السبت، فبراير 23، 2008

من الذي قتل مجد البرغوثي


عطا مناع

مات مجد البرغوثي أو قتل، انتهت حياته أو أنهيت، جاء الحدث عاديا رغم كبره، الفلسطينيون العاديون تداولوا الحدث من باب الوقوف على المعلومة لا أكثر، وهذا ليس إساءة لمجد البرغوثي شهيد الاعتقال السياسي، ولكن انعكاس لواقع اللامبالاة الذي عصف بالشارع الفلسطيني العرض يوميا لانتهاك حقوقه من الذين رفعوا شعار الحفاظ على الحقوق المدنية واعتماد القانون في التعامل مع المواطن الفلسطيني المثقل بالهموم الاقتصادية والأمنية وما نتج عن الانقسام السياسي.

القيادة السياسية اختلفت عن المواطن في معالجة موت أو قتل أو استشهد البرغوثي في سجن المخابرات العامة، فالرئيس محمود عباس أمر بتشكيل لجنة تحقيق في الحادث، والكتل البرلمانية في الضفة شكلت لجنة خاصة بها، وجاءت حادثة موت البرغوثي لتشكل مادة دسمة لرفع وتيرة الشتم والتخوين والتسويف وطرح الشعارات الجاهزة التي لا ترتقي لمستوى الحدث.

فور الإعلان عن وفاة الشيخ مجد البرغوثي إمام مسجد قرية كوبر قضاء رام للة، تذكر قادتنا السياسيين أن للفلسطيني حقوقا، وان الاعتقال السياسي مرفوض، وان القانون هو الحكم بين المواطن والسلطة، وخرج علينا البعض ليفتي في قضايا يجهلها، فقرروا أن الوفاة جاءت بسبب تضخم بعضلة القلب، وقالوا أنهم نقلوه إلى المستشفى مرتين وقرر الطبيب في المرة الأولى أن الشيخ البرغوثي لا يحتاج النوم في المستسقى وفي المرة الثانية فقد حياته بسبب مشاكل في القلب، مما يؤكد تحمل الطبيب الذي عالجه مسئولية رئيسية في حال ثبتت موافقته على عودة البرغوثي إلى الزنازين.

بعيدا عن إصدار الأحكام الجاهزة، لقد شاهدنا آثار الكلبشات على معصمي البرغوثي وهم يحاولون إنعاش قلبه، مما يؤكد أن الشيخ لم يكن في رحلة، مما يفرض على لجان التحقيق الرسمية والبرلمانية تقصي الحقائق بعيدا عن الأجندة السياسية، وبمعزل عن الموقف من حكومة حماس المقالة، وممارسات حماس في قطاع غزة، وخاصة أن هناك من يدعي ان الضفة هي واحة الديمقراطية، وان سيادة القانون هي النافذة، وهذا مجرد ادعاء باطل لا ينطلي على الشعب الفلسطيني الذي بات يعرف حقائق الأمور.

لقد حملت حركة حماس وعلى لسان الناطق باسمها سامي ابو زهري الرئيس عباس والدكتور سلام فياض واللواء الطيراوي مسئولية مقتل البرغوثي، وصبت حام غضبها على السلطة في رام اللة، وخرجت قناة الأقصى علينا بالشعارات والمعلقات التي تعزز حالة الانشقاق في الساحة الفلسطينية، لنبدأ دورة جديدة من السباب والتخوين والشتائم التي ببدو أنها لن تنتهي بهدف الاستثمار السياسي وتسجيل النقاط من قبل هذا الفريق على ذاك، متناسيين أن الجميع وبدون استثناء يتحمل مسئولية قتل البرغوثي ومن سيأتي بعدة، لأننا بصدد سلسلة من الانتهاكات السلطوية بحق المواطن الفلسطيني، هذه الانتهاكات عايشناها في غزة والضفة وكان هناك اتفاق غير مباشر بين الأطراف المتقاتلة على انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني.

من الذي قتل البرغوثي، هل هي المخابرات الفلسطينية، من حيث الشكل السيخ البرغوثي توفي في زنازين المخابرات وهب تتحمل مسئولية، ولكن أين حكومة الدكتور سلام فياض من متابعة التقيد بالقوانين...؟ أين القوى الوطنية الفلسطينية التي فزت من نومها لتستنكر وتشجب وتطالب بوقف الاعتقال السياسي الذي يأتي على خلفية الانتماء وحرية التعبير.....؟ ماذا عن مؤسسات حقوق الإنسان التي تشكل مخزنا خطيرا للمعلومات حول انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة....؟ وماذا عن حركة حماس التي فتحت الباب على مصراعيه في انتهاك حقوق الشرائح الفلسطينية وسطت على حرية الرأي ولاحقت كل من خالفها....؟

السؤال الكبير لماذا الصمت المزعج من المواطن الفلسطيني على الجرائم التي ترتكب يوميا بحقه، البرغوثي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، انهالوا على رؤؤسنا بالعصي والهراوات وصمتنا، قتلوا وأصابوا متظاهرين في الخليل ورام اللة وبيت وسكتنا، اعتقلوا النساء وامتهنوا كرامة أبو النجا وسكتنا، داسوا الجثث في الشوارع واقتحموا الأعراس على خلفية سياسية وسكتنا...؟ نكلوا بحماس في الضفة الغربية وأغلقوا مؤسساتهم وصمتنا، أذن الشعب يعيش في كهفه لا يدافع عن انجازاته وتأقلم مع حالة الانقسام الذي يدفع ثمنها يوميا من حقوقه وأرضة وثوابته.

سننتظر التقارير النهائية للجان التحقيق، ونتمنى عليها أن تقدم المسئولين عن موت البرغوثي للقضاء، ولكن يفترض بنا ونحن أمام هذا الحدث الخطير أن نقف كفلسطينيين أمام المرآة لنرى أنفسنا على حقيقتنا، ونرى الدرك الذي وصلنا إلية لعل وعسى أن نستيقظ من سباتنا ، ونتنازل عن كبريائنا المزعوم، لان في وحدتنا خلاصنا وقوتنا التي هي وحدها من تلجم الاحتلال الإسرائيلي وتضع حدا لجرائمه اليومية في مدننا وقرانا ومخيماتنا، إننا بحاجة إلى مبادرة تحق دمنا وتحفظ كرامتنا وتؤمن حقوقنا، لا أريد أن اذهب ابعد من ما قلت وأطالب غزة ورام اللة أن تلتزم باتفاقية جنيف الخاصة بالأسرى وبالقوانين الدولية التي تحمي حقوق المدنيين.

ليست هناك تعليقات: