السبت، فبراير 23، 2008

رد على "المنار" وحركة "أمل"

سعيد علم الدين
النجاحُ الجماهيري التاريخي المنقطعُ النظير الذي حققته قوى 14 آذار في 14 شباط، والزحف الشعبي المليوني الهائل، الذي لَبَّى النداء رغم الطقس السيئ، والبرد القارس وانهمار المطر، وَرَفَدَهُ للمظاهرةِ بعفوية وتلقائية بالأحرار ومن كل مناطق لبنان إلى ساحة الحرية، أقضَّ مضاجع الكثيرين وأقلق راحتهم مسببا لهم الصداع المزمن والأوجاع.
وهكذا انشغل صغارُ النفوسِ والحساد بالبحث بالمجهر المكبر عن انتقاد يلهوا به تنابلهم في لحظة القعود والاسترخاء: كصورةٍ لم تعجبهم رفعت، أو غلطة دون قصد وقعت، أو حركةٍ فوضوية بسبب ضخامة التظاهرة ظهرت، أو كلمةٍ من خطيب قيلت، أو هفوة انفعالية في لحظة عاطفية حدثت وتحدث مع كل الزعماء في العالم في خطبهم الارتجالية عندما تتقارب الأسماء المعنية، كالقول هيلموت شميت بدل هيلموت كول، كما حدث أكثر من مرة في البرلمان الألماني، وكما حدث مع الرئيس أمين الجميل، ليعملوا من الحبة قبة، ويدبكوا بنراجيلهم في ساحة رياض الصلح ويرقصوا وكأنهم أسقطوا الحكومة وألغوا المحكمة وأقعدوا عون المريض في كرسي الرئاسة.
فقناة "المنار" الإلهية مثلا، رَكَّبَّت في عتمتها الظلامية وبحرفيتها التزويرية وشطارتها الثورجية بعض الصور الملقوفة من خلال خدع سينمائية معروفة لا تنطلي حتى على السذج، لتقنع الجهلة والعوام وقليلي المعرفة وعديمي النظر بأن المظاهرة فشلت ولم يؤمها إلا بضع آلاف من البشر. وصَدَّقَت أكاذيبها يا للهبل! وصارت بهذا النصر الجديد على الأكثرية على مدار الساعة مع من تحتفل؟ مع وئام وهاب أكبر كذاب وديماغوجي وثرثار ومثرثر في تاريخ لبنان والعرب والتاريخ البشري المعاصر.
ومنهم من صُدِمَ من ضخامة الحشود فجن جنونه الحقود مكسراً الصور مخرباً البيوت الآمنة معتديا على المشاركين بالسكين والرصاص والحجر تشهد على جنونه الأهوج عشرات الجرحى وملايين المشاهدين عبر الشاشات وأبناء أحياء بيروت السنية العريقة كرأس النبع وبشارة الخوري والبربير وبرج ابو حيدر، التي تعرضت وبحقد مذهبي صفوي دفين للتكسير والتدمير وارتكاب المعاصي دون رادع أو وازعٍ أو دينٍ أو أخلاق أو أدبٍ أو جيرة أو ضمير. وحتى الجيش وقف في أكثر الأحيان على هؤلاء الهمج أبطال إسقاط المشروع الأمريكي في زواريب بيروت عاجزاً يتفرج.
ومنهم من تضايق إلى أبعد الحدود كرئيس المكتب السياسي لحركة "أمل" الإستيز جميل حايك. فهذا الأخير بحلقَ بالجموعِ الهادرة تحية لقوى 14 آذار وانفلقَ ، ثم نكرز من محبة اللبنانيين لباني لبنان الحديث الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونفرز، ثم انزعج من رفع صورة لبري بطريقة لم ترق له وانبعج، دون ان يرف له جفن لممارسات عصاباته وانتهاكات زعرانه لحرمة بيروت الأبية، سائلا رئيس كتلة المستقبل الزعيم الوطني سعد الحريري من دون ان يسميه: "بأنه كيف يسمح ان ترفع في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري صورة مسيئة للرئيس نبيه بري الذي كان الصديق الوفي ورفيق درب الرئيس الشهيد"
لو كان هذا الحايك يفهم في الديمقراطية لما قال هذا الكلام. لأن رفع الصور وحتى بشكل كاريكاتوري مضحك لبري أو لغيره ولكل من يعمل في الحقل السياسي العام، ليست إساءة بقدر ما هي أداة من أدوات حرية التعبير التي يكفلها الدستور اللبناني وكل دساتير الدول الديمقراطية في العالم. وبالتالي فمن واجب السياسي أن يتحمل هذا النوع من الانتقاد ويحترمه كحق ديمقراطي ويرد عليه ديمقراطيا وليس من خلال تكسير صور رموز الوطن كالرئيس الشهيد رفيق الحريري والزعيم الوطني سعد كما تفعل وفعلت عصابات أمل والحزب اللاهي الفارسي مسببة معارك وضحايا وخراب بيوت الناس وفتن بين أبناء الوطن الواحد.
تكسير الصور هو اعتداء حسي وجرم يعاقب عليه القانون وهمجية وعدوانية بحق كبار الوطن يا جميل حايك!
أما بالنسبة لموضوع الوفاء فلقد كشفت الأحداث نبيه بري على حقيقته وأظهرته للرأي العام اللبناني والعربي والعالمي، بأنه فقط أوفى الأوفياء لعهد الوصاية والهيمنة السورية، والصديق الصدوق لبشار الأسد، والمطيع الخنوع لإيران العجم، ولكل من يعمل على قهر إرادة الشعب اللبناني الحرة والإضرار بمصالحه الوطنية العليا.
وتابع حايك: "كيف يسمح ان ترفع صورة رمز حماية لبنان ورمز وحدته ورمز السلم الاهلي ورمز المؤسسات وحمايتها ورمز الحفاظ على كرامة الناس ورموزها؟ كيف يسمح ان ترفع صورة هذا الرمز الكبير ومعلق عليها "خاطف الديموقراطية" ممن يريد خطف لبنان وجعل هذا البلد رهينة للتجاذبات حسب ما تشتهي الادارة الاميركية وما يشتهي الجشع الصهيوني".
على من يضحك هذا الحايك ومن يستغبي بهذا الكلام السخيف والطفل الصغير في لبنان أصبح يعرف بوضوح من هم رموز الوطن الكبار الذين يقدمون من صفوفهم الشهداء الأبرار، ومن هم العملاء الصغار الذين يطبخون الطبخات المسمومة في المطابخ السورية – الإيرانية ويقدمونها ككبة بالصينية مفرومة من دماء ولحم وأشلاء الشعب اللبناني.
الرمز الوطني يا حايك لا يُثَبِّت نظام الوصاية السوري خلال فترة احتلاله للبنان، ويمدد خانعا للحود، ويتعهد ثم يتراجع، ويعد ولا يفي، ويحاور ويناور فقط لمضعية الوقت، ويعمل اليوم مع أقليته المسلحة وزعرانه بخبث مكشوف على تأجيج الحرب المذهبية والأهلية لعودة النظام السوري ورستم غزالي وأقصوصة الأمن الممسوك في عز الليالي.
الرمز الوطني لا ينحني عند أول نفخة ويخطف الديمقراطية بإغلاق رمزها، أي البرلمان، مؤسسة الشرعية والتشريع الأولى في البلاد.
ولماذا؟ لكي لا تقر المحكمة. وهذا يعتبر خدمة للمجرم قاتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
وهل هكذا تتصرف الأصدقاء الأوفياء كما تدعي يا حايك بأنه "كان الصديق الوفي ورفيق درب الرئيس الشهيد"! هذه خيانة للصداقة وعدم وفاء، وإجرام تاريخي غير مسبوق بحق الأخوة والديمقراطية!
الرمز الوطني لا يلف ويدور ويهرطق صباح مساء ويتلاعب بالدستور مساهما في إفراغ مؤسسة رئاسة الجمهورية من رمز الوطن! وما زالت فارغة وهو ما زال يدعو إلى جلسات فارغة!
الرمز الوطني لا يطعن البطريركية المارونية، ويعلن طوال الوقت ويردد أنه وراء البطريرك صفير بانتخاب الرئيس، وبإشارة من بشار يخيب أمل البطرك منزويا خلف سلة عون الشيطانية المصدر والتعجيز!
الرمز الوطني لا ينقلب على ذاته وأصالته، بل يكون ثابتا ثبات جبال الوطن. ألم يصف بري حكومة الرئيس الأستاذ فؤاد السنيورة بحكومة المقاومة بعد حرب تموز، وانقلب عليها بعد ذلك ظلماً وعدوانا مع جوقة الحزب اللاهي متجنياً بتخوينها!
الرمز الوطني لا يكون كشتبانا بسبابة خامنئي أو غيره. ألم يعلن من ايران بأن الحكومة شرعية بالرغم من استقالة الوزراء الشيعة منها ليعود مساء بعد تأنيبه وتوبيخه وزجره كالطفل الصغير من مرشده الأكبر إلى نزع الشرعية عن الحكومة!
كفاكم استغباء للبنانيين المظلومين! كفاكم تشويهاً للوقائع وقلباً للحقائق! كفاكم تحديا وتعديا على كرامات أهل بيروت!
لقد خسرتم تعاطف ومحبة أهل بيروت بممارساتكم العدوانية، وخسرتم بذلك كل اللبنانيين والعرب والعالم!
وأكد حايك "ان التصريحات الاميركية وممارسات هذه الادارة تشير بوضوح الى إسقاط اي دور عربي او دولي يساهم في الحل من أجل إبقاء لغة الاستئثار التي أرادها البعض في لبنان والذي ينفذ فيها أوامر ورغبات الادارة الاميركية".
عجباً ولماذا لا يتخلى رمزكم عن جنسيته الامريكية الصهيونية التي يفتخر بحملها؟
ولماذا لا تمس الإدارة الأمريكية الصهيونية بمصالح بري المنتشرة في الولايات المتحدة وأهمها في ولاية ميشيغن.
وهل من يعادي الامركيين يستثمر في أرضهم دعما لاقتصادهم؟
وهل كان يتوقع السيد حايك بعد كل ما أسلفنا أن ترفع جماهير 14 آذار صور بري كزعيم وطني كبير منقذ، ورمز لبناني يناضل من أجل حرية وسيادة واستقلال وطنه ؟
حقاً إلي استحوا ماتو!

ليست هناك تعليقات: