان الوزاري نص بتطبيق الطائف. فرد عليه الحريري قائلا: بدك تروحنا يا مروان! أي تريد ان تقضي علينا!
لماذا؟ لان تطبيق الطائف يعني ايضا من ضمن نصوصه انسحاب الجيش السوري من لبنان، وهذا كان عكس استراتيجة حافظ الاسد في الهيمنة من خلال عسكره ومخابراته على لبنان وقضمه في النهاية من خلال تدجين اللبنانيين وارهابهم بمخابراته.
اليوم لا يوجد رسميا جيش سوري في لبنان ولكن أدوات النظام السوري من ميليشيات ومربعات ومعسكرت وانفاق موجودة في كل لبنان. تطبيق الطائف يعني نهاية المأساة اللبنانية وقيام الدولة التي يحلم بها كل لبناني شريف وطني مخلص. وإنهاء عصر الميليشيات والمربعات الأسود.
التمسك بالطائف كما يعلن نصر الله، يعني عدم رفضه وعدم تطبيقه. أي ابقاء لبنان بلدا مخترقا مريضا مستباحا ومعلقا بين الطارق الإسرائيلي والمطرقة الإيرانية السورية. أي ابقاء لبنان تحت سندان أزمات منطقة الشرق الأوسط والنووي الإيراني ومشروع ايران الدولة الإقليمية العظمى الذي هلل لها وكبر ميشال عون.
على كل حال. لا بد من الترحيب باللقاء الذي تم بين الزعيمين الشيخ سعد الحريري والسيد حسن نصر الله. ونقول:
نعم لبلسمة الجراح بين الإخوة والأقارب أبناء العائلة الواحدة والشعب الواحد.
نعم للعض على الجراح حفاظا على الحقيقة والعدالة وانتصارا للبنان العيش المشترك.
نعم للمصالحات واللقاءات والابتسامات بدل التعديات والعداوات والتهجمات والتجهمات.
نعم لأصحاب المشروع الوطني الواضح، لبنان أولا، والموقف الثابت من قوى 14 اذار، الذين قدموا من بين صفوفهم من أجل قيامة لبنان خيرة الشهداء الأبرار.
فالوطن لا يمكن أن ينهض من كبوته الحالية المعقدة، إلا بأصحاب الهمم العالية والنفوس الطاهرة من الزعماء الكبار.
نتمنى على الدولة بجيشها وقواها الامنية ان تضمن نزاهة وحرية وديمقراطية المعركة الانتخابية المصيرية القادمة.
ستكون معركة مفصلية، ليس للبنان فقط بل لمنطقة الشرق الاوسط ، وسيكون لنتيجتها أبعادا سلبية جدا او ايجابية جدا على مستقبل لبنان. المهم ان يقرر اللبنانيون بحرية ماذا يريدون:
هل يريدون الدولة وايجابياتها ام الدويلة وسلبياتها؟
نتمنى على السيد نصر الله ان يكون وفيا تجاه اللبنانيين وكما اتفق مع الشيخ الحريري على تطبيق اتفاق الدوحة، وأن يتركهم يختارون بحرية بين مشروعه المعروف باستتباع لبنان الى المحور الفارسي في المنطقة، وبين مشروع قوى 14 أذار في قيامة لبنان السيد الحر العربي الديمقراطي المستقل.
فليكن مصير ومستقبل لبنان بيد الشعب اللبناني معبرا عنه بانتخابات حرة ديمقراطية نزيهة دون سلاح وتهديد وضغوط وتشويه للعملية الانتخابية.
ونطالب هنا بمراقبة مستمرة من مجلس الامن والأمم المتحدة والجامعة العربية والصحافة والإعلام لسير العملية الانتخابية التي بدأت في لبنان، لانها ستحدد مستقبله لعقود بعيدة ومستقبل المنطقة ايضا.

ليست هناك تعليقات: