الأربعاء، فبراير 27، 2008

الأخ الضال أشد خطراً من العدو المبين



محمد حيان الأخرس
لقد كان الحلم الشاغل لآل السعود, السيطرة على بلاد الشام والعراق, ابتداء من غزوة ما يسمى الآن بالثورة العربية الكبرى, وانتهاء بالأمس القريب بمقتل مغنية.
والأمر ينطبق على مصر واحتلالها لسيناء كاملة حتى غزة اليوم, وذلك أيضا تحت تسمية طرد العثمانيين من بلاد الشام بقيادة إبراهيم بن محمد علي باشا.
وكيف استطاع أهل الشام طرد إبراهيم باشا حين أحسوا أنهم استبدلوا الاحتلال العثماني باحتلال مصري. ولكن للأسف ظلت سيناء وغزة تحت احتلالهم إلى اليوم.
وما يعيد لنا ذاكرة هذه الأشياء, أننا نحن الوحيدين الذين اخترعوا وبلعوا كذبة العروبة الزائفة. وحملوا ثقلها على ظهورهم، حتى غدت أرقا وأحزابا و نضالات قل نظيرها في التاريخ, للدفاع عن حقيقة مخترعة غير قابلة للتحقق. ووحدة الشام مع مصر وفشلها في منتصف القرن الماضي أكبر دليل على ذلك.
ومن المؤكد أن التهم ((على هذا المقال)) ستنهال علينا من القريب قبل الغريب، تحت شتى واختلاف العناوين. ولكن :
يجب الاعتراف قبل ذلك أن السعودية كانت تسيطر على المنطقة كاملة تحت عنوان الإسلام ((السني)) وكانت ترضى بدورها ولو المحدود في بعض المناطق، إلى أن ظهر البعبع الإيراني ((الشيعي)) في المنطقة واستطاع أن يخرج من حربه مع العراق أشدّ قوة وإصراراً, واستطاع أن يجد حلفاء له في بعض المنظمات والحركات والدول التي ترفع لواء الجهاد ضد اليهود, واستطاع أن يمدها بالجانب المعنوي والذي كانت تفتقده أيام السيطرة السعودية, وأن يعزّز هذا الجانب بالمدّ المادي في وقت تخلت به السعودية عن القبلة الأولى, ورضيت مصر بسيناء وما اقترضت من فلسطين مقابل الاعتراف ((بإسرائيل)).
وما التوجه السعودي اليوم والذي يصب في خانة اليهود كيف ما نظرنا إليه, إلا الدليل القاطع على الفهم والقناعة التي ترى أن بلاد الشام جزء من المملكة السعودية ((السعودية السنية)) وأن غزو العرب القادمين من الصحراء إلينا لم ينته إلى الآن, وكأن بلاد الشام كانت أبدا فردوس الجزيرة العربية الموعود. فحين تقف السعودية مع اليهود وكل طامع في هذه البلاد ضد إرادة شعبها فلا معنى لذلك إلا المقولة الدارجة (عدو عدوك صديقك) ولا نعرف من أوحى لها أن الشام ولبنان وفلسطين والعراق أصبحت شيعية المذهب, حتى تقف هذا الموقف الأشد كرها من كرهها لليهود.
ولأن فلسطين التاريخية جزء لا يتجزأ من بلاد الشام, كان على كيانات الأخيرة قبل غيرها أن تهبّ لاسترجاع ما سلب منها, وإلا فإن اليهود لن يتورعوا عن فعل أي شيء لإقامة مملكتهم التوراتية والتي تمتد من الفرات إلى النيل, و لأن اليهود مقتنعون بأن يهوه قد وهبهم هذه الأرض, كان علينا أن نفهم أن هذه الحرب معهم هي حرب وجود لا حرب حدود, وأنهم ينطلقون من فكرة تدخل في مجال الخرافة أكثر من الدين, وأنهم على يقين من انتصارهم علينا وطردنا من ((أراضيهم)).
إذا فالبعبع الإيراني بالنسبة للسعودية هو أشدّ خطرا من اليهود، لأن الفهم والعقلية التحليلية لآل سعود لا تستطيع الخروج من دائرة القبيلة والصحراء والغزو، ولا تستطيع الخروج من ذاتها إلى العالم لترى الاختلاف في الشكل واللون والرائحة. وأن هناك حيوات أكثر تنوعاً وزخماً ومعرفة وعطاء أكثر من القبيلة. وبالتالي فهي تعيش تاريخها فقط، تاريخ القتال على الخلافة والسلطان والسيطرة على مراعي الآخرين, وتاريخ الفرقة الناجية من النار, والأخ الضال هو أشد خطرا من العدو المبين .
ولا يعني هذا تبرئة ساحة إيران وطموحها القومي, بل يعني أن الرؤية من جانب واحد, أشدّ من العمى, وإن إيران لها الطموح ذاته في أراضينا, ولكنها تبقى الآن أقل خطرا من اليهود والمتهودين. وما حزب الله وحماس إلا أبناء أرضنا أولاً وثانياً وثالثاً, وإن انتماءهم لهذه الأرض هو الأقوى والأشد من أي انتماء آخر. وما يفعلونه الآن يفعلونه بدافع استرجاع ما سلبه اليهود من أراضيهم، لا خدمة لإيران ولطموحها القومي في المنطقة.
والمراقب للأحدث الآن يرى أن عداء السعودية ومصر والأردن لحركة حماس ولحزب الله أشد من عدائهم لليهود, ذلك أن قيام الأردن مرتبط وشكل وثيق بقيام ((إسرائيل)) وسقوطها بسقوط ((إسرائيل)) وما اقتطاع الأردن من فلسطين وتسليمها إلى الملوك الهاشميين من قبل الانكليز إلا لحماية حدود اليهود المؤقتة في فلسطين الداخل، ولو لم يفعل الانكليز ذلك، لأخذتها مصر مع سيناء بعد حرب تشرين في مقابل خروجها من الصراع ((العربي الإسرائيلي)) .
وبعد
لم يكن الهاجس القومي العربي هو المحرك تاريخيا لتلك الدول المعتدلة، ولم يكن أبدا كذلك, فالقومية بالنسبة للسعودية العربية السنية الوهابية حرام. وما يجمعه الدين هو الحلال عندها, لذلك كان من دوافعها للعداوة مع الشام وحماس وحزب الله هو ارتباطها بالمصالح مع إيران الشيعية الكافرة تحت عنوان ((الأخ الضال أشد خطرا من العدو المبين)) وأما مصر فكانت العروبة هي الأمر الثانوي في مسيرتها النضالية ضد اليهود سابقاً, لأن مصر كانت أبدا فرعونية, وهو أمر صحيح عامة, إذ ما يربطها بالعالم العربي ليس الأرض والعرق بل جزء من الثقافة والتاريخ واللغة. وهو أمر لا تلام عليه أبداً, بل تلام على عدم فهمها لليهودية التي ترى في مصر جزءاً من ((إسرائيل الكبرى))، وأن المصريين في نهاية المطاف خلقوا لخدمة اليهود شعب الله المختار .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الدليل الشامل للمدونات العربية

سياسة - اقتصاد - ثقافة - حوار - أدب وشعر - والمزيد

http://blogsguide2.blogspot.com/