الأحد، فبراير 03، 2008

تقرير فينو غراد وفتوى بن جبرين


سعيد الشيخ

تمكن مقاتلو حزب الله ان يحققوا نصرا على الجيش الصهيوني الذي لا يقهر .. او بوجه آخر لم يتمكن الجيش الصهيوني الذي لا يقهر ان يحقق انتصارا على مقاتلي حزب الله في حرب تموز عام 2006... وعلى هذين الوجهين فأن فتوى الشيخ السعودي عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين قد انهزمت لانها قامت على باطل والباطل الى زوال.

هذا الاستنتاج الذي اطلقه القاضي الصهيوني "فينو غراد" في فحوى تقريره الصادر مؤخرا والذي اجاب عن كثير من الاسئلة حول نتائج ذلك العدوان الغاشم على الجنوب اللبناني والذي امتدت خلاله آلة الدمار الصهيونية الى العاصمة اللبنانية ومناطق اخرى وعملت على دك البنيان ونسف الجسور.

وفي واقع الامر فأن هذا التقرير لم يأت بجديد، حيث منذ ان وضعت تلك الحرب اوزارها كان ظاهرا للعيان مدى التقهقر الذي مني به هذا الجيش الذي يتباهى قادته بيده الطويلة وبدرعه الحديدي الذي لا يتفتت...وربما تكمن اهمية هذا التقرير ليس لنا نحن الذين آمنّا بضرورة مقاومة المشروع الصهيوني كخيار للدفاع عن كياننا العربي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى جغرافي وتاريخي ووجودي لبلادنا الواقعة ضمن مخططات الاطماع الغربية. بل ان الاهمية تكمن في الصدمة التي اوقعها التقرير على المجتمع الصهيوني الذي بات عليه ان يدرك من الآن وصاعدا ان زمن المباهاة بالتفوق قد ولّى بلا رجعة، وعلى هذا المجتمع الهجين ان يستعد لدفع ثمن مجازر وجرائم قادته المهووسون باراقة دماء آلاف الضحايا من ابناء امتنا.

وهنا لا بد من حمد الله الذي امدّ بعمر الشيخ الخرف عبد الله بن جبرين الى اليوم الذي تناهى الى مسمعه اعتراف العدو بهزيمته وهو الذي كان قد دعى الى عدم الدعاء لمقاتلي حزب الله البواسل للتمكن من احراز النصر... ولكن ها هي القلة المؤمنة قد انتصرت على جيش جرار لتثبت بالعبرة والحكمة كيف يكون الايمان الحقيقي الراسخ اقوى من الطغيان واقوى من فتاوي تخدم سلطان جائر ومن كل الذين يكذبون بالدين.. عدا عن ان انتصار حزب الله هو فضيحة جديدة للنظام العربي الرسمي ولكل كتبته وسدنته ومن يدورون في فلكه، هؤلاء الذين شكلوا جبهة داخلية واشتغلوا كالدود في داخل الجسد وراحوا يطلقون عيارات الاذى على ما تبقى من كرامة وشرف وطهارة لدى امتنا... ولكن في تموز 2006 ينتصر الشرف العربي وينتصر خيار المقاومة، هذا ما نعرفه قبل تقرير فينو غراد الذي يأتي الان لينزع الغشاوة عن عيون الواهمين والمتخاذلين وكل الذين يكرهون انفسهم ، ليس الا لانهم مرضى وندعو لهم بالشفاء.

بين تقرير فينو غراد وفتوى بن جبرين ازمة .. انها ازمة فكر على الجبهتين!
الاولى تصدم المجتمع الذي يتطلع الى النصر الدائم لتكريس وجوده حيث لايملك، واذ بالتقرير ينزل كوقع اللعنة على هذا التفكير.
والثانية تصدم امة ترنو الى التكافؤ في مشروع حضاري وجودي ، واذ بالفتوى تأتي لتكرس التشرذم والتخلف اللذان لا يولدان الا العجز.
فانتصر التقرير لانه بني على معطيات واقعية وانهزمت الفتوى لانها قامت على الافك والضلال...
والله لا يريد لهذه الفتوى النجاح لذلك ارسل لها هذا "النصر الالهي".

سعيد الشيخ/ كاتب فلسطيني

ليست هناك تعليقات: