الثلاثاء، فبراير 12، 2008

رسالة الى وزير خارجية مصر"احمد ابو الغيط"...!

د. صلاح عودة الله

تصريحات وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط اثارت ردود فعل غاضبة وصارخة..فقد قال : " منكسر أقدام من سيقدم على كسر الحدود بين غزة ومصر"...وشدد الوزيرعلى أن "مصر لن تسمح باقتحام حدودها ثانية" وقال في تصريحه "من سيكسر خط الحدود المصرية، ستُكسر قدمه".."ووصف فيها صواريخ المقاومة بانها مضحكة و كاريكاتورية"..!
مهما كان إحترامي وتقديري للبادرة التي قامت بها جمهورية مصر العربية(مكره اخاك لا بطل).. من واجب قومي وإنساني تجاه شعب غزة المحاصرة في يوم سمته حثالات استهداف العقل العربي تارة بالاجتياح وتارة أخرى بألفاظ تحط أصلا من قدر مطلقيها.. فإنني وبلا أشك أنتمي إلى أمة تنتمي لها مصر وينتمي لها وزير خارجيتها السيد أبو الغيط.
ما لا يمكن تصديقه في الرأي السياسي الذي يتحمل مسؤوليته مسؤولا بوزن وقيمة ممثل السياسية الخارجية لجمهورية مصر العربية وما لا يمكن تحمله هو أن تنحدر اللغة الديبلوماسية والسياسية إلى مستويات لا تليق لا أولا ولا عاشرا بمكانة مصر العربية.. وإن كان استهداف العقل في زمن سطوة الإعلام الامبريالي العربي الذي تفوح منه رائحة حصاره وترويضه تلك الكلمات التي لا تليق أيضا بشعب فلسطين.
قل لنا بربك يا سيادة الوزير: أرجل أي شعب تريد أن "تكسر" ؟ هل أرجل الشعب المحاصر حصارا تجويعيا وقاتلا ام ارجل من يصور الضحية جلادا والجلاد حملا وديعا؟ ما هكذا رضعنا حليب انتماءنا لأمتنا .. ماهكذا أفهمنا أدباء ومثقفي وبسطاء شعب مصر معاني الارتباط الوجداني بقضية عربية مركزية..!
أرجل من تريد أن تحطم يا سعادة الوزير؟
أعتقد أنه من الأخلاقي بعد أن تراكمت كل كلمات المديح والثناء على مصر التي تنتظر دورها على مذبح بوش أن تراعي مسألة غابت عنك كثيرا.. هذا الشعب لا يقال بحقه مثل هذا الكلام.. فإما أن تسحبه أو تنكره لنفسك وعليها أو لتعلن صراحة بأنك واقع تحت تأثير التجييش الأعمى والمخادع ضد مليون ونصف انسان في 360 كيلو مترات مربعة.
ليست تلك هي اللغة الديبلوماسية التي تصف فيها المقاومة بكاريكاتورية حتى نصب في سيل الاكاذيب الصهيونية عن فزع مستعمرين في سيدروت وغيرها.. بينما قوافل الشهداء الفلسطينيين حيث لا صواريخ تستمر كشلال لا يتوقف دون أن نسمع عنتريات من يجرؤ على تهديد واحد ولو من باب رفع العتب.
ليست "حماس" هي الوحيدة التي تقاتل دفاعا عن النفس يا سيد ابو الغيط.. كل إنسان يتعرض لأبشع صور القهر سيدافع عن نفسه يساريا كان أم قوميا.. وأمام مثل ذلك المسلسل المسكوت عنه بخجل وعار قلب العقل العربي أراهن أنه حتى الكلاب الضالة لن تسمح من يعبث أو يقتل جراءها.. فما بالك بشعب أسمى في مقاومته وصموده وبقائه أن توسم خيرا في أمته التي باتت تبيعه مواقف معيبة كالقول : مبروك موقف أبو الغيط.. حيا الله مصر على وقوفها بوجه الغزاة الفلسطينيين.. أم أن السيد أبو الغيط لا يعرف تبعات ما يقول ولا أن مستشاريه ينقلون له ما تردده مجموعات مثقفي" المارينز"..!
فيلهددها وزير الخارجية المصري، أبو الغيط، وليفرح بذلك. فها هي مصر العظيمة التي كسرت أقدام الصليبيين والمغول تجد أخيرا من تكسر أقدامه: "غزة"..مبروك لك يا سيدي، مبروك جدا..! لقد حولت أنت ونظامك مصر إلى بلد لا يستطيع التهديد بكسر رجل أحد. جلعتموها دولة ليس لها قدرة على تهديد أحد. لذا فهنئيا لك ولنظامك على تكسير أرجل الذين كسرت أرجلهم وأيديهم وخواطرهم. فغزة يتيمة يمكن لأي واحد أن ينتهكها وأن يغتصبها، وأن يشهر فيها على أنها عاهرة في نفس الوقت.
هنيئا لك ولرئيسك الذي جعل مصر أصغر من إسرائيل ومن تركيا ومن إيران ومن الأردن ومن قطر. وبما انه حول مصر العظيمة إلى شيء أصغر من قطر بكثير، فليس غريبا أن لا يجد أحدا ليكسر رجله سوى غزة..!
اكسرها أنت وإياه يا سيدي..اكسرها أنت ورئيسك وباراك وأولمرت..اكسروا رجل الزانية غزة..اكسروا رقبتها..ارجموها بالحجارة..! سنتحمل ذلك. ولن نبكي غزة. بل سنبكي على مصر العظيمة التي لم يعد لديها من تكسر رجليه سوى غزة.. نعم، دموعنا نوفرها لمصر الحزينة، مصر المكسورة الأيدي والأرجل، مصر المكسورة الرقبة، المكسورة الخاطر..!
ليست هذه مصر العروبة..مصر عبد الناصر والذي دافع عن فلسطين بالجسد والروح وقال عنها الكثير: "ان واجب الأمانة يتطلب منا أن نحدد موقفنا على النحو التالي: ولقد كان ذلك موقفنا دائماً إن المقاومة الفلسطينية تعتبر من أهم الظواهر الصحية في نضالنا العربي، وهي التجسيد العملي للتحول الكبير الذي طرأ على الشعب الفلسطيني تحت ضغوط القهر وحوله من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين".
كان جمال عبد الناصر يرى أن ليس أمامنا جميعاً بديل عن القتال من أجل الحق الذي نطلبه والسلام الذي نسعى إليه. كان دائماً يفرق بين القتال وبيت الاقتتال فيقول: "الاقتتال رصاص طائش يعرض الأخ لسلاح أخيه والقتال شرف.. الاقتتال جريمة".
معارك قاصمة خاضها هذا العملاق الأسمر المنحوت من طمي النيل حتي وجد نفسه حزينا.. فمات بالسكتة السياسية قبل أن يموت بالسكتة القلبية.. ولم يهدأ الأعداء بموته.. فقد راحوا يمثلون بسمعته.. وبدأت عملية الاغتيال الثاني له.. الاغتيال المعنوي لإزالة كل ما آمن به.. وما سعي جاهدا لتحقيقه.. ومنذ أن توفي وحتي الآن ومحاولات تحطيم شخصته مستمرة.. فالزهور التي تنبت في الصخور يجب أن تسحق كاملة.
غزة كانت وستبقى ظهيرا لمصر العروبة وليس لمصر التي اختطفها بعض الرداحة التي يقولون أنك قلت ما تقوله عن شعبك الفلسطيني في غزة... واطلب من مستشاريك الاعلاميين أن يجمعوا لك عينات من ردود المتربصين والمتلبسين لأسماء عربية.. لتدرك أن ما يتفوه به السياسي صاحب المسؤوليات أخطر بكثير مما يقوله العبد الفقير الذي ينصح سيادة الوزير أن يقلع قليلا عن هذه الاستعلائية الفارغة التي تنقل على لسانه والتي تحط من قيمة لغتنا وتخاطبنا.
شعب عانى ما تعرفه أنت وكل المنظمات الدولية لا يمكن أن يقال له "سنكسر أرجله" ولا أن اقبل ذلك التصوير الأرعن بدخول إخوة الدين والعروبة والقضية من منفذ ومتنفس لا كغزاة ولا كمجتاحين بل أناس أرهقهم حصار عام كامل... أم أن السيد الوزير يرى في مجموعات العربدة الاتية الى القاهرة على نفقة ما يمنحه السيد عباس لهم ويحرم شعبه منه هم الشرفاء في زمن العهر الاعلامي والسياسي؟
انني ادعو "الأقلام الوطنية المصرية الحرة الى عدم التساوق مع محاولات الاحتلال بذر الخلاف " وان أقلام التطبيع ستسقط كما تسقط أوراق الخريف الجافة.نأمل أن لا تكون هذه التصريحات تعبر عن الموقف المصري ونتمنى أن يقوم العرب بكسر الحصار وليس كسر أقدام المحاصرين وآمل بل واشدد على أن هذه التصريحات لا تعبر عن نبض الشارع المصري.
ان العلاقة مع مصر هي علاقة "التاريخ والجغرافيا والدم والعقيدة" ولن تتأثر بموقف هنا أو تصريح هناك من منطلق أن القضية الفلسطينية قضية كل الأمة.ان هذه الجهة التي اطلقت هذه التصريحات غير المسؤولة شعرت أن الشارع المصري أخذ يتململ نتيجة الحصار المفروض على القطاع وتجويعه وتحركه نحو كسر الحصار، وتهدف هذه الجهة الى التأثير على موقف الشارع المصري بالأكاذيب والاتهامات الباطلة والهجوم على حركة حماس وقياداتها بطريقة غير أخلاقية.
انني على ثقة تامة بأنه لا يوجد فلسطيني علي وجه الأرض الا ويكن لمصر وشعبها كل التقدير والاحترام، ويعترف بجميلها في الوقوف الي جانبه في جهاده لاستعادة ارضه ومقدساته، ولا يوجد فلسطيني في الوقت نفسه الا ويستغرب هذه الحملة المسعورة التي يتعرض لها شعب محاصر من قبل المسؤولين وبعض وسائل الاعلام المصري الرسمي، حملة تعتمد التزوير، والتلفيق، والفبركة والترويج لاكاذيب رخيصة لتكريه الشعب المصري باشقائه، ولمصلحة "اسرائيل".
ندرك جيدا انها حملة يائسة من قبل اعلام نظام مأزوم ، يعيش حالة من الارتباك غير مسبوقة، بعد ان قزّم دور مصر، وفقد الكثير من هيبته واحترامه في الداخل والخارج، لدرجة انه بات يخشي علي امنه القومي من بضعة آلاف من الجياع المسالمين وهو الذي استقبل مساعدات عسكرية امريكية تصل الي اربعين مليار دولار مقابل توقيعه اتفاقية كامب ديفيد لتعزيز قواته المسلحة، ليس من اجل حماية مصر وسيادتها وانما لحماية" اسرائيل".
يا سعادة الوزير: هل وصلتكم الرسالة كما وصلت واحدثت من ألم في النفس والواقع الذي يكبل له الإعلام الصهيوني وإن تحدث بلغة الضاد؟ نأمل ذلك.. ولكن الارجل لرجال ونساء غزة تستحق بلسما شافيا لا تهديدا بكسرها... مع إعترافنا بأن الفوضى أرهقتكم... لكن الفوضى لا تحل بعنتريات التكرار الببغائي الذي تمارسه أجهزة إعلام كانت تنتظر قراءة شفاهكم...!
واخيرا يا سعادة الوزيراذكرك بأن تصريحاتك المشؤومة تشبه وتذكرني بأوامر رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق" رابين" عندما اوعز لوزيرحربه"باراك" ولجنوده بتكسير ايدي وارجل اطفال الانتفاضة الفلسطينية الأولى..انتفاضة اطفال الحجارة..فقل لي بربك ما الفرق بينكما؟
ورحم الله من قال:اسفي على قدر يصادر روحه**ويطيق اشباه الرجال تعيش..!
تمت الاستعانة ببعض المصادر الاخبارية والاعلامية..!
القدس

ليست هناك تعليقات: