الاثنين، فبراير 18، 2008

اغتيال مغنية مؤشر مواجهة اقليمية


نقولا ناصر

لم تثر أي عملية اغتيال سياسي في المنطقة مثل العاصفة الاقليمية التي اطلقتها عملية التفجير التي اودت بحياة عماد مغنية في العاصمة السورية ، اذ نقلت العلاقات السورية – الاميركية الى شفير مواجهة مكشوفة تهدد بخطر انتقال الجهود الاميركية لاحتواء النفوذ الاقليمي السوري من خارج سوريا الى داخلها ، وتشير الى احتمال انتقال المواجهة الاميركية – الايرانية من المواجهة المباشرة الى توجه لضرب المعبر السوري للنفوذ الايراني الاقليمي ، كما تشير الى توجه اميركي لتفجير القنبلة اللبنانية المؤقتة في وجه ايران وسوريا معا لحسم الصراع معهما في ساحة تعتقد واشنطن انها تملك فيها اوراقا لصالحها اكثر من الاوراق التي تملكها في الساحة العراقية بسبب الجوار المباشر لحليفها الاسرائيلي الذي يسرع استعداداته للثار لهزيمته في صيف عام 2006 ، كما يشير التوتر الداخلي المتصاعد الذي تحاول القوى اللبنانية الخيرة الآن احتواءه .

لقد اجتمعت في عماد مغنية كل عوامل الصراع الاقليمي بين خندق يقوده طوعا او كرها التحالف الاميركي – الاسرائيلي وبين خندق يعارض مخططات هذا التحالف لاعادة رسم خريطة المنطقة يقوده تضامن سوري – ايراني يعتمد على حركات المقاومة الشعبية ليوازن بها التفوق العسكري والتقني لتحالف الاحتلالين الاجنبيين في فلسطين والعراق ، اذ كان اغتياله موجها له شخصيا بقدر ما كان موجها ضد المقاومة اللبنانية بكل ما له ولها من ابعاد ايرانية وسورية وفلسطينية بخاصة واقليمية بعامة .

كان تفجير مساء الثلاثاء الماضي في دمشق الذي اودى بحياة أحد اهم المقاتلين العرب واكثرهم ايلاما للهيمنة الاميركية على المنطقة واكثرهم فاعلية ميدانية ضدها ، تفجيرا رمزيا يعلن عمليا اختيار واشنطن لسياسة المجابهة مع سوريا بعد ياس ادارة جورج دبليو. بوش من سياسة العصا والجزرة التي كانت تنتهجها لتطويع سوريا كي تنطوي على نفسها ، اسوة بالاجماع العربي على ان يهتم كل نظام بشانه القطري الداخلي وان يوفق مكانته الاقليمية بحيث تتساوق مع الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط ، ليخلي الساحة العربية للتحالف الاميركي – الاسرائيلي يصول ويجول فيها على هواه راسما لها خرائط واستراتيجيات ومسارات جديدة تضمن منح الاولوية الاقليمية لضمان المصالح "الحيوية" لهذا التحالف .

وهذه المقدمة تفترض طبعا المسؤولية الاميركية – الاسرائيلية عن اغتيال مغنية ، وهو افتراض يستبق بلا شك ما وعد به وزير الخارجية السوري وليد المعلم المراسلين يوم الخميس الماضي بان الدولة السورية سوف تثبت بشكل قاطع من هو المتورط "في هذه الجريمة ومن يقف وراءها" ، اذ ان أي تحليل منطقي للعلاقات السورية الاميركية لا يترك أي مجال للشك في مسؤولية واشنطن – تل ابيب ، وكما قال شموئيل روزنر كبير مراسلي صحيفة هآرتس الاسرائيلية في الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي فان: "الاميركيين ، مثل اسرائيل ، يدعون الجهل بمن صفى مغنية ، وهم ، مثل أسرائيل ، يوجد شك في انهم يكذبون . وربما يعرف (وزير الدفاع الاميركي روبرت) غيتس الحقيقة الكاملة ، كما يعرفها رؤساء وكالات المخابرات الكبرى ... ويستطيع مناقشتها مع وزير الدفاع (الاسرائيلي) ايهود باراك عندما يزور الاخير (واشنطن) الشهر المقبل" .

ان تفجير الثلاثاء الماضي في العاصمة السورية لا يمكن عزله عن التزامن بين اغتيال مغنية وبين مسارعة الرئيس بوش الى الاستثمار السياسي لهذه الجريمة -- "الارهابية" بكل المقاييس -- بالاعلان عن فرض عقوبات اميركية جديدة على سوريا ولا عزله عن تعثر الخطط الاميركية في محيط اقليمي للنفوذ السوري فيه دور فاعل ، انطلاقا من العراق حيث فشلت استراتيجية بوش "الجديدة" التي اعلنها اوائل العام المنصرم لاحكام سيطرة الاحتلال الاميركي الامنية بدءا من بغداد بدليل اعلان غيتس خلال زيارته للعاصمة العراقية الاسبوع الماضي عن تاجيل بداية كانت مقررة في تخفيض عديد قوات الاحتلال ، ومرورا بفشل مشروع الاحتلال الاميركي لافغانستان بدليل الخلافات الاميركية الاخيرة مع حلف شمال الاطلسي "الناتو" حول دور اكبر للحلف هناك ، ومرورا بقطاع غزة حيث فتح الاجتياح الجماهيري للحدود مع مصر ثغرات اقتصادية وسياسية وامنية في الحصار الاميركي – الاسرائيلي المحكم المفروض منذ منتصف العام الماضي ، ومرورا بفشل جولة بوش الاخيرة في المنطقة في انشاء جبهة عربية – اسرائيلية بقيادة اميركية طبعا ضد ايران ، وصولا الى وصول الجهود الاميركية لاحتواء النفوذ السوري – الايراني في لبنان الى طريق مسدود من خلال الفشل في فرض حصار لبناني في ظاهره على حزب الله عن طريق فرض نظام سياسي ملتزم بتطبيق القرارات الاميركية والدولية ضد الحزب وملتزم بعقيدة عسكرية – سياسية تعتبر سوريا "العدو" الوطني لا تحالف دولتي الاحتلال الاسرائيلي والاميركي في فلسطين والعراق ، ناهيك عن تعثر المشروع الاميركي في القرن الافريقي نتيجة انفجار الازمة الكينية وعجز قوات الوكيل الاثيوبي لواشنطن عن فرض نظام اميركي في الصومال بدليل استمرار وجود قوات الاحتلال الاثيوبي هناك بالرغم من الاعلان المبكر لاديس ابابا بان قواتها لن تمكث اكثر من اسابيع في البلد العربي المنكوب .

ويرمز تفجير الثلاثاء الماضي في دمشق عشية قمة جامعة الدول العربية المقرر ان تستضيفها العاصمة السورية اواخر آذار / مارس المقبل محاولة اميركية – اسرائيلية مكشوفة لتفجير القمة نفسها اما بمنع انعقادها او بافشالها ان انعقدت ، من خلال تفجير القنبلة اللبنانية الموقوتة في وجهها نظرا للخلافات العربية – العربية حول لبنان بالرغم من الاجماع العربي على مبادرة لتنفيس هذه الازمة يحاول الامين العام للجامعة عمرو موسى منذ فترة تمريرها عبر شبكة العلاقات الدولية والاقليمية المتصارعة . ولا يمكن تفسير تزامن اعلان البيت الابيض عن مضاعفة ميزانيته لدعم التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري مع الذكرى السنوية الثالثة لاغتياله الى (14) مليون دولار الا في هذا السياق وفي سياق الاستغلال الميكافيللي غير الاخلاقي لهذه المناسبة .

ويلفت النظر التكتيك السياسي والاعلامي الاميركي المتماثل في فلسطين ولبنان حيث تتحمل واشنطن المسؤولية عن منع التوصل الى توافق وطني لبناني وتجهض مبادرة الجامعة العربية تماما مثلما اجهضت المبادرة العربية السعودية عبر اتفاق مكة ، الذي حظي بمباركة الاجماع العربي ، للحيلولة دون أي توافق وطني فلسطيني ، لكنها تحمل المسؤولية لسوريا التي وافقت على المبادرتين ودعمتهما ، وفي كلتا الحالتين تصب واشنطن جام غضبها على حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وتحملهما المسؤولية عن العنف وتصنفهما منظمتين "ارهابيتين" وتجند كل ما تملكه من امكانيات دولية لتصفيتهما وتحمل سوريا المسؤولية عن فشلها في ذلك معتمة تعتيما كاملا على حقيقة ان كلتا حركتي المقاومة الوطنية قد ولدتا من رحم الاحتلال الاسرائيلي ولم تكونا قبله ومعتمة كذلك على حقيقة ان سوريا التي تصنفها واشنطن "دولة داعمة للارهاب" بسبب دعمها لهما هي نفسها ضحية الاحتلال الاسرائيلي منذ اربعين عاما قبل ان تتحول منذ خمس سنوات الى خاسر رئيسي من الاحتلال الاميركي للعراق . واذا كان التضليل الاعلامي الاميركي يمكنه ان يخدع بعض الراي العام العالمي لبعض الوقت فانه لا يستطيع ان يخدع اهل المنطقة المكتوية يوميا بنار الاحتلالين .

ويدرك اهل المنطقة ان سوريا لم ولا تسعى الى مواجهة مع الولايات المتحدة وانها اختارت المفاوضات خيارا استراتيجيا لتحرير ارضها المحتلة في الجولان على حساب الوحدة التنظيمية لحزب البعث الذي يقودها ويعرفون ان قادة دبلوماسيتها حاليا هم من مخضرمي المفاوضات من اجل السلام . والمتتبع للسياسة الخارجية السورية يدرك حرص دمشق على عدم الوقوع في الافخاخ الاسرائيلية التي لا تتوقف لتفجير مواجهة بينها وبين واشنطن . ودون الاغراق في تفاصيل التاريخ القريب لا تنسى الذاكرة العربية كيف تقاطعت المصالح بين البلدين اكثر من مرة وكيف اختارت سوريا في مواقف تاريخية فاصلة الاصطفاف مع الولايات المتحدة ، مغلبة الوطني على الايديولوجي ، في لبنان وفي الخليج مثلا ، حتى لا تجد نفسها في خندق مواجهة معها .

وربما لخص السفير السوري لدى الامم المتحدة عماد مصطفى موقف بلاده عندما قال في مقابلة معه عام 2005: "نحن لسنا اعداء للولايات المتحدة الاميركية . اننا لسنا بحاجة الى خلق عداوات مع هذا البلد . وفي الواقع اننا مرارا دعونا الولايات المتحدة للتواصل مع سوريا" . وفي مقابلة اخرى في عام 2006 التالي قال السفير نفسه: "اننا في سوريا نفهم ان الطريقة الوحيدة لسلام شامل في الشرق الاوسط هي ان تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط النزيه . لذا فانه من الحكمة بالنسبة لنا الحفاظ على علاقات جيدة وتشجيع دور اميركي بناء ، فهي البلد الوحيد الذي يستطيع الضغط على اسرائيل" .

لكن الغزو فالاحتلال الاميركي للعراق كان نقطة تحول في العلاقات الثنائية التي حاول الجانبان الحفاظ على اطارها البراغماتي الايجابي السابق منذ عام 2003 قبل ان تنفجر يوم الثلاثاء الماضي في دمشق لتضعهما على ابواب مواجهة لم يعد من الممكن تفاديها . فاغتيال مغنية كما قال المعلم قد حطم "كل الآمال في احياء عملية السلام فمن يسعى الى السلام لا يمارس الارهاب" واضاف معلقا على العقوبات الاميركية الجديدة: "ليست هذه المرة الاولى التي تتخذ فيها الولايات المتحدة اجراءات ضد سوريا لكننا في هذه المرة سوف نفرض عقوباتنا الخاصة عليها" .

وكان مصطفى في مقابلته عام 2006 قد اشار الى المنعطف العراقي في العلاقات الثنائية عندما قال: "بينما كانت سوريا تتطلع الى رفع مستوى المشاركة الاميركية في الشرق الاوسط ، تورطت الولايات المتحدة في حربها على العراق لتصبح طرفا في مشكلة الشرق الاوسط وليس حتى وسيطا غير نزيه فيها . ونحن الان بحاجة لمن يلعب دور وسيط نزيه بين العرب وبين الولايات المتحدة" ، ليضيف انه يرفض رفضا باتا مقولة ان على سوريا ان "تغير سلوكها . واذا كان على أي بلد ان يغير سلوكه فان ذلك مطلوب اولا من اسرائيل ثم من الولايات المتحدة" .

لقد حاولت دمشق جهدها تفادي المواجهة مع واشنطن ، فتعاونت معها ضد القاعدة ، واستقبلت قادة العراق الجدد الذين حملتهم الدبابات الاميركية الى بغداد متحملة الرفض الشعبي السوري والعراقي والعربي لذلك ، وشاركت والتزمت بكل مؤتمرات جوار العراق التي نسقها الاميركيون ، وايدت والتزمت بكل القرارات التي استصدرتها واشنطن من مجلس الامن الدولي بشان العراق ، وشاركت في مؤتمرات المانحين للعراق ، والتزمت بالقرار 1559 الذي استصدرته واشنطن من مجلس الامن ونفذته وسحبت قواتها من لبنان ، واستجابت لنداءات اشقائها العرب واصدقاء دوليين مثل روسيا وحضرت مؤتمر انابوليس في 27 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ، الخ ، لكن التقويم "الضعيف" الذي اعطته واشنطن لاداء سوريا اواخر عام 2003 لم يتغير في اوائل عام 2008 كما يبدو .

وما زالت الشروط الاميركية المسبقة المطلوب من سوريا "الاستسلام" لها قبل ان تنال رضا واشنطن على حالها منذ احتلال العراق . ففي الثلاثين من تشرين الاول / اكتوبر عام 2003 حدد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى وليم بيرنز ، الذي استقال مؤخرا ، في بيان له امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس شيوخ الكونغرس ، اربعة اهداف تتحدد في اطارها العلاقات السورية الاميركية اولها اقامة نظام بمواصفات اميركية في العراق ، وثانيها تحقيق رؤية الرئيس بوش لحل الدولتين للصراع في فلسطين ، وثالثها ازالة خطري الارهاب واسلحة الدار الشامل ، ورابعها دعم جهود وطنية للاصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة . وخلص بيرنز للقول: "لسوء الحظ فان سجل سوريا فيما يتعلق بهذه الاولويات الاربعة للسياسة الخارجية هو سجل ضعيف" .

وتدل التطورات اللاحقة حتى الان ان التقويم الاميركي ل"لسجل" السوري لم يتغير وانه لن يتغير حتى تملي واشنطن ارادتها كاملة على صنع القرار العربي السوري ، وهي تدل كذلك على ان القيادة السورية انما كانت تسعى بحكمة لكسب الوقت حتى تتغير الادارة الحالية في واشنطن اوائل العام المقبل لادراكها التام بانها مهما فعلت لعدم الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة فان ادارة بوش لن تغير نهجها .

ففي مقابلة له مع صحيفة لاريبوبليكا الايطالية عام 2005 قال الرئيس السوري بشار الاسد: " لقد فرضت واشنطن عقوبات علينا وعزلتنا في الماضي لكن في كل مرة لم تطبق الدائرة علينا . لكن اذا سالتني ما اذا كنت اتوقع هجوما مسلحا ، حسنا ، فقد كنت ارى هذا الهجوم قادما منذ نهاية الحرب في العراق" . وكان بعد بضعة ايام على بدء الحرب الاميركية على العراق قد قال لصحيفة السفير اللبنانية ان سوريا كانت معرضة لان تكون الهدف الاميركي التالي في المنطقة لكنها لن تقف مكتوفة الايدي بانتظار ذلك .

لقد كان تفجير عماد مغنية في دمشق اعلانا اميركيا مدويا لمواجهة مع سوريا يريد بوش كسب ما تبقى له من الوقت قبل انتهاء ولايته في كانون الثاني / يناير المقبل ليحاول وقف التكتيكات السورية لكسب الوقت حتى انتهاء ولايته وليحقق مع سوريا وفيها ما فشل في تحقيقه خلال ولايتيه ، ويبدو انه قرر ان ينقل معاركه ضد ما يرى فيه نفوذا سوريا اقليميا من خارجها في العراق ولبنان وفلسطين الى داخل سوريا نفسها ، وباستثناء لجوئه الى حرب عدوانية سافرة ، اميركية مباشرة او اسرائيلية بالوكالة ، تبدو جهود بوش محكوما عليها بالفشل في الداخل كما كان الحال في الخارج ، وحتى في حال الحرب العدوانية المباشرة فان تجربة العراق لا تبشر باي نجاح مغاير لبوش في سوريا .

واللافت للنظر ان اغتيال مغنية فجر معه ايضا خلال السنة الانتخابية الاميركية الجارية توصيات لجنة مجموعة العراق الجمهورية - الديموقراطية المشتركة برئاسة جيمس بيكر ولي هاملتون لتجنب المواجهة مع ايران وسوريا حول العراق والسعي بدلا من ذلك الى تعاونهما . وفي هذا السياق لوحظ ان التفجير قد تزامن مع وجود زبنيو بريزنسكي الديموقراطي على راس وفد من مؤسسة راند في زيارة لسوريا ومن المعروف منذ زيارة رئيسة مجلس النواب في الكونغرس نانسي بيلوسي لسوريا في نيسان / ابريل 2007 ان الحزب الديموقراطي يعارض سياسة بوش تجاه البلدين .

ويبدو ان لحظة المواجهة السورية الاميركية التي طالما حرضت اسرائيل عليها والتي توقعها كثير من المحللين المتخصصين قد حانت . فعلى سبيل المثال تنبا روبرت جي. رابيل مؤلف كتاب "سوريا والولايات المتحدة والحرب على الارهاب في الشرق الاوسط" الصادر في شباط / فبراير 2006 بان "سوريا مهياة لصدام مع الولايات المتحدة حول مستقبل الشرق الاوسط" . قبله كان البروفيسور الاسرائيلي في الجامعة العبرية بالقدس والزميل في معهد الولايات المتحدة للسلام ، موشي ماعوز ، قد كتب في السادس من ايار / مايو 2005 يقول ان: "العلاقات بين الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس سوريا بشار الاسد قد تدهورت تدهورا خطيرا وفي اعقاب حرب العراق عام 2003 يمكن القول ان واشنطن ودمشق تسيران في طريق تصادمي" .

وعرض ماعوز خيارين لمستقبل العلاقات السورية الاميركية ، المواجهة او التعاون . وفي الخيار الاول توقع مزيدا من العقوبات الاميركية كما توقع ان تنجح بعض الدوائر المحافظة في الادارة في الدفع نحو اجراءات عسكرية ضد سوريا اذا لم تخضع للمطالب الاميركية وحذر ماعوز من ان هذا الخيار سيعزز العلاقات الايرانية السورية بدل ان يضعفها طبقا لتوصيات بيكر – هاملتون . ويبدو الان ان المحافظين المتطرفين في ادارة بوش قد نجحوا في دفع واشنطن نحو ورطة سورية قبل ان تتخلص من ورطتها في العراق .

ومن الواضح ان المنطقة العربية بخاصة واقليمها الشرق اوسطي بعامة يدفعان الان ثمن تفرد القطب الاميركي الاوحد في تقرير السياسات الدولية بعد انهيار القطب السوفياتي السابق وسوف يظل هذا الاقليم يدفع ثمن عدم تبلور نظام دولي جديد تنائي او متعدد القطبية يوازن التفرد الاميركي الذي يستغل كل التفوق العسكري والتكنولوجي الذي يتمتع به ليضمن سيطرته المطلقة على المنطقة قبل نشوء نظام دولي يعيد حدا ادنى من الديموقراطية للعلاقات الدولية عن طريق تصفية حركات التحرر الوطني الطامحة الى الحرية والاستقلال والتنمية الوطنية باسم محاربة الارهاب ، هذه الحركات التي تعتبر تصفيتها تتويجا للانتصار الاميركي على الاتحاد السوفياتي السابق وضمانة لاحكام الهيمنة الاميركية اقليميا وعالميا .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: